هل ينجح التحالف اليميني الإسرائيلي الجديد في إسقاط نتنياهو؟
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
في يوم 27 مايو/أيار، قال زعيم حزب إسرائيل بيتنا وزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان "أدعو جدعون ساعر وبيني غانتس ويائير لبيد، لنشكل ائتلافا مشتركا من أجل الإطاحة بهذه الحكومة".
في نفس اليوم، الاثنين، خرج رئيس حزب الأمل الجديد ووزير العدل الأسبق جدعون ساعر في مؤتمر لنقابة المحامين الإسرائيلية، قائلا إنه منفتح على تقديم تنازلات من أجل تشكيل كتلة يمينية معارضة للحكومة الحالية.
وسرعان ما انضم إليهما -في اجتماع يوم الأربعاء- زعيم المعارضة ورئيس حزب هناك مستقبل يائير لبيد، ليُعلنوا معا عن تشكيل تحالف يميني جديد، على أن ينضم إليهم لاحقا زعيم حزب معسكر الدولة بيني غانتس.
يأمل هذا التحالف في أن يتمكن من تشكيل حكومة جديدة من خلال الكنيست، أو الدعوة لانتخابات مبكرة تؤدي إلى تمكينه من قيادة دولة الاحتلال الإسرائيلي، مع الإعلان عن أنه لن يضم إليهم أيّ من الأحزاب العربية.
تشكيل هذا التحالف يثير تساؤلات عن دلالات هذه الخطوة الآن، وإذا ما كان سيتمكن من تحقيق هدفه بالإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
من المثير للاهتمام أن يكون الهدف الوحيد المعلن للتحالف الجديد هو الإطاحة بنتنياهو واستقطاب الجمهور اليميني المحبط منه، وهو ما يشير إلى حقيقة الأزمة التي يعيشها الكيان في ظل الحكومة الحالية.
واللافت في الأمر أن هذا التحالف لم يعلن عن أي برنامج سياسي محدد، خصوصا في ضوء الخلافات حول أهداف الحرب وطريقة إدارتها والموقف الأميركي مما بعدها، وفيما يخص السلطة الفلسطينية ودورها المستقبلي المحتمل في قطاع غزة.
ويأتي ذلك ليكرس حالة الانقسام والتشرذم في المجتمع الإسرائيلي، والتي تفاقمت بعد فشل الحملة العسكرية التي تشنها قوات الاحتلال على غزة في تحقيق الأهداف المعلنة؛ وهي القضاء على حماس وتحرير الأسرى.
وأدى ذلك إلى تزايد القناعة لدى الشارع والأحزاب المعارضة، فضلا عن العسكريين، بضرورة تقديم أولوية إطلاق سراح الأسرى على الاستمرار في الحرب التي يرى نتنياهو أنها الطريقة الوحيدة التي تمنع تعرّضه للمحاكمات بتهم الفساد وبفشل حكومته في أحداث 7 أكتوبر.
اليمين والشارع الإسرائيليوتشير ولادة حزب يميني جديد إلى حالة التشظي التي تعاني منها الحياة السياسية الإسرائيلية منذ نشأة الكيان، الذي بدأ بحزبين رئيسيين هما العمل والليكود، وإلى تعزيز مكانة اليمين الصهيوني في إسرائيل في السنوات الأخيرة بشكل كبير، وأن أغلبية الشعب عمليا توجد في الجانب اليميني من الخريطة السياسية.
وقد تمثل ذلك في تشكيل حكومة نتنياهو التي كانت مقاعدها مناصفة بين حزب الليكود (32 مقعدا) واليمين الديني (حزبي شاس وحزب يهودية التوراة 18 مقعدا) واليمين المتطرف (حزبي القوة اليهودية 14 مقعدا)، كما ازدادت قوة هذا التيار بعد أحداث السابع من أكتوبر.
وأظهر استطلاع رأي أجرته القناة 14 العبرية في 2 يونيو/حزيران الحالي أن 84% من الإسرائيليين ضد وقف الحرب في غزة، حتى لو تمت صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس، في حين يؤيد 13% من المشاركين وقف الأعمال القتالية بشكل كامل في القطاع، بينما قال 3% منهم إنهم غير مهتمين.
