تحقيق يكشف عن تنفيذ الجيش الإسرائيلي مجزرة ضد 120 فلسطينيًا معظمهم من عائلة واحدة
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
#سواليف
نشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان نتائج تحقيق حول “مجزرة في مجمع سكني” ارتكبها الجيش الإسرائيلي في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة في نوفمبر/تشرين ثانٍ الماضي، بقنابل ذات قدرة تدميرية هائلة.
وكشف التحقيق—الذي استمر لعدة أشهر واستند إلى زيارات ميدانية متعددة لمكان الاستهداف وشهادات ناجين وشهود عيان وصور للأقمار الصناعية— عن أن عدة استهدافات جوية إسرائيلية استهدفت مربعًا سكنيًّا يُعرف بمربع “آل أبو عيدة” ويتضمن مبانٍ سكنية تؤوي مئات المدنيين والنازحين، تسبب بقتل نحو 120 شخصًا معظمهم من عائلة واحدة، بأسلحة أمريكية.
وقال الأورومتوسطي إن الحادثة التي وقعت يوم 1 نوفمبر/تشرين ثانٍ 2023 تمثل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد مدنيين، في إطار هجومه العسكري واسع النطاق الذي يشنه ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، والذي يمثل جزءًا من جريمة الإبادة الجماعية الأوسع التي يرتكبها ضد الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي.
مقالات ذات صلة تحذير هام للمزارعين 2024/06/13 الاستهداف كان إما متعمدًا مباشرًا أو عشوائيًا مفرطًا، وكل منها يُعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان وفقًا لنظام روما الأساسيوفي إطار تحقيقاته على مدار الأشهر الماضية، زار الفريق الميداني للمرصد الأورومتوسطي عدة مرات المربع السكني المعروف بـ “مربع آل أبو عيدة” قرب دوار “الستة الشهداء” في منطقة “الفالوجا” بمخيم جباليا للاجئين، لمعاينة والوقوف على حجم الدمار الهائل الذي خلفه الهجوم، وأجرى مقابلات مع ثمانية شهود من الناجين وسكان المنطقة ممن بقيوا في الحي—حيث نزح غالبية سكانه قسرًا بسبب الدمار الواسع الذي حلّ بالمنطقة- كما حلل مقاطع مصورة وصورًا فوتوغرافية لموقع الحادثة لحظة الاستهداف وصورًا من الأقمار الصناعية للموقع قبل الاستهداف وبعده تظهر حجم الدمار الذي حل بالمكان.كما تم تحديد مواقع المباني المستهدفة المنهاره والمدمرة بشكل كلي والمباني المتضررة بشكل كبير.
ويقدر المرصد الأورومتوسطي— بناءً على مقابلات الشهود ومصادر أخرى— عدد السكان الذين كانوا متواجدين في المنطقة وقت استهدافها بأكثر من 500 شخص، وغالبيتهم من عائلة “أبو عيدة”. ويشمل ذلك العدد الإجمالي للسكان المقيمين في المنطقة بالإضافة إلى نازحين كانوا لجأوا إليها.
وفي تفاصيل التحقيق، ففي حوالي الساعة 12:30، أسقطت طائرات الجيش الإسرائيلي على مربع “آل أبو عيدة” السكني دون أي سابق إنذار نحو ست إلى ثماني قنابل جوية ذات قدرة تدميرية عالية، مستهدفةً مبانٍ سكنية متلاصقة يتراوح ارتفاعها بين طابق واحد إلى خمسة طوابق، إلى جانب روضة أطفال.
وفي غضون ثوانٍ، سويت مبانٍ بالأرض، وتعرضت مبانٍ أخرى لدمار كبير وخلف الاستهداف دمارًا هائلًا في المنطقة وأضرارًا بالمباني المحيطة، إلى جانب حفر كبيرة في الأرض، شوهد منها ثلاث على الأقل، يصل عمقها إلى نحو 2.5 متر، فيما يتراوح قُطر بعضها حوالي 10 متر.
