الهامش أغلى من الموز.. انتصار الثورة السودانية والربط بين قواها في الريف والهامش والمدن «1- 2»
تاريخ النشر: 14th, June 2024 GMT
الهامش أغلى من الموز.. انتصار الثورة السودانية والربط بين قواها في الريف والهامش والمدن «1- 2»
ياسر عرمان
الموز فكرة من الأفكار المضادة للثورة وككل فكرة ان وجدت أجنحة فإنها ستحلق بعلو أو انخفاض، والأفكار في حقلها وسياقها المتصل بالحياة تخدم مصالح وقوى أجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية على الأرض وتمشي بين الناس في الأسواق.
في ابريل 1985 كانت انتفاضة ابريل وهزيمة نظام نميري، وكان نادي اساتذة جامعة الخرطوم هو المركز الرئيسي من مراكز التجمع النقابي وقوى الانتفاضة، في ذلك اليوم تحديدا كانت مكبرات الصوت قد علا صوتها عند الساعة الثالثة عصرا وتم ربطها باذاعة الجيش الشعبي ذات الجمهور العريض، والكل كان في انتظار بيان هام للدكتور جون قرنق يعلن فيه موقفه من انتفاضة ابريل واذا ما كان سيعلن انضمامه الى قوى الانتفاضة والمجلس العسكري في الخرطوم. كان الكفاح المسلح ذو جاذبية والق وشآن وكان الكلاشنكوف رمزا للتحرر والثورة يومذاك، واليوم تناقصت قيمته واصبح في كثير من الاحيان رمزا للقتل والنهب والاعتداء على المدنيين وتصاعدت قيمة النضال السلمي الجماهيري وعائده.
كنا شبابا ومصممين على اكمال وكنس السدنة وفتح طريق جديد لبلادنا وقد كان نادي الاساتذة مزدحما وبدا قرنق خطابه الذي حوى افكارا جديدة اسعدت الشباب واحبطت النادي القديم، وكان قرنق نفسه شابا ومهتما بالاجيال الجديدة وبالثورة ومتحديا للطبقة السياسية فكرا ومؤسسات وتسابق افكاره سلاحه، وقد هز كثيرا من المسلمات التي لم تكن تعترف بالتنوع وبالمواطنة بلا تمييز، وان ما يسمي بقضية الجنوب هو في الاصل قضية السودان وحلها في تغيير سياسات الخرطوم.
واردف قائلا: “إن الذي جرى في الخرطوم هو ظاهرتين إحداهما ثورية والاخرى رجعية قطعت الطريق على الظاهرة الثورية فانتفاضة الشعب قطع طريقها جنرالات نميري.” واطلق عليهم “مايو الثانية” وطالب بحل المجلس العسكري وتسليم السلطة لقوى الانتفاضة، وقد اقترب على نحو بعيد من قضية ربط قضايا الهامش بنضالات المدن، ورغم التعقيدات التي تضمنها طرحه ولكنه راي في قوى الانتفاضة حليف استراتيجي وهذا هو الاهم. وتطور الحوار بينه وبين قوى الثورة حتي بلغ مؤتمر كوكدام الذي طرح فيه مرة اخرى فكرة المؤتمر الدستوري لحل المعضلات التاريخية التي تواجه السودان. معلوم ان موجة الكفاح المسلح التي تطرح ضرورة تغيير سياسات المركز وبناء واعادة هيكلته قد خرجت من معطف قرنق في عام 1983 ولكنه تجاوز محطة الاحتجاج وقام بطرح رؤية السودان كبرنامج بديل وتجاوز المخاوف من جماهير المدن للعمل معها وانخرط في حوار متصل مع القوى السياسية الوطنية والديمقراطية ووصل الى قمة الجبل في الساحة الخضراء التي دمجت بين جمهوري الهامش والريف وجمهور المدن في كتلة فريدة لم يشهدها السودان من قبل. وذكر لي الراحل الدكتور علي حسن تاج الدين عندما جاء لاستقبال قرنق في مطار الخرطوم والساحة الخضراء انه قد صحب والده وهو صبي في بواكير الاستقلال لكنه لم يري جمهورا مثل يوم الساحة الخضراء. لقد كانت كتلة فريدة اوصلت قرنق الى قاعدة اجتماعية جديدة من الريف والمدن وادي ذلك الحدث الى تغييبه من كامل المشهد السياسي فقد توصل يومها الى الحبل الذي يقود لخلق كتلة تاريخية تؤدي الى تغيير السودان في عملية ديمقراطية سلمية وبمشاركة الملايين، والساحة الخضراء لم تمت وجمهورها هو الذي يمكن ان يوحد السودان.
في ساحة الاعتصام وفي جمهورية اعالي النفق كان شعار الديسمبريات والديسمبريين (الشعب يريد بناء سودان جديد) ولمعت صور قرنق كبارق الثورة المتبسم، وهو رصيد معنوي وفكري لاعادة توحيد السودان في اتحاد سوداني بين بلدين ذوي سيادة وما اصوات الاخوة الشريفة في استاد جوبا بالامس الا صوتا من التاريخ والمستقبل.
