النيران الحارقة ودرس موسكو القاسي!
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
فرنسا – بدأ نابليون بونابرت بـ”جيش عظيم” غزو روسيا القيصرية في مثل هذا الوقت عام 1812 وكان واثقا من قدرته على “وضع حد لنفوذ روسيا”، إلا أن حربه تحولت وبالا عليه.
قاد بونابرت في ذلك الغزو جيشا جرارا يتكون من أكثر من 630 ألف جندي، نصفه تقريبا من الفرنسيين، علاوة على أكثر من 140 ألفا من الولايات الألمانية، وحوالي 100 ألف من بولندا، و40 ألفا من النمسا، إضافة إلى 34 ألف إيطالي، و12 ألف سويسري وما يقرب من 5 آلاف إسباني وألفين من البرتغاليين ومثلهم من الكروات.
أراد نابليون بونابرت، إمبراطور فرنسا، المعروف بشدة غروره وقصر قامته، بعد أن تمكن من هزيمة معظم القوى المنافسة في أوروبا، القضاء على القوات الروسية الرئيسة والاستيلاء على موسكو، ومنها إملاء شروط سلام مواتية لفرنسا، على القيصر ألكساندر الأول.
نابليون بونابرتعلاوة على ذلك، أراد بونابرت الذي أصبح إمبراطورا لفرنسا وهو لم يتجاوز الثلاثين من عمره، إحياء بولندا التي كانت مفككة في ذلك الوقت وضم أراضي موجودة حاليا ضم ليتوانيا وبيلاروس وأوكرانيا إليها، علاوة على تشديد الحصار القاري على بريطانيا وحرمان روسيا من اتباع سياسة مستقلة في القارة الأوروبية. كان لدى بونابرت هدفا بعيد المدى آخر يتمثل في إبرام تحالف عسكري مع روسيا للقيام بحملة مشتركة ضد بريطانيا في الهند.
القيصر الروسي ألكسندر الأولمن دون إعلان الحرب، عبرت جحافل بونابرت في 12 يونيو عام 1812 نهر نيمان بالقرب من مدينة كونفو التابعة حاليا لأوكرانيا، وأعلن الإمبراطور مخاطبا جيشه أن ما وصفها بـ”الحرب البولندية الثانية” ستتمكن من “إنهاء تأثير روسيا على الشؤون الأوروبية”.
توغلت قوات بونابرت في أراضي الإمبراطورية القيصرية الروسية ولم تجد امامها إلا أرضا محروقة وتكتيكات كر وفر اتبعتها القوات الروسية المدافعة الأقل عددا، استنزفتها علاوة على هجمات موجعة بأساليب حرب العصابات، واكتملت الكارثة التي لحقت بجيش بونابرت الغازي، بالطقس البارد والجوع ونقص العلف، والمدد المتواصل للجيش الروسي على أرضه الشاسعة.
تراجعت القوات القيصرية الروسية لإنهاك القوات الغازية وتم إخلاء العاصمة موسكو وإشعال النار فيها لحرمان نابليون من استغلال مقدراتها في مجهوده الحربي.
بنهاية المطاف وبعد أن وصل إلى موسكو وقد تحولت إلى أرض محروقة، بدأ نابليون في التراجع وغادر روسيا خائبا بصعوبة بالغة في ديسمبر من نفس العام بعد أن فقد 95 بالمئة من جيشه.
بونابرت يتحدث عن نار موسكو وصقيع روسيا:
طبيب نابليون وهو إيرلندي يدعى باري إدوارد أوميرا، كان قضى معه ثلاثة سنوات في منفاه في سانت هيلانة، سجل محادثات معه بما في ذلك عن غزوه الفاشل لروسيا، نشرها ضمن كتاب بعد وفاة بونابرت بعنوان “صوت سانت هيلانة”.
بونابرت يتخدث عن “البرد والصقيع المبكر ونار موسكو”.
قال نابليون مبررا هزيمته العسكرية في روسيا والتي كانت بداية النهاية لطموحاته ومغامراته: “كنت مخطئا لبضعة أيام؛ لقد دققت في الطقس لمدة 50 عاما ولم يبدأ الصقيع الشديد أبدا قبل 20 ديسمبر، أي بعد 20 يوما من بدء ذلك الوقت. أثناء إقامتي في موسكو، كان الجو باردا بثلاث درجات، وتحمله الفرنسيون بسرور؛ لكن أثناء رحلة التراجع، انخفضت درجة الحرارة إلى 18 درجة، وماتت جميع الخيول تقريبا. بسبب نقص الخيول، لم نتمكن من القيام بأي استطلاع، ولا إرسال طليعة سلاح الفرسان لمعرفة الطريق. كان الجنود محبطين ومرتبكين. بدلا من الالتصاق ببعضهم، هاموا على وجوههم بحثا عن النار. أولئك الذين تم تعيينهم للاستطلاع تركوا مواقعهم وذهبوا إلى مساكنهم بحثا عن الدفء. تناثروا في كل الاتجاهات وسقطوا بسهولة في أيدي الأعداء. استلقى آخرون على الأرض، وناموا وماتوا وهم غارقون بالنعاس. مات الآلاف من الجنود بهذا الشكل”.
