تكتيكات التجويع في ماريوبول.. هل ترقى أفعال روسيا إلى جرائم حرب؟
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
كشفت لائحة جديدة قدمها محامون إلى المحكمة الجنائية الدولية، أن روسيا انخرطت في "نمط متعمد" من تكتيكات التجويع خلال الحصار الذي دام 85 يوما لمدينة ماريوبول الأوكرانية، في أوائل عام 2022.
ويأتي هذا الاستنتاج، وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية، في جوهر ملف مقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي من قبل محامين تابعين لمنظمة "الامتثال للحقوق العالمية"، الذين يعملون بالتعاون مع الحكومة الأوكرانية.
وتشير التقديرات إلى أن 22 ألف شخص قتلوا خلال محاصرة ماريوبول في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا. إضافة إلى ترك المدنيين دون ماء أو غاز أو كهرباء في غضون أيام من بدء الحصار، بينما انخفضت درجات الحرارة إلى أقل من 10 درجات مئوية تحت الصفر خلال الشتاء.
وتقع ماريوبول بين شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا عام 2014، وإقليم دونباس شرق أوكرانيا، الذي يسيطر على أجزاء واسعة منه انفصاليون مدعومون من روسيا.
4 مراحل للهجوموقالت كاتريونا مردوخ، الشريكة في منظمة الامتثال للحقوق العالمية، إن الهدف من البحث كان "لمعرفة ما إذا كانت هناك رواية أوسع" ترقى إلى حرمان متعمد من الغذاء والضروريات الأخرى اللازمة للحياة من قبل الجيش الروسي وقيادته، وهي استراتيجية تجويع التي يمكن القول إنها ترقى لجريمة حرب، وفقا للصحيفة.
وأضافت: "ما استطعنا رؤيته هو أن هناك أربع مراحل للهجوم الروسي، بدءا من الهجمات على البنية التحتية المدنية، وقطع إمدادات الكهرباء والتدفئة والمياه. ثم رفض عمليات الإجلاء الإنساني وحتى الهجوم عليها، ومنع وصول المساعدات الإنسانية".
و"في المرحلة الثالثة، تم استهداف ما تبقى من البنية التحتية الحيوية، وترويع المدنيين مع قصف نقاط المساعدات ومصادر المياه. وأخيرا، في المرحلة الرابعة، شنت روسيا هجمات استراتيجية لتدمير أو الاستيلاء على أي عناصر بنية تحتية متبقية".
وأشارت مردوخ إلى أن الاستهداف المتدرج لمدينة ماريوبول يظهر أن روسيا خططت للاستيلاء على المدينة دون رحمة لسكانها المدنيين والذي كان عددهم يقدر بـ450 ألف نسمة قبل بدء الغزو الكامل في 24 فبراير 2022.
ويخلص الملف إلى أن ما يقدر بنحو 90 في المئة من المرافق الصحية والمنازل في المدينة دمرت أو تضررت خلال الحصار، كما تعرضت نقاط توزيع الغذاء وطرق الإجلاء الإنساني للقصف.
وكانت ماريوبول مركزا اقتصاديا مهما لأوكرانيا بسبب وضعها كمدينة ساحلية. في زمن السلم، وتعد المدينة من المواقع الرئيسية لتصدير الصلب والحبوب الأوكرانية.
واعتبر المحامون أن مسؤولية وفاة آلاف المدنيين في ماريوبول تقع على عاتق القيادة العليا في روسيا، نظرا لأهمية المدينة في الحرب وأيضا لمركزية صناعة القرار الروسي، حيث تتخذ القرارات المهمة على أعلى المستويات.
وقالت مردوخ: "فلاديمير بوتين مذنب، وكذلك مسؤولين من القيادة العسكرية الروسية"، دون أن تحدد أسماء قادة معينين.
وتأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 للمحاكمة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والعدوان حين تكون الدول الأعضاء غير راغبة أو غير قادرة على الاضطلاع بذلك بنفسها. ويمكنها إجراء الملاحقات في الجرائم التي يرتكبها مواطنو الدول الأعضاء أو التي ترتكبها أطراف أخرى على أراضي الدول الأعضاء. وتضم المحكمة 124 دولة عضوا.
"توجه جديد"وتقبل المحكمة الجنائية الدولية تقديم معلومات ووثائق من مصادر ثالثة (جهات غير الدول الأطراف أو مكتب المدعي العام)، لكنها غير ملزمة بالتصرف بناء على هذه المعلومات.
