تقرير يكشف مخاطر هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في البحر الأحمر، بسبب شن جماعة الحوثي، ميليشيا مدعومة من إيران، مئات الهجمات على السفن التابعة للبحرية الأميركية.
وذكرت أن هجوم 9 يناير كان واحدًا من أكبر المعارك البحرية التي واجهتها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، حيث أطلق الحوثيون في اليمن في ذلك اليوم 18 طائرة بدون طيار وصاروخ كروز إلى جانب الصاروخ الباليستي على المدمرة الأميركية لابون وثلاث مدمرات أميركية أخرى وحاملة طائرات أميركية وسفينة حربية بريطانية في هجوم استمر أكثر من اثنتي عشرة ساعة.
وتعرضت سفينة يونانية تحمل مياه، الأربعاء، لضربة بطائرة بدون طيار وبدأت تتسرب إليها المياه.
وأوضحت أنه منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، أطلق الحوثيون المدعومون من إيران صواريخ وطائرات بدون طيار وأسلحة أخرى على السفن التجارية والسفن الحربية كل يوم تقريبًا. ورغم إسقاط معظم الأسلحة، فقد أصيب ما لا يقل عن 77 سفينة شحن، كما غرقت سفينة مملوكة لبريطانيا تحمل على متنها 20 ألف طن من الأسمدة.
ووفقا للصحيفة، رغم عدم فعاليتها إلى حد كبير، فقد تمكنت هجمات الحوثيين من تعطيل الشحن وإبقاء الولايات المتحدة وحلفائها مقيدين، ما أحبط مهمة البحرية الأميركية المستمرة منذ عقود والمتمثلة في إبقاء الممرات البحرية الحيوية في المنطقة مفتوحة.
وأشارت إلى أن الهجمات هي نتيجة مباشرة للجغرافيا الإجبارية للسفر عبر البحر الأحمر والوصول إلى قناة السويس، وهي واحدة من أكثر طرق الشحن كثافة في العالم، حيث يجب أن تمر سفن الشحن عبر مضيق باب المندب المحيط بساحل اليمن، ضمن نطاق ترسانة الحوثيين من الصواريخ والطائرات بدون طيار.
ومن المعروف أنه لم تتم إصابة أي سفن حربية في أكثر من 80 محاولة للهجوم، بحسب الصحيفة التي أوضحت أن هذا لا ينفي وجود المخاطر التي تواجه الولايات المتحدة وحلفائها الذين أرسلوا سفنًا إلى المنطقة كلما طال أمد الصراع في غزة.
وتقول البحرية إنها أنفقت حوالي مليار دولار على الذخائر المستخدمة في الدفاع عن البحر الأحمر، وشنت أكثر من 450 ضربة واعترضت أكثر من 200 طائرة بدون طيار وصاروخ، منذ نوفمبر، عندما بدأت الهجمات، بحسب الصحيفة.
ويشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من أن الصراع يضغط على القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية، المتوترة بالفعل بسبب طلبات الأسلحة من أوكرانيا وإسرائيل.
ووفقا للصحيفة، قصرت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، ردها العسكري على هجمات الحوثيين، على أمل تجنب الانجرار إلى صراع أوسع في الشرق الأوسط. لكن هذا يعني أن أسطول السفن الحربية الأميركية وحلفائها قضى أسابيع وحتى أشهر في القيام بدوريات في البحر الأحمر في حالة تأهب، ومع ذلك استمرت الهجمات.
ونقلت الصحيفة عن جين موران، وهو كابتن متقاعد في البحرية تولى قيادة السفينة لابون منذ أكثر من 20 عاماً، قوله: "لم نتلق أي ضربة، لكن من الناحية الاستراتيجية، لم نستعد لحل أزمة تدفق البضائع".
وأشارت الصحيفة إلى أن أكثر من 20 ألف سفينة تجارية تمر عبر البحر الأحمر في العام العادي، بما في ذلك 150 ناقلة ضخمة وسفينة حاويات، لكن حركة السفن عبر المضيق انخفضت بشكل حاد منذ بدء الهجمات.
وذكرت أنه منذ أن بدأت الهجمات في نوفمبر، في عرض تضامني للحوثيين مع الفلسطينيين في غزة، انخفضت حركة الحاويات عبر المضيق بنسبة 67% وانخفضت حركة الناقلات بنحو 50%، وفقا لشركة ويندوارد، للاستخبارات البحرية.
وركز الحوثيون الاهتمام على السفن المملوكة لإسرائيل أو تلك المتجهة إلى ميناء إيلات في جنوب إسرائيل، والذي شهد انخفاضًا حادًا في حركة السفن. ولذلك قامت العديد من شركات الشحن بإعادة توجيه السفن حول الطرف الجنوبي لأفريقيا.
وقال مدير المخابرات الوطنية، أفريل هاينز، في شهادة أمام الكونغرس، في مايو الماضي، إن الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لم تكن كافية لردع الجماعة المسلحة عن استهداف السفن، وإن التهديد "سيظل نشطًا لبعض الوقت".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة البحر الأحمر بدون طیار فی البحر أکثر من
إقرأ أيضاً:
ما هي الممرات المائية التي تسعى أمريكا للسيطرة عليها بالشرق الأوسط؟
تسعى الولايات المتحدة إلى السيطرة على الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر، خاصة مضيق باب المندب، مع استئناف جماعة الحوثيين استهداف السفن التابعة للاحتلال الإسرائيلي.
