صديق الزيلعي

أطلق الدكتور طلعت الطيب احكاما قاطعة وجازمة، بل ونهائية حول عدم جدوى قضية اصلاح الحزب الشيوعي. جات تلك الاحكام، خلال عرضه، لندوة اسفيرية نظمها مركز الدراسات السودانية ومنصة المصطبة العجيبة، تحدثت فيها عن الحزب الشيوعي بين الواقع الراهن ومآلات المستقبل. عرضت فيها الأدوار التاريخية المتميزة التي لعبها الحزب الشيوعي في بلادنا، وشرحت مظاهر التفرد والتجديد خلال مسيرة الحزب، كما عددت مظاهر الجمود.

خلصت لان الحزب يحتاج ان يجدد طرحه الفكري وبرنامجه وأساليب عمله. وتنبأت ان عدم التجديد سيجعل الحزب الشيوعي مثل الأحزاب الشيوعية الاوربية، التي تقلص دورها السياسي كثيرا.
سعدت بمقال الدكتور طلعت الطيب لأنني من دعاة الحوار العقلاني، وان الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ليست فوق النقد. وكل ما يطرح في الفضاء العام هو دعوة صريحة للحوار مع تلك الاطروحات برؤى نقدية. والحزب الشيوعي ليس استثناءا عن تلك القاعدة، فتاريخه وأطروحاته الفكرية وبرامجه هي ملك لشعبنا، فور صدورها عن الحزب.
حدد الصديق طلعت نقده لطرحي في أربعة نقاط هي: استحالة اصلاح الحزب الشيوعي، وثيقة الحزب حول الديمقراطية هي استهبال سياسي، جعل عبد الخالق ايقونة الإصلاح في تاريخ الحزب، السدانة الأيديولوجية.
النقطة الأولى:
أعتبر طلعت قضية اصلاح الحزب الشيوعي قضية مستحيلة، فذاك الحزب فات فوقو الفوات حتى انه أصبح عبئا على معارضة مدنية تقف في مواجهة جيوش مدججة بالسلاح. هذا طرح عدمي واحكام قاطعة ونهائية. اعتقد ان معرفة طلعت بتاريخ الحزب الشيوعي معرفة غير دقيقة لذلك لم يتعرف على المحطات التي مر بها والاطروحات التي تمت داخله. آخرها، المناقشة العامة والعلنية التي استمرت لمدة 14 عاما وكانت فرصة لكل من يتابع الحركة السياسية السودانية ليتعرف على حيويتها وتعدد وتنوع طرحها. كما لم يتعرف على مئات المقالات وعشرات الكتب التي أصدرها أعضاء الحزب حول كافة قضاياه. لذلك من التبسيط المخل طرح طلعت مثل هذه الاحكام بثقة تامة في عدم قدرة أعضاء الحزب على تجديد حزبهم.
تعلل طلعت بالمركزية الديمقراطية التي تعوق التجديد. وهذا مؤشر آخر لعدم متابعته النقد الذي قدم للمركزية الديمقراطية والدعوة لتغييرها. كما ان عددا من الأحزاب الشيوعية قد تخلت عن المركزية الديمقراطية. المركزية الديمقراطية ليس نصا مقدسا غير قابل للتغيير.
أحد أهم القوانين التي تتحكم في حياتنا ان لا شيء ثابت، وان التغير هو صيرورة مستمرة. وصدق الفيلسوف الاغريقي الذي لخص المسألة في أنك لا تنزل الي النهر مرتين. طرح طلعت يعني ان كل تلك العوامل لن تؤثر على الحزب الشيوعي الذي هو كتلة صماء جامدة لا حياة فيها ولا حركة.
دعوة طلعت تتعارض تماما مع اجتهاد الالاف من أبناء وبنات شعبنا، من كل التوجهات السياسية، لتطوير وتجديد احزابها، وجعلها أحزاب عصرية. ودعوته تؤدي، في المحصلة النهائية، لإحباط كل أولئك الساعين لإنعاش الحياة السياسية وجعلها أكثر ديمقراطية.
النقطة الثانية:
أعتقد ان طلعت لم يستوعب القيمة التاريخية لدورة اللجنة المركزية التي انعقدت في أغسطس 1977 وصدر عنها البيان الشهير، جبهة للديمقراطية وإنقاذ الوطن. وجاء فيها موقف صريح بتبني الديمقراطية التعددية. كما ان محمد إبراهيم نقد قد كتب مرارا، وفي إصدارات متعددة، عن ذلك الموقف. ويأتي طلعت ليصف كل ذلك بالاستهبال السياسي، وهذا تجني غير مبرر.
النقطة الثالثة:
قال طلعت انني جعلت من عبد الخالق ايقونة للتغيير والإصلاح في تاريخ الحزب. هذا الطرح وما سبقه وما سياتي في النقطة الأخيرة، يجعلني اتشكك في ان طلعت قد استمع للندوة، أو في أسوأ الافتراضات انه يحمل رأيا مسبقا ويريد ان يقوله حول الحزب الشيوعي ووجد الندوة فرصة ليقول ذلك. انا لم اقل ذلك بالصيغة التي كتبها طلعت، كما ان مكانة عبد الخالق كمفكر متميز معروفة لكل أبناء شعبنا. والأهم انني أؤمن، كما قلت في الندوة، ان اسهامات ماركس ولينين وعبد الخالق هي وليدة عصرهم، وان علينا ان ندرس الواقع الراهن ونحدد منهجنا وطرحنا لتحقيق التغيير الاجتماعي الذي نعمل له.
النقطة الرابعة:
اتهمني طلعت بالسدانة الأيديولوجية لأنني قلت في الندوة ان الماركسية فكر متجدد وطرحت ان النموذج السوفيتي ليس هو الوحيد، وشرحت نقد المفكرة الماركسية روزا لوكسمبرج للنموذج التي كان يعمل له لينين وتنبأت بأنه سيصير دكتاتوريا. كما انني فصلت في مواقف الشيوعية الاوربية وخاصة الحزب الإيطالي وعرضت بعض مقولات الأكاديميين الماركسيين الغربيين والمدارس المتعددة داخل الفكر الماركسي.
شاركت في عشرات الندوات وأصدرت عددا من الكتب وكتبت مقالات في المواقع العامة، نقدت فيها الماركسية اللينينية وقلت انني لا أومن بالنصوص واعتمد المنهج فقط، وانه حتى المنهج غير ثابت ومتطور باستمرار، ودعوت للانفتاح على الفكر الإنساني والذي يتجدد باستمرار. بعد كل ذلك يأتي الصديق طلعت وبجرة قلم يتهمني بالسدانة الايدولوجية.
ختمت الدعوة بالدعوة لتجديد الحزب الشيوعي وتنبأت بأن عدم تجديده سيجعله مستقبلا مثل الأحزاب الشيوعية الاوربية، وهذا مصير لا اتمناه لحزب ساهم الالاف في بنائه وقدموا من اجله تضحيات عظيمة في بسالة ونكران ذات يثير الاعجاب.

