بلومبيرغ: الحرارة الشديدة في مصر هذا الصيف نذير شؤم للاقتصادات العالمية
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
تعيش مصر هذه الأيام، مثل كثير غيرها من دول العالم وخاصة منطقة الشرق الأوسط، صيفا قائظا ينذر بتغير المناخ في هذا البلد الصحراوي.
وتقول وكالة بلومبيرغ الإخبارية الأميركية إن كوكب الأرض شهد ارتفاعا في درجات الحرارة على مدى 12 شهرا متتاليا حطمت كل الأرقام القياسية، في وقت يمثل فيه الاحتباس الحراري مشكلة حادة بشكل خاص لمصر، "البلد الصحراوي الذي ترتفع فيه درجة الحرارة بأحد أسرع المعدلات في العالم".
وتضيف أن الخبراء في الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية ينتابهم القلق من أن يكون هذا الصيف أكثر قسوة من العام الماضي، مما سيؤثر بشدة على السلع والزراعة، ويُحدث أضرارا جسيمة في الحياة اليومية.
ومع هذا الارتفاع الحاد في درجات الحرارة، اضطرت الحكومة المصرية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال بنسب هي الأعلى منذ عام 2018، لتوفير الطاقة الكافية لتشغيل مكيفات الهواء، وفق تقرير الوكالة الأميركية، الذي يشير إلى أن الحرارة المرتفعة ونقص المياه زادا من اعتماد البلاد على وارداتها من الحبوب.
وبحسب التقرير، فإن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي يعيق أيضا الإنتاجية بشدة، حيث تتوقف أجهزة الحاسوب المحمولة عن العمل أثناء انعقاد اجتماعات افتراضية عبر مكالمات الفيديو وبرنامج "زوم" (zoom).
تأثير التغير المناخي على مصر يعد مؤشرا لما ينتظر الاقتصادات بجميع أنحاء العالم خلال هذا الصيف وفي المستقبل
وتحذر بلومبيرغ من أن تأثير التغير المناخي على مصر يعد مؤشرا لما ينتظر الاقتصادات في جميع أنحاء العالم خلال هذا الصيف وفي المستقبل. وضربت مثلا على ما حدث مؤخرا في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي عانت من تداعيات الطقس القاسي بعد أن تسببت الأمطار الغزيرة في غرق المنازل والطرقات لعدة أيام.
كما عانت مدينة بنغالور، عاصمة التكنولوجيا في الهند، من شح المياه. وتتوقع الوكالة أن يمتد تأثير الطقس الحار إلى دول أخرى في أوروبا والأميركتين.
ونقلت عن خبيرة الأرصاد الجوية في القاهرة أميرة ناصر -التي تحضر رسالة دكتوراه عن موجات الحر- تحذيرها من تداعيات أخرى محتملة في مصر. وقالت "أحد المخاوف التي نواجهها هي أننا بدأنا نشهد نمطا من الوفيات بسبب الحرارة".
وأضافت "لم يحدث أن بلغت مستويات الحرارة 50 درجة مئوية قط، ولم نصل إلى هذا المستوى بعد، ولكن لابد أن نكون مستعدين وأن تكون لدينا خطط طوارئ كما هو الحال بالنسبة للفيضانات".
وتعزو بلومبيرغ معاناة مصر خصوصا إلى تركيبتها الجغرافية كونها بلدا صحراويا محدود الموارد المائية، مما يجعل درجات الحرارة فيها ضعف معدلاتها في بقية أنحاء العالم، الأمر الذي يدل على تأثير الحرارة الشديدة ويسلط الضوء على أهمية التنبؤ الدقيق بالظواهر الجوية المتطرفة واللازم لرسم السياسات وإدارة الأعمال.
كما يضرب الجفاف وموجات الحر العديد من دول العالم مثل المغرب والمكسيك وولاية كاليفورنيا الأميركية وتايلند، إلى جانب حرائق الغابات في اليونان وإسبانيا وريفيرا الفرنسية في القارة الأوروبية.
