هآرتس: وعود نتنياهو الفارغة بالنصر ستبقينا في حرب بلا هدف
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
قال المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هرئيل، إن غياب الصفقة، على خلفية استمرار وعود نتنياهو الفارغة بتحقيق النصر الكامل، سيضغط على الجيش لمواصلة الهجوم في غزة دون هدف استراتيجي واضح، وهذا سيعرض حياة الأسرى المتبقين في غزة للخطر.
وأوضح هرئيل بمقال في صحيفة هآرتس أنه "لا توجد طريقة لتكرار عملية الإنقاذ التي تمت يوم السبت لأربعة كانوا محتجزين في مخيم النصيرات للاجئين.
وأضاف: "يبدو أننا عالقون في حلقة زمنية تتكرر كل بضعة أشهر، ويميل بلينكن، الذي واصل رحلته من إسرائيل إلى قطر، إلى قبول الموقف الإسرائيلي، وقال متحدثا من قطر إنه بدلا من الرد بكلمة واحدة بالإيجاب، انتظرت حماس طويلا ثم طالبت بالعديد من التغييرات. وأضاف بلينكن، وهو يختار الكلمات المهذبة في ظل هذه الظروف، السؤال هو ما إذا كانت حماس تتصرف بحسن نية؟".
ورأى أن "جوهر الفجوة بين الجانبين يتعلق بموقف يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، والذي مفاده أن إطلاق سراح الأسرى (على مرحلتين) يجب أن يؤدي أيضا إلى نهاية الحرب ما يعني بقاء حكمه في القطاع. وهذا مطلب لا ينوي نتنياهو تلبيته، ولهذا السبب يبدو أن القتال سيستمر".
وفي الوقت نفسه، تعمل حماس تدريجيا على تشديد مطالبها بالانسحاب والحصول على ضمانات. ونظرا لتلميحات إسرائيل العديدة بأن الاتفاق لن يصمد لفترة طويلة، فلا عجب أن حماس لن تكتفي بالصيغ الغامضة إلى حد ما في اقتراح بايدن.
وقال المحلل إنه بناء على رد حماس، فإن "إدارة بايدن في حيرة من أمرها، وهناك قناة أخرى ذات نفوذ ظاهري وهي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي وافق يوم الاثنين على قرار يدعم اقتراح بايدن، وهذا يمكن أن يؤدي إلى فرض اتفاق على الجانبين، بما في ذلك استخدام العقوبات، وهو يشكل في المقام الأول تهديدا لإسرائيل".
ولفت هرئيل إلى أن "إسرائيل تواجه أيضاً مشكلة أخرى. وفي الأسابيع المقبلة ستكون عمليتها العسكرية في رفح قد استنفدت نفسها. ويبدو أن الولايات المتحدة لا تزال تعترض على احتلال المدينة بالكامل، وفي الوقت الحالي يستجيب نتنياهو لمطلبها. والسؤال هنا هو: ما الذي ينبغي علينا أن نفعله بعد أن عملت قوات الدفاع الإسرائيلية بشكل عدواني على الأرض في كل جزء من قطاع غزة تقريباً ولكنها لم تتمكن من إلحاق الهزيمة بحماس، وبعد أن لا تلوح في الأفق صفقة رهائن؟".
وعلى صعيد الجبهة مع لبنان، "لا يزال الوضع في الشمال يتصاعد. وفي يوم الثلاثاء، اغتالت إسرائيل سامي طالب عبد الله، قائد قوة نصر التابعة لحزب الله، الذي كانت رتبته مماثلة لرتبة قائد فرقة في جيش الاحتلال، وهو أكبر قتيل للتنظيم، إلى جانب وسام الطويل، قائد قوة الرضوان، الذي قُتل في عملية مماثلة نسبت إلى الجيش الإسرائيلي".
وقال إن حزب الله رد بقصف شمل أكثر من 200 صاروخ موجه نحو الجليل بأكمله والجانب الغربي من بحيرة طبريا، وهو الأعنف منذ بداية الحرب، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات. وهددت وسائل الإعلام المرتبطة بحزب الله بالمزيد في المستقبل. و"هذا شكل أكثر تطرفاً من "صيغة الردود" التي اعتمدها نصر الله على مر السنين، ولكن لا يبدو أنها إعادة خلط كاملة للأوراق المالية في ما يتعلق بحزب الله. وقد يحاول التنظيم ضرب مسؤول إسرائيلي كبير كعمل انتقامي".
