ترحيل اللاجئين.. ما وراء الحملة على السودانيين والسوريين في مصر؟
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
"يضرون بالأمن القومي، وتسببوا في ارتفاع الأسعار، ويأخذون وظائفنا، ولذلك يجب ترحيلهم عن البلاد"، تلك فحوى دعوات تطالب بترحيل اللاجئين السودانيين والسوريين عن الأراضي المصرية، فما أسباب تلك الحملة؟، وهل يقف هؤلاء "الضيوف" حقا وراء الأزمات التي تشهدها مصر؟
مطلب شعبي؟مع عدد سكان يبلغ 106 ملايين نسمة، فإن مصر هي البلد العربي "الأكبر ديموغرافيا"، بينما تشير تقديرات إلى أن نحو 60 في المئة من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر أو يقتربون منه.
ويوجد في مصر 9 ملايين "مقيم ولاجئ" من نحو 133 دولة يمثلون 8.7 في المئة من حجم السكان البالغ عددهم نحو 106 ملايين نسمة، وفق "مجلس الوزراء المصري".
ويُشكل السودانيون العدد الأكبر من "المقيمين واللاجئين" في مصر بنحو 4 ملايين، يليهم السوريون بحوالي 1.5 مليون، واليمنيون بنحو مليون والليبيون مليون نسمة، حيث تمثل الجنسيات الأربع 80 في المئة من المهاجرين المقيمين حاليا في البلاد، وفق تقديرات "المنظمة الدولية للهجرة".
وخلال الأيام الماضية، انطلقت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بترحيل السودانيين والسوريين من مصر تحت شعار " ترحيل جميع اللاجئين مطلب شعبي".
كلمتين من الآخر ????????#مصر_للمصريين#الطالب_المصري_أولى_بجامعاته #ترحيل_جميع_اللاجئين_مطلب_شعبي pic.twitter.com/WA8pPO0zOz
— ???????????????????????????????????????????????????????????? (@4x6h13) June 12, 2024ومن بين الداعمين لتلك الدعوات الكاتب والمحلل السياسي، مجدي حمدان، الذي يرى أن اللاجئين يضرون بمصر "سياسيا واقتصاديا وأمنيا" وخاصة "السودانيين".
وعندما جاء السوريين إلى مصر قاموا بعمل "مشروعات" باستثمارات خاصة، واحترموا القوانين المصرية ولم يتطاولوا على الشعب المصري، لكن العكس صحيح بالنسبة للسودانيين، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويشير حمدان إلى أن "اللاجئ السوداني لم يدشن استثمارات خاصة، لكنه يزاحم المواطن المصري في وسائل المواصلات والسلع الغذائية والمواد الأساسية والأدوية"، ما تسبب في تضاعف أسعار السلع والخدمات خلال الفترة الماضية.
وبالنسبة للسوريين فهم يضرون بالاقتصاد لأنهم يحولون الجنيه المصري إلى دولار ويقومون بتحويل تلك الأموال إلى خارج مصر، وبذلك تفقد الدولة "عملة صعبة"، وفق المحلل السياسي المصري.
لكن على جانب آخر، يؤكد خبير السكان ودراسات الهجرة وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، أيمن زهري، أن الحملات "لا تمثل الرأي العام المصري تجاه اللاجئين".
ويقود تلك الحملات "شباب محبط" لا يجد وسيلة للتعبير عن رأيه، ويضغط على "الجانب الأضعف" وهم الأجانب في مصر، لكن هناك "رفض رسمي" لمثل هذه المطالب، وفق حديثه لموقع "الحرة".
وهناك حالة "تضخيم" لتأثير الأجانب المتواجدين بالتراب المصري على الأوضاع في مصر وخاصة الاقتصادية، لكن في الحقيقة تلك الأزمات بدأت منذ فترة طويلة، حسبما يوضح زهري.
ويشير إلى أن تأثير الأجانب على الأزمات التي تعيشها مصر "محدود جدا"، وبالعكس فهناك نسبة كبيرة منهم يتلقون تحويلات بالعملة الأجنبية كحال أسر المصريين بالخارج.
"قنبلة موقوتة"؟!تمر مصر بـ"أزمة اقتصادية شديدة" من جراء نقص النقد الأجنبي، وتواجه تبعات جيوسياسية لنزاعين مفتوحين على حدودها وهي الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، والنزاع في السودان إلى الجنوب.
