أضاعت حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة، أحلام الفائزين بالحج في القطاع، بعد أن سيطرت على معبر رفح، الذي يمثّل المنفذ الوحيد لهم للسفر خارج القطاع.

 

وخيم الحزن على الفلسطينيين من أهالي غزة، خاصّة أنهم اضطروا إلى الانتظار لسنوات طويلة "بحرارة شديدة" قبل أن يحظوا بفرصة الحج؛ بسبب الحصار المشدد الذي تفرضه دولة الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ منتصف عام 2007.

 

وفي آذار/ مارس لعام 2023، أجرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بغزة، قُرعة، لاختيار أسماء الحجّاج لعامي 2023 و2024، بسبب محدودية المقاعد واستمرار الحصار؛ إذ يتم اختيار أسماء الحجاج في غزة بنظام القرعة، ووفق شروط تضعها الوزارة؛ بحيث تكون الأولوية لكبار السن والمرضى.

 

تنديد حكومي

 

هذا العام، ضاعت فرصة الحج على فلسطينيي غزة الذين ظهرت أسماؤهم في القرعة وسط أجواء من الحزن والقهر، ووسط خسارة مالية تكبدوها.

 

الأمر الذي ندّدت به وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة نهاية أيار/ مايو الماضي، حيث قالت الوزارة، في بيان: "يتسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة واحتلال معبر رفح البري وإغلاقه (في 7 أيار/ مايو) بالحيلولة دون إتمام موسم الحج لحجاج غزة لهذا العام (1445 هجري)".

 

وأكدت الوزارة، أن "منع آلاف من مواطني غزة من أداء فريضة الحج، يعدّ انتهاكا واضحا لحرية العبادة وللقانون الدولي الإنساني، ودعت كلا من مصر والسعودية إلى "الضغط على جميع الأطراف، وفي مقدمتها الاحتلال، لتمكين أهالي غزة من إقامة شعيرة الحج لهذا العام".

 

انتظار طويل

 

مشاعر الحزن المختلطة بالأمل، باتت تُسيطر على فلسطينيي غزة الذين ضاعت منهم فرصة الحج هذا العام، حيث قالت الفلسطينية فوزية رضوان (66 عاما) إن استمرار الحرب على غزة للشهر التاسع أضاع عليها فرصة الحج التي انتظرتها لأكثر من 7 سنوات.

 

وأضافت: "منذ 7 سنوات أسجّل بشكل متكرر لدخول القرعة حتى حصلت على الفرصة في 2023، لكن إغلاق المعبر والحصار المطبق يحول دون تأديتنا للفريضة".

 

وتستكمل قائلة: "الحرب سلبت منا كل ما هو جميل، سلبت منازلنا وأموالنا وأحلامنا وأخيرا أمنياتنا الكبيرة كأداء الحج".

 

وتشعر فوزية بالحسرة والقهر جراء حرمانها من الحج بشكل "قسري"؛ إثر الإغلاق المتعمد للمعبر في ظل المطالبات بفتحه.

 

 أمنية مغيبة

 

من جانبها، قالت ليلى يحيى (65 عاما) إنها حصلت على مقعد للحج في القرعة التي أجرتها وزارة الأوقاف عام 2023، "كان أداء مناسك الحج حلما كبيرا بالنسبة لي، لكن الحرب وما رافقها من إغلاق لمعبر رفح حرمني من هذه الفرصة".

 

وأشارت ليلى، إلى أنها طِوال أكثر من عامين، عكفت على تجميع المبلغ المخصص لأداء الفريضة، وما يُرافقه من تكاليف الهدايا للأقارب والأصدقاء، لكن الحرب على القطاع غيّبت حلمها في أداء هذه الفريضة، وبدّدت فرحتها بحصولها على الفرصة بعد سنوات من الانتظار والتحضير.

 

حزن شديد

 

تشعر الفلسطينية مروة المصري (66 عامًا) بالحزن الشديد جراء عدم تمكنها من السفر لأداء مناسك الحج بسبب إغلاق المعابر والحصار على غزة.

 

ومنذ عام 2012، كانت مروة تُسجّل اسمها في قرعة الحجاج، لكنها لم تحصل على الفرصة حيث لم يتم اختيارها طوال السنوات الماضية، وفي عام 2023، حالفها الحظ وتم اختيار اسمها ضمن القرعة، لكن إغلاق معبر رفح حال دون خروجها من القطاع.

 

وقالت مروة: "انتظرت لسنوات أن أخرج لأداء مناسك الحج، وعندما أتت الفرصة جاءت الحرب وأغلقت إسرائيل المعابر"، مضيفة: "كنت أتمنى أن أخرج هذا العام مع زوجي، حيث قلبي متعلق بأداء مناسك الحج".

 

مناشدة لزعماء العالم

 

وبجانب مروة يجلس زوجها فهمي المصري (70 عامًا) حيث يشعر بالحسرة وهو ينظر لشاشة التلفاز، ويرى الحجاج الذين يطوفون حول الكعبة في مكة المكرمة.