غير أن الصيف القائظ الذي تتعرض له مصر مع ما يسببه من انقطاعات واسعة النطاق للتيار الكهربائي، يزيد بدوره من الضغط على ميزانية الدولة وعلى السكان الذين يعانون بالفعل من ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض قيمة العملة، وارتفاع أسعار الوقود المحلية، طبقا لتقرير بلومبيرغ.
وقال وزير المالية محمد معيط إن دعم الدولة للوقود بلغ 220 مليار جنيه مصري (4.6 مليارات دولار) في السنة المالية الحالية، وإن إنهاء انقطاع التيار الكهربائي سيتطلب 300 مليون دولار إضافية شهريا لاستيراد ما يكفي من الطاقة.
وتقول الوكالة الأميركية إن مسؤولي المناخ يخشون تضرر بعض المحاصيل هذا العام في مصر، حيث تعرض محصول البرتقال لتلف بالغ تقريبا العام الماضي ولم يتمكن المزارعون من تصدير الكثير منه.
كما تشير التقديرات إلى أن محصول المانغو قد تراجع بمعدلات تتراوح ما بين 14.6% و50.5% العام الماضي، في حين انخفض محصول الذرة في جنوبي مصر بنسبة 30%-40%، وفقا لهيئة الأرصاد الجوية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات هذا الصیف
إقرأ أيضاً:
القبة الحرارية.. خبير يكشف أسباب ارتفاع درجات الحرارة في الشتاء
كشف الدكتور عادل بن يوسف، خبير التغيرات المناخية، عن الأسباب التي أدت إلى ارتفاع درجات الحرارة في فصل الشتاء هذا العام، مؤكدًا أن التغير المناخي أصبح واقعًا ملموسًا وله تأثيرات واضحة على العديد من جوانب الحياة، بما في ذلك اختلال الفصول.
وأوضح أن الشتاء أصبح أكثر دفئًا نتيجة تزايد انبعاثات الغازات الدفيئة منذ منتصف القرن الماضي، مما أسهم في تعديل أنماط الطقس المعتادة.
وأوضح، خلال تصريحات عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أن هناك تغيرات كبيرة في التيارات النفاثة، وهي التيارات الهوائية الفاصلة بين الهواء البارد والدافئ، لافتًا، إلى أن هذه التيارات أصبحت أقل استقرارًا، ما يسمح للهواء الدافئ بالوصول إلى مناطق كانت باردة تقليديًا، مما يؤثر على الطقس في الشتاء، وكذلك في الخريف والربيع.
وأضاف أن بعض المناطق تشهد ظاهرة تُسمى "القبة الحرارية"، حيث يُحتجز الهواء الدافئ في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة حتى في فصل الشتاء.
وتناول تأثير ظاهرة النينيو، التي تتسبب في تسخين المياه في المحيط الهادئ. وأوضح أنه رغم أن تأثيرها هذا العام كان أقل من السنوات الماضية، إلا أن النينيو ما زالت تخلق اضطرابات مناخية كبيرة، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط. وأكد أن موجات الحرارة غير المعتادة ستزداد تكرارًا في السنوات القادمة بسبب الاحتباس الحراري المستمر، وارتفاع نسب الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.
وأشار إلى أن نقص تساقط الثلوج وذوبان الجليد القطبي يؤديان إلى اضطرابات في التيارات المحيطية، ما يسبب تقلبات جوية شديدة، مثل موجات حر في بعض المناطق وموجات برد في مناطق أخرى، كما شهدنا هذا العام في أمريكا، كندا، وأوروبا.
واختتم حديثه مؤكدًا أن فصل الصيف أصبح الآن أطول بمعدل 90 يومًا على حساب الفصول الأخرى، لا سيما الشتاء، الذي أصبح أقصر وأكثر دفئًا.