ولذلك يصف الباحث بمنتدى الشرق الأوسط في لندن، أحمد عطا، ملف اللاجئين في مصر بـ"القنبلة الموقوتة"، مرجعا ذلك لعدة أسباب.
و"إذا كانت الحكومة المصرية تتباهى بأن لديها (ضيوف وليس لاجئين)، من مختلف الدول التي تشهد نزاعات مسلحة مثل السودان واليمن وليبيا وسوريا، لكن في الحقيقة فإن هؤلاء يضغطون على الاقتصاد المصري الذي يعاني بالفعل"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
ويشدد عطا على أن الاقتصاد المصري لا يتحمل هذا العدد من "اللاجئين"، بعدما تجاوزت نسب التضخم في مصر 27 في المئة، وفي ظل وجود نسب بطالة بين المصريين سواء كانوا خريجي جامعات أو من ممارسي الأعمال الحرة.
وتبلغ نسبة البطالة في مصر 7.2 في المئة، وفق ما أظهرته "بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء" لعام 2022.
ويشير عطا إلى أن "قرابة 10 ملايين لاجئ يتقاسمون مع المصريين الدعم بمختلف أشكاله بجانب تسببهم في رفع سعر الوحدات السكنية بنظام الإيجار المؤقت من متوسط شهري يبلغ 4 آلاف جنيه إلى ١٥ ألف جنيه".
ومن جانبه، يشير الباحث بالاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، إلى أن "اللاجئين يمثلون عبء اقتصادي كبير في مصر لأنهم يضغطون على البنية الاقتصادية بالبلاد".
وتسبب اللاجئون السودانيون في "أزمة سكن وارتفاع أسعار المنتجات والخدمات"، لكن دعوات ترحيلهم "محدودة ولا تحظى بقبول شعبي مصري كبير"، وفق حديثه لموقع "الحرة".
والشعب المصري يعرف أن "السودانيين في أزمة"، وبالتالي فدعوات "ترحيلهم لا تلقى قبول الأغلبية"، ولذلك "تتضاءل المخاوف الاقتصادية أمام الجانب الإنساني"، حسبما يؤكد الديب.
عبء أمنيويتحدث عطا عن "عبء أمني يشكله اللاجئين وخاصة السودانيين على الأجهزة الأمنية المصرية".
ولم يدخل كافة السودانيين المتواجدين في مصر إلى البلاد "بطريقة شرعية"، وهذا يعني أن قطاع كبير منهم "يمثل عبئا على الأمن المصري لمتابعتهم"، وفق الباحث بمنتدى الشرق الأوسط في لندن.
لكن على جانب آخر، يؤكد زهري أن "اللاجئين لا يؤثرون على الأمن القومي المصري"، واصفا الحديث عن ذلك بـ"أمر مبالغ به جدا".
وهؤلاء اللاجئين "لا يمثلون أي تيارات سياسية مناهضة أو مناصرة للتوجهات الرسمية المصرية"، وفق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر.
وفي سياق متصل، لا يري الديب أن "اللاجئين يمثلون أي تهديد للأمن القومي المصري".
وجميع اللاجئين تحت "أنظار الأجهزة الأمنية المصرية"، والدولة لديها "قاعدة بيانات لكافة الضيوف"، ولذلك "فلا توجد مخاوف أمنية من وجودهم على أرض مصر"، وفق الباحث بالاقتصاد السياسي.
طاقة بشرية أم كارثة مستقبلية؟يمكن استغلال الطاقة البشرية الكبيرة من اللاجئين في "تحريك وإدارة عجلة الإنتاج لأن بينهم عمالة مدربة وأصحاب خبرات وكفاءات، ما يعود بالفائدة على الاقتصاد المصري"، وفق الديب.
ويشير إلى أن الدولة المصرية تتقاضى "دعما ماليا" من الأمم المتحدة ودول أوروبية من أجل برامج دعم اللاجئين، ولا يمكن لمصر أن تكون "دولة طاردة للاجئين".
لكنه يؤكد في الوقت ذاته أهمية "زيادة دول العالم وخاصة الاتحاد الأوروبي مساعدة مصر ودعمها بشكل أكبر"، فيما يخص اللاجئين المتواجدين على الأراضي المصرية.