وبحسب شهود العيان، كانت المنطقة المستهدفة تضم أكثر من 20 منزلاً متلاصقًا يغلب عليها البساطة كحال مباني مخيمات اللاجئين، حيث تكونت العديد من المباني من أسقف من صفائح معدنية خفيفة، بالإضافة إلى مبنى روضة أطفال مكون من طابق واحد، وأسقف من الأسبست احتمى به بعض النازحين.
وأفاد جميع شهود العيان والناجين الذين قابلهم فريق الأورومتوسطي بأن القنابل سقطت بشكل مفاجئ وفي وقت متقارب على عدة مبانٍ سكنية في المنطقة، فيما يُعرف بـ “الحزام الناري”، والذي انتهجه الجيش الإسرائيلي في العديد من مناطق في قطاع غزة منذ بدء هجومه العسكري على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي. ويتمثل الحزام الناري باستهداف القوات الإسرائيلية لمنطقة محددة بعدة قنابل ثقيلة تُسقط بشكل متتالٍ على مبانٍ متجاورة خلال ثوانٍ أو دقائق معدودة، وتترك خسائر بشرية ومادية هائلة نتيجة لحجم الاستهداف الكبير من جهة، وعدم قدرة السكان على إخلاء المنطقة التي تُستهدف بأكملها من جهة أخرى.
وادعى الجيش الإسرائيلي أنه “في وقت مبكر من يوم 1 نوفمبر 2023، واستنادًا إلى معلومات استخباراتية دقيقة، قامت طائرات الجيش الإسرائيلي بضرب مركز قيادة وتحكم حماس في جباليا. وأنهم قضوا على عناصر من حماس في الضربة”. كما ادعى الجيش الإسرائيلي في ذات التصريح بأنه “حث سكان غزة في هذا الحي على الإخلاء كجزء من جهوده لتخفيف الأضرار التي تلحق بالمدنيين. وأن الجيش الإسرائيلي يستمر في دعوة جميع سكان شمال غزة ومدينة غزة للإخلاء جنوباً إلى منطقة أكثر أماناً”.
إلا أن جميع التحقيقات التي أجراها فريق الأورومتوسطي تؤكد على عدم ورود أية تحذيرات أو إنذارات مسبقة من الجيش الإسرائيلي قبل استهداف هذه المنطقة المزدحمة بالسكان والنازحين. حيث نفى جميع الناجين وشهود العيان خلال شهاداتهم وإفاداتهم التي حصل عليها فريق الأورومتوسطي تلقيهم لأية تحذيرات مسبقة بأي طريقة كانت قبل الاستهداف. كما أظهر الفحص الذي أجراه الفريق على هواتف بعض سكان المنطقة، بموافقتهم، عدم وجود أية إشعارات أو رسائل نصية تطلب منهم الإخلاء قبيل الاستهداف، بالإضافة إلى عدم وجود أية منشورات تحذرهم وتطلب منهم الاخلاء من المنطقة مسبقًا، وهو ما أكدته كذلك شهادات الناجين وشهود العيان.
ولم يكن ادعاء الجيش الإسرائيلي بخصوص طلب إخلاء سكان المربع السكني الوحيد الذي ثبت عدم صحته، فقد نشر الجيش الاسرائيلي لقطات لاستهداف جوي من قبل طائراته الحربية ادعى فيها القضاء على أحد المنتمين لحركة حماس في استهداف منطقة الفالوجا يوم الأربعاء 1 نوفمبر/تشرين ثانٍ 2023.
لكن تحليل لقطات الفيديو التي نشرها الجيش الاسرائيلي بتاريخ 1 نوفمبر/تشرين ثانٍ 2023 ومقارنتها بصور الأقمار الصناعية أظهرت تطابقًا مع موقع مستهدف في مخيم جباليا بتاريخ 31 أكتوبر /تشرين أول 2023، وليس مربع “آل أبو عيدة”. كما أنه ومن خلال مراجعة أسماء ضحايا الاستهداف لمربع “آل أبو عيدة” التي حصل عليها المرصد الأورومتوسطي، لا تظهر أي من الأسماء التي ادعى الجيش الاسرائيلي استهدافها. مما يعزز الشكوك في صحة الرواية الاسرائيلية بخصوص استهداف مربع “آل أبو عيدة.”
