في الذكرى 43 لتأسيسها.. أي مستقبل لحركة النهضة التونسية؟
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
تتعدد الأسئلة وتتزاحم أحيانا حد التضارب حول مستقبل حركة النهضة التونسية في ظل معطيات الواقع الموضوعي الوطني والإقليمي والدولى وكذلك في ظل واقعها الذاتي الذي يعكس طبيعة مشروعها ورؤيتها الفكرية والسياسية وبناها الهيكلية والتنظيمية ووضعها القيادي الذي يتطلب بالضرورة تشخيصا دقيقا وموضوعيا ومراجعات جوهرية بعيدا عن جلد الذات والاتهامات والتوظيف والمناكفات والتفصى من المسؤولية وذلك وفق منهجية غايتها الإجابة عن سؤال المستقبل الذي بات أولوية الأولويات في هذه المرحلة بقطع النظر عن حيثيات الظرفية الآنية وعناصر التعطيل والاعاقة الذاتية وإرادة المحافظة السلبية المستندة إلى مبررات وتعلات واهية.
وفي ظل الانكسار المريع للموجة الأولى للثورات العربية فقد بات سؤال المستقبل هاجس كل قوى التحول الديمقراطي في المنطقة وخاصة الإسلاميين الذين بوأهم الاختيار الشعبي المكانة الأولى رغم إدراكهم لتجربة الانتقال وهم منهكين من جراء الاستهدافات التي تسلطت عليهم في كل تجاربهم مع اختلاف في الدرجة والمدة الشيء الذي أعاق تطور بناءهم الداخلي للتأهل لخدمة المجتمع من موقع إدارة الحكم.
لقد مثل حدث الإعلان عن تأسيس الحركة يوم 6 حزيران / يونيو 1981 نقطة تحول مهمة في تاريخها من جماعة دعوية إحيائية لدور الإسلام كدين للشعب والدولة في الحياة الفردية والعامة إلى حركة تعمل على المشاركة السياسية لخدمة المجتمع من خلال مؤسسات الدولة. كما أن مسار نضالها قد انطبع بهذا التحول رغم ما حصل من اختلاف حول طبيعته بين التكتيك الذي اقتضاه وضع الحال حينها الذي فرضه الاستهداف الأمني وعمق الرؤية السياسية والاستراتيجية التي قادت بعض المؤسسين في توجههم نحو المشاركة السياسية وما مثلته من خروج عن المألوف في تجارب مثيلاتها من الحركات الإسلامية في دول أخرى..
في ظل الانكسار المريع للموجة الأولى للثورات العربية فقد بات سؤال المستقبل هاجس كل قوى التحول الديمقراطي في المنطقة وخاصة الإسلاميين الذين بوأهم الاختيار الشعبي المكانة الأولى رغم إدراكهم لتجربة الانتقال وهم منهكين من جراء الاستهدافات التي تسلطت عليهم في كل تجاربهم مع اختلاف في الدرجة والمدة الشيء الذي أعاق تطور بناءهم الداخلي للتأهل لخدمة المجتمع من موقع إدارة الحكم.وكذلك ما كان من المفترض أن يحصل من تطبيع مع دولة الاستقلال ومؤسساتها وقوانينها والذي لم يتحقق بسبب إهدار ما توفر من فرص للحوار والمصالحة في مناسبة أولى مع الأستاذ محمد المزالي رحمه الله سنة 1984 بعد إطلاق سراح القيادة التاريخية للحركة من السجن وذلك في إطار سياسة الانفتاح السياسي التي كان يقودها حينها.. ثم في مناسبة ثانية يلاحظ تأثره السلبي بتوتر العلاقة مع الدولة الذي بلغ حد الصدام سنوات 1987 و1991 بسبب إرادة الإقصاء السياسي ومحاولات الاستئصال من جانب السلطة وضعف التدبير السياسي ورد الفعل والتسرع من جانب الحركة الأمر الذي جعلها في حالة إنهاك متواصل حال دونها ودون تطوير بنائها الداخلي والتأهل لإدارة الحكم التي وجدت نفسها في خضمه إثر ثورة الحرية والكرامة.
وهي اليوم تعيش مع غيرها من الحركات والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية نهاية دورة تاريخية وبداية دورة جديدة بعد فشل الموجة الاولى من الثورات العربية وزلزال طوفان الأقصى وما أحدثه من تحولات.
من هذا المنطلق تكون الإجابة عن سؤال المستقبل في هذه اللحظة التاريخية الفارقة ضرورة حضارية للمساهمة في استنهاض الأمة لاستئناف دورها الريادي ولن يكون ذلك إلا في إطار إعادة تأسيس استراتجي هاديء وعميق بعقلية مراكمة التجربة وبمنهجية الاحتفاظ والتجاوز وبالاعتماد على ما تبقي من جيل النضال لتجاوز معضلة الانقطاع الجيلي التي أخفقت الحركة في تجاوزها أثناء عشرية الانتقال الديمقراطي.
