سودانايل:
2025-03-04@00:50:49 GMT

“صحيفة الحر”

تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT

كلام الناس
نورالدين مدني
"صحيفة الحر"
مازالت الأحلام المعبرة عن همومي الخاصة والعامة تلاحقني في المنام وأنا في هذه القارة النائية فأجد نفسي في حالات من الحضور في الساحات التي ابتعدت عنها جسمانياً مثل عالم الصحافة التي تفارفقني ولم أفارقها حتى الان.
فضاءات النت الرحيبة تربطني بالقراء الأعزاء في المواقع الالكترونية والقروبات المجتمعية التي بحمد الله وشكره أشارك في تغذيتها بعمودي الصحفي "كلام الناس" كلما تحمست لشان ما أتناوله وفي بعض الأحيان أتطوع بنشر بعض مايعجبني من عطاء الأعزاء الذين يتواصلون معي في رحاب النت.


أمس وجدت نفسي في المنام وسط مجموعة من الصحفيين وكأني في مدينة إعلامية عرفت بعضهم ولم اتعرف على البعض الاخر، وفوجئت في المنام بمن يقترب مني ويلبسني جلباباً أبيضاً ويضع فوق رأسي مظلة مكتوب عليها "صحيفة الحر" بينما يحاول اخرون وضع مظلات أخرى وأنا في حيرة من أمري.
أفقت في الصباح الباكر بحمد الله وشكره لأجد نفسي في هذه القارة الرحيبة التي احتضتنا ووفرت لنا حياة حرة كريمة بلا من ولا أذى، وتحسرت على الحال الذي الت إليه الصحافة الورقية وما يتهدد الصحافة الالكترونية في ظل هجمة الذكاء الإصطناعي وانتشار الوسائط المجتمعية التي شغلت الناس عن القراءة الصبورة.
مع ذلك لم أمل ولن أمل الكتابة بمشيئة الله وتوفيقه للمواقع الالكترونية التي مازالت صامدة في وجه التحديات والضغوط المادية والتقنية للمساهمة في معالجة الاختلالات المزدادة في السودان خاصة في مناطق النزاعات والحروب التي للأسف لازال يؤججها أعداء السلام والديمقراطية والعدالة والكرامة الإنسانية.
لذلك ظللنا نساند المساعي المحلية والإقليمية والدولية الهادفة لوقف الحرب العبثية في السودان ودفع عملية الانتقال للحكم المدني الديمقراطي واسترداد عافية السودان المجتمعية والعمرانية رغم كيد الكائدين.  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

قراءة في نص “تأسيس” نيروبي: الأصولية العلمانية (2-2)

