«فريضة الحج» مصدر إلهام المبدعين على مستوى العالم
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
«الرحلة إلى مكة» يوثِّق رحلة ابن بطوطة من طنجة لمكة.. و«مالكوم X» يتناول إحياء مفكر أمريكى لمناسك الحج
جسدت السينما والدراما، موسم الحج إلى الأراضى المقدسة، حيث دائما ما نجد الفن يصور لنا المواسم الدينية والأعياد، ووثقت السينما المصرية احتفالات العيد وأغانى العيد، وفى كل عام تعرض الفضائيات افلاما تتناول مناسك الحج، امتنانا بهذه المناسبة الأهم لما تحمله من أهازيج الحج من وداع الحجاج أو استقبالهم باحتفالات شعبية.
واهتم الصنّاع بالحج وطقوسه فى وقت مبكر من تاريخ السينما المصرية، حيث أنتج ستوديو مصر الذى أنشأه الاقتصادى طلعت حرب فيلمًا تسجيليًا بعنوان «رحلة الحج»، فى أواخر عهد الملك فؤاد الأول، وصدر للفيلم دفتر فخم، يحمل صورة الكعبة المشرفة والملك، ووثق الفيلم تصنيع كسوة الكعبة على أيدى أمهر الفنانين المصريين، ورحلة الكسوة من مصر إلى مكة عبر الصحراء والسفن، وجموع الحجاج خلال مناسك الحج.
وصورت السينما رحلة الحج عبر فيلم «إلهام عام 1950»، للمخرج بهاء الدين شرف عن قصة الكاتب محمد مندور الذى اشترك فى السيناريو والحوار مع المخرج، وتدور أحداث الفيلم عن الفتاة الشريفة إلهام (مارى كوينى)، التى تجبرها الظروف على الانحراف وخلال عيشها حياة الليل وما تواجهه من خداع واستغلال تلتقى برجل أحبها وخدعها محرم بك (يحيى شاهين)، الذى يتغير هو الآخر نحو التقوى والايمان، ويأخذ بيدها لكى تعود إلى الطريق القويم.
ومن الأفلام التى سجلتها السينما فى تقديم مكانة الحج فيلم «المصرى أفندى عام 1949» لحسين صدقى ومديحة يسرى، كما يعتبر فيلم «خالد بن الوليد»، الاستثناء الوحيد بين أفلام حسين صدقى، الذى لم يتبرأ منه، فقد أنتجه عام 1958، حول سيرة سيف الله المسلول، منذ أن كان مشركا ـ ومحاربته للدعوة الإسلامية، حتى وإسلامه بعد عمرة القضاءـ ثم قتاله للمرتدين، ودفاعه الدائم عن الإسلام، حتى وفاته.
وأخرج صدقى، الفيلم من قائمة الأفلام التى أوصى بحرقها، لكونه يحكى قصة صحابى وقائد مسلم، وبعد وفاته بعام، كرمته الهيئة العامة للسينما عام 1977، كأحد رواد السينما المصرية.
وفيلم (بنت الأكابر، 1953) اخراج انور وجدى، ويحكى العمل عن قصة حب ليلى، التى تعيش مع جدها بالقصر الكبير، ويمنعها من الخروج، وبعدما يسافر للحج، يأتى أنور، وزميله شفشق، لإصلاح الهاتف المعطل بالقصر، فيقع أنور، فى حب تلك الفتاة.
وفيه غنت ليلى مراد (يا رايحين للنبى الغالى) بطولة أنور وجدى، وظفت فيه أجواء عيد الأضحى، ولم تكن أغانى الفيلم مُقحمة، بل كانت أساسية فى أحداث الخط الدرامى للفيلم، وغنتها ليلى مراد بإحساس خاص، وظلت باقية، ويقال إن ليلى مراد أرادت الذهاب للحج أثناء تصوير الفيلم، وعندما لم يتيسر الأمر، طلبت من المؤلف وضع هذه الأغنية.
وقدمت ليلى مراد الأغنية عام 1953، بعد التشكيك فى اعتناقها الديانة الإسلامية، واتهامات أنها أسلمت كى تتزوج من أنور وجدى، وبقيت الاغنية بجمالها تقول (يا رايحين للنبى الغالى.. يا ريتنى كنت وياكم.. وأروح للهدى وأزوره.. وأبوس من شوقى شباكه.. وقلبى يتملى بنوره.. وأحج وأطوف سبع مرات.. وألبى وأشوف منى وعرفات.. وأقول ربى كتبهالى).