وإذا ترك هؤلاء اللاجئين الأراضي المصرية سوف يتجهون إلى أوروبا عن طريق الهجرة الشرعية أو غير الشرعية، ما سوف يتسبب في مشكلات كبيرة لدول الاتحاد الأوروبي، حسبما يحذر الديب.
لكن على جانب آخر، يحذر عطا من "كارثة اجتماعية وأمنية واقتصادية مستقبلية" بسبب وجود ملايين اللاجئين على الأراضي المصرية.
ويتساءل: "إلى متى ستكون مصر حاضنة للاجئين وهي لا تمتلك وافر اقتصادي كدول الخليج مثلا؟".
ولذلك "لابد على الحكومة مراجعة ملف الضيوف من مختلف البلدان العربية والأفريقية وإلا ستكون هناك نتائج كارثية اجتماعية وأمنية واقتصادية على المصريين قريبا"، وفق الباحث بمنتدى الشرق الأوسط في لندن.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأراضی المصریة فی المئة إلى أن فی مصر
إقرأ أيضاً:
خطط ترامب لأيامه الأولى في البيت الأبيض.. ترحيل المهاجرين وهيكلة الحكومة
في تصريحات أثارت جدلاً واسعًا، أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نيته تنفيذ سلسلة من الإجراءات التنفيذية في أول يوم له في البيت الأبيض، مؤكدًا أنه لن يكون ديكتاتورًا «باستثناء اليوم الأول»، وتتضمن خططه أوامر تنفيذية تستهدف الهجرة والأمن الداخلي، وتعديل سياسات إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، ما يعكس توجهه المتشدد الذي كان محور حملته الانتخابية.
وصرحت كارولين ليفيت، المستشارة الإعلامية لـ«ترامب» في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية: «كم عدد الأوامر التنفيذية في الأسبوع الأول؟ سيكون هناك العشرات».
إجراءات صارمة لترحيل المهاجرينيعتزم دونالد ترامب بدء ولايته بتكثيف تطبيق قوانين الهجرة من خلال أوامر تنفيذية تمنح سلطات الهجرة الفيدرالية صلاحيات أوسع لاعتقال وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، إلى جانب الذين لا يمتلكون سجلات جنائية، ومن المتوقع أن يقود هذه الخطط، توم هومان، الذي شغل منصب مدير إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك خلال إدارة ترامب السابقة، وفقاً لمصادر نقلتها وكالة «رويترز».
كما تتضمن خططه استئناف بناء الجدار الحدودي مع المكسيك وتعزيز وجود قوات الحرس الوطني على الحدود، بهدف تقليل معدلات الهجرة غير القانونية التي زادت خلال فترة رئاسة جو بايدن، حيث قدرت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية أن هناك 11 مليون مهاجر بدون وضع قانوني في الولايات المتحدة عام 2022، مما شكل تحدياً للمدن الكبرى مثل نيويورك وشيكاجو ودنفر، التي واجهت صعوبة في استيعابهم وتقديم المساعدات اللازمة.
ومن بين الإجراءات المتوقعة، إلغاء برامج الرئيس الأمريكي جو بايدن الإنسانية التي سمحت لمئات الآلاف من المهاجرين بالدخول بشكل قانوني والحصول على تصاريح عمل، ويهدف ترامب إلى خفض أعداد المعابر غير القانونية عبر استخدام نهج شامل لاعتقال واحتجاز وترحيل المهاجرين.
طرد آلاف الموظفين وعفو عن مقتحمي الكابيتولإلى جانب سياسات الهجرة، يسعى ترامب لإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية من خلال فصل آلاف الموظفين الذين يعتبرهم غير موالين له، كما يخطط لإصدار عفو عن المتورطين في أحداث اقتحام الكابيتول في 6 يناير 2021.
تحديات قانونية مرتقبةمن المتوقع أن تواجه هذه الأجندة العدوانية تحديات قانونية من قبل الولايات التي يحكمها الديمقراطيون، بالإضافة إلى منظمات حقوقية مثل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية والمدافعين عن حقوق المهاجرين، مما قد يعقد تنفيذ خطط ترامب الطموحة.