 

وقال فهمي: "كنا ننتظر خروجنا للحج بفارغ الصبر، لكن لا يوجد لنا نصيب بسبب الحرب، نشاهد الحجاج على التلفزيون وهم يطوفون حول الكعبة، وكنت أتمنى أن أكون معهم أنا وزوجتي".

 

وناشد فهمي، رؤساء وملوك العالم أن ينظروا إليهم بعين الرحمة، ويساعدوهم على أداء مناسك الحج ووقف الحرب على غزة.

 

مكرمة ملكية

 

وبخلاف أهالي غزة الذين يحاصرهم الاحتلال الإسرائيلي، سوف يتمكن المئات من فلسطينيي القطاع المتواجدين بالخارج من أداء الحج بشكل استثنائي ضمن مكرمة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.

 

ففي 6 حزيران / يونيو الجاري، أمر الملك سلمان باستضافة ألف حاج من "ذوي الشهداء والمصابين من أهالي غزة" بشكل استثنائي هذا العام، ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة، الذي تنفذه وزارة الشؤون الإسلامية السعودية.

 

وتم اختيار هؤلاء الحجاج من ضمن الفلسطينيين الذين خرجوا من غزة إلى دول أخرى، إما فرارا من الحرب، بعد أن فقدوا أفرادا من عائلاتهم أو للعلاج نظرا لإصابتهم خلال الحرب.

 

ولليوم الـ 252، يواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه على قطاع غزة رغم قرار من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: فلسطين السعودية غزة مكة المكرمة الحج الاحتلال الإسرائیلی أداء مناسک الحج أهالی غزة هذا العام على غزة

إقرأ أيضاً:

الذبح: أو ربط الفضاء العام بذاكرة الدم

بقلم: محمد بدوي

القتل المتصاعد للمدنيين في الشارع من قبل الأطراف المتحاربة في السودان، وتصويرها ونشرها، وغالبا ما يسبق ذلك تصريحات محرضة على تلك الانتهاكات، ليس فعل انفعالي أو إنفلات من بعض المقاتلين، فالمراقب يرصد بأن الضحايا مدنيين كقاسم مشترك مع تعدد التصريحات حول الدوافع، ويظل المدنيين محور المعادلة التي تهدف إلي جعل الشارع العام منطقة محفوفة بالموت،والهدف من ذلك حسب تقديري زرع الخوف من ممارسة اي حياة عامة في الشارع العام بحرية ودون الشعور بالخوف والقهر، وهي استراتجية تسعي لفرض انساق سلوك محددة في الشارع العام مفادها تجريم ممارسة الحياة بحرية بما يشمل الحق في التعبير أو الاحتجاج، بالتالي فإن العنف المفرط الذي يمارس من قتل خارج نطاق القضاء سواء عن طريق الاصابة بالرصاص أو الذبح أو حرق الجثة تكشف بأن الهدف هو فصل الشارع كمان ودلالة من معادلة التغيير السياسي .

بالنظر الي الفاعلين من حيث الفئة نجدهم من تحت تصنيف الشباب، اي ذات الفئة أو الفئات التي تشكل قوان الجسارة والاقدام في الشارع العام، ولعل سجل الانتهاكات الموجهة نحو الشباب يمكن رصدها من حرب الجنوب، الاستهداف بالانخراط في صفوف المليشيات المختلفة من الشعبي إلي الأشكال المختلفة، استهدافهم بالانضمام الي صفوف المجموعات المتطرفة من داعش الي الاخري بليبيا والصومال ومالي، استهدافهم بالموت خلال احتجاجات ٢٠١٢، سبتمبر ٢٠١٣، الي ثورة ديسمبر٢٠١٨، ثم خلال فترة بعد انقلاب ٢٠٢١ الي الحرب الراهنة، المعادلة تشير إلي انهم الذين يصوبون السلاح الي ذات الفئة التي ينتمون إليها، بينما قد يبلغ متوسط عمر القادة السياسيين الذين يخضعون بحكم الانتماء السياسي أو العسكري لهم ال٥٥ عاما مجازا ، اي خارج تلك الفئة وهم بعيدون وامنون ومتمتعون بثروات ضخمة لم تفكر الفئة المقاتلة ومؤكد لن تجروا على ذلك لان مجرد البوح التفكير يعني أن ذاك الفرد خرج عن السيطرة من النسق المرسوم بدقة لدوره المحصور في ارتكاب القتل ومواجهته .

عقب سيطرة طرفي الحرب على اي مناطق سكنية تظهر انتهاكات تتعارض مع ما هو معلن من السيطرة ولعل هذه الانتهاكات هي الرسالة التي تشير إلي أن العودة للمساكن مشروطه بقطع اي علاقة بنشاط سلمي في الشارع العام، فالأتهام بالتعاون مع الطرف الآخر سواء بنقل المعلومات أو وضع الشرائح التي يعتمد عليها الطيران الحربي والمسير في تحديد القصف الذي في الراجح ليس عسكريا، إضافة إلي استخدام مرشدين للتعريف بالمستهدفين بالانتهاكات يقصد بها أن هنالك جهة تعطي الأذن بالتحرك وممارسة الحياة في الشارع العام معيارها مرتبط بتحقق القهر وفصم عري العلاقة، وهي ذات استرانجية حزم قوانيين النظام العام التي قصدت جعل الفضاء العام محكوم بخصوص تخضع لتفسير الجهة المنفذة دون مرجعية اخري.

