مسؤول إسرائيلي سابق: حماس مدرسة في التفاوض
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
انشغلت الصحف الإسرائيلية اليوم برد حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي على مقترح صفقة الأسرى، وتناولته بأخبار من مصادر إسرائيلية أو من تسريبات، في حين تحدث بعضها عن احتمالات تطبيق الصفقة في ظل رد المقاومة الذي قدمته قبل يومين.
ونشرت صحيفة معاريف مضمون مقابلة الرئيس السابق لقسم المعتقلين والمفقودين، المقدم آفي كالو، على إحدى أكثر الإذاعات استماعا صباح اليوم، والتي علق فيها بشكل لافت على موقف حماس ورئيسها في غزة يحيى السنوار.
وقال المقدم آفي "مما لا شك فيه أن رفض حماس والسنوار، الذي يفرك يديه بكل سرور في مواجهة الصعوبات التي تواجهها إسرائيل على الساحة الدولية، وغيرها من العناصر، يدفعه إلى الموقف الصارخ للغاية الذي يتخذه حاليا برفضه في هذه العملية".
وأضاف قائلا "هكذا تجعلنا حماس مدرسة في التفاوض على الصفقة"، مشيرا إلى أن السنوار "حتى مع وجود 10 مختطفين يمكنه الصمود".
وفي حين وصف مفاوضي إسرائيل بأنهم "ماعز اعتادوا أن يتم إعدادهم بلغة المفاوضات" وذلك في إشارة لتقليص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لصلاحياتهم التفاوضية، فقد تحدث عن الصعوبة التي تواجهها إسرائيل بخصوص مطالب حماس التي قدمتها في ردها الأخير، مشيرا بالتحديد إلى رفضها أن تتمتع إسرائيل بحق النقض على الأسرى الذين تطالب بالإفراج عنهم، ومطالبتها بإشراك روسيا والصين وتركيا كضامنين للاتفاق.
وعندما سئل إلى أي مدى يمكن للولايات المتحدة أن تؤثر، أجاب: "إنه تحدٍ صعب للغاية بالنسبة للدول الغربية، وبالتأكيد بالنسبة لقوة مثل الولايات المتحدة، حتى مع كل القوة التي يمتلكها الأميركيون، في النهاية من الصعب أن يتدخلوا".
وأضاف أن واشنطن سبق أن أجرت حوارات مع طالبان الأفغانية والملشيات في العراق، وهذا ليس جديدا عليهم، واعتبر أن "على الأميركيين أن ينظروا إلى ما هو أبعد من الميدان المشترك الذي يضم حماس وقطر والولايات المتحدة ومصر، بل يتعين عليهم أيضا أن يضيفوا إلى الميدان لاعبين إضافيين على الجبهة الدولية، وربما على المستوى الأمني".
احتمالات صفريةمن ناحيته نقل المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت إيتمار آيخنر عن مسؤولين إسرائيليين أن رد حماس على المقترح الذي قدمته الإدارة الأميركية هو "أحد الردود الأكثر تطرفا، وأن احتمالات الصفقة في هذه الظروف صفرية".
ونقل المراسل في الخبر الرئيسي للصحيفة عن مسؤولين كبار في إسرائيل لم يسمهم أنه "يفهم من الرد أن زعيم حماس في غزة يحيى السنوار لا يثق بإسرائيل ومقتنع بأنها ستفجر الاتفاق على كل أمر صغير، ولهذا يصر على الاتفاق على كل شيء حتى قبل المرحلة الأولى، بحيث تدخل إسرائيل إلى المرحلة الإنسانية وهي تعرف بأن الحرب انتهت وليس لها مخرج من هذا".
وأضاف نقلا عنهم أيضا أنهم يعتقدون أن "حماس توصلت إلى الاستنتاج أن وضع إسرائيل صعب وأنه يمكنها أن تتقدم بشروط مستحيلة. هكذا مثلا تعارض حماس إعطاء حق فيتو لإسرائيل على هوية الأسرى الفلسطينيين الكبار الذين سيتحررون مقابل إعادة المجندات المحتجزات، رغم أن إسرائيل وافقت على التنازل عن الفيتو بخصوص نصف عددهم".
