توصلت دراسة حديثة إلى أن فيروسا ضعيفا يمكن أن يساعد في القضاء على السرطان لدى الفئران. بالإضافة إلى ذلك، كانت الفئران التي عولجت بهذا الفيروس أكثر مقاومة لتطور الأورام في وقت لاحق من الحياة.
وأجرى الدراسة باحثون من كلية الطب بجامعة نورث وسترن فاينبرج في الولايات المتحدة الأمريكية ونشرت الدراسة في 11 يونيو/حزيران الجاري في مجلة كلينكال انفستيجشن (Journal of Clinical Investigation) وكتب عنها موقع يوريك أليرت (EurekAlert).
استخدم الباحثون في هذه الدراسة فيروس التهاب السحايا والمشيمية اللمفاوي (إل سي إم في) الموهن (الضعيف) (lymphocytic choriomeningitis virus (LCMV))، وهو فيروس آمن حتى في الفئران التي تملك مناعة ضعيفة. وهذا اكتشاف بالغ الأهمية، حيث إن العديد من مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيميائي وعلاجات السرطان الأخرى تكون مناعتهم ضعيفة.
أظهر علماء نورث وسترن في نماذج أورام متعددة – بما في ذلك سرطان الجلد وسرطان القولون- أن حقن الفئران الحاملة للورم بهذا الفيروس أدى إلى تقليص الورم وزيادة البقاء على قيد الحياة.
وضحت المؤلفة المسؤولة عن الدراسة الدكتورة بابلو بينالوزا-ماكماستر، الأستاذ المساعد في علم الأحياء الدقيقة والمناعة في كلية الطب بجامعة نورث وسترن فاينبرج والعضو في مركز روبرت لوري الشامل للسرطان بجامعة نورث وسترن أن أحد الجوانب المهمة في هذا العلاج الفيروسي هو أنه يُظهر السلامة والفعالية حتى في الجسم الذي يعاني من ضعف المناعة. ويضيف أن الفئران التي كانت خالية من الخلايا التائية القاتلة والخلايا البائية (الخلايا المناعية) كانت تستجيب لهذا العلاج.
وبينت بينالوزا-ماكماستر أن فيروس التهاب السحايا والمشيمية اللمفاوي ولد استجابة مناعية عالية، لكنه يمكن أن يسبب المرض خاصة لدى مرضى زراعة الأعضاء (يتم اعطاؤهم أدوية تثبط المناعة حتى لا يرفض الجسم العضو الجديد المزروع فتكون مناعتهم ضعيفة). وتضيف أنه ومع ذلك، باستخدام البيولوجيا الجزيئية، من الممكن إضعاف هذا الفيروس وجعله مخففا لاستخدامه كعلاج آمن، مع الحفاظ على قدرته على توليد المناعة. والميزة الأخرى هي أنه يبدو أنه يمكن استخدامه لأنواع مختلفة من السرطان.
حاليا، يتم استخدام ما يسمى بـ "الفيروسات المحللة للورم" (Oncolytic Viruses) وهي فيروسات تستهدف الخلايا السرطانية وتقتلها بشكل انتقائي مع الحفاظ على الخلايا الطبيعية مثل فيروس الهربس (herpes simplex virus) لكن بينالوزا ماكماستر قالت إن هذه العلاجات ليست فعالة مع بعض الأورام، واستخدامها يشكل مخاوف تتعلق بالسلامة، خاصة في المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة، مما يؤكد الحاجة إلى بدائل أكثر أمانا.
كيف يعالج الفيروس السرطان؟
تتمتع الأورام بمهارة تجنب الاستجابة المناعية من خلال تطوير استراتيجيات لإبقاء الجهاز المناعي بعيدا عن الورم. إن حقن الفيروس في الورم يجعل الفيروس يرفع ما يشبه الأعلام الحمراء على الورم لتنبيه الجهاز المناعي بوجود دخيل.
لم يكن لدى الفئران المثبطة المناعة خلايا تائية أو خلايا بائية أو بلاعم (خلايا مناعية رئيسية). وعلى الرغم من غياب هذه الخلايا المناعية المهمة، تمكن الفيروس من تنشيط مسارات مناعية بديلة لمحاربة السرطان. إحدى الطرق التي تم بها تحقيق ذلك كانت من خلال الإنترفيرون، وهي جزيئات تشير إلى وجود دخيل وتساعد في حشد آليات الدفاع في الجسم.
