مدرب السودان كواسي أبياه: نسعى لزيادة عدد المحترفين في المنتخب
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
التغيير ــ وكالات
وقال أبياه في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، الثلاثاء، في أعقاب الفوز على منتخب جنوب السودان في جوبا: “السودانيون فرحون بالفوز والمستوى الذي يقدمه المنتخب حتى الآن، إنها أنباء سارة في ظل الحرب الحالية التي تعيشها البلاد”.
وأوضح المدرب الغاني في أعقاب تصدر السودان مجموعته، أن “واحدا فقط من المحترفين شارك مع المنتخب، في حين يسعى الجهاز الفني لإشراك نحو 5 من المحترفين في الخارج”.
وأضاف أنه سيعمل خلال الفترة المقبلة على “سد مكامن الخلل وتعزيز تشكيلة السودان للوصول به إلى نهائيات كأس العالم”.
وبالفوز الذي حققه المنتخب السوداني على جنوب السودان ضمن مباريات الجولة الرابعة من تصفيات إفريقيا المؤهلة للمونديال، تصدر “صقور الجديان” المجموعة بـ10 نقاط، مقابل 8 للسنغال.
وتتوقف التصفيات حتى مارس 2025 حين يواجه السودان على أرضه السنغال في مباراة مهمة جدا للمنتخبين، اللذين يواجهان منافسة أيضا من جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تحتل المركز الثالث بفارق 3 نقاط عن المنتخب العربي المتصدر، بعد فوزها الأحد بهدف نظيف على توغو الرابعة (3 نقاط).
ويتأهل إلى المونديال أبطال المجموعات التسع بحسب النظام الجديد لكأس العالم الموسعة بمشاركة 48 منتخبا، بينما تخوض أفضل 4 منتخبات وصيفة ملحقا بينها لتحديد من سيخوض الملحق الدولي.
ووفقا للصحفي والمحلل الرياضي ياسر قاسم، فإن الكثيرين قد يرون أن النتائج التي حققها السودان كانت مفاجأة نظرا للأوضاع التي تعيشها البلاد، لكنه يشير إلى أن المنتخب استفاد من فترة الاستقرار الفني التي عاشها خلال الفترة الأخيرة والمعسكرات الإعدادية التي انخرط فيها في السعودية.
واوضح قاسم لموقع “سكاي نيوز عربية”: “شهدت الفترة الأخيرة جدية كبيرة في كافة مراحل الإعداد، الأمر الذي انعكس إيجابا على أداء الفريق بعد فترة من التراجع خلال السنوات الماضية”.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )
في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .
لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.
عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .
هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.
فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.
ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .
أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)
اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .
النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.
Mujtabā Lāzim
إنضم لقناة النيلين على واتساب