ويعتبر التجويع والحرمان من المرافق الضرورية للحياة المدنية جرائم حرب، لكن هذا يظل مجالا جديدا نسبيا في القانون الدولي، ولم يتم حتى الآن محاكمة أي مرتكب للجريمة المزعومة.
وفي الشهر الماضي، تقدم كريم خان، المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، بطلب للحصول على مذكرة توقيف لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، زاعما أن الاثنين تعمدا فرض المجاعة على الفلسطينيين في غزة - وهو ادعاء رفضته إسرائيل.
وقال خان: "لقد حرمت إسرائيل عمدا وبشكل منهجي السكان المدنيين في جميع أنحاء غزة من الأشياء التي لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة." كما خضع ثلاثة من قادة حماس لطلبات مماثلة، تتعلق بالحرب التي بدأت بهجوم الحركة على مواقع ومناطق إسرائيلية محاذية لقطاع غزة في 7 أكتوبر.
وقالت مردوخ إن طلبات خان للحصول على مذكرات توقيف مرتبطة بالنزاع في غزة "كانت الأولى في نوعها" فيما يتعلق بالتجويع كجريمة حرب، وسلطت الضوء على القضية في أذهان المحامين والمدعين العامين.
وقال محامون إنهم لم يكونوا متأكدين في البداية من مدى سهولة إنشاء ملف جرائم حرب لماريوبول لأن الاحتلال الروسي جعل جمع الأدلة صعبا، على الرغم من المعارك الضارية وارتفاع أعداد الضحايا.
لكنهم طوروا تقنية استخدموا فيها خوارزمية خاصة لرسم خرائط دمار مواقع محددة، كما تم رصدها عبر صور أقمار اصطناعية، مع ما قيّمه خبراء متفجرات على أنها هجمات روسية.
وسبق أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ومفوضة حقوق الأطفال، ماريا لفوفا بيلوفا، بسبب عمليات الترحيل غير القانونية المزعومة لمئات الأطفال من أوكرانيا.
وأصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق بوتين في مارس 2023. وقال الكرملين إن هذه خطوة بلا معنى. ونفت موسكو مرارا الاتهامات بارتكاب قواتها فظائع أثناء غزوها لجارتها.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة
إقرأ أيضاً:
«حشد» تدين رفع الحصانة عن «الأونروا» وتدعو لحماية المدنيين وعمل المنظمات الدولية
تتابع الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» ببالغ القلق تصاعد الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية والامريكية بحق وكالة الغوث الدولية الأونروا وتعمد شيطنتها وحظر عملها ووقف التمويل عنها، وتعمد استهداف العاملين فيها والمنشآت والمدراس والمراكز الصحية والإغاثية التابعة لها في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وعرقلة عملها ضمن مخططات تهدف الي تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، والتي كان آخرها إصدار وزارة العدل الأمريكية بتاريخ 26 أبريل 2025 قراراً يقضي برفع الحصانة القانونية عن «الأونروا»، في خطوة تهدف إلى مقاضاتها أمام القضاء الأمريكي بشكل يتجاوز الحصانة والامتيازات الممنوحة للأمم المتحدة ومنظماتها.
وأوضحت «حشد» أن هذا القرار يأتي في إطار فرض شريعة الغاب وتجاوز القانون الدولي وضمن الخطوات الأمريكية بالانسحاب من الاتفاقيات والأجسام الدولية والاعتداء على محكمة الجنايات الدولية، وقطع التمويل عن وكالة الغوث الدولية والذي يترافق مع تصعيد الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة وفرض العقوبات الجماعية ومنع دخول المساعدات الإنسانية لليوم 57 على التوالي، إضافة إلى الجرائم الممنهجة ضد المنظمات الدولية وخاصة وكالة الغوث الدولية الأونروا التي تعرضت إلى حملة من الاتهامات الباطلة حول مشاركة بعض موظفيها في أحداث السابع من أكتوبر والسماح باستخدام مرافقها من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية والذي أثبتت الوقائع ولجنة التحقيق المشكلة من الأمين العام للأمم المتحدة كذب هذه الادعاءات، التي بررت من خلالها دولة الاحتلال الإسرائيلي شن أكثر من 453 هجوما عسكرياً علي منشآت الأونروا وقتل واصابة المئات من النازحين قسرا فيها، حيث لجأ أكثر من 600 ألف نازح قسرا إلى مراكزها كملاجئ عدا عن تدمير مئات المراكز التعليمية والصحية التابعة لها كلياً أو جزئياً، وارتكاب مجازر بحق المدنيين داخل هذه المراكز.