بالإضافة إلى ذلك، نفى جميع الأشخاص الذين قابلهم فريق المرصد الأورومتوسطي رؤيتهم لأية عناصر مسلحة أو وقوع أي اشتباكات عسكرية في المنطقة قبيل الاستهداف، فيما أكد جميعهم أن المنطقة كانت تحوي عائلات ونازحين تربط معظمهم صلة قرابة، وينتمي عدد كبير منهم إلى عائلة واحدة.
كما لم يجد المرصد الأورومتوسطي أية أدلة على وجود أهداف عسكرية أو عناصر مسلحة في محيط المربع السكني المستهدف وقت الهجوم الإسرائيلي. حيث إنه من خلال المعاينة الميدانية لموقع الاستهداف، ومراجعة مقاطع مصورة وصور للمنطقة في وقت الاستهداف، لم يتبين وجود بنى تحتية أو مواقع عسكرية في المنطقة، وتبين أنها منطقة سكنية مدنية مكتظة بالسكان والنازحين الذين آوتهم منازل ومبانٍ سكنية بسيطة متقاربة.
أما فيما يتعلق بالسلاح المستخدم، فهناك توافق بين الأسلحة المستخدمة في الهجمات التي وقعت في جباليا في 31 أكتوبر/تشرين أول و1 نوفمبر/تشرين ثانٍ (مربع آل أبو عيدة)، وتشابه في الأحجام وأنماط الدمار والآثار التي تركتها. واستنتج العديد من خبراء ومفتشي الأسلحة حينها أن الأسلحة المستخدمة في حادثة 31 أكتوبر/تشرين أول هي قنابل من نوع JDAM (الذخائر المباشرة المشتركة للهجوم)، ويمكن أن تكون من نوع GBU 31 (Warhead Mark 84) أو من نوع GBU 56 (Warhead BLU 109 الخارقة للتحصينات)، وزنها حوالي 2000 رطل (حوالي 900 كجم)، وهي جزء من أسلحة الجيش الإسرائيلي المقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية، إما بالتصدير أو بالتصنيع المحلي بترخيص منها.
ووفقًا لجميع ما سبق، فقد خلصت التحقيقات التي أجراها المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى أن الهجوم العسكري الذي نفذه الجيش الإسرائيلي على مربع “آل أبو عيدة” إما متعمدًا مباشرًا أو عشوائيًا مفرطًا، وكل منها يُعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان وفقًا لنظام روما الأساسي. كما أن هذا الاستهداف يعد جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد مجموعة من المدنيين كونه نفذ في إطار الهجوم العسكري الواسع النطاق والمنهجي الذي يشنه الجيش الإسرائيلي ضد السكان المدنيين في قطاع غزة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف المرصد الأورومتوسطی الجیش الإسرائیلی أکتوبر تشرین أول مکتملة الأرکان بالإضافة إلى فی المنطقة مربع ا
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يعلن تحقيق تقدم كبير في «النيل الأبيض»
كمبالا: أحمد يونس/ الشرق الاوسط: قُتل عدد من الأشخاص وجُرح آخرون جراء قصف مدفعي شنته «قوات الدعم السريع» على مدينة «الأبيض» حاضرة ولاية شمال كردفان، في حين أعلن الجيش السوداني خلو ولاية النيل الأبيض من القوات «المتمردة» باستثناء منطقة واحدة توعد باستردادها «وتطهيرها قريباً»، وذلك مع مواصلة الطيران الحربي استهداف تجمعات لـ«قوات الدعم» شمال غربي مدينة الفاشر.
وواصلت «قوات الدعم السريع» قصف مدينة «الأبيض» بالمدفعية الثقيلة من دون توقف منذ أيام عدّة، مستهدفة قيادة «الفرقة الخامسة مشاة»؛ ما أدى إلى مقتل نحو 6 أشخاص، وجرح أكثر من عشرين، وفقاً لشهود عيان، في حين لم تصدر معلومات رسمية عن حصيلة القتلى والجرحى في المدينة.