بالنسبة لاشكال الانتهاكات فإنها ليست جديدة فقط تم استدعائها أمام كاميرات التصوير هذه المرة، ولعل ثقل سجل العنف ارتبط بغياب التخطيط الاجتماعي كدور تاسيسي خلال فترات الحكم المختلفة التي قطعت فترات نمو الديمقراطية فيها الانقلابات العسكرية وسوء إدارة الاقتصاد والسلطة بما قاد إلي حروب سياسية داخلية شفرتها لا تزال الفدرالية كنظام يتناسب مع التكوين التاريخي والاجتماعي والسياسي الذي تشكلت منه دولة ما بعد الاستقلال، وحل للأزمات الاقتصادية بالادوات العسكرية القمعية، فلم نمعن النظر بأن ظواهر النهب المسلح اعقبت فترات الجفاف القاسية، فاوغلنا في محاربتها عسكريا، مع غياب العدالة باشكالها المختلفة تاريخيا وكذلك ثقافة ومفهوم الاعتذار الرسمي من الحكومات بلا استثناء راجع من احترام الكرامة الانسانية من سياق القيم ومفهومها المتصل بين الدولة والفرد والتي تبدأ بحمايته وتوفير الخدمات له، إلي عسكرة حياته واصابته بالرصاص في حال المطالبة بما يستحقها وفقا للعلاقة الدستورية بين السلطة والشعب في سياق مفهوم الدولة والسيادة.

أن طرفي الحرب اسسوا استراتيجيات السيطرة على السلطة بمدخل فصل المدنيين من الشارع العام استنادا علي سجل العلاقة خلال ثورة ديسمبر٢٠١٨، فاللطراف تقاتل منذ أبريل ٢٠٢٣ لكنها حرب تري في الشارع الخطر الحقيقي لأنهم يمتلكون التمويل عبر الاستغلال للموارد لكن يعملون على كسر الضلع الأساسي الذي غاب ولا زال صوته ودوره غائبا منذ بدء الحرب وهم المدنيون.

أخيرا: لعل التاريخ الإنساني يدفع بنا لاعادة النظر في مجمل سجلنا لاستخلاص الدروس وتتبع الأسباب، فهذا الذبح والتمثيل بالرؤس استدعاء لتجربة داعش و إن أعاد الذاكرة إلي رأس غردون وتحرير الخرطوم " رغم اختلاف السياق" التي مضت ذكراها قبل ايام قلائل وإلي انتهاكات كتيرة امتدت في حقب مختلفة احتفينا ببعضها في مقررات الدراسة ودفعنا منها سجل اخر الي التواري خلف الحصانة السياسية قبل القانونية، فالراهن الذي جاء مصحوبا بالتدمير الواسع للمدن كانه يعيد التذكير بأن مناهج التحليل يجدر بها ربط الاجتماعي بالسياسي فالعنف ظل يبني في الذاكرة الفردية والجمعية وظللنا نهرب من ذلك بالتباهي بالقيم فاطراف الحرب ليسوا من محيط خارجي بل امتداد لذاكرة لعنتنا، وحاضر الاسلام السياسي في تجربة داعش ، لتظل الحرب فاصل من حروب دفنا أسبابها تحت الرماد لتحتفظ بنسقها واستدعاء إرثها كلما إشتعلت وكذلك استمرار الفشل في ادارة الدولة تاريخيا مع تراجع غياب التنسيق (لا اقول الاتحاد )حتي النسبي حول القضايا الوطنية الحاسمة، فاين تكمن المحنة !

badawi0050@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • الذبح: أو ربط الفضاء العام بذاكرة الدم
  • مسئول فلسطيني: الاحتلال ينفذ عملية تهجير ممنهجة ضد أهالي الضفة الغربية
  • وزير الخارجية: مشاهد عودة أهالي غزة إلى الشمال ربما لا نراها إلا في الحج
  • تفاصيل اتفاق السيسي وترامب بخصوص الحرب في غزة
  • رشاد .. الحكومة تحرم اكثر من ٢٨ الف طالب من المنح والقروض بغير حق
  • صحة غزة تُصدر آخر إحصائيات الحرب الإسرائيلية على القطاع
  • المخبز الذي أرسله الأردن لغزة يوزع الخبز على أهالي القطاع بعدة مواقع
  • مئات المصريين يتظاهرون على الحدود مع غزة رفضا لنقل فلسطينيين من القطاع  
  • أهالي قطاع غزة يصلون الغائب على الضيف ويشيعون شهداء قادة القسام (شاهد)
  • يسيّره الأردن لمدة 8 أيام.. جسر جوي إغاثي لقطاع غزة