قالت صحف عالمية إن سلوك إسرائيل العسكري يعني أن الصراع سيظل قابلا للاشتعال في أي وقت، وإن اليوم التالي للحرب لن يأتي أبدا، مشيرة إلى أن عدم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار قد يؤدي لحرب أوسع مع لبنان.

فقد أثار مقال في صحيفة "بوليتيكو" الأميركية مسألة حكم قطاع غزة بعد الحرب، مشيرا إلى تحذيرات محللين من مخاطر غياب خطة تعيد الأمل والاستقرار للفلسطينيين في القطاع، ومن ذلك اشتعال الصراع من جديد.

واستعرض المقال مقترحات حكم غزة التي يجري الحديث عنها منذ بداية الحرب، لكنه توقع أن تستمر إسرائيل في نهجها الحربي وإثارة غضب الفلسطينيين، وقال "إن هذا يعني أن القتال ضدها لن يتوقف، وإن اليوم التالي للحرب لن يأتي".

وفي السياق، قالت "واشنطن بوست" إن استعادة الأسرى الأربعة (عبر هجوم على مخيم النصيرات وسط غزة) كانت سببا في تزايد الضغوط الداخلية على حكومة بنيامين نتنياهو بدلا من تخفيفها.

وقالت الصحيفة إن الشعور بالوحدة الذي عم إسرائيل بعد العملية مباشرة سرعان ما زال وبرزت الانقسامات مع خروج عائلات الرهائن (الأسرى) للمطالبة بالموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أن استقالة بيني غانتس من مجلس الحرب "جاءت لتنهي أشهرا من تشارك السلطة، ثم بدأ الجدل بشأن تجنيد المتدينين (الحريديم)".

كما نشرت صحيفة "هآرتس" مقالا يرى أن القتال سيتواصل بلا هدف ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس.

ويرى المقال أن الأمر لن يقف عند حد استمرار الحرب، مؤكدا أن الأمور قد تنزلق إلى حرب واسعة النطاق مع لبنان.

نتنياهو لن يقبل بوقف الحرب

وأضاف المقال "ليس غريبا أن تتمسك حماس بوقف كامل ونهائي للأعمال العدائية، لكن موافقة نتنياهو على مطلب حماس غير واردة"، وتابع "يحدث هذا في حين تواصل إسرائيل استهداف قادة حزب الله دون إستراتيجية واضحة".

وفي صحيفة "نيويورك تايمز" قال تقرير إن الحرائق التي أحدثتها صواريخ حزب الله في شمال إسرائيل "تمثل تذكيرا مريرا بأن حرب غزة التي طال أمدها ليست كارثية على حياة الفلسطينيين والرهائن فحسب، بل إن لها عواقب وخيمة على الشمال الإسرائيلي الذي بات مهجورا".

وأضاف التقرير "ما يبدو أكثر وضوحا الآن هو أن الاستقرار على الحدود مع لبنان مرتبط بشكل مباشر بإيجاد حل حاسم للصراع في غزة".

وأخيرا، شرح مقال في صحيفة "وول ستريت جورنال" كيف انهارت خطة الرئيس الأميركي جو بايدن الطموحة لإدخال المساعدات إلى سكان غزة عبر البحر، قائلا إن المنصة العائمة "لم تكن مصممة لتحمّل أهوال البحر".

وأضاف "كانت النتيجة خروجها من الخدمة أكثر من مرة بعد وقت قصير من بداية الاعتماد عليها في تزويد سكان غزة بكميات محدودة جدا من المساعدات مقارنة بما يحتاجون إليه بالفعل".

وختم المقال بأن مصير هذا المشروع "يعكس التحدي الذي تواجهه إدارة بايدن للتعامل مع وضع إنساني متدهور في غزة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )

في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .

لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.

عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .

هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.

فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.

ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .

أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)

اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .

النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.

Mujtabā Lāzim

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ترامب يبحث مع بوتين اليوم اتفاق إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • عز العرب: مصر تتجه لحشد الرؤية الدولية بشأن "اليوم التالي" لحرب غزة
  • ‎ترامب: نريد نهاية للحرب وسأتحدث مع بوتين وقد نعلن عن شيء بشأن أوكرانيا
  • حديث أركو مناوي ..الذي نفذ في خضّم المعركة ورغم مرارات الحرب
  • أزمة تجارية عالمية وشيكة مع إشعال أميركا الحرب ضد الحوثيين في باب المندب
  • صحيفة: حماس فاجأت إسرائيل والوسطاء بشرط جديد في مفاوضات غزة
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • صحيفة عربية: تهديدات الدبيبة بالعودة إلى الحرب استجابة لدعوات الغرياني
  • تستعد للقتال - إسرائيل: حماس تعزز نفوذها وقبضتها على غزة وهذا ما طرحته
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