siddigelzailaee@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحزب الشیوعی کما ان

إقرأ أيضاً:

انطلاق انتخابات اتحاد الطلاب في «القاهرة».. ورئيس الجامعة: أثق في تجربتكم الديمقراطية

أعطى الدكتور محمد سامي عبدالصادق رئيس جامعة القاهرة، إشارة البدء لانطلاق ماراثون انتخابات اتحاد طلاب الجامعة اليوم، حيث استضافت قاعة الاحتفالات الكبرى في الجامعة صباح اليوم، أسرة طلاب من أجل مصر بكليات الجامعة بحضور رئيس الجامعة، والدكتور أحمد رجب نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، والدكتورة جيهان المنياوي منسق عام طلاب من أجل مصر بجامعة القاهرة.

بدأت فعاليات الماراثون بالتقاط صورة تذكارية أمام مبنى إدارة الجامعة وداخل القاعة التي احتشدت بطلاب الأسرة من مختلف كليات الجامعة، حيث جرى عزف السلام الجمهوري أعقبه عرض الفيديو الرئيس لأسرة طلاب من أجل مصر، وفيديو الملتقى الأول، وفيديو لأنشطة الأسرة بكل جامعة، ثم كلمة الطالب باسم الجوهرىمنسق الأسرة، وكلمة الدكتورة جيهان المنياوي منسق عام الأسرة بجامعة القاهرة، واختتمت بكلمة رئيس الجامعة، بعدها انطلق الماراثون بتوجه الطلاب إلى كلياتهم لسحب وتقديم استمارات الترشح لانتخابات اتحاد الطلاب بكليات الجامعة.