ثم توالت الأفلام وهى قليلة مقارنة بمكانة الحج وشعائرها، منها «بيت الله الحرام»، يروى الفيلم قصة إقدام «أبرهة»، على هدم الكعبة المشرفة فى عام الفيل، وهو العام الذى وُلِد فيه النبى محمد – صلى الله عليه وسلم. خلال الأحداث يتقدم أبرهة نحو الكعبة ويقتل النساء والأطفال، ويتصدى له سادة قريش، ويمنعونه من عملية الهدم.
الفيلم المصرى، الصادر عام 1957، هو من بطولة: عمر الحريرى، وبرلنتى عبدالحميد، وعباس فارس، ومن إخراج: أحمد الطوخى. (أين تخبئون الشمس، 1981) للمخرج المغربى عبدالله المصباحى.
أيضا فيلم «الرسالة عام 1976» من الأفلام التى اهتمت بتناول الشخصيات الإسلامية وموسم الحج، للمخرج الراحل مصطفى العقاد، ويحكى الفيلم ذهاب المسلمين إلى بيت الله الحرام وتأدية الفريضة الخامسة واداء الشعائر والطواف والصعود إلى عرفة ورمى الحجرات وزيارة قبر الرسول (ص).
وقدم فيلم «الرحلة الكبرى» للمخرج إسماعيل فروخى، موضوع فريضة الحج بشكل مباشر، حيث تتناول مكانة الحج بشكل عميق على الرغم ما تحمله مشاهد الحج من ثراء صورى وشعائر دينية وما تملكه من جوانب روحية وثقافية، خصوصاً أن الحدث سنوى، يشارك فيه سنويا ملايين المسلمين من حول العالم.
وعن قصة للأديب توفيق الحكيم، قدم فيلم (المرأة التى غلبت الشيطان، 1973) للمخرج يحيى العلمى مستوحاة من الحكاية الشعبية الألمانية «فاوست»، قدم المخرج يحيى العلمى قصة شفيقة التى تتحالف مع الشيطان، فتبيع روحها له لمدة 10 سنوات، وتتحول من الخادمة الفقيرة إلى فتاة مشهورة ثرية جميلة.
وبعد أن تفشل فى قصة حبها، تقرر الخلاص من اتفاقها الشيطانى بالذهاب إلى الحج، ويعرض الفيلم مشهدا تسجيليا للحجاج فى الحرم المكى الشريف، بينما يعلو صوتهم «لبيك اللهم لبيك»، بدون أن نرى البطلة.
وتعود شفيقة من رحلتها الإيمانية ولا تزال ترتدى ملابس الإحرام، وترفض دعوة الشيطان (عادل أدهم) لركوب سيارته، وتعلن توبتها «سأهب قصرى للبلد، ليكون ملجأ للأيتام، مستشفى، أو مدرسة»، وسرعان ما تصلى وتموت، فيكون الحج هو التوبة النصوح ونهاية الحياة.
وقدمت السينما العالمية أيضا مناسك الحج بشكل مبهر، حيث كانت فريضة الحج، مصدر إلهام للعديد من المخرجين وكتَّاب السيناريو على مستوى العالم، الذين قاموا بإنتاج أفلام تناولت هذه الشعيرة المقدسة، بشكل درامى وتاريخى، لا سيما تركيز صنَّاع هذه الأعمال على تقديم تجارب الحجاج المختلفة، والتحولات الشخصية، والروحية التى يمرون بها خلال الرحلة، مما يجعلها مشاهد ملهمة، وممتعة للجمهور.
من هذه الافلام فيلم، «داخل مكة» يقدِّم هذا الفيلم مادة ثرية عن فريضة الحج، والشعائر الخاصة بها. يوثِّق العمل رحلة 3 حجاج إلى مكة لأداء فريضة الحج، من ماليزيا، ومن جنوب إفريقيا، ومن الولايات المتحدة الأمريكية، ويصاحبهم الفيلم فى رحلتهم إلى المدينة المقدسة. كذلك يبرز العمل استعدادات الحجاج طوال رحلتهم، ويحاول وصف المشاعر المبهجة التى تتملك الحجيج عند وصولهم إلى الكعبة المشرفة، من خلال تتبع المراحل الروحية والعاطفية لرحلة الحج.
الفيلم الوثائقى، الصادر عام 2003، هو من بطولة: كيث ديفيد، وإياد مدنى، ومن إخراج: أنيسة مهدى.
أيضا فيلم «الرحلة إلى مكة»، الذى يوثِّق لرحلة الرحالة المغربى ابن بطوطة إلى مكة، ويمزج بين الماضى والحاضر بشكل ممتع، من خلال تقديم محاكاة لرحلة الحج التى قام بها أبن بطوطة، من طنجة التى تركها عام 1325هـ متوجهًا إلى مكة مازجًا إياها بموسم حج عام 2007، الذى صوَّره المخرج فى مكة، بصورة تجذب المشاهد لمعرفة شعائر الفريضة، وتغير السفر إليها بين الماضى والوقت الحالى.