عبد الله علي إبراهيم
علمانية الدولة
بدا أن جائزة عبدالعزيز الحلو التي أغرته بـ"تأسيس" هو قبولها بغير شيء من ضرب الأخماس في الأسداس أن تنص وثيقتها صريحاً على مطلب "علمانية الدولة" (في الديباجة) كما لم يفعل عهد سوداني من قبل. وعلمانية الدولة عقيدة مؤثلة للحلو اضطر أحياناً إلى استبدالها بـ"فصل الدين عن الدولة" في وثائق وقعها مع طيف واسع من الأحزاب السودانية وحتى مع الفريق ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة عام 2021. وطالما هبت الريح علمانية ناحيته جاء الحلو إلى الوثيقة بمطلب أذاعته حركته وهو أن ينص الدستور القادم على "مبادئ فوق دستورية" مثل العلمانية وهي التي لا تخضع للتعديل مثل غيرها التي ينص الدستور على إجراءات تعديلها. فهذه المبادئ فوق الدستورية في الحفظ والصون ومتى أراد أحد تغييرها صار من حق الجماعات السودانية المتضررة نفض يدها عن البلد بممارسة حق تقرير المصير (الباب الأول المادتان 3 و7).
ومع اقتناع كثر بأن فصل الدين عن الدولة بصورة أو أخرى أزف بدليل أنه ورد مكرراً تكراراً مزعجاً في وثيقة "اتفاق سلام جوبا" إلا أن إصرار الحلو على "توثين" علمانية الدولة، توثيناً يعتزل بها الصراع السياسي الذي قد ينال من العلمانية وحتى الديمقراطية، فهو حال استثنائية في عبادة مبدأ سياسي خلت منه المبادئ. وبدا من الحلو من فرط هذا التوثين أنه مصاب بـ"الأصولية العلمانية" التي حذرنا منها جون إسبسيتو الأستاذ بجامعة "جورج تاون"، تحذيره من الأصولية الدينية. فمعرفتنا الراهنة بالدين في رأيه هي "بنت ضغينة علمانية تمكنت من الصفوة الحديثة". فغالباً ما جرى التعامل مع الدين بلا مبالاة أو بعداء صريح. ويقع تحذير "إسبسيتو" من الأصولية العلمانية في سياق مراجعة لعلاقة الدين بالعلمانية انعقدت منذ عقود. فالأكاديمي الأميركي كريق كالهون من المراجعين، صرف من اعتقد أن العلمانية حال خالصة خلت من الدين بالكلية. فقال "غالباً ما أخذنا العلمانية كحالة غياب عما عداها. فهي في اعتقادنا ما يتبقى لنا متى تلاشى الدين لا من السياسة فحسب، بل من الوجود" كما كان مطلب الثورة الفرنسية وممارستها في أول عهدها حتى بدلت الفرنسيين، وإلى حين، ديناً أحسن من دينهم في رأيها.
ونبه نيكلوس كريستوف الصحافي في "نيويورك تايمز" في أعقاب ذيوع العبارة الدينية في عهد الرئيس جورج بوش الابن إلى القطيعة القائمة بين الصحافة الليبرالية و"المهتدين الجدد" من الأميركيين. فيؤمن، إحصائياً، 48 في المئة من الأميركيين، في قوله، بخلق الله للعالم في سبعة أيام بينما يؤمن 28 في المئة منهم بمبدأ داروين. ويعتقد الأميركيون بنسبة الثلثين أو يزيد بوجود الشيطان بأكثر من صدقية نظرية داروين. وتعيش هذه الجماعة المهتدية بمعزل عن الليبراليين في ثقافتها المستقلة. فمن بين أكثر الكتب مبيعاً سلسلة كتب مسيحية عن نهاية الكون وزعت 50 مليون كتاب. ومن بين أكثر مقدمي برامج التلفزيون شهرة داعية إنجيلي يشاهده الناس داخل 190 قطراً في العالم. ومن يرى ليومنا طي خيام الليبرالية بيد إدارة الرئيس ترمب صدق قول من سمى تدين الدولة في عهد بوش بـ"الصحوة الدينية الرابعة" خلال الـ300 عام من عمر أميركا. فاللدين طرائق قدداً في الأوبة بعد الغيبة.
إعادة تأسيس
اتفق لـ"تأسيس" إعادة تأسيس كل القوى العسكرية والأمنية والخدمية المدنية من أول وجديد. فسينشأ بمقتضى وثيقتها جيش جديد مهني وقومي يمثل الطيف السوداني وتحت قيادة مدنية. وهو جيش خلا من الولاءات السياسية والجهوية والإثنية ولا تداخل له في السياسة والاقتصاد. وستكون إعادة الـتأسيس هذه حين يغلب حلف "تأسيس" ويمسك بزمام الدولة (الباب الأول 14). وحتى ذلك اليوم ستحتفظ الجماعات المسلحة الموقعة على "تأسيس" بقواتها العسكرية، أو ما وصفته الوثيقة بالاستمرار في "الكفاح المسلح كوسيلة من الوسائل المشروعة للمقاومة والنضال من أجل التغيير وبناء السودان (الباب الأول 20). فصاروا في حال بخلاء الجاحظ. جلسوا حول قدر ماء يغلي رمى فيه كل واحد منهم بقطعة لحمه مشدودة إلى الخيط لتنضج، فتفرق طعامهم بينما القدر واحد.
