شيئاً من الجنون وقريباً من اليقين- الإبحار في عوالم الدين والحداثة
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
زهير عثمان حمد
النص الديني يلعب دورًا حيويًا في تشكيل الفكر والثقافة عبر التاريخ، وتفاعله مع الإنسان والحداثة موضوع غني ومعقد. يُعتبر النص الديني مصدرًا للقيم والأخلاق وجزءًا لا يتجزأ من هوية الفرد والمجتمع. في ظل الحداثة، يُعاد تفسير النص الديني وتأويله لينسجم مع التحديات والأسئلة الجديدة التي يطرحها العالم المعاصر.
في الفكر الحداثي، تُدرس العلاقة بين النص الديني والإنسان من منظور يعتمد على العقلانية والتجديد. يُشجع هذا الفكر على قراءة النصوص الدينية مع مراعاة السياق التاريخي والثقافي الذي كُتبت فيه، وكذلك التطورات الاجتماعية والعلمية الحديثة.
النص الديني في عصر الحداثة يمثل مساحة للتفاعل والحوار بين الماضي والحاضر، حيث يتم إعادة النظر في مفاهيمه وتعاليمه لتلبية احتياجات الإنسان المعاصر وتحدياته، مع الحفاظ على الجوهر الروحي والأخلاقي للدين.
هذا النقاش يعبر عن سعي الإنسان لفهم مكانته في العالم والبحث عن معنى وهدف في الحياة، وهو ما يتجلى في النقاشات الفكرية والفلسفية حول النص الديني ودوره في العصر الحديث. النصوص الدينية تُعالج قضايا جوهرية تتعلق بالإنسان مثل خلق العالم، وأصل الإنسان، والموت، والحياة، والعالم الآخر. وتتعامل هذه النصوص مع الإنسان في علاقته بالقوى الماورائية، مركزة على المسائل الكبرى التي تُشكل جزءًا من البحث الإنساني عن المعنى والهدف.
في الدين، يُنظر إلى الإنسان كجزء من الكون يتحرك ضمن مستويين: المستوى الطبيعاني، وهو عالم الظواهر المحسوسة، والمستوى القدسي، وهو الغيب الذي تُصدر عنه هذه الظواهر. هذا الإحساس بالوحدة الشاملة والانقسام بين المستويين يُشكل أساس المعتقد الديني.
النصوص الدينية تضع الإنسان في قلب فهمها، حيث يُركز الفكر الديني على الإنسان وواقعه الاجتماعي والتاريخي كنقطة بدء ومعاد في تأويل النصوص. وهذا يُبرز أهمية السياق الذي يعيش فيه الإنسان وتأثيره في فهم وتطبيق النصوص الدينية.
وبهذا، يمكن القول إن دور الإنسان في النصوص الدينية ليس غائبًا بل هو محوري وجوهري في تشكيل الفهم الديني والممارسة الروحية. المفهوم الديني للإنسان شهد تطورًا ملحوظًا عبر التاريخ. فالتاريخ الديني يعكس سجلًا من الأفكار والتجارب العقدية التي مر بها الإنسان منذ العصور القديمة.
في البداية، كانت المعتقدات الدينية تُركز على الطبيعة والظواهر الطبيعية، حيث كان الإنسان يُعبر عن إحساسه بالوحدة الشاملة والانقسام بين المستويين الطبيعاني والقدسي. ومع مرور الوقت، تطورت هذه المعتقدات لتشمل أفكارًا أكثر تعقيدًا وتجريدًا، مثل الإيمان بالذات الإلهية المطلقة والبحث عن السلام الداخلي.
شهدت المعتقدات الدينية تحولات مهمة عبر العصور، مثل الانتقال من أديان الطبيعة إلى أديان الفردية الروحية، حيث تتحرر الروح تحررًا كليًا. هذا التطور يُظهر كيف أن المفهوم الديني للإنسان قد تغير وتكيف مع الظروف المختلفة والتحديات الجديدة التي واجهتها البشرية عبر العصور.
