الجيش السوداني: حكومة جنوب دارفور تضفي شرعية زائفة على الدعم السريع
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
اعتبر المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله، أن إعلان الإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور التابعة لقوات الدعم السريع، عن تشكيل أول حكومة مدنية مستقلة عن السلطة التابعة للجيش السوداني في بورتسودان "محاولة لإضفاء شرعية زائفة على وجودهم لن تجدي نفعا ولن تغير من حقيقة أن الدعم السريع ميليشيا متمردة على الدولة".
وقال عبد الله لوكالة أنباء العالم العربي، الخميس: "هذه محاولة لذر الرماد في العيون ومحاولة لتجميل صورتهم أمام الناس، وكذلك محاولة لإضفاء شرعية زائفة مزعومة على هذه المناطق ولكن تبقى الحقائق ويبقى الواقع كما هو عليه".
كانت الإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور التابعة لقوات الدعم السريع أعلنت عن تشكيل أول حكومة مدنية مستقلة عن السلطة التابعة للجيش السوداني والتي تتخذ من مدينة بورتسودان بشرق البلاد مقرا لها.
وشكلت قوات الدعم السريع خلال الأيام الماضية إدارة مدنية في ولاية جنوب دارفور برئاسة محمد أحمد حسن، أسوة بما طبقته سابقا بولاية الجزيرة وسط السودان.
وأعلن رئيس الإدارة المدنية بجنوب دارفور في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، عن تشكيل هياكل حكومة مدنية تتكون من عشر وزارات، هي: المالية والبنى التحتية والصحة والشؤون الاجتماعية والثروة الحيوانية والثقافة والإعلام والشباب والرياضة والحكم المحلي والزراعة والغابات والتربية والتعليم.
وتابع عبد الله: "هذه محاولة سبق أن حاولوها في ولاية الجزيرة بتشكيل إدارة مدنية مزعومة في هذه المناطق بزعم أنهم بصدد تنظيم الحياة فيها".
وأضاف: "وفي الوقت نفسه هم من قاموا بطرد سكانها وتهجيرهم قسرا ونهبهم وقتلهم وسرقة ممتلكاتهم وما زالوا يفعلون ذلك حتى الآن في كل المناطق التي وطأتها أقدامهم".
وتساءل: "ما الذي أنجزته هذه الإدارة المدنية مثلا في ولاية الجزيرة؟".
وأكد أن عبد الله "مسلسل القتل يستمر في ولاية الجزيرة حتى الآن، وقد قتلوا أكتر من 200 شخص الأسبوع الماضي في منطقة ود النورة وتكرر هذا الحادث في مناطق أخرى".
وأعرب عن استنكاره قائلا: "كيف يمكن لمثل هذه المجموعة أن تدير شأن الناس أو أن تحاول أن تدعي أنها تسعى لتنظيم حياتهم، وهي السبب الرئيسي في تدمير حياتهم".
وشدد على أن هذه المحاولات "لن تجدي نفعا ولن تغير أبدا من واقع الميليشيا المتمردة على الدولة والقوات المسلحة، ولن تنال أي تأييد ولن تصادف أي نجاح، وستنتهي هذه الأوضاع وستعود كل هذه المناطق إلى حضن الوطن".
واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بعد خلافات حول خطط لدمج الأخيرة في الجيش في إطار عملية سياسية مدعومة دوليا كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: دارفور السودان الجيش السوداني بورتسودان الإدارة المدنیة ولایة الجزیرة الدعم السریع جنوب دارفور فی ولایة عبد الله
إقرأ أيضاً:
الحركة الإسلامية والجيش السوداني: لعبة التصنيفات وإساءة التوصيف
كتب الدكتور عزيز سليمان استاذ السياسة و السياسات العامة
في خضم الصراعات السياسية التي عصفت بالسودان في العقود الأخيرة، برزت قوى الحرية والتغيير كتيار سياسي طامح لقيادة المشهد الوطني، لكنها وقعت في فخ التعميمات الخاطئة والاتهامات غير المسؤولة. لقد حاولت هذه القوى، بمساندة آلتها الإعلامية، ربط الجيش السوداني القومي، بكامله، بالحركة الإسلامية، في محاولة لتشويه صورته وتقويض دوره كمؤسسة وطنية. هذا التوصيف المتهافت لم يتوقف عند حد التعميم، بل تجاوزه إلى اختزال الجيش في شخصيات بعينها، كعلي كرتي وسناء حمد، في محاولة لتسطيح الواقع السياسي المعقد وتغذية الاستقطاب. هذا المقال يسعى لتفنيد هذه الرواية، وكشف زيف الادعاءات التي تحيط بهذه الشخصيات، مع إبراز الفشل الفكري للسياسيين غير الإسلاميين في مواجهة التيار الإسلامي.
- علي كرتي: أسطورة مختلقة أم ذكاء تنظيمي؟
علي كرتي، الذي يُشار إليه أحيانًا كـ”رأس الحركة الإسلامية”، ليس سوى رمز تضخم حضوره بفعل الدعاية المناهضة أكثر من حقيقة دوره السياسي. كرتي، الذي شغل منصب وزير الخارجية في عهد النظام البائد، لم يكن يومًا مفكرًا سياسيًا أو صاحب رؤية استراتيجية. خبرته السياسية، إن وجدت، كانت إدارية بحتة، تقتصر على تنفيذ سياسات النظام دون إبداع فكري يُذكر. لقد رفعته قوى الحرية والتغيير، عن غير قصد، إلى مرتبة “العقل المدبر”، في محاولة لإضفاء طابع شخصي على صراعهم مع الحركة الإسلامية.