وأشار استطلاع آخر لمركز بيو للأبحاث إلى أن 39% من الإسرائيليين يقولون إن الرد العسكري الإسرائيلي ضد حماس كان صحيحا تقريبا، بينما ذهب 34% منهم إلى أنه لم يكن كافيا، فيما اعتقد 19% أنه مبالغ فيه جدا.
ولذلك، فإن التحدي الذي سيواجهه التحالف هو اختيار الزعيم الأكثر يمينية، والذي سيكون قادرا على اجتذاب الأحزاب الدينية واليمينية معا.
ولكن الخلافات بين زعماء الأحزاب المتحالفة قد تصعّب هذه المهمة؛ حيث يرى لبيد أنه الأحق بها، بحكم خبرته في التشكيل الحكومي السابق، ويعتبر أن غانتس بمشاركته في الحكومة نفخ الروح في نتنياهو.
فيما يرى غانتس أنه الأحق بالرئاسة، لأن حزب المعسكر الذي يتزعمه يمتلك العدد الأكبر من الأصوات متفوقا على الليكود، كما تشير الاستطلاعات. في حين يطمح كل من ليبرمان وساعر -المنشق عن معسكر الدولة- إلى الزعامة، ويعتبران نفسهما الأقرب إلى اليمين، كما أن ليبرمان يرى نفسه الأجدر بقيادة المعسكر في ظل الاستطلاعات التي ترجّح مضاعفة عدد مقاعد حزبه في الكنيست.
ويكمن التحدي لدى هذا التكتل في قدرته على مخاطبة الجمهور اليميني واكتسابه في مواجهة خطاب نتنياهو الذي يجيد هذه اللعبة.
وإضافة إلى هدف الإطاحة بنتنياهو، فإن التحالف الجديد سيكون مطالبا بالتجاوب مع السياسة الأميركية في المنطقة، لتنفيذ صفقة التبادل والدخول في عملية تطبيع ستهيئ للولايات المتحدة الخروج من المنطقة للتركيز على الصين وروسيا.
استغلال التناقضاتويعوّل زعماء التحالف على توحيد صفوف أحزاب المعارضة بشكل قوي، ومحاولة التأثير على 4 أعضاء من الكنيست للتصويت ضد الحكومة عند طرح الدعوة لانتخابات مبكرة تتم قبل نهاية السنة، بدلا من استمرار ولاية الكنيست الحالي التي تمتد للعام 2026.
يأتي ذلك لحرمان نتنياهو وتحالفه من الأغلبية (64 صوتا من أصل 120)، أو ربما النجاح في إقناع 17 عضوا من الليكود بالإطاحة برئيس الوزراء من رئاسة الكتلة الانتخابية في الكنيست (32 عضوا)، وبالتالي تشكيل حكومة جديدة يمكن من خلالها تجنب اللجوء لانتخابات جديدة وإكمال الكنيست دورته العادية.
ويسعى التحالف الجديد لاستغلال التناقضات في الائتلاف الحكومي، وانتظار خروج غانتس، ومعه إيزنكوت من مجلس الحرب، بما يحدث هزة في الحكومة.
كما يسعى لاستغلال محاولة نتنياهو تمرير قانون فرض الخدمة الإجبارية في الجيش على الحريديم، والذي يفترض -بحسب الصيغة الحالية- أن يمرر حالة الإعفاء السابقة لهم، وإن بشكل أقل من القانون السابق، ذلك لأن رئيس الوزراء لا يريد خسارة هذه الأحزاب المتحالف معها ولا متطرفي اليمين القومي: بن غفير وسموتريتش.
إذ ربما يؤدي تمرير هذا القانون إلى إحداث خلخلة في حزب الليكود، وعلى الأخص التأثير على وزير الحرب يوآف غالانت الذي صعّد المطالبة بتجنيد هذه الفئة للحاجة إليهم في ظل استمرار الحرب في قطاع غزة.
ولمحاولة تجنب هذه الهزة، قد يسعى نتنياهو إلى اعتبار التصويت على القانون تصويتا على الثقة؛ ليلزم كل أعضاء الليكود بالتصويت لصالحه.
كما أن موقف نتنياهو من صفقة التبادل بعد إعلان بايدن عنها سيحدد مدى استقرار ائتلافه الحاكم، بل قد تؤدي إلى عدول غانتس عن الاستقالة التي هدد بها، فضلا عن أن زعيم التشكيل الجديد للمعارضة -وهو يائير لبيد- وعد نتنياهو بتشكيل شبكة أمان له في حال وافق على الصفقة، وأدى ذلك لانسحاب حزبي الصهيونية الدينية من حكومته، إذ يمتلك حزب "هناك مستقبل" 24 مقعدا في الكنيست.
