هل يحق للدول الكبرى منح أموال روسيا إلى أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
اتفق الحلفاء في الدول السبع الكبرى -اليوم الخميس- على إقراض أوكرانيا 50 مليار يورو مأخوذة من المال الناتج عن الأصول الروسية المجمدة. ومن المقرر أن تبدأ المساعدات الجديدة في الوصول لأوكرانيا بحلول نهاية العام، حيث ستعمد كييف إلى استخدام تلك الأموال لتعزيز دفاعها العسكري ضد روسيا، وتمويل إعادة إعمار البنية التحتية وتمويل موازنة الدولة الأوكرانية.
إن مسألة استخدام الأصول الروسية المجمدة لمساعدة أوكرانيا معقدة من الناحية القانونية، ولها أبعاد أخلاقية وسياسية أيضا. ويواجه هذا القرار تحديات قانونية ودبلوماسية كبيرة، وقد يستدعي قرارات قضائية أو تشريعية خاصة لتأكيد شرعيته.
حجج المؤيدين عقوبة ضرورية: ترى الولايات المتحدة ودول غربية أخرى أن تجميد الأصول الروسية كان عقوبة ضرورية لحرب روسيا على أوكرانيا، وأن استخدام هذه الأموال لمساعدة أوكرانيا هو بمثابة تعويض عن الأضرار التي لحقت بها. الحجج القانونية: يجادل بعض الخبراء القانونيين بأن العقوبات تسمح بتحويل الأموال المجمدة لأغراض محددة، مثل المساعدة الإنسانية أو إعادة الإعمار، ما دام تم ذلك بشكل شفاف وخاضع للمساءلة. السوابق: يشير خبراء إلى أمثلة سابقة تم فيها استخدام أموال مجمدة من دول أخرى لتمويل جهود إعادة الإعمار، مثل في يوغوسلافيا والعراق. تعويض مشروع: يُجادل بعض المختصين بأن تجميد الأصول الروسية كان عقوبة فرضت على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، وبالتالي فإن استخدام هذه الأموال لتعويض أوكرانيا عن الأضرار التي لحقت بها هو أمر مشروع. ويُشيرون إلى أن الأموال المجمدة مملوكة للدولة الروسية، وليست ملكية خاصة، وبالتالي فإن استخدامها لا يُعد مصادرة للأموال الفردية. ويُؤكد المؤيدون لهذا القرار أن هذه الخطوة ستُساعد أوكرانيا على إعادة إعمار بلادها، وتخفيف المعاناة التي يتكبدها شعبها بسبب الحرب.مؤيدو قرار مجموعة السبع يرون أن استخدام أموال روسيا مشروع وتعويض مناسب لأوكرانيا (رويترز) موقف المعارضين رفض روسي: ترفض روسيا بشدة هذه الخطوة، وتعتبرها سرقة لأموالها وانتهاكا للقانون الدولي. مخاوف قانونية: يرى خبراء آخرون أن مصادرة الأصول دون حكم قضائي تمثل سابقة خطيرة قد تقوض حقوق الملكية الخاصة وتفتح الباب لسوء الاستخدام. كما يشير الخبراء إلى عدم وضوح الأساس القانوني لاستخدام الأموال المجمدة دون موافقة روسية، خاصة في ظل عدم وجود قرار من مجلس الأمن الدولي. التأثير على الاستقرار المالي: تحذر بعض الدول من أن استخدام الأموال المجمدة قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار المالي العالمي وتقويض الثقة بالنظام المالي الدولي. سابقة خطيرة: يُحذر منتقدون من أن استخدام الأصول الروسية المجمدة قد يُشكل سابقة خطيرة لانتهاك حقوق الملكية، مما قد يُشجع على مصادرة الأموال في المستقبل لأغراض سياسية. مجلس الأمن: يُشير المعارضون إلى أن الأموال المجمدة تخضع للقوانين الدولية، وأن استخدامها يتطلب موافقة من مجلس الأمن الدولي، وهو ما لم يحدث حتى الآن. تصعيد التوترات: يُعبر الرافضون لقرار الدول الكبرى عن قلقهم من أن هذه الخطوة قد تُؤدي إلى تصعيد التوترات بين روسيا والدول الغربية. هل هناك أي سوابق قانونية أو أمثلة سابقة لاستخدام الأصول المجمدة لدعم دولة أخرى؟
إن استخدام الأصول المجمدة لدعم دولة أخرى هو إجراء غير شائع للغاية، ولكنه ليس بدون سوابق تاريخية. هناك بعض الأمثلة التي يمكن النظر فيها، على الرغم من أن كل حالة لها خصوصياتها القانونية والسياسية:
العراق بعد حرب الخليج: بعد حرب الخليج الأولى (1990-1991)، تم تجميد أصول عراقية في عدد من الدول. لاحقا، استخدمت بعض من هذه الأصول للمساهمة في تعويضات برنامج "النفط مقابل الغذاء" الذي أطلقته الأمم المتحدة. هذا البرنامج سمح للعراق ببيع النفط مقابل الحصول على مساعدات إنسانية، وتم استخدام بعض الأصول المجمدة لهذا الغرض.
ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي: بعد سقوط نظام معمر القذافي في 2011، جُمدت أصول ليبية في عديد من الدول. بعض هذه الأصول تم الإفراج عنها لاحقا لدعم الحكومة الليبية الجديدة في جهود إعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية.
بعد سقوط القذافي جمدت أصول ليبية وأفرج عنها لاحقا لصالح الحكومة الليبية الجديدة (رويترز)الأصول الإيرانية المجمدة: في بعض الحالات، تم استخدام الأصول الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة لأغراض إنسانية أو لتعويض ضحايا الهجمات الإرهابية. مثال على ذلك هو قرار محكمة أمريكية في 2016 باستخدام بعض الأصول الإيرانية لتعويض ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول، على الرغم من أن هذا القرار كان محل خلاف قانوني كبير.
أفغانستان: بعد سقوط حكومة طالبان في 2001، تم تجميد أصول أفغانية في الخارج، واستخدمت بعض هذه الأصول لدعم الحكومة الأفغانية الجديدة وللأغراض الإنسانية.
مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن استخدام الأصول المجمدة لدعم دولة أخرى غالبا ما يكون محاطا بتعقيدات قانونية وسياسية كبيرة. إن القرارات المتعلقة بتجميد الأصول واستخدامها تتطلب عادة سندا قانونيا قويا، مثل قرارات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو تشريعات وطنية محددة.
هل هناك أي قيود قانونية أو سياسية على استخدام الأصول المجمدة لدعم أوكرانيا؟
القيود القانونية
1- القانون الدولي:– اتفاقيات جنيف: تنص على حماية ممتلكات الدولة في أثناء النزاعات المسلحة، وقد يتم تفسير استخدام الأصول المجمدة كخرق لهذه الاتفاقيات.
– قرارات الأمم المتحدة: قد تتطلب بعض الأصول المجمدة قرارات محددة من مجلس الأمن للإفراج عنها أو استخدامها لأغراض معينة.
2- القوانين الوطنية:– التشريعات المحلية: في عديد من الدول، تحتاج عملية استخدام الأصول المجمدة إلى موافقة قضائية أو تشريعية. بدون هذه الموافقات، يكون من الصعب قانونيا تحويل الأصول لدولة أخرى.
– القيود القضائية: يمكن للكيانات المتضررة (مثل الحكومة الروسية أو الشركات الروسية) رفع دعاوى قضائية للطعن في استخدام الأصول المجمدة، مما قد يؤدي إلى تأخير أو منع استخدامها.
روسيا ترفض بشدة أموالها واستخدامها من طرف الغرب، وتعتبرها سرقة لأموالها وانتهاكا للقانون الدولي (رويترز)
القيود السياسية
1- العلاقات الدبلوماسية:– التوترات الدولية: استخدام الأصول المجمدة لدعم دولة في نزاع مع الدولة التي جُمدت أصولها يمكن أن يزيد من التوترات الدبلوماسية ويؤدي إلى تصعيد الصراع.
– ردود الفعل الروسية: روسيا قد تتخذ إجراءات انتقامية، مثل تجميد أصول دولية أو فرض عقوبات جديدة.
2- الرأي العام الدولي:المواقف المتباينة: قد تواجه الدول التي تقرر استخدام الأصول المجمدة معارضة من دول أخرى لا توافق على هذا الإجراء، مما قد يؤدي إلى تعقيد العلاقات الدولية والتحالفات.
3- السوابق القانونية والسياسية:السابقة القانونية: مثل هذه الخطوات قد تخلق سوابق جديدة في القانون الدولي قد تكون مثيرة للجدل وتفتح الباب أمام استخدام الأصول المجمدة في نزاعات أخرى.
الاعتبارات الاقتصادية
1- استقرار الأسواق:تأثير على الأسواق المالية: الإفراج عن كميات كبيرة من الأصول المجمدة قد يؤثر على استقرار الأسواق المالية، سواء في الدول التي تُجمد فيها الأصول أو على الصعيد الدولي.
