دأب جيش الاحتلال وأجهزة الأمن في الشهور الأخيرة على إبلاغ الجمهور الإسرائيلي من وقت لآخر عن عدد المقاومين الذين قتلهم في قطاع غزة ولبنان، في بعض الأحيان تم إحصاء "بضع عشرات"، وأحيانا "مائة"، وحتى ما يصل إلى "مئتين"، ورغم وجود صعوبة كبيرة في التحقق من الفرق بين المقاتلين الذين سقطوا في القتال، وأولئك الذين لم يشاركوا في القتال، فإن "إحصاء الجثث" الذي يقدمه الجيش الإسرائيلي باعتباره إنجازات عسكرية، وتقدماً سياسياً على طريق "النصر الكامل"، هي في الأساس سياسة مخادعة، لن تصمد طويلا.



يهوشاع تايخر المسؤول الأمني الذي خدم 40 عاما في جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، وفي وحدة الحرب النفسية في جيش الاحتلال، أكد أن "هذه السياسة المسماة إحصاء الجثث ليس اختراعا إسرائيليا، فقد سبقها وزير الدفاع الأميركي خلال حرب فيتنام، روبرت ماكنمارا، ومعه الرئيس السابق جيرالد فورد، حيث التزمت الولايات المتحدة حينها بصرامة بالبيانات الإحصائية كطريقة للإدارة المركزية للحرب، ورأت أن المعايير الكمية مثل تعزيز القوة النارية، مع التركيز بشكل خاص على نسبة القتل بين الجنود المقاتلين لدى الأعداء بزعم أنه دليل على أننا نتقدم، وننتصر، رغم أنها كانت مقدمة لحرب استنزاف، وتعاظم النار، واقتراب النهاية".


وأضاف في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل" العبري، وترجمته "عربي21"، أن "جيش الاحتلال، والدولة من خلفه، باتا يعتقدان أن "إحصاء الجثث" لدى مقاتلي حماس هو المقياس الوحيد للنجاح السياسي في مستقبل هذه الحرب الدائرة في غزة، حيث يُنظر إلى البيانات الإحصائية بشكل عام على أنها موثوقة، وتزود دوائر صنع القرار بإحساس مخادع بأنها تسير بشكل عقلاني علمي في إدارة الحرب، لكنها تمثل في الواقع يقينًا زائفًا في ظل حالة من الفوضى العسكرية، لأن هذه الإحصائيات كلنا يعلم أن صحتها مشكوك فيها، لكننا مع ذلك اخترنا أن نثق في البيانات التي تشير إلى التقدم" رغم عدم قناعتنا بها".

وأوضح ان "جهات الأبحاث الأمريكية خلصت إلى أن هذا المقياس هو في نهاية المطاف تكتيك، وليس استراتيجية، وبالتالي فإن التكتيك الناجح لا يمكن إثباته بعدد كبير من قتلى العدو، بدليل أن هذا العدد لم يكن له أي تأثير رادع عليه، لأن قادة فيتنام الشمالية كانوا على استعداد للقتال حتى عام 2000، ولذلك سرعان ما رفضت الجهات الأمريكية مثل المخابرات المركزية ومكتب شؤون الأمن القومي، هذا التكتيك، وقدروا أن الجيش الأمريكي فقد الضغط الهجومي لأنه لم يحقق أبدًا الزخم اللازم لتحقيق نصر عسكري".

وأشار إلى أنه "كما خلصت السلطات الأمريكية في حينه إلى أن هانوي، عاصمة فيتنام الشمالية في ذلك الوقت، ستكون قادرة على الصمود في وجه ضغط حرب استنزاف للعدو، بغض النظر عن أي زيادة كبيرة في عدد قتلاها، فإن ذلك هو ما سيحصل معنا في حرب غزة وجنوب لبنان، رغم أن أنهما لا تشبهان إطلاقا ظروف الحرب في فيتنام، من حيث الخلفية الإقليمية والدولية، واختلاف القوة النارية ووسائل القتال، ومعنويات المقاتلين، والعوامل الخارجية التي دعمت فيتنام عسكريا".


وأكد أنه "بعيدا عن هذه الاختلافات الكبيرة بين غزة وفيتنام من حيث الكم والنوع، فإن ظروف وشكل القتال الذي يتعامل معه جيش الاحتلال في غزة متشابهة جدا مع فيتنام، من حيث عشرات الأنفاق المتفرعة في جبهة الجنوب، وحفر مقراتها وتمويهها بشكل جيد، وما لديهم من مستودعات إمدادات، بحيث بات مطلوبًا من الجيش الإسرائيلي الذهاب هناك لتدميرها، لكن التقارير الواردة تتحدث عن إرهاق جنوده حتى العظم في الكمائن التي يعدّها المقاتلون الفلسطينيون لهم، مما استدعى الزجّ بقوة بشرية ضخمة لدخول الأنفاق دون خسائر".