أمل ضئيلومن النتائج المتوقعة لتأسيس هذا التحالف اليميني احتمال تراجع الليكود بل حتى تشظيه، وهو إن حصل فسيعني تغيرا مهما في وجه الكيان بتراجع الحزبين الرئيسيين (أولا العمل ثم الليكود)، وسيساهم في وضع حد للظاهرة التي يسميها الإسرائيليون "البيبية"، في تعبير عن أن نتنياهو كرّس نفسه قائدا أوحد لإسرائيل لمدة أكثر من 15 عاما مجتمعة ومتفرقة.
ورغم أن هذا التكتل سينجح في استبعاد أحزاب اليمين المتطرف، ولكنه قد يجد نفسه مضطرا للحاجة لها في ظل التشظي الإسرائيلي، الأمر الذي قد يعتبر عائقا أمام نجاح هذه الأحزاب في تشكيل بديل حقيقي لحكومة نتنياهو، متحرر من الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة.
غير أن هذا التكتل لن يشكل تغييرا حقيقيا في التوجهات التي يقودها نتنياهو، وعلى الأخص تلك المتعلقة بالحل السياسي والقبول بالدولة الفلسطينية، لا، بل سيظل مصرّا على استمرار الحرب على غزة بحكم توجهات الشارع الإسرائيلي، بما قد يؤدي إلى مشاكل مع الإدارة الأميركية، والتعارض مع مطالبها السياسية.
أما على صعيد النتائج، فإن استكمال التحالف يعتمد على موقف نتنياهو من صفقة التبادل، وعلى الأرجح، فإنه سيعمد إلى تعطيلها؛ وهو ما يعزز من حراك وتأثير التحالف الجديد، ولكن ذلك يظل مرهونا بالقدرة على استقطاب أعضاء من الليكود.
وفيما تكاد تكون فرصة شق الليكود وإقناع 17 عضوا منهم بالتصويت ضد نتنياهو لتغيير الحكومة بدون انتخابات جديدة معدومة، فإن فرصة تصويت 4 أعضاء على الأقل من الليكود لصالح سحب الثقة من الحكومة والدعوة لتبكير الانتخابات تظل واردة ولكنها أيضا صعبة، لأن سطوته قوية، فيما لم يتفق التحالف الجديد على زعيم يتولى زمام استقطاب أعضاء الكنيست لصالحه.
ولكن بقاء نتنياهو في الحكومة مع انسحاب غانتس وإيزنكوت، وربما غالانت أيضا، سيضطره لإلغاء مجلس الحرب حتى لا يطالب بن غفير وسموتريتش بالانضمام إليه، وحينها سيكون أمام ضغط اليمين في الحكومة ومكبلا أكثر في قراره السياسي.
وفي حال نجح التحالف الجديد في إسقاط نتنياهو وتمكّن من تشكيل حكومة جديدة، فإنه سيلجأ إلى صيغة تقاسم الحكم والتناوب على رئاستها، كما حصل في الحكومة السابقة بتناوب لبيد وبينت.
أما في حالة الفشل واستمرار نتنياهو في الحكم، فإن أمام التحالف الجديد تشكيل حكومة ظل تعمل على تنسيق جهودها لإسقاط الحالية، وذلك في ظل دعم أميركي غير معلن، إلا أن هذا التشكيل سيحتاج إلى الاتفاق على رأس له؛ وهي معضلة كبيرة يحتاج الفرقاء إلى حلها.
بل إن الأهم هو تقديم برنامج بديل والعمل على إقناع الشارع وأعضاء الكنيست به، وسيكون أقرب إلى القبول الأميركي، ولكنه لن يشكل فرقا بالنسبة للشعب الفلسطيني، طالما أن الجميع متفق على تكريس الاحتلال والهيمنة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التحالف الجدید هذا التحالف تشکیل حکومة فی الحکومة أن هذا
إقرأ أيضاً:
هل ينجح الاتفاق مع قسد بإنهاء الصراع في سوريا؟
وقّعت قوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على شمال شرق البلاد، اتفاقاً مع الحكومة المؤقتة في دمشق، ينص على تسليم المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز التي تسيطر عليها القوات المدعومة من الولايات المتحدة، كما يتضمن الاتفاق اعترافاً بالأقلية الكردية باعتبارها "جزءاً لا يتجزأ من الدولة السورية".