الفيلم الوثائقى، الذى تم إنتاجه عام 2009، وحصل على ثلاث جوائز فى مهرجانات هيوستن، وبوسطن، وباريس السينمائية، هو من بطولة: شمس الدين زينون، وحسام جانسى، ومن إخراج: بروس نيباور.
«مالكوم X» يتناول الفيلم حياة المفكر الإسلامى الأمريكى، ذى الأصول الإفريقية مالكوم إكس، ورحلته من عالم الجريمة فى حى «هارلم» الخطير فى نيويورك، ودخوله السجن فى شبابه، ثم اعتناقه الدين الإسلامى الذى غيَّر حياته وجعله قائدًا فى مجتمعه، الذى يعانى من التمييز والاضطهاد ويتوق إلى قيم تنصفه، وهو ما وجده إكس فى الإسلام، خصوصًا بعدما ذهب فى رحلة الحج إلى مكة المكرمة.
فيلم السيرة الذاتية، الحائز على جوائز عديدة، منها جائزة أوسكار أفضل ممثل عام 1993، هو من بطولة: دينزل واشنطن، وآنجيلا باسيت، وألبرت هول، ومن إخراج: سبايك لى.
تحدث الكاتب محمود قاسم عن قلة الأفلام التى تناولت رحلة الحج، وغياب الحج كموضوع رئيس فى الأفلام، حيث اقتصر حضوره على حالات عابرة للشخصية الرئيسة فى الفيلم أو لإحدى الشخصيات الثانوية، مع تأثير على مجرى الأحداث جزئيا أو كليا.
وقال يظهر الحج فى المشاهد الختامية للأفلام، باعتباره الحل المثالى لكل الصراعات، حيث ينتهى الصراع بين الخير والشر بانتصار الخير متمثلا فى توبة البطل بعد رحلة الحج، وكنت أتمنى لو تقدم أعمال حقيقية عن جمال هذه المناسك وروعتها وتفاصيلها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فريضة الحج مستوي العالم الأفلام التى هو من بطولة فریضة الحج رحلة الحج لیلى مراد ومن إخراج إلى مکة فیلم ا
إقرأ أيضاً:
نوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية
من أحاجي الحرب( ٨٦٩٥ ):
○ كتب: السفير عبدالمحمود عبدالحليم
□□ استخدم وفد الاتحاد الروسي بمجلس الأمن صباح الاثنين بنيويورك حق النقض فاحبط مشروع قرار قدمته بريطانيا وسيراليون حول موضوع “حماية المدنيين ” بالسودان، وكان القرار الذى نال موافقة ١٤ وفدا قد شمل ١٥ فقرة عاملة و ٨ فقرات تمهيدية، وجاء تركيزه على الترتيبات المتصلة بحماية المدنيين تحديدا خلافا للقرارات السابقة للمجلس حول السودان التى شملت عدة موضوعات متنوعة amorphous. ، كما أعاد الفيتو الذى يحدث لأول مرة منذ امد بعيد إلى الأذهان الفيتو المزدوج الذى استخدمته روسيا والصين ضد مشروع قرار خاص بزمبابوى عام ٢٠٠٨م ….اذا كانت بريطانيا كما هو معلوم هى حامل القلم ورئيس مجلس الأمن لشهر نوفمبر فان استصحاب سيراليون جاء لإظهار وإعطاء انطباع بتوافق افريقى حول المشروع، بهدف احراج الدول التى قد يكون رايها سالبا حوله، وتحديدا روسيا والصين، فتمتنع عن معارضته حتى لا توصم بالوقوف ضد الإجماع الأفريقي.. من باب التذكر نشير إلى أن بريطانيا كانت قد تدخلت عسكريا في الحرب الاهلية في سيراليون فى مايو ٢٠٠٠ عبر الكتيبة البريطانية التي كانت هناك لأغراض الإجلاء وتمكنت من الحاق الهزيمة”بالحركة الثوريه المتحدة ” المتمردة بقيادة فودى سانكوح على مشارف العاصمة فريتاون والتى كانت مدعومة مقابل الماس السيراليوني من قبل تشارلز تايلور رئيس ليبيريا المجاورة.. وكانت بريطانيا قد استخدمت ايضاً مواقع بسيراليون فى عملياتها العسكرية ضد الأرجنتين إبان حرب الفوكلاند.. وللتذكير أيضا ترأست سيراليون فى أواخر سبعينيات القرن الماضى على عهد رئيسها سياكا استيفنز لجنة الوساطة السودانية الأثيوبية بعد توتر علاقات البلدين إبان حكم الرئيسين جعفر نميري ومنقستو هايلى مريام…