الإمبراطور المهزوم اشتكى لطبيبه مما وجده في موسكو قائلا: “من أجل اجتذاب الآخرين، كنت في الخطر، وشعري وحاجباي محترقان وملابسي محترقة. بقيت بنفسي في الكرملين بينما أحاطت بي النيران. ثم ذهبت إلى قصر الإسكندر الريفي على مسافة أربعة فيرست من موسكو (أكثر قليلا من 4 كيلو مترات). يمكنك أن تتخيل قوة النار إذا أخبرتك أنه كان من الصعب أن تضع يدك على الجدران أو النوافذ من موسكو، لأن هذا الجزء تم حرقه بالنار. لقد دمر هذا الحريق الرهيب كل شيء. كنت مستعدا لأي شيء سوى ذلك. من كان يظن أن الناس يمكن أن تحرق عاصمتها؟ لولا ذلك الحريق المميت، لكنت حصلت على كل ما أحتاجه للجيش؛ في العام التالي كان (القيصر) الإسكندر سيصنع السلام، أو كنت سأكون في سان بطرسبرغ”.
بونابرت توفى ولم يتجاوز من العمر 51 عاما. يمكن القول إن تكتيكات الجيش الروسي القيصري غير العادية علاوة على نيرن موسكو وصقيعها القارس، قد أطاحت بنابليون بونابرت من قمه مجده، وإنها أيضا قصرت من عمره.
المصدر: RT
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: نابلیون بونابرت علاوة على
إقرأ أيضاً:
مأرب.. وحدة النازحين تطلق نداء استغاثة لمواجهة الشتاء القاسي وموجات الصقيع
حذر تقرير حكومي من أن أكثر من 68 ألف أسرة نازحة في محافظة مأرب، شمال شرق اليمن، تواجه كارثة إنسانية بسبب افتقارها للمستلزمات والخدمات التي تحميها من البرد القارس.
وقالت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب، في نداء استغاثة عاجل: "يعيش حوالي 68,645 أسرة نازحة في 208 مخيمات منتشرة في المحافظة، أغلبها في مأوى متهالك لا يوفر الحماية من برودة الشتاء القاسية، وسط نقص حاد في مواد التدفئة والخدمات الأساسية، ما يزيد من معاناتها ويهدد حياتها بشكل مباشر".
وأضافت أن عشرات الآلاف من الأسر الأخرى التي تعيش خارج المخيمات تواجه أوضاعاً أشد قسوة، حيث "تضطر للعيش في مساكن مزدحمة، أو على أسطح المباني، أو في أزقة الشوارع، دون أي وسيلة للتدفئة أو ضمان للعيش الكريم".
وأوضحت الوحدة التنفيذية أن تزايد حدة البرد وموجات الصقيع في المحافظة، تفاقم المخاوف من انتشار أمراض الشتاء، خاصة بين الأطفال وكبار السن وحالات الضعف الأخرى، "وقد شهدنا خلال الأعوام الماضية وفاة عدد منهم نتيجة البرد الشديد، وعدم تلبية الاحتياجات الإنسانية الضرورية، هذه الكارثة مهددة بالتكرار هذا العام إذا لم يتم التحرك سريعا لتقديم المساعدات اللازمة".
وأشارت إلى أن هذه الأسر تواجه انعدام شبه تام لمواد التدفئة والمستلزمات الشتوية، إلى جانب غياب المأوى الأمن والخدمات الأساسية من غذاء ومياه وصحة، وهي "ظروف تجعل حياتهم في خطر، وتضع الجميع أمام مسؤولية عاجلة للتحرك وإنقاذ آلاف الأرواح".
وناشدت الوحدة التنفيذية، وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية، والشركاء في العمل الإنساني للتدخل السريع وتقديم المساعدات الطارئة، والتي تشمل: "توفير مستلزمات الشتاء الأساسية، مثل كالأغطية الحقائب والملابس، وصيانة وتحسين المأوى المتضررة، وتقديم مساعدات غذائية عاجلة ومياه صالحة للشرب، بالإضافة إلى تعزيز الخدمات الصحية لمواجهة أمراض الشتاء".
وأكدت أن حياة الآلاف من الأطفال وكبار السن والنساء في خطر حقيقي، وكل تأخير في الاستجابة يعني المزيد من الألم والمعاناة، وربما الفقدان، لذا "ندعو الجميع إلى سرعة التدخل، وإنقاذ حياة النازحين قبل فوات الأوان".