واعتبر أن إسرائيل في مأزق استراتيجي في ما يتعلق بحزب الله لفترة طويلة، حيث إنها لم تحقق العديد من الإنجازات التكتيكية واغتيال عبد الله هو تعبيرعن نمط مألوف: تظهر فرصة استخباراتية وعملياتية ويتم اتخاذ قرار الاغتيال، من دون الأخذ في الاعتبار بالضرورة جميع التداعيات الاستراتيجية.
في أوائل نيسان/ أبريل، أدى اغتيال الجنرال الإيراني محمد رضا زاهدي في دمشق إلى دخول إسرائيل في مواجهة غير مسبوقة مع إيران، حيث تم إطلاق 350 صاروخا وطائرة بدون طيار على إسرائيل من قبل إيران ووكلائها. هذه المرة، إيران ليست جزءاً من الصورة، لكن المزيد من التصعيد مع حزب الله أمر محتمل.
من المهم معرفة ما إذا كان بعض التفكير الاستراتيجي قد حدث قبل اتخاذ قرار الاغتيال، أو ما إذا كان هذا مثالًا آخر على هز الذيل للكلب، حيث يشعر الجيش بالإحباط، ويواصل الانتقادات، ثم يتخذ إجراءات، والتي رغم نجاحها من الناحية العملياتية فإنها قد تقربنا من حافة الحرب، على ما يبدو دون أن تنظر المستويات السياسية بجدية إلى أهمية هذا الإجراء.
لا يسع المرء إلا أن يلاحظ الفجوة التي لا تطاق بين الوضع المعقد للحرب، مع العبء الضخم والخطير الملقى على عاتق المجندين والجنود الاحتياطيين، وبين سلوك أعضاء التحالف.
في وقت مبكر من صباح الثلاثاء، وافق الكنيست، بأغلبية 63 صوتا مقابل 57، على مشروع قانون يسمح لنتنياهو بإدامة تجنب الخدمة العسكرية للرجال الأرثوذكس المتطرفين، "ومن بين جميع نواب الائتلاف، كان وزير الدفاع يوآف غالانت فقط مخلصا لضميره وتجرأ على التصويت ضد موقف الليكود والحكومة".
وقال المحلل: "سوف تذكر ابتسامة نتنياهو العريضة في نهاية التصويت باعتبارها إحدى الصور المؤثرة لهذه الحرب. غضب الجمهور وعلى وسائل التواصل الاجتماعي هائل، في هذه الأثناء، ما لا يحدث هو أن هذا الغضب يترجم إلى حركة احتجاجية فعالة أو تحركات سياسية يمكنها تحقيق أي شيء".
وشدد على أنه بمرور الوقت، فإن سلوك الحكومة سوف يضعف أيضا المجهود الحربي، ولن يتمكن العديد من المدنيين والجنود بعد الآن من مد يد العون لهم، وهم يعلمون بوضوح أن حكومتهم تخدعهم وتكذب عليهم، وتخضع تحركاتها لمصالح عامة الناس الذين لا يشاركونهم العبء على الإطلاق.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية غزة لبنان الاحتلال لبنان غزة الاحتلال مجازر صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة یبدو أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
معنى تصفيد الشياطين في شهر رمضان.. ومن الذي يوسوس لنا ؟
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما معنى تصفيد الشياطين في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ»، وكيف نفسر حصول المعاصي من بعض الناس في شهر رمضان مع كون الشياطين مُصفَّدة؟".
لترد دار الإفتاء المصرية، موضحة: أن معنى عبارة "تصفيد الشياطين" الواردة في الحديث الشريف المسؤول عنه قد تفاوت العلماء في تفسيره على مداركَ متعددةٍ، وإن كانت في جملتها متكاملة متعاضدة، فقد يُرَاد به أنَّ الشياطين مغلولون ومقيدون حقيقةً في هذا الشهر، وقد يكون المراد أنهم ممنوعون من إيذاء المؤمنين وإغوائهم والتزيين لهم، ويحتمل أن المراد أن الله تعالى يحفظ فيه المسلمين أو أكثرهم في الأغلب من المعاصي، أو يقصد به نوعٌ مخصوصٌ من الشياطين، وهم: مُسْتَرِقُو السَّمْع منهم، أو مَنْ صُفِّدوا هم غالب الشياطين والمَرَدةُ منهم، وأما غيرهم فغير مُصَفَّد.