وبدا من نص "تأسيس" أن رهاب الإسلاميين "الكيزان" هو ما أوحى حصرياً به. فلم تكتف "تأسيس" بحل حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وتفكيكهما (الباب الأول 32) بل نصت على تحريم قيام أي حزب أو تنظيم سياسي على أساس ديني. وربما أبعدت الوثيقة النجعة هنا لاعتقادها أن "الكيزان"، الذين أقاموا بالحق نظاماً سياسياً كئيباً، هم آخر من يرغب أن تؤوب الدولة للدين. فلا استنفاد لرغائب أمة من المسلمين ولا لعزائمهم في أن يحكموا دينهم فيهم هم، لا في غيرهم، مما ساحته التشريع المنتظر، أي القنطرة البعيدة لا تزال. وهي القنطرة التي جاءت في الوثيقة بدعوتها الالتزام بمبدأ العمل السياسي السلمي في السودان الجديد على "أسس وقواعد ومبادئ النظام الديمقراطي والشرعية الدستورية" (الباب الأول 19). وبالطبع سارعت الوثيقة في نصها هنا لتجريم "استغلال الدين لأغراض سياسية". وهذا بلا مراء خرق للديمقراطية التي جاءت في النص والتي تقوم على المنافسة من فوق برامج سياسية على مرأى من ناخبين ومسمع. فجذم آصرة الدين عن السياسة هو ما أوقعتنا فيه عبارة "الإسلام السياسي" التي ناسبت خصوم المشروع الإسلامي ليقولوا إن ثمة إسلام آخر غير سياسي، وكفى به.
وساق هذا الرهاب من الإسلام إلى نوع هوس، فلم تكتف "تأسيس" بتحصين العلمانية كمبدأ فوق دستوري يأذن للجماعة المتضررة كما رأينا بالطلاق من الأمة متى جرى انتهاكه، بل سارعت بتجريم حتى قيام الحزب الذي يدعو لغير العلمانية. ولو صح أن تكون المظالم من "نظام الإنقاذ" هي مبلغ علمنا في تدبير شأننا السياسي لجرمت "تأسيس" قيام الأحزاب على أساس إثني. فهول الإثنية والسلالية على السودان ليس أقل من هول الحزب الديني عليه. ولكن لم يطرأ لواضعي "تأسيس" منع قيام الحزبية على الإثنية والقبائلية لأنه ما اجتمع في نيروبي إلا كل ذي عصبية منهما. ويكفي أن بين الموقعين على "تأسيس" ممثل لـ"مؤتمر البجا" وهو شعب في شرق السودان.
تَطَيُر الصفوة من حلف نيروبي وشفقتهم من أن يؤدي إلى تقسيم السودان وظيفة لاكتفائها من الواقعة دون نصها. فمن قرأ "تأسيس" في سياقاته التاريخية وملابساته المعاصرة أشفق على أهله قبل السودان لأنهم صدروا فيه عن غبائن من "الكيزان" كأن نجاة السودان في إلغائهم. فرهنوا بذلك أنفسهم لعادة معارضة الكيزان أو اللوثة بهم، لا يزال، بينما استحق السودان جرأة في تخيله تضع "دولة الإنقاذ" حيث هي في ذمة التاريخ مهما بدا من انتفاش منها يحاكي صولة الأسد. فمن شأن قراءة مثل "تأسيس" أن تزيل في قول أحدهم "المحق الدارج والمفازع المبالغ فيها".

ibrahima@missouri.edu

   

مقالات مشابهة

  • موسى هلال: “حكومة نيروبي” المنفية تمثل المنفيين
  • خبير اقتصادي: الدولة تهتم بالشريحة التي تحتاج الرعاية المجتمعية
  • وليد جاب الله: الدولة المصرية تهتم بالشريحة التي تحتاج للرعاية المجتمعية
  • “النقل” تُعلن فرض عقوبات وغرامات مالية للشاحنات الأجنبية المخالفة التي تُمارس نقل البضائع داخل المملكة
  • قراءة في نص “تأسيس” نيروبي: الأصولية العلمانية (2-2)
  • قراءة تفكيكية في كتاب “التصوف والسياسة في السودان” للدكتور عبد الجليل عبد الله صالح
  • أفغانستان ترد على ترامب: المعدات العسكرية التي تركتها اميركا هي “غنائم حرب”
  • “اغاثي الملك سلمان” يوزّع 960 سلة غذائية في السودان 
  • الناطق باسم “حماس”: تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي يطرحها العدو مرفوض
  • هكذا تحولت المباحثات التي دارت بين ترامب وزيلينسكي إلى “كارثة”