□ بدأ وكأن القرار قد شرع من جديد في رسم بناء معمارى لمسالة حماية المدنيين في السودان فى أعقاب تحشيد وترويج كبير حفلت به الفترة الماضية وتصريحات من عدة جهات دولية وعلى رأسها المبعوث الأمريكي بريللو مبشره بتدخل عسكري وخطة ب وتم إنشاء تحالف فى اجتماع جنيف ” لإنقاذ الأرواح “كما دخلت في خط ذلك التحشيد لجنه تقصى الحقائق لمجلس حقوق ألأنسان، والاجتماعات رفيعه المستوى التي عقدت على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك إلا ان إقرار الامين العام للأمم المتحدة قوتيريش امام مجلس ألأمن مؤخرا بعدم توفر الظروف المتصلة بنشر قوة عسكرية صب ماءا باردا على ذلك التحشيد لتنطلق بعده عدة مسارات هادئة من بينها زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي الذى أكد فى بيانه الصادر عقب الزيارة ضرورة الحوار مع السودان بمافى ذلك الأفكار التى طرحها على الوفد السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان كما تقرر اعادة فتح مكتب الاتحاد الأفريقي بالسودان تسهيلا للحوار المبتغى حيث يأمل السودان أن يتم فك تجميد عضويته بالاتحاد الإفريقي دون إبطاء، وجاء كذلك الى السودان وزير خارجية جيبوتي مبعوثا من الرئيس الجيبوتي رئيس الإيقاد برسالة حول عوده السودان لموقعه بالهيئه، وتم كذلك تأجيل اجتماع اللجنة الأفريقية الرئاسية برئاسة الرئيس اليوغندى يورى موسفيني.. ويبدو ان كافة هذه التطورات قد القت بظلالها على نبرة ومحتوى المشروع البريطاني وهو يعاود الكرة ويدخل المباراة المسماة حماية المدنيين بخطه جديدة قوامها إظهار احترام الخصم وتقليل اللعب على الأجسام فيسمى مجلس السيادة الانتقالي باسمه ويطلب منّ الامين العام التشاور معه حول آليات التحقق، ويسجل ادانته المباشرة في فقرات عاملة وتمهيدية للدعم السريع، ويطالب بلجم تدخلات الدول وتوريدات السلاح لدارفور مهددا بعقوبات ومسترجعا منطوق قرارى مجلس الأمن ١٥٩١ و١٥٥٦ لعام ٢٠٠٤ ( وهو القرار الذي كان قد طالب وقتها حكومة السودان بنزع سلاح الجنجويد ) ويكرر القرار المطالبة بوقف أطلاق النار ووقف التصعيد وتعزيز المرور الآمن للمساعدات الإنسانية عبر الحدود والخطوط ويرحب في هذآ الإطار بقرار السيادى بشأن معبر أدرى…وسعى المشروع في سبيل هدفه لخلق ظروف ووقائع على الأرض توفر الشروط المفضية لنشر قوات عسكرية عبر تقرير كلف الامين العام بتقديمه الى أعطاء الشعور بمرونة رغم التفخيخ الذي استوطن بعض الفقرات مثل الفقرة العاملة ١٥ وصياغتها التى تبيح وتشرعن للعمل خارج إطار مجلس ألأمن بما يعرف بتحالفات الراغبين، ولم يكن صعبا للوفد الروسي بحاسه الشم القوية
التى عرف بها إزاء محاولات التدخل الخارجية عبر تلك الصياغات ان يقف عند ذلك بل افاض فتحدث عن روح الاستعمار الجديد ونوازع السيطرة عند بريطانيا وإنكارها مسؤوليات ودور الحكومة السودانية وضرورة تجنب فرض مؤسسات العدالة..لم تغادر ذاكرة المندوب الروسي غضب بلاده وتصريحات الرئيس بوتين في ذات اليوم
المنددة بمنح الدول الغربية الضوء الأخضر لأوكرانيا لاستخدام الصواريخ بعيدة
المدى ضد روسيا …. فى الوقت الذي يتوقع أن تنشغل الأوساط الدبلوماسية بتبعات الفيتو الروسي وسيناريوهات اليوم التالى فإننا نأمل ان تستجمع بلادنا قواها ومواردها لحماية مدنييها .. فما حك جلد مواطنيها مثل ظفرها…..
#من_أحاجي_الحرب