وأما حصول المعاصي من بعض الناس في شهر رمضان مع كون الشياطين مُصَفَّدة: فإما أن يكون تصفيدُهم إنما هو في حقِّ الصائم المراعي لشروط الصوم وما ينبغي أن يتحلَّى به من آدابه، أو أنَّ سبب اقتراف الذنوب آتٍ من النفس وخَطراتها.
تفضيل شهر رمضان على غيره من الشهورمما امتاز به شهر رمضان المعظم عن غيره من الشهور الأخرى ما أكدته السُّنَّة النبوية المطهرة من أنه إذا دخل هذا الشهر المُعظم صُفِّدَتِ الشياطين، وقد تواردت نصوص السُّنَّة المشرفة على ذلك، وأهمها:
ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» رواه مسلم.
وما ثبت أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ» رواه الشيخان، واللفظ للبخاري.
وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ» رواه الترمذي، وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".
معنى تصفيد الشياطين في شهر رمضانلفظ «صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» الوارد في كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إما أن يكون معناه التصفيد حقيقة، فتكون الشياطين في هذا الشهر مغلولةً مُصَفَّدَةً ممنوعة من التصرف وبعض الأفعال التي لا تُطِيقُهَا إلا مع الانطلاق، والأغلال تكون بالحديد، وإن الشياطين مع ذلك ليست ممتنعةً مِن التصرف جملة؛ لأن الْمُصَفَّدَ المغلول اليد إلى العنق يتصرف بالكلام والرأي وغيرهما، كما ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (1/ 144، ط. دار المعرفة)، والإمام الباجي في "المنتقى" (2/ 75، ط. مطبعة السعادة).
وإما أن يكون تصفيد الشياطين معناه: أنه مِن شدةِ بركات هذا الشهر فكأنها كالْـمُصفَّدة، وإما أن يكون المراد: أنهم ممنوعون من إيذاء المؤمنين وإغوائهم وتزيين الشهوات لهم في هذا الشهر.
قال القاضي عياض في "شرح صحيح مسلم" (4/ 5-6، ط. دار الوفاء): [«وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ»: قيل: يحتمل الحقيقة... وكذلك تصفيد الشياطين ليمتنعوا من أذى المؤمنين وإغوائهم فيه، وقيل: يحتمل المجاز لكثرة الثواب والعفو، والاستعارة لذلك بفتح أبواب الجنة، وإغلاق أبواب النار، وقد جاء في الحديث الآخر: «وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ» وبأن الشياطين كالمصفدة لما لم يتم إغواؤهم بعصمة الله عباده فيه... ويكون معنى "تصفيد الشياطين" هنا خصوصًا عن أشياء دون أشياء، ولبعض دون بعضٍ، أو على الغالب، وجاء في حديث آخر: «صُفِّدَتْ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ»... ومعنى "صُفِّدَتْ": أي: غُلِّلَتْ، والصَّفَد، بفتح الفاء، الغُلُّ، وقد روى في الحديث الآخر: "سُلسِلت"] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (16/ 153، ط. أوقاف المغرب): [وأما قوله: «وَصُفِّدَتْ فِيهِ الشَّيَاطِينُ» أو «سُلْسِلَتْ فِيهِ الشَّيَاطِينُ» فمعناه عندي -والله أعلم-: أن الله يعصم فيه المسلمين أو أكثرهم في الأغلب من المعاصي، فلا يخلص إليهم فيه الشياطين كما كانوا يخلصون إليه منهم في سائر السَّنَة] اهـ.
ومن المعاني المحتملَة في "تصفيد الشياطين": أن يكون المراد نوعًا من الشياطين، وهم: مُسْتَرِقُو السمع منهم، والذين يقع تسلسلهم في ليالي رمضان دون أيامه؛ لأن القرآن كان ينزل فيها، وهم قد مُنِعُوا في زمن نزول القرآن مَن استراق السمع، فزيدوا في التصفيد والتسلسل مبالغة في الحفظ. يُنظر: "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني (4/ 114).
ويحتمل أيضًا أن يكون المراد: أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره؛ لاشتغالهم بالصيام والطاعات ومما فيه قَمْعٌ للشهوات، فكأنَّ الله تعالى يَعْصم في هذ الشهر المُعَظَّم المسلمين أو أكثرهم في الأغلب من المعاصي.