ويمكن أن ينبني هذا الخيار على الأسس التالية :
1 ـ اعتماد المرجعية الإسلامية ضمن فهم أصولي مقاصدي مرن ومتدرج ومنفتح على منجزات العصر.
2 ـ مراجعة مقولة المشروع التي يشوبها الغموض والهلامية في اتجاه بلورة رؤية استراتيجية وطنية والبحث عن شراكات وطنية لتنزيلها .
3 ـ التعاطي مع العلاقات الدولية بوعي حضاري يأخذ بعين الاعتبار أهمية الموقع الجغراسياسي للمنطقة والمصالح والأطماع الدولية فيها ووجود الكيان الصهيوني في قلبها .
4 ـ التخلي النهائي عن الانجرار للصدام مع الدولة مهما كانت المبررات وفي أقصى الأحول الاقتصار على المعارضة السياسية في إطار ما يتيحه القانون .
5 ـ تجنب المنافسة الديمقراطية المباشرة على السلطة والاقتصار على الترجيح الانتخابي على اساس ضمان الحريات والالتزام بالمصلحة الوطنية.
6 ـ اعتبار خدمة المجتمع من خلال مؤسساته المدنية ومؤسسات الدولية أولوية أساسية .
7 ـ الاهتمام بالموارد البشرية تجديدا وتكوينا فكريا وسياسيا وحزبيا والتزاما بالقيم والأخلاق تلافيا لما ظهر من ضعف وترهل وهشاشة في المرحلة السابقة .
8 ـ إطلاق برنامج لبناء جيل قيادي جديد بعقيدة نضالية ذات عمق حضاري استراتجي والتزام راسخ بالقيم والأخلاق والممارسة الديمقراطية ومعايير الحوكمة الرشيدة تجاوزا لما تردت فيه الأوضاع القيادية في السنوات الأخيرة.
9 ـ إعادة النظر في البناء الهيكلي بما يحقق النجاعة والفاعلية والالتزام بمعايير الإدارة الديمقراطية الحزبية والتخلي عن البنية الهيكلية الحالية ذات الطابع الرئاسي المطلق والتي تحاكي بنية دولة الاستقلال مع غياب اليات تحقيق العدالة والحوكمة.
10 ـ اعتبار قطاع التعليم بمختلف مراحله وفئتي المرأة والشباب من أولويات المرحلة لأهميتهما القصوى في بناء المستقبل.
وفي خلاصة فإن خيار التأسيس الهادىء بهذه الملامح يتطلب دراسة وتعميقا لفتح أفق جديد لتجاوز المأزق التاريخي النظري والعملي الذي تردت فيه تجارب الحركات والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بعيدا عن المناكفات والمزايدات والارتهان للأشخاص أو التكتلات.
*كاتب وناشط سياسي تونسي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسية سياسة تونس تحديات سياسة رأي اسلاميون مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سؤال المستقبل المجتمع من
إقرأ أيضاً:
مطار دبي يسجل أعلى مستوى لحركة المسافرين عالمياً في 2024
أرسى مطار دبي الدولي معياراً جديداً في قطاع الطيران العالمي عقب استقباله 92.3 مليون مسافر في عام 2024، وهي أعلى حركة مرور سنوية على الإطلاق في تاريخ المطار. ويتجاوز هذا الإنجاز الرقم القياسي السابق البالغ 89.1 مليون مسافر الذي تم تحقيقه في عام 2018، ويتزامن مع إنجاز تاريخي آخر يتمثّل في تصدّر المطار لقائمة مجلس المطارات الدولي لأكثر المطارات الدولية إشغالاً عالمياً طوال 10 سنوات.
وقد جاء الأداء القياسي لمطار دبي الدولي مدفوعاً بالنمو المستمر على مدار العام؛ حيث انتهى الربع الأخير من العام بطريقة استثنائية سلطت الضوء على جاذبية دبي بصفتها وجهة عالمية للسياحة والأعمال والاستثمار. وكان ديسمبر هو الشهر الأكثر إشغالاً في عام 2024؛ حيث شكّل مطار دبي الدولي بوابة ووجهة رئيسية لما مجموعه 8.2 مليون مسافر، ما يؤكد مكانته كمطار مفضّل لملايين المسافرين من مختلف أنحاء العالم.
