الإنجاز الأمني.. والإجابة عن أسئلة اليمنيين المحيرة لعقود
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
يجيب سقوط رأس الخلية الأمريكية وهو بالتأكيد يستتبعه سقوط أذرع الخلية في مؤسسات الدولة حكما، عن أسئلة محيرة لازمت اليمنيين لعقود، لماذا ظلت بلدهم أسيرة التخلف والفوضى، لماذا عجزت في عقود عن بناء منظومة خدماتية معتبرة في الكهرباء أو المياه وحتى الاتصالات أو شبكة النقل؟ لماذا ظل وضعهم المعيشي بائسا بالقياس إلى دول حالها أفضل وهي لا تمتلك ذات الموارد، أسئلة كثيرة كانت تراود اليمنيين في مقايلهم وجلساتهم وتصبغ اللقاءات القصيرة حتى على الطرقات .
الثورة / إبراهيم الوادعي
ما الذي منع تحول اليمن إلى دولة عصرية، أٌقله بموازاة دول الإقليم، وأبقاها دولة خارج سياق العصر خدماتيا وإداريا وفي كل الجوانب؟.
أسئلة تعاظمت وزاد المها حين دهم العدوان وانهارت الدولة في غضون ساعات، وسلاح الجو دمر من الضربة الأولى، ولم يطلق الدفاع الجوي صاروخا واحدا، ووجد اليمنيون أنفسهم في مواجهة أزمات، مثلا يمتلكون خزانات وقود مثلا لا تكفي سوى لخمسة أيام، ووجدوا الخدمات تنهار في غضون أيام، والدفاع الجوي عن البلد انهار في الضربة الأولى.
لا يمكن القاء اللائمة على الزمن كما كان يسوق الأمر، ولنجعل من ثورة سبتمبر 62 منطلقا لتطبيق القياس زمنيا، فكوريا الجنوبية استقلت في السبعينات ومع ذلك هي احدى أفضل الاقتصاديات الآسيوية وحتى على مستوى العالم، وكوريا الجنوبية نضرب بها المثل لأنها كانت تستورد الغاز من اليمن، وليس لها من الموارد ما لدى اليمن.
مثال آخر إيران في المنطقة بما باتت تحتكم عليه في تقدم صناعي وتكنولوجي وتطور في معظم المجالات رغم ان ثورة الإمام الخميني انطلقت في 79م بعد ثورة سبتمبر بعقدين.
لو أخذنا على سبيل الموارد، فاليمن بما احتكمت عليه من موارد نفطية ومعدنية وزراعية يمكنها ان تحقق الكثير من التقدم، أكثر مما بلغته في تاريخ 2014م لنجعل من ثورة الـ 21 سبتمبر فاصلا بين زمنين، ولا داعي هنا لضرب أمثلة بدول أخرى فاليمن نجحت في إدارة الدولة بـ 30 % من الموارد التي كانت متوفرة للأنظمة السابقة ما قبل 2014م، ومع ذلك كانت اليمن في عداد الدول المتخلفة وذات البنية التحتية الرديئة.
اثبت العدوان ان الحديث عن موارد محدودة تقف خلف تأخر اليمن عن مثيلاتها من الدول في البنية التحتية والإدارية والطبية والتعليمية لم يكن نتاج موارد محدودة بقدر ما كان نتاجا أساسيا لأمر آخر.
الكشف الأمني يميط اللثام عن جواب واحد وهو الدولة العميقة التي عبثت بالبلد وأبقت جسد الدولة مثقلا، ويعمل في كثير من الأحيان لغير صالح الشعب ، بل لوأد الدولة نفسها !
الدولة العميقة التي تتكون من الأذرع الممتدة عبر مؤسسات الدولة وفي كل مناحي الحياة، تمتد من الموظف إلى أعلى الهرم وكل يلعب دورا تخريبيا متى ارتبط بإدارة عليا، ومنهجية منظمة تستفيد من الأدوار البسيطة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
لقد اثبت الكشف الأمني ان الدولة العميقة لم تكن بشكل أساسي تنتمي إلى قبيلة بعينها أو جغرافية بعينها، بل هي أمريكية بامتياز تنظيما وأهدافا وتلك كانت مجرد عوالق على ظهر الدولة العميقة الأساسية التي ظهرت بهوية أمريكية خالصة، وهي في جوهرها إخطبوط يمد أذرعه إلى كل مؤسسات الدولة، ويعمل بمنهجية منظمة وليست تصرفات عشوائية كما قد تُظهر ذلك نظرة قاصرة تجاه مؤسسة من المؤسسات.
وهذا يظهر سؤال آخر، ما الذي منع جهود الإصلاح ومحاولات تصحيح المسار؟
يكمن الجواب على هذا السؤال الطارئ في أقوال الرئيس السابق علي عبد الله صالح لشبكة الجزيرة في مقابلة سابقة حين اقر بعلمه ان الاستخبارات المركزية لديها رجالاتها في كل المؤسسات الحكومية وحتى منظمات المجتمع المدني وعد ذلك نوعا من الكسب للأموال ، وهو تبرير سخيف بل صادم لكونه يأتي من رجل يمثل بشخصه الدولة والسيادة.
