«عبده مشتاق» وفن كتابة الشكاوى
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يصحو وينام «عبده مشتاق» على أمل واحد، أن يكون له شأن ويكون ذا قيمة بين الناس، يتمنى بأى شكل من الأشكال أن يجلس على الكرسى ليتحكم فى هذا ويذل ذاك، وينتقم من هؤلاء فلديه لذة فى أذى الآخرين، ويشعر بسعادة غامرة إذا عرف أن فلانًا عنده مصيبة، وجلوسه على الكرسى سيساعده فى تحقيق مآربه.
يصدر «عبده مشتاق» صورة عن نفسه أنه متعاون وخبير وخلوق، هذا داخل الاجتماعات العامة فقط، ولكن فى الممارسة الفعلية هو أول من يقوم بتعطيل الأمور، فيرفض توقيع ما يجب توقيعه بحجه عدم وجود همزة على حرف الألف، فتتم طباعة الأوراق بالتصحيح فيتهم الآخرين بإهدار المال العام الذى يحافظ هو عليه ويضعه فى عينيه، ويسعى بقدر الإمكان لتعطيل أى عمل وتعقيده، ومن شدة خبرته ينصح أحد الأقران بتنفيذ عمل ما بطريقة معينة وفى نفس الوقت يقنع آخر بعكس ما قاله أولًا، وعندما تشتعل الأمور بين طرفين، يشعر بالرضى والنشوة، وبينما ينادى أنه ينقل الأمور بشفافية، ويحرص على مصلحة العمل، ويتفزلك فى تفسير القانون، يقف حكمًا ظالمًا يمقته الناس، فمهما جال ودار هنا وهناك، فهناك حاجز بينه وبين الناس، ومهما استدر عطفهم بكلمات معسولة ورسم أنه ناصح أمين، فالكل يفهمه ويعرفه ويتحاشاه بل إن الحاجز بينه وبين النجاح، كثمرة لأفعاله بالآخرين، طريقك مسدود مسدود يا ولدي.
«عبده مشتاق» يحلم بالوصول للسلطة ويبقى مترقبًا لأى تعديل فى المناصب القيادية، يتحدث مع هذا وذاك لعل وعسى تتغير الأوضاع، ولما لا يجد بدًا من الأمر يقرر أن يداعب السلطة فيتسلق بسرعة البرق ويلتصق بالمسئول، ويجلس على أذنيه وبشفتين تقطران عسلًا وأنعم من الزيت، يبخ سمومه عن هذا وذاك ويلوى الحقائق وينسجها كمهارة بيت العنكبوت، شكله من الخارج جميل ولكنه هش، كلامه مقنع ومعسول ومنطقى لكنه حلو وكذاب، وبعد أن يضع المسئول فى جيبه ينزل قليلًا ليعيث فى الأرض فسادًا، فقد أخذ نفوذًا جزئيًا بقربه من المسئول، ومن أذن المسئول لأذان الأقران، يشكو المسئول ويلعنه ويسبه ويحكى عنه تفاصيل لا يجب أن تُقال، يغمز بعينيه ويشير بأصابعه ويزرع خصام، ويوضح كيف يشتم ويسيء المسئول الشرير للأقران فى ظهورهم، وبهذا يحقق هدفه بتوسيع الفجوة بين الموظفين والمسئول ليبقى الفتى المدلل الأقرب له، أما اليوم الذى لا يقدر أن يؤذى فيه أحدًا يسرق النوم من عينى «عبده مشتاق».
«عبده مشتاق» لديه موهبة غريبة، تسمى فن كتابة الشكاوي، فبينما يتجول بين أقرانه يجمع معلومات عن هذا وذاك، ليكتب فيهم شكاوى كيدية منسوجة بفن، وحتى يحبك الشكوى يسعى لدعم أى جزء من أكاذيبه بأوراق رسمية تمس موضوع شكوته ولو من بعيد، ثم يربط بين شكواه وبين الأوراق رغم أن كلاهما فى مسارين مختلفين، وهو يحاول بهذا أن يضفى عليها المصداقية، ولأنه متمكن فى الشكاوى يبحث عن المسئولين عن أى أوراق مفيدة له ويسعى للتقرب لهم والسيطرة عليهم بكل الطرق، فالمكسب الذى سيحققه من ورائهم يفوق ما يقدمه لهم، ويغريهم بتسريب أوراق رسمية، ثم يكتب شكواه ويربط هذا بذاك رغم عدم وجود صلة بين ما يكتبه وبين الأوراق، ويضفى لمسته فلا يوقع أبدًا على شكواه لأنه أجبن من أن يمضى باسمه، فيكتبها باسم شخص أو أشخاص آخرين!.
وبينما يفعل كل شيء فى الظل فهو مكشوف ومفضوح فى عيون الكل، الذين يقولون إن طبع «عبده مشتاق» وراثة، فكيف يجتمع كل هذا الشر فى شخص واحد؟
ظل «عبده مشتاق» يقبل الأيادى ويخدم الرؤساء واحدًا تلو الآخر، لعل وعسى يحتضن الكرسى يومًا، وظل يتحمل عدم تقدير الرئيس المباشر وإحراجه له أمام الكل، وفجأة تم الاستغناء عن خدمات الرئيس، فوجد ’’عبده مشتاق‘‘ نفسه ضائعًا، فقد شغل كل وقته لاتهام أبرياء وتعطيلهم وظل يكذب ويفترى عليهم لمجرد أنهم أفضل منه، فماذا حدث؟ وصل هؤلاء الشرفاء لهدفهم ولم يتعطلوا وظل هو فى مكانه محلك سر، منبوذًا مكروهًا ضيع أيامه فى الحقد والضغينة والانشغال بكل شيء إلا نفسه.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
ما حكم كتابة بعض الآيات والأذكار على الكفن ؟ .. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم كتابة بعض الآيات والأذكار على الكفن؟ فقد توفي رجلٌ، وبعد تكفينه اقترح بعضُ الحاضرين أن يُكتب شيءٌ من آيات القرآن الكريم والذكر على الكفن بغرض أن يكون ذلك نافعًا وشفيعًا له في القبر، ومع أننا لم نفعل ذلك، لكننا نسأل: هل هذا جائزٌ شرعًا؟
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: إن كتابةُ بعض آيات القرآن الكريم أو غيرها مما يشتمل على صيغ الذكر وأسماء الله تعالى على الكفن حرامٌ شرعًا، ولا يجوز الإقدام عليها؛ لما فيه من تعريض الآيات والذكر للامتهان والتنجيس بمُلاقاة الصديد الخارج من بدن الميت والدم ونحو ذلك.