عبدالصادق: أثق في وعي الطلاب وفي تجربتهم الديمقراطية

وفي كلمته لطلاب الجامعة، أكد الدكتور محمد سامي عبدالصادق رئيس الجامعة، ثقته الكاملة في وعي الطلاب بضرورة خوض تجربة ديمقراطية حقيقية تليق بتاريخ جامعة القاهرة، قلعة الحرية والديمقراطية، والنموذج الذي يحتذي في النهج الحضاري لمنح الشباب فرصا حقيقية لخوض تجربة الانتخابات بكل أركانها ووقائعها، وفق الضوابط القانونية والمجتمعية، والالتزام الكامل بالأعراف والتقاليد الجامعية الراسخة والمستقرة، عبر مختلف الأجيال والمراحل التاريخية للمجتمع المصري.

رئيس جامعة القاهرة: الوطن أساس وجود الأفراد

وأعرب رئيس جامعة القاهرة عن سعادته بالحشد الكبير لطلاب من أجل مصر الذي ينطوي على فكرة واحدة وهي «الوطن»، أساس وجود الأفراد وحياتهم، لافتا إلى أنّ فكرة الوطن ليست مجرد شعار بل ممارسة وانتماء وعطاء متبادل بين الفرد والمجموع، وهي أساس الاستقرار والتقدم والحياة الآمنة للجميع.

 

واختتم رئيس جامعة القاهرة، حديثه للطلاب مؤكدا أن الجامعة تقدم تجربة اجتماعية متميزة، ورسالة لمصر والعالم بأن طلابها على مستوى عال من الوعي، والقدرة على تقديم أداء متميز، وتنظيم نماذج محاكاة لأهم المنظمات المحلية والدولية، والمشاركة الفعالة في مختلف الفعاليات المهمة على كافة المستويات المحلية والدولية،وقال مخاطبا الطلاب:

وأتمّ رئيس الجامعة كلمته قائلا: «بلغتم- بما تتعلمونه وتمارسونه بوعي وحرية- مرحلة كافية من النضج لإدراك معنى أن يحيا الوطن بعطاء أبنائه كل في موقعه، لنعمل جميعا من أجل الوطن والحياة من أجل مصر، في عهد قيادة وطنية حكيمة رشيدة، تبني وطنا جديدا، امتدادًا لحضارة عريقة، واستشرافا لمستقبل مشرق».

 

وفى كلمته أكد الدكتور أحمد رجب نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب، ضرورة أن تتسم العملية الانتخابية بالنزاهة والشفافية، وفتح مجال المنافسة بين الطلاب، والمشاركة الإيجابية سواء بالترشح أو الانتخاب، مشيرًا إلى أنّ قطاع التعليم والطلاب بالجامعة شكل لجنة مركزية لمتابعة سير انتخابات الاتحادات الطلابية بمراحلها المختلفة، ولجان فرعية بالكليات للمتابعة والإشراف على الانتخابات وتذليل العقبات التي تواجه الطلاب.

مقالات مشابهة

  • أمانة الشرقية تختتم مشاركتها في معرض سيتي سكيب العالمي 2024 بإبرام اتفاقيات وعقود وإطلاق مشاريع استثمارية كبرى
  • عملية دوران النخب: ركيزة الديمقراطية وضمان استمرارية الدولة
  • كاساس: اللاعبون لم يطبقوا ما عليهم.. والمدرب الاردني: النقطة من أرض المنافس جيدة
  • مسؤول برئاسة النيابة العامة: جميع المنشورات الرقمية التي لا تتوفر فيها شروط الصحافة تخضع للقانون الجنائي
  • انطلاق انتخابات اتحاد الطلاب في «القاهرة».. ورئيس الجامعة: أثق في تجربتكم الديمقراطية
  • وزيرة التنمية المحلية ومحافظ الأقصر يلتقيان بأمين لجنة الحزب الشيوعي الصينى بمقاطعة "سيتشوان"
  • خالد الجندي: الجنة التي كان فيها سيدنا آدم لم تكن جنة الآخرة
  • مشدد 5 سنوات ومؤبد لـ6 أشخاص لاتهامهم بقتل شخص وإطلاق النار على شقيقه
  • شيخ الإسلام في أذربيجان: الشيخ أحمد الطيب المرجعية الإسلامية الكبرى التي نقتدي بها
  • تمسك الحزب الشيوعي بحق النشاط العام رغم مصادرة وجوده القانوني (7 – 15 (