الدراسات الحديثة تُظهر أن المعتقدات الدينية القديمة والحديثة تشترك في عناصر ثابتة مما يُشير إلى وجود أساس مشترك للدين عبر العصور. هذا يُعبر عن البحث المستمر للإنسان عن معنى وهدف في الحياة، ومواجهة التحديات الروحية والعقلية التي تترافق مع تقدم الحضارة البشرية.
الأحداث التاريخية البارزة التي أثرت في تطور المفهوم الديني للإنسان تشمل:- ظهور الأديان الإبراهيمية**: ركزت هذه الديانات على العلاقة بين الإنسان والله والأخلاقيات الدينية.
- الفترة الهلنستية**: شهدت تفاعلًا بين الأفكار الدينية والفلسفية نتيجة انتشار الثقافة اليونانية.
- الإصلاح البروتستانتي**: في القرن السادس عشر، أحدث تغييرات جذرية في الممارسات الدينية.
- عصر التنوير**: في القرن الثامن عشر، تحولت أوروبا نحو العقلانية والعلمانية مما أثر في النظرة إلى الدين.
- الثورة العلمية**: الاكتشافات العلمية تحدت الأفكار الدينية التقليدية حول الكون ومكانة الإنسان فيه.
العلاقة بين تطور المعتقدات الدينية وفهم المجتمع للإنسان هي علاقة تفاعلية. تطور المعتقدات الدينية يمكن أن يغير النظرة الاجتماعية للإنسان ودوره في الكون، وفي المقابل، يمكن للمجتمع أن يؤثر في تشكيل وتطور المعتقدات الدينية. الدين والثقافة يتفاعلان ويؤثران في بعضهما البعض باستمرار.
وضع المرأة في النصوص الدينية وتأثيرها على المجتمع يُعد مثالًا بارزًا على كيفية تفاعل المعتقدات الدينية مع الأطر الاجتماعية والثقافية. تاريخيًا، كان للنصوص الدينية دور كبير في تحديد مكانة المرأة في المجتمع. ومع ذلك، هناك تحولات ملحوظة في العصر الحديث حيث يُعاد تفسير النصوص الدينية لتعكس مفاهيم أكثر مساواة وعدالة بين الجنسين.
من بين الكتب الحديثة التي تناولت الأفكار الحداثية وتحدي السلفية الإسلامية:"القراءة الحداثية للنصّ القرآني و يتناول مفهوم الحداثة وعلاقته بالنص القرآني.
"أهم 9 كتب عن الحركات السلفية المعاصرة و يقدم قائمة بأهم الكتب التي تساعد في فهم الحركات السلفية المعاصرة.
هذه الكتب تُقدم نظرة معمقة للتيارات الدينية وتفاعلها مع الأفكار الحداثية، وتُساهم في الحوار الفكري حول الدين والمجتمع الحديث.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: النصوص الدینیة النص الدینی الإنسان فی الدینیة ت تطور ا التی ت
إقرأ أيضاً:
موهبة متميزة في حفظ القرآن الكريم والإنشاد الديني.. وزير الأوقاف يدعم الطفلة «هاجر المعصراوي»
استقبل الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، الطفلة هاجر إبراهيم المعصراوي، الموهبة المتميزة في حفظ القرآن الكريم والإنشاد الديني من ذوي الهمم، بمكتبه بالعاصمة الإدارية الجديدة، يأتي ذلك تكريماً لحفظة كتاب الله تعالى، ودعماً للمُواهب المصرية، وتنفيذاً لاستراتيجية الوزارة الجديدة في محورها الثالث «بناء الإنسان» من خلال بناء شخصية الإنسان ليكون قوياً شغوفاً بالعلم شغوفاً بالعمران واسع الأفق وطنياً منتمياً مقدماً الخير للإنسانية وأن يكون إنساناً سعيداً وأن يقدم الخير والنفع للناس.