وأوضحت ان ما يُكتب من بعض آيات القرآن الكريم وذكر الله عَزَّ وَجَلَّ يجب أن يُعامل معاملةً فيها من التعظيم والاحترام ما يليق بقُدسيَّته ومكانته في الشرع الشريف، ومن ذلك: ألَّا يوضَع على الأرض أو أيِّ مكان يكون فيه عُرضةً للامتهان أو التنجيس من نحو مُلاقاة الصديد الخارج من بدن الميت أو غير ذلك، ومِن ثَمَّ فإن كتابةَ بعض آيات القرآن الكريم أو غيرها مما يشتمل على صيغ الذكر وأسماء الله تعالى على الكفن حرامٌ شرعًا، ولا يجوز الإقدام عليها.
حكم قص أظافر الميت وحلاقة شعره
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم تقليم أظافر الميت وحلق شعر عانته؟ وكيفية التخلص مِن ذلك، هل يوضع معه في الكفن، أو يُدفن في مكانٍ آخَر؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إنه قد اتفق جمهور الفقهاء على كراهة قصِّ أظافر الميت أو حلق شعر عانته ما لم توجد حاجة داعية إلى فِعْلِ ذلك، فإذا وجدت الحاجة فلا حرج في فِعْلِه، ويُضَمُّ معه، ويُجعَل في أكفانه، مع مراعاة احترام الميت، وعدم انتهاك حرمته، بحيث تُستخدَم كل الوسائل الممكنة في تحقيق ذلك.
فقد ورد في الحديث الشريف عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في الرجل المحرِم الذي وقَصَتهُ ناقتُه: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْر، وَكَفِّنُوهُ» متفقٌ عليه.
ذهب جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية، والشافعية في قولٍ إلى كراهة قصِّ أظافر الميت أو حلق عانته؛ لما في فِعْلِ ذلك مِن الزينة التي تختص بالأحياء، ولا تناسب حال الميت، ولا تُطلب منه إذا حضره الموتُ ولا ممن يُغسله بَعده؛ لانقطاع سبب ذلك عنه بالموت، فالسُّنَّة أن يُدفن الميت بجميع أجزائه على ما مات عليه، ولهذا لا يُسَرَّحُ شَعْرُه، إذ لو فُعِلَ ربما يتناثر بعضُه، ولا تُقَصُّ أظفاره وشاربه ولحيته، ولا يُختن، ولا يُنتف إبطه، حيث لا توجد حاجةٌ لفِعل ذلك كلِّه، وإنما الذي يُستحب في حقه مِن الزينة هو تنظيف جسده وإزالة الأوساخ والدَّرن عنه وتطييبه ونحو ذلك، مِن غير إزالة شيءٍ مِن أجزائه.
واستدلوا على قولهم بالكراهة بما ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها رَأَتِ امْرَأَةً يَكُدُّونَ رَأْسَهَا، فَقَالَتْ: "عَلَامَ تَنْصُونَ مَيِّتَكُمْ؟" أخرجه الإمامان: عبد الرزاق في "مصنفه"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
ذهب الشافعية في قولٍ إلى جواز تقليم أظافر الميت وحلق عانته مطلقًا مِن غير كراهة ولا اشتراطِ حاجةٍ؛ لأن ذلك تنظيفٌ يشبه إزالة الأدران والأوساخ الواجب إزالتها في حق الميت، فكذلك شُرع تقليم الأظافر وحلق العانة في حقه.
ووافقهم في هذا القول فقهاءُ الحنابلة في روايةٍ بخصوص قص الأظفار للميت لكن بقيد أن تكون طويلة تحتاج إلى إزالتها، وفيه معنى الحاجة التي نصَّ عليها جمهور الفقهاء؛ لأنَّ في قصِّ الأظفار تنظيفًا لا يتعلق بقطع عضو، وإنما هو أشبه بإزالة الأوساخ والأدران، ويعضد ذلك ما جاء في السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ المُطَهَّرة من العمومات الواردة في سنن الفطرة.
وأما العانة: فالمذهب على حرمة حلق شعر عانته الميت؛ لأنَّ في إزالة شعر العانة كشفًا لعورة الميت وما يلزم مِن ذلك مِن النظر إليها ولَمْسِهَا مِن غير ضرورة، وهو مُحرَّمٌ، وفي روايةٍ عن الإمام أحمد أنه يُسَنُّ حَلْقُها للميت.
فإذا دعت الحاجة لقصِّ أظافر الميت كأن تكون طويلة وتحتاج إلى إزالتها، أو دعت الحاجة إلى حلق عانته إذا كانت طويلة كثيفة تحتاج إلى تنظيفٍ، حتى يَضمن الغاسلُ وصولَ الماء إلى جميع بدن الميت -فلا مانع مِن الإزالة حينئذٍ.