سودانايل:
2025-03-18@11:33:12 GMT

أساطير واباطيل سقطت مع هذه الحرب!

تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT

( مقال نشرته في مثل هذا اليوم قبل عام)
رشا عوض
بما ان السودان حكمه العسكر ٥٤ عاما من سنوات استقلاله ال ٦٧ ، بداهة يكون المسؤول الأول عن تخريب السودان هو الحكم العسكري، اي الحكم الذي صعد حكامه إلى السلطة بواسطة انقلاب عسكري ، اي بالقوة المسلحة لا بصندوق الاقتراع الحر النزيه، هذا الحكم يستحق صفة عسكري سواء كان رأس الدولة ضابط جيش او أفندي مدني، ولن تغير من طبيعته المسرحيات الانتخابية التي تصنع على أعين السلطة الانقلابية لزوم المكياج!
من الأساطير والاباطيل التي سقطت تماما بعد هذه الحرب القذرة في السودان تلك الاسطورة القادمة من الجارة الشمالية والقائلة بأن المؤسسة العسكرية صمام امان الوطن والعمود الفقري لاستقراره، وأن العسكر هم نموذج الوطنية والانضباط مقابل فوضى الساسة المدنيين وعبثهم بالوطن! هاهم العسكر يتقاتلون وسط المواطنين الأبرياء بمن فيهم الأطفال والنساء والعجزة بالتاتشرات والمدفعية الثقيلة والطيران والار بي جي ومضادات الطيران في معركة صراعهم على السلطة! تسقط قذائفهم وداناتهم ورصاصهم ليقتل الأبرياء في بيوتهم وشوارعهم ومستشفياتهم!
المواطن السوداني يقتل ويسرق وينهب ويتم احتلال منزله وتغتصب نساؤه ولا يجد من يحميه او يدافع عنه! يحبس في مدينة أشباح بلا ماء ولا طعام ولا دواء ولا كهرباء ولا اتصالات ولا أمن في حين ان ٨٠ % من موارد البلاد الاقتصادية تسيطر عليها الشركات الأمنية والعسكرية التابعة للجيش والدعم السريع وجهاز الامن!
التجربة علمت الشعب السوداني - إلى حد معقول - ان فساد الساسة المدنيين تجب مواجهته وحسمه بأدوات العمل السياسي وداخل الملعب المدني بادواته والياته الديمقراطية السلمية التي لا تريق دما ولا تفزع الآمنين! التجربة الطويلة تشهد على بؤس خيار الاستعانة بالانقلابات العسكرية للتصحيح بالدبابة!
في نقاش حول بوست للأستاذ عثمان ميرغني قال ان كل الانقلابات العسكرية فتح لها الباب ساسة مدنيون، ولكن الاستاذ عثمان لم يستثن انقلاب البرهان بل قال ان اعتصام القصر(اعتصام الموز) مهد له الطريق في مساواة له بالانقلابات السابقة!! وهذه مغالطة كبيرة!
انقلاب البرهان هو انقلاب عسكري مدفوع باطماع عسكرية صرفة في السلطة لم يتم التمهيد له مدنيا، ولا يمكن أن يصدق عاقل ان اعتصام الموز صنع انقلاب البرهان لان منطق الأحداث وتسلسلها يشهد بأن انقلاب البرهان هو من صنع اعتصام الموز كخطوة تمهيدية وليس العكس!
انقلابات عبود ونميري والبشير في أول أيامها وجدت من رحب بها في اوساط المواطنين العاديين المتطلعين إلى منقذ عسكري بسبب احباطهم من أداء الحكم المدني، فضلا عن وجود قوى سياسية مهدت الطريق لتلك الانقلابات وشكلت لها حاضنة سياسية مدنية معتبرة، ولكن انقلاب البرهان قبل أن يتم تنفيذه في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ امتلأت شوارع الخرطوم بالمتظاهرين بمئات الالاف في ٢١ أكتوبر رفضا استباقيا للانقلاب البرهاني الزاحف !
وصبيحة ٢٥ أكتوبر وقبل إذاعة البيان خرجت الجموع الرافضة للانقلاب فاستشهد وجرح العشرات وتوالت المليونيات مطالبة بالديمقراطية وفشل الانقلاب المنبوذ شعبيا في مجرد تشكيل حكومة ولم يجد حاضنة سياسية ذات وزن.