إنجاز استثنائيوتعليقاً على الأداء القياسي خلال العام 2024، قال بول غريفيث، الرئيس التنفيذي لمطارات دبي: "يُعدّ تجاوز حاجز الـ 92 مليون مسافر إنجازاً استثنائياً لمطار دبي الدولي وإمارة دبي عموماً، ويعكس الجهود الدؤوبة والتعاون والشغف لمجتمع oneDXB وموظفينا وشركائنا، الذين يعملون جنباً إلى جنب لتقديم تجارب سلسة وعالمية المستوى تترك انطباعاً إيجابياً دائماً عند مسافر".
وأضاف: "تخطّت نتائج هذا العام توقعاتنا بنحو 200 ألف مسافر، ما يؤكد الجاذبية العالمية الكبيرة لمطار دبي الدولي. وعلى صعيد تطلعاتنا إلى المستقبل، كلنا ثقة بالوصول إلى عتبة 100 مليون مسافر سنوياً بحلول عام 2027. وستضمن خططنا التوسعية، البالغة قيمتها 35 مليار دولار أمريكي، لمطار دبي ورلد سنترال - آل مكتوم الدولي (DWC) استيعاب هذا النمو وإحداث نقلة نوعية على مستوى السياحة والسفر، ما يجعل دبي وجهة أكثر جاذبية للمسافرين. سيتيح لنا هذا المشروع الضخم فرصة لدمج أحدث الأفكار في تصميم مطارات القرن الحادي والعشرين، والتي تم استخلاصها من خبرتنا الطويلة في خدمة أكثر من 700 مليون ضيف خلال العقد الماضي، وبالتالي تحويل المطار إلى بوابة مشرقة تُرحب بالعالم، وتعزز مكانة دبي كوجهة سياحية رائدة".
مؤشرات رئيسية
ويسيّر مطار دبي الدولي رحلات إلى 272 وجهة في 107 دولة تخدمها 106 شركة طيران دولية، ويواصل إرساء معايير جديدة بصفته واحداً من أبرز المطارات على مستوى الوجهات في العالم.
ونجح مطار دبي الدولي في مناولة 2.2 مليون طن من البضائع خلال عام 2024، بزيادة بنسبة 20.5% عن العام الماضي الذي سجل مناولة 1.8 مليون طن من البضائع.
وارتفع إجمالي حركة الرحلات الجوية بنسبة 5.7% في عام 2024 ليصل إلى /440,300/ رحلة، مع عامل حمولة يبلغ 78.1، وبنمو هامشي بنسبة 0.3% للعام.
التميّز التشغيلي
وحقق مطار دبي الدولي إنجازاً مذهلاً في عام 2024 من خلال مناولة 81.2 مليون حقيبة، مع الحفاظ على معدل نجاح رائد في القطاع بنسبة 99.45%. وبلغت نسبة عدم وصول الحقائب في المطار 5.5 حقائب لكل 1,000 مسافر، متفوقاً على النسبة الدولية البالغة 6.9 حقيبة لكل 1,000 مسافر وفقاً للبيانات الصادرة عن سيتا. وعلى الرغم من الارتفاع الهائل في أعداد المسافرين، وصلت مدة انتظار 98.2% من الضيوف أقل من 10 دقائق في مراقبة الجوازات عند المغادرة، بينما بقي متوسط وقت الانتظار عند الفحص الأمني أقل من 5 دقائق لنسبة 99.2% من المسافرين.
700 مليون مسافر
ومنذ عام 2014، تصدّر مطار دبي الدولي تصنيفات المجلس الدولي للمطارات باعتباره أكثر المطارات الدولية إشغالاً في العالم. وعلى مدار العقد الماضي، استقبل المطار ما يزيد على 700 مليون مسافر على متن أكثر من 3.3 مليون رحلة، مدفوعاً بالابتكار التشغيلي والالتزام بالجودة وجهود التعاون لمجتمع oneDXB، والذي يتم تقديم التقدير له من خلال جوائز رئيس مطارات دبي السنوية.
وتابع بول غريفيث قائلاً: "يتخطى هذا الإنجاز مسألة الإحصائيات إلى اعتماده في جوهره على موظفينا والتزام فريقنا والتعاون المثمر مع شركائنا، بالإضافة إلى الثقة المتزايدة لملايين المسافرين في مطار دبي الدولي عاماً تلو الآخر. ونعمل معاً على رسم ملامح مستقبل السفر الجوي".
وإذ يحتفي مطار الدولي بأرقامه القياسية لعام 2024، فإنه يركز على المستقبل في الوقت نفسه. فمع قدوم موسم الشتاء الغني بالفعاليات في دبي والفعاليات العالمية الكبرى واستثمارات البنية التحتية المستمرة، يستعد المطار لاستكمال نجاحه في عام 2025 وما بعده. ويضمن الالتزام الراسخ للمطار بتقديم تجارب استثنائية للضيوف تعزيز مكانته بصفته الوجهة الأكثر ارتباطاً وتفضيلاً في العالم.