جماعة الموز رفعت شعارات الهامش في وجه الثورة مثل ما رفع (قميص عثمان) في وجه الامام (علي) “والله ما معاوية بادهى مني ولكنه يمكر ويفجر وانا لا امكر ولا افجر”. وما اجمل ان يتطابق القول بالفعل.
فكرة الموز باعت الثورة بتراب السلطة وفرمانات التعيين والمتغطي بطرف السلطة عاري من قضايا الثورة والهامش. لقد كان المكون العسكري بشقيه ممولا لفكرة (الموز) التي لم تكن لتصمد دون تمويل وتم الربط بين الانقلاب والموز ولكن الهامش برىء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب، واستخدمت قضاياه زورا وبهتانا في مطبخ الانقلاب (الليلة ما بنرجع الا البيان يطلع) كما ذكر احد (التوابع)، ومن بيان الانقلاب وتخريب الانتقال خرج خازوق الحرب.
فكرة (الموز) يقف خلفها المؤتمر الوطني وقصد منها احداث قطيعة بين مقاومة الريف والهامش والنضال السلمي الذي راس رمحه المدن وجسدته ثورة ديسمبر واستطاعت ان توحد كتلة عريضة في الريف والمدن بدات بالدمازين وانتهت في ساحة الاعتصام، وتلك كتلة كان يخشاها المؤتمر الوطني، ولكن للاسف قوى مهمة من قوى الكفاح المسلح فشلت في ان تري في ثورة ديسمبر مدخلا لاعادة هيكلة السودان وحل القضايا والمظالم التاريخية، وعلى راسها قضايا الحقوق الطبيعية؛ حق الحياة وحق المواطنة بلا تمييز، واعادة الوجه المنتج للريف وربطه عضويا بتحسين شروط الحياة في المدن وخلق كتلة تاريخية حرجة لازمة لوحدة السودان ولانتصار الثورة وللوصول لسودان جديد . اكتفت بعض حركات الكفاح المسلح بالوقوف عند اسوار الاحتجاج ومطالب الحواضن الاثنية دون ربطها بمطالب التغيير الشامل بل ان بعضها اراد ان يبدل الضحايا بضحايا اخرين بدلا من حق الاخرين في ان يكونوا اخرين.
13 يونيو 2024
الوسومالخرطوم السودان الكفاح المسلح ثورة ديسمبر جون قرنق قضايا الهامش قوى الانتفاضة نظام نميري ياسر عرمانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الخرطوم السودان الكفاح المسلح ثورة ديسمبر جون قرنق قوى الانتفاضة ياسر عرمان الکفاح المسلح ثورة دیسمبر
إقرأ أيضاً:
بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام ٢٠٢٣م
اعتمد السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام ٢٠٢٣موأشاد رئيس مجلس السيادة لدى لقائه اليوم بمكتبه، دكتور أحمد خليفة عمر وكيل وزارة التربية والتعليم، بحضور نائب رئيس مجلس السيادة القائد مالك عقار اير، بالجهود التي بذلتها وزارة التربية والتعليم وكافة مؤسسات الدولة لإقامة امتحانات الشهادة السودانية رغم التحديات التي تواجه البلاد، معبراً عن تقديره البالغ لكافة المعلمين وجهودهم وتضحياتهم الجسام التي بذلوها في كافة مراحل الشهادة.وأكد سيادته أن نتيجة الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام ٢٠٢٣م، تعد رسالة للمرجفين والعملاء بأن مسيرة التعليم ماضية وأن السودان سيبنى بسواعد أبنائه، وقال ” نتقدم بخالص التهاني للطلاب الناجحين ونتمنى لهم مزيد من التفوق والنجاح “من جانبه، قال وكيل وزارة التربية والتعليم، في تصريح صحفي أنه أطلع رئيس مجلس السيادة على تفاصيل نتيجة الشهادة عقب اجتماع مجلس امتحانات السودان، بعد أن تم إخضاعها للمعايير الموضوعية للامتحانات العامة من قبل عدد من الخبراء واساتذة الجامعات ومجلس امتحانات السودان.وقال سيادته ” نبارك لأولياء الطلاب والمتفوقين وكل طلاب الشهادة السودانية هذه النتيجة المشرفة والتي تعد انجازاً ومعركة ضمن معارك الكرامة والعزة ،وسهماً للمعلمين في هذه المعركة التي تخوضها القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين.وأشار وكيل الوزارة إلى أن المليشيا الإرهابية المتمردة أرادت تدمير مستقبل السودان وتعطيل العملية التعليمية، مؤكداً أن إرادة الشعب السوداني وقيادة الدولة حالت دون تحقيق أهداف مليشيا آل دقلو الإرهابية بتدمير السودان ومستقبل أبنائه.وعبر دكتور أحمد خليفة، عن تقديره العميق لقيادة الدولة ممثلة في رئيس مجلس السيادة ونائبة وكافة مؤسسات الدولة على الدعم الكبير لمواصلة مسيرة التعليم، وإقامة امتحانات الشهادة السودانية في ظل التحديات الراهنة، مؤكداً أن الوزارة حريصة على إقامة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة ٢٠٢٤مسونا إنضم لقناة النيلين على واتساب