الفصيل السياسي الوحيد الذي ظل مراهنا على الانقلاب العسكري هو الكيزان (كيزان الأجهزة الأمنية والعسكرية الخاصة) الذين شكلوا الحاضنة الخفية لانقلاب البرهان وارادوا ان يكون هذا الانقلاب جسرهم للعودة إلى السلطة عبر مسرحية الانتخابات المبكرة، وعندما فشل انقلاب البرهان في ذلك ، ومضت الأمور باتجاه استعادة المسار الانتقالي حزم الكيزان أمرهم على الحرب.
ظللت احذر من الخيار الانقلابي في السودان ليس فقط من زاوية فشله في النهوض بالبلاد الذي تشهد عليه ال ٥٤ عاما من الحكم العسكري ولم نحصد منها لا تقدما اقتصاديا ولا تنمية ولا وحدة وطنية ولا امانا من الحروب الاهلية، او من زاوية انه ضد حقوق الإنسان وحرياته الاساسية وسباحة ضد اتجاه التاريخ، بل من زاوية اضافية تخص سودان ما بعد الكيزان! وهي ان الخيار الانقلابي على قبحه وبؤسه ، فهو من الناحية العملية في السودان غير ممكن نظرا لوجود جيشين متوازيين( الجيش والدعم السريع الذي يتحمل الكيزان المسؤولية كاملة عن صناعته) ، وشرط نجاح الانقلاب العسكري وجود جيش واحد يأتمر بأمر قيادة واحدة إذ لا يوجد انقلاب ناجح في الدنيا برأسين! وان وجد فلا بد أن يقطع أحدهما الاخر!
وبالتالي يصبح اي حديث عن الانقلاب العسكري في السودان كمدخل لحفظ الامن والاستقرار وكيان الدولة محض هراء، الانقلاب كما قلت مرارا وتكرارا هو مدخل لحرب بين الجيش والدعم السريع يمكن أن تتطور إلى حرب أهلية، لم نقل ذلك رجما بالغيب ولكن بقراءة المعطيات الواقعية.
بالعودة إلى بوست الاستاذ عثمان ميرغني الذي قال فيه "من ترتيبات ما بعد الحرب.. اعادة هيكلة النادي السياسي ..
لا حصانة في السياسة .. السياسي مسؤول ومحاسب جنائيا على القول والفعل.." فإنني اتفق معه في فكرة ان الحرب يجب أن تدفعنا إلى مراجعات عميقة وشاملة لا تستثني ايا من الفاعلين السياسيين، وتحت وطأة المشهد الدموي الماثل لا بد أن نضع على قمة اولويات اعادة الهيكلة والمحاكمات سواء كانت جنائية او سياسية أو اخلاقية من اشعلوا هذه الحرب ودفعوا البلاد دفعا إلى هاويتها، وهم أشخاص طبيعيون معلومون بالاسم وينتسبون إلى مؤسسات معلومة،فليس كل النادي السياسي هو من اشعل الحرب، ولا بد أن يكون الإصلاح الأمني والعسكري في صدارة أجندة المراجعة للاداء السياسي، العسكر قبل الحرب كانوا يستنكرون مشاركة المدنيين في اي عملية اصلاحية للجيش او الشرطة او الدعم السريع او الامن، على افتراض ان هذه المؤسسات سيدة على الشعب ومرجعيتها في التقييم والتقويم والإصلاح لا توجد خارجها بل هي مرجعية نفسها وهي من تقرر هل هناك حاجة اصلا لاصلاحها ؟ ثم تقرر كيفية إصلاح نفسها لو كانت بحاجة لذلك ! هي من تقرر ! وليس الشعب السوداني الذي ينفق على هذه المؤسسات ثلاثة ارباع ميزانيته خصما على كسرة خبزه وجرعة دوائه دون أن يحصد منها سوى الرصاص في صدور ابنائه حينما يتظاهرون والان تسقط داناتها وقذائفها عليه داخل بيوته! اول حصانة يجب أن تسقط على خلفية هذه الحرب هي حصانة المؤسسات العسكرية التي ظلت محصنة ضد النقد والمساءلة والرقابة الشعبية.
اكبر تحدي يواجهنا اليوم هو كيفية بناء قوة الردع المدني المؤهلة لتنفيذ قرار إخراج العسكر من السياسة.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: انقلاب البرهان فی السودان هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

عادل الباز يكتب: الخطة (ط): التطويق (1)