الوقاية من الإصابة بالسرطان في المستقبلبالإضافة إلى المساعدة في إزالة الأورام، ساعد العلاج أيضا في الوقاية من الإصابة بالسرطان في المستقبل في هذه الفئران. كانت الفئران السليمة التي عولجت لأول مرة باستخدام علاج فيروس التهاب السحايا والمشيمية اللمفاوي أكثر مقاومة لتطور الأورام في وقت لاحق من الحياة.
ويمكن تفسير هذه الظاهرة من خلال عملية بيولوجية غير مفهومة جيدا تعرف باسم "المناعة المدربة". وتحدث المناعة المدربة عندما تؤدي الإصابة السابقة إلى تعزيز قدرة الجهاز المناعي على الاستجابة للأمراض المختلفة في المستقبل. على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين تلقوا لقاح السل أظهروا حماية أفضل ضد الكائنات الحية الدقيقة الأخرى، وليس فقط مرض السل. وهذا يختلف عن استجابة اللقاح النموذجية، كما هو الحال مع لقاح فيروس سارس كوف 2 (SARS-CoV-2)، الذي يحمي في المقام الأول من هذا الفيروس المحدد.
وقالت بينالوزا-ماكماستر: "في الأساس، قد يوفر هذا العلاج حماية مناعية أوسع، مما يساعد الجسم على الحماية من أمراض مختلفة تتجاوز الهدف الأصلي".
الخطوة التالية في هذا البحث هي اختبار النهج على الكلاب المصابة بالساركوما (وهو السرطانات النادرة التي تتطور في العظام والأنسجة الرخوة، بما في ذلك الدهون والعضلات والأوعية الدموية والأعصاب وأنسجة الجلد العميقة والأنسجة الليفية). وإذا أظهرت الكلاب أيضا تحسنا، يأمل العلماء في إطلاق تجربة سريرية باستخدام العلاج على البشر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات هذا الفیروس
إقرأ أيضاً:
علماء يحققون إنجازاً مذهلاً بإنشاء خلايا جذعية لفئران قادرة على النمو
الثورة نت/..
حقق علماء إنجازاً مذهلاً في مجال الأبحاث الجينية بإنشاء خلايا جذعية لفئران قادرة على النمو إلى فأر حي باستخدام مادة وراثية من سوطيات طوقية، وهي كائنات وحيدة الخلية سبقت الحيوانات.
وأفادت تقارير إعلامية اليوم الأربعاء، بأن هذا الاكتشاف يُعيد تعريف فهمنا لأصول الخلايا الجذعية ويؤكد على الروابط التطورية العميقة بين الحيوانات وأقاربها وحيدي الخلية.
وتشير الدراسة إلى أن الجينات الرئيسية المشاركة في تكوين الخلايا الجذعية ربما نشأت قبل الخلايا الجذعية نفسها بكثير، وربما تساعد في تمهيد الطريق للحياة متعددة الخلايا التي نراها اليوم.
وبقيادة الدكتور دي ميندوزا، بالتعاون مع جامعة هونغ كونغ، اكتشف الفريق أن السوطيات الطوقية (choanoflagellate) تمتلك نسخا من جينات Sox وPOU، المحركات الرئيسية للقدرة على التعدد، وقدرة الخلايا الجذعية على التمايز إلى أي نوع من الخلايا.
وخلال التجارب، استبدل العلماء جين Sox2 في خلايا الفئران بنظيره Sox من السوطيات الطوقية.. ونجح هذا الاستبدال في إعادة برمجة الخلايا إلى حالة متعددة القدرات (أي خلايا جذعية قادرة على تكوين أنواع مختلفة من الخلايا)، ما يؤكد وظيفة هذه الجينات القديمة.
ولاختبار فعاليتها، حقن الفريق الخلايا المعاد برمجتها في أجنة الفئران النامية.
وأظهرت الفئران الهجينة الناتجة سمات جسدية تحمل خصائص من الخلايا الجذعية المستخلصة، مثل بقع الفراء السوداء والعينين الداكنتين.. وقد أثبت هذا أن جين Sox المشتق من السوطيات الطوقية اندمج بسلاسة في نمو حيوان معقد.