2- تأثير على العلاقات التجارية:العقوبات المتبادلة: قد يؤدي استخدام الأصول المجمدة إلى فرض عقوبات اقتصادية متبادلة تؤثر على التجارة العالمية.
ثمة سؤال مطروح بشأن أحقية بعض الأطراف باستخدام أموال الدول المنافسة دون الرجوع إلى مجلس الأمن (الجزيرة) الخلاصةبينما قد تكون هناك دوافع غربية قوية لدعم أوكرانيا من خلال استخدام الأصول الروسية المجمدة، فإن هذا القرار معقد ويتطلب دراسة قانونية ودبلوماسية دقيقة. ويتعين على الدول المعنية النظر في التبعات القانونية والسياسية والاقتصادية قبل المضي قدما في هذا الاتجاه.
ولا توجد إجابة سهلة عن سؤال شرعية استخدام الأصول الروسية المجمدة لمساعدة أوكرانيا. وتتطلب المسألة تحليلا قانونيا دقيقا ودراسة شاملة للتداعيات المترتبة على مثل هذه الخطوة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات استخدام الأصول الروسیة المجمدة الأموال المجمدة من مجلس الأمن هذا القرار أن استخدام هذه الخطوة دولة أخرى من الدول یؤدی إلى قد یؤدی
إقرأ أيضاً:
50 بنكا روسيا في مرمى عقوبات أميركية جديدة على موسكو
أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، حزمة من العقوبات تستهدف نحو خمسين مؤسسة مصرفية روسية بهدف الحد من "وصولها إلى النظام المالي الدولي" وتقليص تمويل المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا.
وتطال هذه العقوبات التي تستهدف خصوصا الذراع المالية لشركة الغاز العملاقة غازبروم، حوالى أربعين مكتب تسجيل مالي و15 مديرا لمؤسسات مالية روسية، بحسب ما ذكرته وكالة فرانس برس.
وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في بيان إن "هذا القرار سيجعل من الصعب على الكرملين التهرب من العقوبات الأميركية لتمويل وتجهيز جيشه".
وأضافت "سنواصل التحرك ضد أي قناة تمويل قد تستخدمها روسيا لدعم حربها غير القانونية وغير المبررة في أوكرانيا".
وفي بيان منفصل، قال مستشار الأمن القومي جايك سوليفان "في سبتمبر، أعلن الرئيس جو بايدن زيادة المساعدات وتدابير إضافية دعما لأوكرانيا في تصديها للعدوان الروسي. واليوم تفرض الولايات المتحدة عقوبات ضخمة على أكثر من خمسين مؤسسة مالية للحد من قدرتها على مواصلة حربها الوحشية ضد الشعب الأوكراني".
وتشمل العقوبات شركة غازبروم وجميع فروعها في الخارج الموجودة في لوكسمبورغ وهونغ كونغ وسويسرا وقبرص وجنوب إفريقيا.
كما تستهدف أكثر من خمسين مؤسسة مصرفية صغيرة أو متوسطة الحجم يشتبه في أن موسكو تستخدمها لتمرير مدفوعاتها لشراء المعدات والتقنيات.
وحذر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، من جانبه، المؤسسات الأجنبية التي قد تميل إلى الانضمام إلى نظام نقل الرسائل المالية الروسي الذي أنشئ بعد حظر المؤسسات المالية الروسية من استخدام خدمة "سويفت" الدولية.
وأكد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أن "أي مؤسسة مالية أجنبية انضمت أو ترغب في الانضمام إلى نظام نقل الرسائل المالية قد يتم تصنيفها على أنها تعمل أو عملت داخل النظام المالي الروسي" وبالتالي من المحتمل أن يتم استهدافها بالعقوبات.
وامتدت العقوبات لتشمل العديد من أعضاء البنك المركزي الروسي بالإضافة إلى مديري المؤسسات المالية الروس في شنغهاي ونيودلهي.
وتنص العقوبات على تجميد الأصول المملوكة بشكل مباشر أو غير مباشر للكيانات أو الأشخاص المستهدفين في الولايات المتحدة، فضلا عن منع أي شركة أو مواطن أميركي من إقامة علاقة تجارية مع الأشخاص أو الشركات المستهدفة، تحت طائلة تعرضه للعقوبات.
كما يُمنع الأشخاص المعاقبون من دخول الأراضي الأميركية.
وتأتي هذه العقوبات الجديدة في وقت يشتبه بأن روسيا استخدمت صاروخا استراتيجيا، هو الأول من نوعه في التاريخ، لضرب مدينة دنيبرو الأوكرانية (وسط).
إلا أن واشنطن اعلنت أنه "صاروخ بالستي تجريبي متوسط المدى".