وزعم المسؤولون في حديثهم للمراسل أن حماس تقدمت بعدة مطالب مثل "تقديم موعد مرحلة إعمار القطاع من المرحلة الثالثة إلى المرحلة الأولى، وتقديم موعد إلغاء الممر الإنساني من نهاية المرحلة الأولى إلى بداية المرحلة الأولى (السماح للغزيين بالانتقال من الجنوب لمناطق سكناهم في الشمال)، والإصرار على ألا يكون موعد نهائي تستأنف فيه النار إذا لم يتم التوصل إلى توافقات على المرحلة الثانية، ورفض الطلب الإسرائيلي لإبعاد المخربين (الأسرى المحررين) -ولا حتى إلى قطاع غزة- والإصرار على تحريرهم إلى مكانهم الأصلي بما في ذلك الضفة الغربية، والمطالبة بضمانات من الصين وروسيا وتركيا للاتفاق، الأمر الذي هو معروف بأنه غير مقبول من ناحية إسرائيل".
وختم بالقول إنه "من ناحية الجانب الإسرائيلي رد حماس هو رفض الاتفاق، الكرة هي في ملعب الأميركيين.. من الصعب أن نرى كيف ستكون صفقة".
كهرباء على مدار الساعة
وفي صحيفة إسرائيل اليوم كشف مراسلها السياسي شاهار كليمان عن خبر أوردته صحيفة المجلة على موقعها الإلكتروني، زعمت فيه أن حماس اشترطت أن تتضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل التي تستمر 42 يوما، الانسحاب الإسرائيلي من معبر رفح ومحور فيلادلفيا بالكامل.
وأضاف أنه حسب التقرير فقد تم في المرحلة الأولى تغيير عدد المحتجزين من 33 إلى 32 من المقرر إطلاق سراحهم، بينهم مدنيون ومجندات، بالإضافة إلى "إطلاق سراح 47 من أسرى صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم، مقابل إطلاق حماس سراح هشام السيد وأفرا منجيستو" وهما أسيران أسرتهما حماس بعد أن عبرا الحدود لقطاع غزة.
وأشار المراسل إلى أن "حماس رفعت مطالبتها بعودة الوضع في السجون الإسرائيلية إلى ما قبل 7 أكتوبر، والإبقاء على دور هيئة الأمم المتحدة للإغاثة وتوفير الكهرباء على مدار الساعة لكافة مناطق قطاع غزة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المرحلة الأولى
إقرأ أيضاً:
مقال لضابط إسرائيلي سابق: الأوهام تُسير الحرب بغياب أية إستراتيجية
انتقد الضابط الإسرائيلي السابق ورئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب مايكل ميلشتاين حالة "غياب الإستراتيجية" التي تعيشها إسرائيل في ظل الحرب الجارية في قطاع غزة والتوترات الإقليمية المتصاعدة.
واعتبر أن إسرائيل دخلت في مرحلة أصبحت فيها الحرب "حقيقة دائمة" وليست وسيلة لتحقيق هدف سياسي أو أمني واضح، بل غاية بحد ذاتها.
وفي مقال نشره بصحيفة "يديعوت أحرونوت" تحت عنوان "الحرب هي الإستراتيجية"، قال ميلشتاين إن القيادة الإسرائيلية الحالية "تحافظ على الصراع" دون هدف أو إطار زمني، وترفض من حيث المبدأ صياغة أي إستراتيجية، لأن ذلك قد يتطلب اتخاذ قرارات تمس بنية الائتلاف الحاكم.
وأضاف أن "الحكومة تحولت إلى إدارة أزمات دائمة، تقود عمليات عسكرية في غزة ولبنان وسوريا، وتستعد لاحتمال مواجهة مع إيران، دون أن تطرح للجمهور أو لصناع القرار تساؤلات أساسية عن الهدف من كل ذلك، أو التكلفة المتوقعة".
ويرى الضابط الإسرائيلي أن غياب الإستراتيجية دفع القيادة الإسرائيلية إلى الاعتماد على "أوهام" وأحلام غير واقعية، وعلى رأسها "تحقيق نصر مطلق" على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، استنادا إلى الفرضية الخاطئة بأن استخدام المزيد من القوة سيجعل الحركة أكثر مرونة أو يدفعها إلى الانهيار.