والسيطرة أمريكيا على اليمن كانت تتم عبر مسارين :
الأول: التغلغل عبر مؤسسات الدولة والإمساك بها والتحكم بكل الجزئيات التي تتيح توجيه مسار الشعب كلية من الاقتصاد إلى الصحة إلى التعليم وخلافه، وذلك كان منوطا بالخلية داخل السفارة الأمريكية وجرى أسقاطها بمالها من أذرع تمتد إلى كل مناحي الحياة اليمنية .
الثاني: هو السيطرة على رأس النظام ووجوهه البارزة، بما في ذلك اصطناع أوجه بارزة بإخراج أمريكي كامل، وبالعودة إلى وثائق سربت مسبقا تحدثت السي آي ايه عن أموال كان يقبضها قيادات النظام من اعلى مسؤول إلى أصغر قيادي بارز فيه، في قضايا تجريد الجيش من السلاح، وقضايا أخرى، وهؤلاء يكون ارتباطهم مع السفير شخصيا، وصولا إلى رأس وكالة الاستخبارات الأمريكية في واشنطن وقد يتوزع بعضهم على الإدارة الأمريكية كالبيت الأبيض والخارجية.
السيطرة المزدوجة على النظام في اليمن ضمن للأمريكيين التحكم في البلد بشكل كامل، وينقل عن صادق الأحمر بأن السفير في سعوان هو من يحكنما، وحين سأل لماذا؟ أجاب بسخرية : من حلانا باللهجة العامية .
الإطاحة بالشبكة الأمريكية العميقة في اليمن ضربة سعت أمريكا في اقلها لدى صنعاء إلى عدم إعلانها إعلاميا، عبر أكثر من طرف دولي، تجاهلتها صنعاء في المقابل ورأت ان الكسب من إعلانها يخدم هدفها الاستراتيجي، فهي تعلم ان كشف الضربة إعلامية مهم جدا في سياق تدمير النفوذ الأمريكي في المنطقة وحتى في العالم، حيث يصير التجرؤ على النفوذ الأمريكي اسهل وتصبح السيطرة على الشعوب اصعب.
لطالما تمتع من عمل مع الأمريكان تحت أي مسمى بحصانة ونفوذ في مختلف دول العالم وبخاصة في دول الإقليم، وعدت العلاقة مع الأمريكان كرت حصانة لأي مسؤول أو شخصية عامة أو اجتماعية.
وثمة سؤال أخير ما الذي جعل إسقاط هذه الشبكة ممكنا ولم يكن قبلا كذلك، رغم توفر المعطيات لدى الأجهزة الأمنية ولدى المستوى السياسي، وربما في دول أخرى يمكن طرح السؤال؟
والجواب بغض النظر عن اليمن ووضعه حيث كان النظام السابق عميلا من أكبر شخص فيه حتى أصغره الا من رحم الله، الجواب هو ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014 م والإرادة السياسية المتولدة عنها، إرادة وقيادة اثبت اليمن معها انه يختصر الزمن، وان أربعين عاما كما كان يروج هي لحظة في عمر الشعوب كانت كذبة كبرى للقبول بالوضع البائس وببلد يلعق ذيل الخليج، ومواطنوه في مؤخرة الشعوب.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
قالت صحيفة عبرية إنه مع تراجع الصراعات مع حماس وحزب الله تدريجيا، تتجه إسرائيل الآن إلى التعامل مع الهجمات المستمرة من الحوثيين في اليمن.
وذكرت صحيفة "جيرزواليم بوست" في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه مع تدهور حزب الله بشكل كبير، وإضعاف حماس إلى حد كبير، وقطع رأس سوريا، يتصارع القادة الإسرائيليون الآن مع الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على إسرائيل.
وأورد التحليل الإسرائيلي عدة مسارات لردع الحوثيين في اليمن.
وقال "قد تكون إحدى الطرق هي تكثيف الهجمات على أصولهم، كما فعلت إسرائيل بالفعل في عدة مناسبات، وقد يكون المسار الآخر هو ضرب إيران، الراعية لهذا الكيان الإرهابي الشيعي المتعصب. والمسار الثالث هو بناء تحالف عالمي - بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - لمواجهتهم، لأن الحوثيين الذين يستهدفون الشحن في البحر الأحمر منذ السابع من أكتوبر لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فحسب، بل للعالم أيضًا.
وأضاف "لا توجد رصاصة فضية واحدة يمكنها أن تنهي تهديد الحوثيين، الذين أظهروا قدرة عالية على تحمل الألم وأثبتوا قدرتهم على الصمود منذ ظهورهم على الساحة كلاعب رئيسي في منتصف العقد الماضي ومنذ استيلائهم على جزء كبير من اليمن".
وأكد التحليل أن ردع الحوثيين يتطلب نهجًا متعدد الجوانب.