علي ذات نسق رافعة "السيليكون الناطق" حميدتي و صمتهم المريب في تحركاته السياسية و قبولهم بوضعه نائبا لرئيس مجلس السيادة
لكن، وفي تناقض صارخ، يُنسب إلى كرتي وتنظيمه ذكاء تنظيمي استثنائي، حيث استطاعوا، كما يُزعم، حماية السودان من الانهيار الكامل عبر تأسيس كتائب خاصة ساندت الجيش في مواجهة التمرد. هذه الرواية، رغم مبالغتها، تُظهر كيف استغلت الحركة الإسلامية الفراغ السياسي والإعلامي لتعزيز صورتها كقوة وطنية. لكن الحقيقة أبسط: كرتي ليس عبقريًا سياسيًا، بل مجرد عنصر في نظام تنظيمي استفاد من ضعف خصومه. مساهماته الفكرية في السودان شبه معدومة، وتأثيره الحقيقي لم يتجاوز حدود الدعاية التي غذاها خصومه.
- سناء حمد: ظلال علي عثمان وغياب الشخصية السياسية
أما سناء حمد، فهي نموذج آخر للشخصيات التي تم تضخيم دورها بشكل غير مبرر. كواحدة من الأسماء المرتبطة بالحركة الإسلامية، حاولت قوى الحرية والتغيير تصويرها كرمز للنفوذ الإسلامي في الجيش. لكن تاريخ سناء حمد يكشف عن شخصية تفتقر إلى الاستقلالية السياسية، وتعمل كمجرد تابع لعلي عثمان محمد طه، أحد أبرز قادة النظام البائد. لم تُعرف سناء بأي إسهام فكري أو رؤية سياسية، بل كانت جزءًا من آلة تنفيذية تخدم أجندة النظام دون إبداع أو تميز.
إن محاولة ربط الجيش بسناء حمد ليست سوى محاولة يائسة لتشويه المؤسسة العسكرية. فسناء، ككرتي، لا تملك الخبرة أو الكفاءة لإدارة شؤون الدولة، ودورها لم يتجاوز التماهي مع خطاب النظام السابق. إن اختزال الجيش في مثل هذه الشخصيات هو إهانة لتاريخه القومي وتضحياته في الحفاظ على وحدة البلاد.
- فشل المعارضة الفكري وتضخيم الخصم
إن أبرز ما يميز السياسيين السودانيين غير الإسلاميين هو عجزهم عن مواجهة التيار الإسلامي على المستوى الفكري. لم يتمكنوا يومًا من تقديم بديل فكري متماسك يفضح محدودية الإسلاميين أو يكشف هشاشة رؤيتهم. بدلاً من ذلك، لجأوا إلى استراتيجية التشويه والتعميم، فنسبوا الجيش بكامله إلى الحركة الإسلامية، في محاولة لاستمالة الرأي العام و تنفيذ خطة كاتب الرواية . لكن هذه الاستراتيجية ارتدت عليهم، إذ استغلت الحركة الإسلامية هذا التوصيف لتعزيز صورتها كمدافعة عن الوطن.
في هذا السياق، برزت مسميات مثل “كتائب الـبراء” التي قاتلت إلى جانب الجيش، مما أكسبها احترامًا شعبيًا لم تكن لتحظى به لولا الأخطاء الإعلامية لخصومها. لقد حولت الحركة الإسلامية، بذكاء، الاتهامات الموجهة إليها إلى فرصة لتأكيد وجودها كقوة وطنية، في حين فشلت قوى الحرية والتغيير في تقديم رواية بديلة تحترم عقلية الشعب السوداني.
خاتمة: الوطن فوق المصلحة
إن السياسي الصادق هو من يميز بين مصلحة الوطن ومصالحه الضيقة. الجيش السوداني، كمؤسسة قومية، ليس ملكًا لفصيل أو شخصية، بل هو رمز للوحدة الوطنية. محاولات ربطه بالحركة الإسلامية أو اختزاله في أسماء مثل علي كرتي أو سناء حمد ليست سوى انعكاس لضعف الخطاب السياسي لدى خصومهم. في المقابل، استطاعت الحركة الإسلامية استغلال هذه الأخطاء لتعزيز صورتها، لكن ذلك لا يعني أنها تملك رؤية فكرية حقيقية تخدم السودان.
السودانيون، شعب لا يُهزم، أثبتوا عبر تاريخهم أنهم قادرون على مواجهة أي تسلط، مهما طال الزمن. إن عظمة هذا الشعب تكمن في تمسكه بالوطن، وإجلاله لمن يقاتل دفاعًا عنه، سواء كان جيشًا قوميًا أو كتائب شعبية. لكن التحدي الأكبر يبقى في بناء خطاب سياسي يتجاوز الاتهامات السطحية، ويؤسس لمستقبل يحترم عقلية هذا الشعب وتضحياته.
quincysjones@hotmail.com