في السياق ذاته، يعمد الاحتلال إلى تفاقم الكارثة الإنسانية من خلال فرض عقوبات جماعية وقيود مشددة على عمل المنظمات الإغاثية، بما فيها الخدمات التي تقدمها الأونروا، التي تعتبر أكبر مزود للمساعدات الإنسانية داخل قطاع غزة. ويأتي ذلك بالتوازي مع خطر المجاعة الذي يهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن نتيجة استمرار إغلاق المعابر منذ أول مارس الماضي، ومنع دخول المساعدات الإنسانية الطارئة وتعليق جميع آليات التنسيق الدولي لإيصال الإغاثة، مما أدى إلى استنزاف المخزون الغذائي لدى المؤسسات الإنسانية وتعطيل أعمالها الحيوية لإنقاذ أرواح المدنيين الذين باتوا يتعرضون للقتل والوفاء جراء القصف والجوع والعطش وانتشار الأمراض والأوبئة.
وتدين الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» بأشد العبارات الموقف الأمريكي المنحاز والداعم للاحتلال الإسرائيلي، والذي يوفر مختلف انواع الاسلحة والغطاء السياسي والمالي لدولة الاحتلال الإسرائيلي لمواصلة ارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي بحق المدنيين، ويعطل دور المجتمع الدولي في إنفاذ العدالة الإنسانية، وإذ تنظر بأهمية بالغة لجلسات محكمة العدل الدولية التي تنظر اليوم بشأن القيود الإسرائيلية وحظر عمل الأونروا والآثار القانونية للقيود المفروضة من إسرائيل علي عمل منظمات الأمم المتحدة بمشاركة وحضور 40 دولة و4 منظمات دولية من أجل اصدار قرار وراي استشاري سيكون ملزم لإسرائيل بخلاف الآراء الاستشارية الصادرة عن المحكمة ارتباطا بنص المادة 8 من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1946 بشأن الامتيازات والحصانات الذي ينص على «في حالة نشوء نزاع بين دولة عضو والأمم المتحدة، يتعين الحصول على رأي استشاري من محكمة العدل الدولية، ويُقبل هذا الرأي على أنه نهائي من قبل الأطراف» وإسرائيل طرفا في الاتفاقية الأمر الذي يلزمها برفع الحظر الإسرائيلي على الأونروا واستئناف المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
كما يمكن أن يمهد الطريق أيضًا للتعويض عن الأضرار التي ألحقتها إسرائيل بالأونروا وموظفيها وهذا بعض مما جاء في مذكرة الإحاطة التي أرسلتها الهيئة الدولية للمنظمات الدولية والإقليمية ودول العالم لضمان اطلاعها بدورها في تعزيز العمل الانساني والتصدي لجرائم الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية وحماية ودعم وكالة الغوث الدولية الأونروا، وبناء عليه فان الهيئة تؤكد وتطالب بما يلي:
الهيئة الدولية (حشد): تطالب محكمة العدل الدولية بالتصدي لقرارات إسرائيل حظر وتعطيل عمل وكالة الغوث الدولية وإدانة وتجريم الاعتداء على موظفيها ومقراتها والحكم بتعويض الوكالة، اضافة لتجريم وادانه اي انتهاكات لحصانتها وامتيازتها بما في ذلك قرار وزارة العدل الأمريكية بشأن رفع الحصانة عن «الأونروا»، واعتبار هذا القرار انتهاكاً للقانون الدولي وانحيازاً فجاً للاحتلال على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة.
الهيئة الدولية (حشد): تدعو محكمة العدل الدولية والمجتمع الدولي للتحرك العاجل لتطبيق قواعد القانون الدولي ومبادئ العدالة والمواثيق الدولية، ومواجهة الجرائم الإسرائيلية والسياسات الأمريكية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، وتثبيت شريعة الغاب.
الهيئة الدولية (حشد): تناشد المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية وأحرار العالم لتعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني، والتحرك الفوري لإنهاء جرائم الإبادة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، ودعم استمرار عمل وكالة الغوث الدولية وتمويلها ودعم باقي الوكالات الإغاثية داخل القطاع بما يساهم في إنقاذ أرواح المدنيين وتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين.
اقرأ أيضاً«حشد» تصدر ورقة موقف بعنوان: أسلحة الذكاء الاصطناعي والإبادة الجماعية في غزة
الهيئة الدولية «حشد» تصدر خطة إنقاذ فلسطينية شاملة