إعلانومن هذه الأوهام أيضا، كما يقول، الاعتقاد بإمكانية تنفيذ ما يُعرف بـ"خطة ترامب" لإعادة إعمار غزة في غياب أي دولة مستعدة للتعاون، حتى في ظل فتور متزايد من قبل واشنطن تجاهها، وكذلك "الاعتقاد بأن سحق مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية سيقضي على الذاكرة الجمعية الفلسطينية ويُنهي التطرف".
وأشار إلى أن صناع القرار في إسرائيل يتصرفون كما لو أنهم بصدد تشكيل شرق أوسط جديد، أكثر استقرارا وودا لإسرائيل، متجاهلين الوقائع على الأرض والمواقف المعلنة من دول رئيسية كالمملكة العربية السعودية التي ترفض التطبيع دون مسار سياسي مع الفلسطينيين.
وحمّل ميلشتاين جزءا من هذا "التيه الإستراتيجي" إلى عودة النزعة نحو "الاستيلاء على الأراضي" باعتبارها وسيلة ردع.
ووفق رأيه، تُظهر الجبهات في غزة وسوريا، وحتى جزئيا في لبنان، أن هناك قناعة متزايدة في إسرائيل بأن "العرب لا يفهمون إلا إذا أُخذت منهم أراض"، وهو ما اعتبره تبنيا لمفهوم بائد أثبت التاريخ فشله، كما في أعقاب حرب 1967، التي أثبتت أن احتلال الأراضي لم يؤد إلى الردع.
وأوضح أن هذه النظرة تجد دعما من أوساط اليمين الديني الصهيوني، خاصة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي صرح مؤخرا بأن هدفه هو "تغيير الحمض النووي" للضفة الغربية، وأنه مستعد لقبول ضم رسمي لأراض فيها بموافقة أميركية.
وأكد ميلشتاين أن إسرائيل لا تزال تعاني من "فقر في فهم العدو"، سواء كان حماس أو حزب الله أو إيران، معتبرا أن القيادة تستخف بهذه الأطراف رغم أنها "تلقت ضربات مؤلمة ونجت"، وتتجاهل جوهر منطقها وهويتها، وتخوض مواجهتها معها بأدوات كلاسيكية لا تصلح للصراع غير المتكافئ.
وحذر من أن "الإنجازات الإستراتيجية الدراماتيكية التي تحققت بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول بدأت تتآكل، نتيجة الإصرار على استمرار القتال من دون رؤية واضحة"، منتقدا ما وصفه بانعدام الشفافية بين القيادة والجمهور الإسرائيلي.
إعلانواستشهد الضابط بالمثال التاريخي لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل خلال الحرب العالمية الثانية، الذي خاطب شعبه بعبارات صريحة عن التضحيات، قائلاً: "دم وعرق ودموع"، داعيا القيادة الإسرائيلية اليوم إلى تبني النهج ذاته، بدلا من إدارة الحرب كـ"عملية كوماندوز سرية" بعيدا عن حوار وطني صريح.
وأوضح أن التوجه نحو "احتلال قطاع غزة" -إن حصل- سيحتاج إلى موارد ضخمة، وقد يعني استحالة التوصل إلى صفقة لتحرير "الرهائن"، لكنه رغم ذلك يُدفع قدما دون نقاش علني حول تداعياته أو كلفته، وحتى دون وجود توافق داخلي حوله.
وختم ميلشتاين مقاله بالتشكيك في قدرة القيادة السياسية والعسكرية الحالية على خوض هذه المعركة، مشيرا إلى أن "من كان مسؤولا عن كارثة 7 أكتوبر يصعب أن يكون هو من يصوغ المستقبل"، خاصة في ظل تصدعات في صفوف الاحتياط وغياب الدعم الشعبي، وشعور متزايد بأن "الاعتبارات السياسية للبقاء في السلطة" تتفوق على أي اعتبارات مهنية أو وطنية.
وفي حين دعا الحكومة إلى "التخلي عن الشعارات والأوهام التي تسببت في أضرار جسيمة، وتقديم أهداف إستراتيجية واضحة في كل ساحة"، فقد قال إن "على الجمهور الإسرائيلي على أن يُدرك أنه لم يعد بوسعه الوثوق بتلك النخبة الحاكمة التي تقول له ببساطة: نحن نعرف ما نفعل".