قال الإمام المُنَاوي في "فيض القدير" (1/ 340، ط. المكتبة التجارية): [لفظ رواية مسلم: "صُفِّدت" (الشياطين)، شُدَّت بالأغلال؛ لئلا يوسوسوا للصائم، وآية ذلك تنزه أكثر المنهمكين في الطغيان عن الذنوب فيه وإنابتهم إليه تعالى] اهـ.
وقال العلامة الطيبي في "شرح الطيبي على مشكاة المصابيح" (5/ 1576، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز): [والتصفيد في شهر رمضان مبالغة للحفظ، ويحتمل أن يكون المراد به أَيَّامَهُ وبعده، والمعنى: أن الشياطين لا يخلصون فيه من إفساد الناس ما يخلصون إليه في غيره؛ لاشتغال أكثر المسلمين بالصيام الذي فيه قمع الشهوات، وبقراءة القرآن وسائر العبادات، والله أعلم] اهـ.
تفسير وقوع المعاصي في رمضان مع كون الشياطين مصفدة
أما وقوع المعاصي والذنوب مِن بعض الناس في شهر رمضان مع أن الشياطين مُصَفَّدة، فهذا له تأويلات: فإما أن تصفيدهم إنما هو في حقِّ مَن صام محافظًا على شروط الصوم وما ينبغي أن يتحلَّى به الصائم من آداب، وإما أن هناك أسبابًا أخرى لاقتراف الذنوب والمعاصي، كالنفوس الخبيثة، والعادات الركيكة، والشياطين الإنسية، وإما أن يكون المراد بمن صُفِّدوا هم غالب الشياطين والمردة منهم، وأما غيرهم فقد لا يُصَفَّد، ويكون المعنى المراد حينئذٍ هو: تقليل الشرور، وذلك موجود في رمضان؛ فإن وقوع الشرور والفواحش فيه قليلٌ بالنسبة إلى غيره من الشهور الأخرى.
قال الإمام أبو العباس القرطبي في "المفهم" (3/ 136، ط. دار ابن كثير): [فإن قيل: فنرى الشرور والمعاصي تقع في رمضان كثيرًا؛ فلو كانت الشياطين مُصَفَّدة لما وقع شرٌ؟ فالجواب من أوجه:
أحدها: إنما تُغَلُّ عن الصائمين الصوم الذي حُوفظ على شروطه، ورُوعيت آدابه، أما ما لم يحافظ عليه فلا يُغَل عن فاعله الشيطان.
والثاني: أنا لو سلمنا أنها صُفِّدت عن كل صائم، لكن لا يلزم من تصفيد جميع الشياطين، ألا يقع شرٌ؛ لأن لوقوع الشر أسبابًا أُخَر غير الشياطين، وهي: النفوس الخبيثة، والعادات الرَّكيكة، والشياطين الإنسية.
والثالث: أن يكون هذا الإخبار عن غالب الشياطين، والمردة منهم، وأما من ليس من المردة فقد لا يُصَفَّد. والمقصود: تقليل الشرور. وهذا موجود في شهر رمضان؛ لأن وقوع الشرور والفواحش فيه قليل بالنسبة إلى غيره من الشهور] اهـ.
وقال الإمام المُنَاوي في "فيض القدير" (1/ 340): [وأما ما يوجد فيه من خلاف ذلك في بعض الأفراد فتأثيرات من تسويلات المردة أغرقت في عُمْق تلك النفوس الشريرة وباضت في رؤوسها، وقيل: خُصَّ من عُمومٍ.. تنبيه: عُلم مما تقرر أن تصفيد الشياطين مجازٌ عن امتناع التسويل عليهم واستعصاء النفوس عن قبول وساوسهم وحسم أطماعهم عن الإغواء؛ وذلك لأنه إذا دخل رمضان واشتغل الناس بالصوم وانكسرت فيهم القوة الحيوانية التي هي مبدأ الشهوة والغضب الداعيَيْن إلى أنواع الفسوق وفنون المعاصي وصَفَتْ أذهانهم واشتغلت قرائحهم وصارت نفوسهم كالمرائي المتقابلة المتحاكية وتنبعث من قُواهم العقلية داعية إلى الطاعات ناهية عن المعاصي فتجعلهم مُجمِعين على وظائف العبادات عاكفين عليها مُعرِضين عن صنوف المعاصي عائقين عنها، فتفتح لهم أبواب الجنان وتغلق دونهم أبواب النيران ولا يبقى للشيطان عليهم سلطان فإذا دنوا منهم للوسوسة يكاد يحرقهم نور الطاعة والإيمان] اهـ.