1 واهمٌ من يظن أن الحرب ستنتهي بتحرير الخرطوم أو دارفور. هذه الحرب قرر الذين أشعلوها ألَّا تنتهي أبدًا إلا بتحقيق أهدافهم، وهيهات. وبسبب هذه “الهيهات”، يسعون إلى استدامة الحرب، لأنهم يعلمون أن هزيمة الشعب السوداني مستحيلة، كما أنهم لن يستسلموا ، فغايتهم ليست تقسيم السودان، بل الاستيلاء عليه بالكامل، ليصبح نهبًا لأطماع الإمبراطورية الإماراتية.
2
الحرب الجارية الآن ليست حرب الجنجويد، فقد انتهت قوتهم وتبددت، لكن الذين استخدموهم لا يزالون في الميدان، يغيرون خططهم وتكتيكاتهم باستمرار، متنقلين من خطة فاشلة إلى اخرى افشلمنها ، حتى انتهوا الان إلى خطة “التطويق الشامل” طويلة الأمد وستشفل باذن الله..
3
ما هي خطة التطويق الشاملة ؟ وكيف جاءت؟
تقضي الخطة بتطويق السودان ووضعه داخل دائرة عداء مع كل دول الجوار والدول القريبة منها، واستخدام تلك الدول وحدودها ومطاراتها وقواعدها لدعم حرب الإمارات. بدأت الإمارات تنفيذ خطة التطويق عبر الإغراء، والشراء، والاستثمار. وبما أن الرشاوى لا تظهر إلى العلن، ظهر الاستثمار، وهو في جوهره استثمار في تجنيد دول الطوق (تشاد، جمهورية إفريقيا الوسطى، جنوب السودان، إثيوبيا، ، ليبيا “حفتر”، أوغندا، كينيا) لصالح أجندة المشروع الإماراتي في السودان، الهادف إلى ابتلاع موارده بالكامل.
4
متى بدأ التحول إلى خطة التطويق؟
عندما فشلت خطة الانقلاب في 15 أبريل 2023، تحوَّلوا إلى الحرب. وعندما فشلت الحرب في تحقيق أهدافهم، لجأوا إلى نشر الفوضى، ولم يتركوا مرتزقًا إلا استعانوا به، من كولومبيا إلى تشاد! ثم، بعد أن تكسرت قواتهم وتبعثرت، انتقلوا إلى حرب الطائرات المسيّرة التي تُدار من داخل السودان وخارجه. لكن هذا النمط من الحرب لم يحقق أهدافهم، بينما تمكنت الحكومة من إحراز تقدم ملحوظ في التصدي له، عبر تطوير أساليب مكافحته، وإسقاط الطائرات، وتأمين الأهداف الحيوية. ولا تزال الجهود مستمرة للحصول على أنظمة وقاية تحمي جميع المناطق الاستراتيجية في البلاد.
5
الفخاخ الإنسانية والسياسة كأداة مساندة
عندما فشلت خطط الانقلاب ثم الحرب، لجأوا إلى نصب الفخاخ عبر القضايا الإنسانية كمدخل لوقف الحرب والدخول في متاهات تقاسم السلطة، كما جرى في جنيف. وتزامن ذلك مع تحركات دبلوماسية مكثفة للإمارات في دول الطوق، ثم الاستدارة نحو السياسة عبر مؤتمر “تأسيس” في نيروبي، في محاولة لإسناد المجهود العسكري للمليشيا وإنقاذ وضعها المتدهور، بعدما فقدت أغلب الأراضي التي كانت تسيطر عليها في وسط السودان، ولم يتبقَّ لها سوى جيوب محدودة، وهي في طريقها للخروج التام من العاصمة.
ظن كفيل المليشيا أن التحول إلى السياسة، إلى جانب دعمه للميدان العسكري، سيسهم في إبعاد الأنظار عن الإمدادات المستمرة للمليشيا التي لا تزال ترتكب جرائمها. لذلك، تم حشد مجموعة من الفصائل تحت ما عُرف بـ”تحالف تأسيس” في كينيا، حيث صيغ البيان الأساسي، ثم جرى التوقيع على دستور علماني على هوى “الحلو”. وتبقى الخطوة الأخيرة، وهي إعلان حكومة الجنجويد وحليفهم الحلو.
لكن، قبل اتخاذ هذه الخطوة، فوجئوا برفض إقليمي ودولي قاطع لأي حكومة موازية في السودان، بدءا من الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي ودول الخليج، مرورًا بالعالم العربي، وصولًا إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة والولايات المتحدة. وهكذا، تعطلت خطة الحكومة الموازية، وأصبح إعلانها يُؤجَّل يومًا بعد يوم إلى أجل غير مسمى.
6
ما هي خطة التطويق؟ وماذا فعلت الإمارات مع دول الطوق؟كيف جرى استقطاب دول الطوق الإفريقية؟
تُظهر الاستثمارات الإماراتية في إفريقيا نموًا ملحوظًا، حيث أصبحت الإمارات أكبر مستثمر في القارة بين عامي 2019 و2023، بإجمالي استثمارات بلغ 110 مليارات دولار، بحسب صحيفة “الغارديان”. غير أن هذه الاستثمارات، التي تهدف إلى بناء إمبراطورية إماراتية في إفريقيا، أُعيد توجيهها لخدمة أهداف الحرب في السودان.
7
بدأت الإمارات ببناء “طوق” في دول جوار السودان، عبر الاستثمار والشراء المباشر للمتنفذين عبر الرشاوى ، مستغلة ضعف هذه الدول وحاجتها إلى الدعم المالي، فماذا فعلت لبناء ذلك الطوق؟.نواصل

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟
  • وحدة السودان
  • أساطير في كرة القدم لم يحققوا لقب دوري أبطال أوروبا
  • منصة محايدة!!
  • حديث أركو مناوي ..الذي نفذ في خضّم المعركة ورغم مرارات الحرب
  • عادل الباز يكتب: الخطة (ط): التطويق (1)
  • وفاة إمرأة سقطت من الطابق السادس في العاصمة
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • ???? مدنيون ضد الحقيقة ومع تدمير العقل السياسي السوداني
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (12 – 20)