تكشف هذه الاعترافات أن القاسم المشترك بين حروب العصابات في فيتنام وغزة أن انتصار الجيوش النظامية لم يتحقق، رغم ما تبذله من جهود لقطع طرق الإمداد إليها، والعبث في الجبهة الداخلية المؤيدة للمقاتلين، وهو ما شهدت به حروب عديدة منذ الخمسينيات، والنتيجة أن تلك الجيوش النظامية لم تخلق أي ردع أمام أولئك المقاتلين، لاسيما الذين لا يقاتلون في المناطق الحضرية والمفتوحة، بل يخوضون معارك سرية، مثلت لتلك الجيوش حروب استنزاف لم

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة حماس الفلسطينيون فلسطين حماس غزة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جیش الاحتلال

إقرأ أيضاً:

مسؤول أمريكي بشأن حرب غزة: كان بأمكان بايدن اني ينهيها بخطاب للاسرائيليين

بغداد اليوم - متابعة

جادل أحد كبار موظفي إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بأن الأخير ربما كانت لديه فرصة لتأمين صفقة لإطلاق سراح الأسرى وإنهاء الحرب في نهاية عام 2023.

وفي منشور على مدونته الشخصية، اليوم الجمعة (21 شباط 2025)، قال إيلان غولدنبرغ، الذي شغل عدة مناصب رفيعة المستوى في البيت الأبيض ووزارة الدفاع منذ عام 2021، إن بايدن كانت لديه فرصة بعد عدة أشهر فقط من الحرب، عندما كانت شعبيته بين الإسرائيليين في ذروتها بسبب دفاعه الكامل عن الدولة اليهودية في أعقاب هجوم حماس، بينما كانت شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا تزال عند أدنى مستوياتها، حيث كان الكثير من الجمهور يعتبره مسؤولا عن الإخفاقات التي سمحت بحدوث الهجوم.

"في هذه اللحظة الفريدة، كان بإمكان بايدن أن يلقي خطابا مباشرا إلى الشعب الإسرائيلي يعرض عليهم فيه الاختيار بين مسارين. الأول كان سيبدأ بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، مما يتطلب من إسرائيل منح السلطة الفلسطينية موطئ قدم في غزة، مما كان سيطلق دعم الحلفاء العرب المطلوب لإعادة إعمار غزة واستقرارها. وكانت مثل هذه الصفقة ستشمل وقف إطلاق النار في لبنان وتسمح بتقدم صفقة التطبيع مع السعودية".

وأوضح أن "المسار الثاني كان يعرض استمرار الحرب لفترة غير محددة، يموت خلالها المزيد من الرهائن والجنود الإسرائيليين، وتزداد عزلة تل أبيب في المنطقة، وتستمر حماس في السيطرة على غزة".

وكتب غولدنبرغ: "لن نعرف أبدا كيف كانت الأمور ستسير. ما نعرفه هو أين انتهى بنا المطاف. استمرت الحرب لمدة عام مع معاناة كبيرة في غزة واستمرار وفاة الرهائن".

وأضاف: "ظهرت الخلافات بين نتنياهو وبايدن بشكل تدريجي وغير متماسك، حيث استغل نتنياهو كل فرصة لخلق مسافة بينه وبين بايدن، وإضعاف مكانة بايدن لدى الجمهور الإسرائيلي، مما أدى في النهاية إلى تآكل نفوذه".

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: حماس سلّمت جثة شيري بيباس بعدما أخطأت في نقلها
  • حماس تلاعب إسرائيل بسلاح الحرب النفسية وكروت الأسرى
  • معهد إسرائيلي: فشلنا في تحقيق الأهداف بغزة وعلينا التركيز على أمرين
  • مسؤول أمريكي بشأن حرب غزة: كان بإمكان بايدن ان ينهيها بخطاب للإسرائيليين
  • مسؤول أمريكي بشأن حرب غزة: كان بإمكان بايدن اني ينهيها بخطاب للإسرائيليين
  • مسؤول أمريكي بشأن حرب غزة: كان بأمكان بايدن اني ينهيها بخطاب للاسرائيليين
  • بن جفير يطالب نتنياهو بالعودة إلى الحرب
  • حماس تقصف نتنياهو بعنف وتوجه له رسائل موجعة خلال تسليم جثث الأسرى
  • مسؤول أمريكي: كان من الممكن أن ينهي بايدن حرب غزة في 2023
  • عودة الحرب = عودة الأسرى في توابيت «لافتة تزين مكان تسليم جثامين الاحتلال»