وأوضح وزير الخارجية جدعون ساعر يوم الثلاثاء أن أحد الجوانب هو جعل المزيد من الدول في العالم تعترف بالحوثيين كمنظمة إرهابية دولية.
دولة، وليس قطاعاً غير حكومي
وحسب التحليل فإن خطوة ساعر مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى وجود مدرسة فكرية أخرى فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحوثيين، وهي مدرسة يدعو إليها رئيس مجلس الأمن القومي السابق جيورا إيلاند: التعامل معهم كدولة، وليس كجهة فاعلة غير حكومية.
وقال إيلاند في مقابلة على كان بيت إن إسرائيل يجب أن تقول إنها في حالة حرب مع دولة اليمن، وليس "مجرد" منظمة إرهابية. ووفقاً لإيلاند، على الرغم من أن الحوثيين لا يسيطرون على كل اليمن، إلا أنهم يسيطرون على جزء كبير منه، بما في ذلك العاصمة صنعاء والميناء الرئيسي للبلاد، لاعتباره دولة اليمن.
"ولكن لماذا تهم الدلالات هنا؟ لأن شن الحرب ضد منظمة إرهابية أو جهات فاعلة غير حكومية يعني أن الدولة محدودة في أهدافها. ولكن شن الحرب ضد دولة من شأنه أن يسمح لإسرائيل باستدعاء قوانين الحرب التقليدية، الأمر الذي قد يضفي الشرعية على الإجراءات العسكرية الأوسع نطاقا مثل الحصار أو الضربات على البنية الأساسية للدولة، بدلا من تدابير مكافحة الإرهاب المحدودة"، وفق التحليل.
وتابع "ومن شأن هذا الإطار أن يؤثر على الاستراتيجية العسكرية للبلاد من خلال التحول من عمليات مكافحة الإرهاب إلى حرب أوسع نطاقا على مستوى الدولة، بما في ذلك مهاجمة سلاسل الإمداد في اليمن".
ويرى التحليل أن هذه الإجراءات تهدف إلى تدهور قدرات اليمن على مستوى الدولة بدلاً من التركيز فقط على قيادة الحوثيين - وهو ما لم تفعله إسرائيل بعد - أو أنظمة الأسلحة الخاصة بها. ومع ذلك، هناك خطر متضمن: تصعيد الصراع وجذب لاعبين آخرين - مثل إيران. وهذا ما يجعل اختيار صياغة القرار مهمًا.
وأشار إلى أن هناك أيضًا آثار إقليمية عميقة. إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من شأنه أن يناسب مصالح دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم تهديدًا مباشرًا والتي قاتلتهم بنفسها.
إعلان الحرب على اليمن يعقد الأمور
أكد أن إعلان الحرب على اليمن من شأنه أن يعقد الأمور، حيث من المرجح أن تجد الإمارات العربية المتحدة والسعوديون صعوبة أكبر في دعم حرب صريحة ضد دولة عربية مجاورة.
وقال إن الحرب ضد منظمة إرهابية تغذيها أيديولوجية شيعية متطرفة ومدعومة من إيران شيء واحد، ولكن محاربة دولة عربية ذات سيادة سيكون شيئًا مختلفًا تمامًا.
وطبقا للتحليل فإن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يتماشى مع الرواية الإسرائيلية الأوسع لمكافحة وكلاء إيران، ومن المرجح أن يتردد صداها لدى الجماهير الدولية الأكثر انسجاما مع التهديد العالمي الذي يشكله الإرهاب. ومع ذلك، فإن تصنيفهم كدولة يخاطر بتنفير الحلفاء الذين يترددون في الانجرار إلى حرب مع اليمن.
بالإضافة إلى ذلك حسب التحليل فإن القول بأن هذه حرب ضد منظمة إرهابية من الممكن أن يعزز موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في حربها ضد الحوثيين، في حين أن القول بأنها حرب ضد اليمن من الممكن أن يضفي الشرعية عن غير قصد على سيطرة الحوثيين على أجزاء أكبر من اليمن.
وأكد أن ترقية الحوثيين من جماعة إرهابية إلى دولة اليمن من الممكن أن يمنحهم المزيد من السلطة في مفاوضات السلام والمنتديات الدولية. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع دول أخرى، وتغيير طبيعة التعامل الدولي مع اليمن.
يضيف "قد يؤدي هذا الاعتراف إلى تقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة المؤقتة عدن ومنح الحوثيين المزيد من النفوذ في مفاوضات السلام لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن بشكل دائم".
ولفت إلى أن هناك إيجابيات وسلبيات في تأطير معركة إسرائيل على أنها ضد الحوثيين على وجه التحديد أو ضد دولة الأمر الواقع في اليمن.
وتشير توجيهات ساعر للدبلوماسيين الإسرائيليين في أوروبا بالضغط على الدول المضيفة لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية إلى أن القدس اتخذت قرارها.
وخلص التحليل إلى القول إن هذا القرار هو أكثر من مجرد مسألة دلالية؛ فهو حساب استراتيجي له آثار عسكرية ودبلوماسية وإقليمية كبيرة.