ورسم وزير الأوقاف، البسمة على وجه الموهبة المتميزة هاجر إبراهيم، من خلال حفاوة الاستقبال وحُسن المعاملة، والإشادة بموهبتها وتفوقها في حفظ القرآن الكريم رغم صغر سنها.
ومنح الدكتور أسامة الأزهري، الطفلة هاجر، الدعم الذي تستحقه كموهبة مصرية متميزة في حفظ كتاب الله تعالى، لمواصلة الاجتهاد والتميز، مثنياً على اجتهادها، مؤكدًا أن هاجر تمثل نموذجًا مشرفًا للشباب المبدع، وأنه يرى فيها مستقبلًا مشرقًا وعظيمًا.
وعبر الدكتور الأزهري عن سعادته الغامرة بمواهب الطفلة هاجر، مؤكدًا أن رعاية مثل هذه المواهب تأتي ضمن خطة وزارة الأوقاف المصرية لاكتشاف ودعم الموهوبين في مختلف المجالات، بهدف خلق جيل جديد قادر على الإبداع وتقديم الإضافة للمجتمع.
وأكد معالي الوزير، أن وزارة الأوقاف تسعى إلى تقديم الدعم اللازم لمثل هذه المواهب وتوفير بيئة ملائمة لتنمية قدراتها، مشيرًا إلى أن مصر تزخر بمواهب شابة تستحق الاهتمام والرعاية.
وأشار الوزير إلى أن الوزارة ترى في هاجر نموذجًا يُحتذى به للشباب المسلم الطموح الذي يحمل قيم القرآن الكريم ويعبّر عنها في حياته اليومية.
من جهتها، أعربت هاجر عن سعادتها الكبيرة بلقاء معالي وزير الأوقاف، ووصفت هذا اللقاء بأنه من أجمل اللحظات في حياتها، وقالت إنها شعرت بسعادة غامرة وتشجيع كبير من معالي الوزير الذي قدّم لها الدعم وعبّر عن اهتمامه بتشجيع مواهب الأزهر الشريف.
وفي حديثها عن مسيرتها في حفظ القرآن، ذكرت هاجر أن القرآن الكريم كان بمثابة نور يضيء لها الطريق ويمنحها القوة والعزيمة.
وأضافت أنها تتطلع إلى مواصلة مشوارها في تنمية موهبتها وتطوير مهاراتها في مجال الإنشاد الديني، ساعيةً إلى تحقيق إنجازات أكبر وتمثيل الأزهر الشريف بصورة مشرفة، كما أعربت عن رغبتها في أن تكون مصدر إلهام لغيرها من الشباب والشابات في حفظ القرآن الكريم وتعلم فنون الإنشاد.
جدير بالذكر أن هاجر تبلغ من العمر ستة عشر عامًا وتدرس في الصف الأول الثانوي بالقسم العلمي في المعهد الأزهري بقرية سندسيس التابعة لمدينة المحلة الكبرى في محافظة الغربية، ورغم صغر سنها، حفظت القرآن الكريم كاملاً وهي في الخامسة من عمرها، وذلك على يد المحفظة مديحة فاضل، وأتقنت أحكام التجويد على يد الشيخ مصطفى عويس.
يُذكر أن وزارة الأوقاف تعمل بشكل مستمر على اكتشاف ودعم المواهب في شتى المجالات، من خلال برامج ومبادرات تهدف إلى تشجيع الشباب على تقديم الأفضل، وبناء مجتمعٍ مُبدع ومتنوع يسهم في رفعة الوطن وتقدمه.
اقرأ أيضاًالنائب العام يبحث مع وزير الأوقاف سُبل التعاون المشترك
وزير الأوقاف: صفحة الإمام على السوشيال منبر آخر ينبغي توجيهها لنشر العلم النافع
احتفالا بالعيد القومي للمحافظة.. وزير الأوقاف ومفتي الجمهورية ومحافظ كفرالشيخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد العارف بالله إبراهيم الدسوقي