واستطاع الجيش فك الحصار على مدينة «الأبيض» والسيطرة على الطريق الرابط بين المدينة التجارية المهمة ووسط البلاد والعاصمة الخرطوم، بعد معارك شرسة في الأسبوع الأخير من فبراير (شباط) الماضي... وتمكنت القوات القادمة من الشرق من الارتباط بقوات «الهجانة» التابعة للجيش والمحاصرة منذ الأيام الأولى للحرب.
وقال قائد «الفرقة 18 مشاة» التابعة للجيش السوداني اللواء الركن جمال جمعة، عبر الصفحة الرسمية للقوات المسلحة على منصة «فيسبوك»، إن قواته خاضت معارك متزامنة في ثلاثة محاور هي: سنار، والنيل الأزرق، والنيل الأبيض، وحققت انتصارات مكنتها من الوصول للمناطق المستهدفة و«تطهيرها».
وتفقد قائد الفرقة قواته في الخطوط الأمامية عند بلدة «التبون»، بعد استردادها من «قوات الدعم السريع»، وقال: «(الفرقة 18 مشاة) رفعت في شهر رمضان شعاراً بتطهير كل الحدود من الميليشيا المتمردة».
ووفقاً للواء جمعة، فإن «منطقة واحدة» بولاية النيل الأبيض لا تزال تحت قبضة «قوات الدعم السريع»... ومن دون أن يحددها قال: «تبقت لنا منطقة واحدة في الولاية، خططنا لها وسنفاجئهم فيها».
وشدد على «أهمية تأمين المواطنين وممتلكاتهم وتأمين المناطق الزراعية، لحصاد ما تبقّى من الموسم الزراعي، والاستعداد للموسم الزراعي القادم».
وكانت «قوات الدعم السريع» تسيطر على عدة مناطق متاخمة للحدود مع دولة جنوب السودان بمحلية «الجبلين» بولاية النيل الأبيض، وعدة مناطق بولايتَي سنار والنيل الأزرق القريبتين من المكان، وبخاصة بلدتا المزموم والدالي وغيرهما، لكن الجيش أعلن استرداد تلك المناطق، وقال إن أعداداً من القوات «المتمردة» تنشط قرب الحدود مع دولة جنوب السودان.
من جهتها، فإن «قوات الدعم السريع» تؤكد سيطرتها على عدد من المناطق في تلك الولايات الجنوبية والجنوبية الشرقية، لا سيما ولاية النيل الأزرق. ونقلت تقارير أنها «سحقت بشكل كامل قوات حليفة للجيش تابعة لنائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، بالتعاون مع الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو».
وفي الفاشر، قال الجيش إنه استهدف بالطيران الحربي والمدفعية تجمعات «قوات الدعم السريع» في المحور «الشمالي الغربي»، وكبدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
وحسب منصة الناطق الرسمي، فإن الجيش والقوات المشتركة قاموا بعمليات «تمشيط» في عدد من المحاور حول المدينة، وطاردوا من أسمتهم «فلول العدو»، وأمّنوا الأحياء الطرفية، وضبطوا مجموعات حاولت التسلل إلى داخل المدينة.
وتحاصر «قوات الدعم» مدينة الفاشر منذ أكثر من عام ونصف العام، وهي المنطقة الوحيدة بإقليم دارفور التي لا تزال في قبضة الجيش وحلفائه من القوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح.
وأدى الحصار إلى نزوح معظم سكان المدينة البالغ عددهم نحو مليونَي نسمة، علماً أن مخيمات النزوح تحيط بالمدينة، ويقارب عدد من فيها نحو مليون شخص معظمهم من النساء والأطفال والعجائز؛ ما فاقم الأزمة الإنسانية الخانقة، وندرة المواد والسلع الرئيسة... وعادة يضطر الجيش إلى نقل الإمداد إلى قواته المحاصرة عن طريق «الإسقاط الجوي».