تسعى دول مثل إسرائيل وإيران إلى تقسيم سوريا
ويرى جيمس سنيل، المستشار الأول في معهد نيولاينز للاستراتيجية والسياسة، أن فرص تحقيق السلام في سوريا أصبحت الآن أكثر احتمالًا بقليل. وكتب سنيل في مجلة "سبكتيتور" أن هذه الصفقة المؤقتة، التي ظن كثيرون أنها لن تتحقق أبداً، جاءت بعد أسبوع شهد تهديدات جديدة لاستقرار سوريا، حيث قُتل المئات في سلسلة من المجازر على طول الساحل السوري.ولفت إلى أن مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، لم يكن يرتدي زيه العسكري المعتاد عند توقيع الاتفاق في دمشق مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، فعبدي اختار يوم الأحد بدلة رسمية لإبرام الاتفاق المنتظر، ربما في إشارة لانتهاء حالة الحرب.
ورغم أن قوات سوريا الديمقراطية لم تسلم سلاحها حتى الآن، ولم تعلن عن أي جدول زمني لكيفية اندماجها في القوات السورية الجديدة، يسود تفاؤل حذر، إذ شهدت الليلة الماضية احتفالات واسعة في مختلف أنحاء سوريا، حيث تدفق الناس إلى الشوارع والساحات.
Good summary of Landmark SDF deal to join the Syrian Government by @vvanwilgenburg. In terms of US involvement, I shared:
“I would suspect that the US believes this deal as the only way for real peace in Syria. In addition, the leaders in the northeast bring experience in… pic.twitter.com/wOQRAbQ42p
وفي المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، يرفض الكثير من العرب الخاضعين لحكم المجالس الكردية تجنيد أطفالهم في صفوف قسد، وعندما يحتجون غالباً ما يواجهون إطلاق النار، ما يؤدي إلى سقوط قتلى أسبوعياً.
الموارد والتحدياتويرى الكاتب أن أي خطوة من شأنها وقف هذا العنف وإعادة الأمن إلى سوريا لا يمكن أن تكون سلبية، ولإدراك أهمية الاتفاق الجديد، يجب النظر إلى حجم الموارد التي تسيطر عليها قسد، ودورها الحاسم في إعادة إعمار سوريا بعد حرب استمرت 15 عاماً.
وتفرض قسد سيطرتها على المعابر الحدودية مع العراق، وتدير مطاراً استراتيجياً، وتهيمن على جميع حقول النفط والغاز السوري، وبدون استعادة هذه الموارد، ستظل الحكومة في دمشق تعاني مالياً، وستبقى إعادة إعمار المدن الكبرى مثل حلب وحمص معلقة.
وينص الاتفاق الجديد على نقل هذه الموارد إلى حكومة سورية موحدة بحلول نهاية العام، لكن التفاصيل النهائية لم تُعلن بعد.
وتاريخياً، تعاونت قسد والجماعات الكردية التي سبقتها مع نظام الأسد، إذ لعبت دوراً بارزاً في حصار حلب عام 2016، لكن بموجب الاتفاق الجديد، ستعمل قسد والحكومة المؤقتة معاً ضد فلول نظام الأسد، التي شنت سلسلة هجمات الأسبوع الماضي، ما أسفر عن مئات القتلى.
وتصر تركيا على أن قسد ليست سوى امتداد لحزب العمال الكردستاني، المصنف جماعة إرهابية وفق القوائم البريطانية والأمريكية والأوروبية. وبينما تواصل قسد سيطرتها على مناطق واسعة من سوريا، يبقى التدخل التركي محتملاً، إذ سبق أن اجتاحت القوات التركية الأراضي السورية في عمليات عسكرية دموية ومدمرة.
لكن إذا تمكنت قسد من التحالف مع الحكومة الجديدة، التي تربطها علاقات وثيقة مع الاستخبارات التركية والجيش التركي، فإن احتمالية شن عملية عسكرية تركية جديدة ستتراجع بشكل كبير. وهذه القدرة على التنسيق والتعاون ضرورية أيضاً إذا كانت سوريا تأمل في التعافي وإعادة بناء مؤسساتها، وفق ما يرى الكاتب.