وقد بدأت القوات الأمريكية بشن عملية عسكرية جوية واسعة النطاق ضد الجماعة٬ قد تستمر لأيام أو أسابيع، في أكبر عملية عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تصعد فيه واشنطن ضغوط العقوبات على طهران. ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، شن الحوثيون عشرات الهجمات على السفن التابعة للاحتلال الإسرائيلي أو السفن التابعة للدول التي تدعم الاحتلال، وتأتي هذه الحملة "دعماً للفلسطينيين في حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها الاحتلال على قطاع غزة".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وأفاد متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بأن الحوثيين هاجموا السفن الحربية الأمريكية 174 مرة، بينما هاجموا السفن التجارية 145 مرة منذ عام 2023.
باب المندب
ويستهدف الحوثيون مناطق بحرية استراتيجية تربط بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، وأبرزها مضيق باب المندب، الذي يعتبر نقطة عبور حيوية تربط بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.
ويقع المضيق بين اليمن في الشمال الغربي وجيبوتي وإريتريا في الجنوب الشرقي، ويفصل بين البحر الأحمر وخليج عدن. ويمر من خلاله نحو 15% من حجم التجارة العالمية، مما يجعله ذا أهمية قصوى لحركة الملاحة الدولية.
كما يستهدف الحوثيون السفن التي تمر في البحر الأحمر، الذي يربط مضيق باب المندب جنوباً وقناة السويس شمالاً. ويعتبر البحر الأحمر شرياناً حيوياً لنقل البضائع، حيث يمر عبره آلاف السفن التجارية سنوياً، ويوفر مساراً مختصراً للسفن المتجهة من المحيط الهندي إلى البحر المتوسط، بدلاً من الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا.
قناة السويس
كما تأثرت قناة السويس التي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، بهجمات الحوثيين. وكان يمر عبر القناة قبل الهجمات حوالي 12% من التجارة العالمية، خاصة ناقلات النفط والغاز الطبيعي.
وأجبرت الهجمات شركات الشحن على تحويل مسارات السفن من قناة السويس إلى مسار رأس الرجاء الصالح الأطول، مما أدى إلى تأخير عمليات التسليم وزيادة التكاليف.
وتسببت التوترات في منطقة البحر الأحمر في خسائر كبيرة لمصر، حيث بلغت خسائر إيرادات قناة السويس نحو 7 مليارات دولار خلال عام 2024، أي ما يعادل أكثر من 60% من إيراداتها مقارنة بالعام السابق، وفق تصريحات رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.
وأظهرت البيانات تراجع الإيرادات السنوية لقناة السويس بنحو الربع في السنة المالية المنتهية في حزيران/يونيو 2024، حيث سجلت 7.2 مليار دولار مقارنة بـ9.4 مليار دولار في 2022-2023.
خسائر اقتصادية وتجارية
منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، صعد الحوثيون من هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر، مما أدى إلى إغراق سفينتين، والاستيلاء على أخرى، ومقتل ما لا يقل عن أربعة بحارة. وأدت هذه الهجمات إلى انخفاض حاد في حركة الشحن البحري عبر البحر الأحمر، من 25 ألف سفينة سنوياً قبل الأزمة إلى نحو 10 آلاف سفينة فقط، بانخفاض قدره 60%، وفقاً للبيت الأبيض.
وأجبر الاستهداف حوالي 75% من السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة على إعادة توجيه مساراتها حول قارة أفريقيا، مما أضاف نحو 10 أيام لكل رحلة، وتكاليف وقود إضافية تقدر بنحو مليون دولار لكل رحلة. كما تسببت هذه الهجمات في زيادة معدلات التضخم العالمي للسلع الاستهلاكية بنسبة تتراوح بين 0.6 و0.7% عام 2024.
تأثيرات على الموانئ
تضررت التجارة بين أوروبا وآسيا بشكل خاص من هذه الأزمة، حيث كان نحو 95% من السفن المتجهة بين القارتين تمر عبر البحر الأحمر في الظروف الطبيعية. ومن بين أكبر 10 دول مستوردة من حيث القيمة للتجارة عبر البحر الأحمر، 5 دول من الاتحاد الأوروبي. كما تأثرت موانئ في المنطقة بشكل متفاوت جراء إعادة توجيه مسارات السفن؛ فقد شهدت الموانئ السعودية مثل جدة وميناء الملك عبدالله انخفاضاً حاداً في حركة الشحن.
تشكيل تحالفات دولية
ودفع هذا الاستهداف الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالفات دولية لتأمين الممرات البحرية. وفي كانون الأول/ديسمبر 2023، أطلقت الولايات المتحدة تحالفاً بحرياً دولياً أُطلق عليه اسم "عملية حارس الازدهار"، بهدف تسيير دوريات في البحر الأحمر وخليج عدن لحماية حركة الملاحة البحرية من هجمات الحوثيين. وضم التحالف عدة دول، بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا واليونان وكندا وأستراليا والبحرين، إضافة إلى دول أخرى ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في العمليات.
ونفذت سفن هذا التحالف عمليات اعتراض لصواريخ وطائرات مسيرة أطلقها الحوثيون باتجاه السفن التجارية، مما أسهم في تقليل الخسائر البشرية والمادية. ومع ذلك، استمر الحوثيون في استهداف السفن، مما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا في كانون الثاني/يناير 2024 إلى شن ضربات جوية مباشرة على مواقع عسكرية للحوثيين في اليمن.
وأكد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث أن الولايات المتحدة ستشن ضربات "لا هوادة فيها" على الحوثيين في اليمن حتى وقف عملياتهم العسكرية التي تستهدف الأصول الأمريكية وحركة الشحن العالمي.