4 تطورات جديدة.. هل تكون أنفلونزا الطيور الوباء التالي؟
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
تنتشر أنفلونزا الطيور بشكل كبير، وتثير قلق العديد من خبراء الأمراض المعدية أكثر من أي وقت مضى، في وجود 4 تطورات جديدة قد تجعل المرض "الوباء التالي"، وفق تقرير لموقع "بيزنس أنسايدر".
وقد أدى فيروس أنفلونزا الطيور H5N1 إلى مقتل عشرات الملايين من الطيور في جميع أنحاء الكوكب، ومع ذلك، يقول مركز السيطرة على الأمراض إن "الخطر على البشر منخفض".
ويبدو أن فرصة معظم الناس للإصابة بفيروس أنفلونزا الطيور H5N1 "ضئيلة للغاية"، إن وجدت، في الوقت الحالي.
وقد ثبتت إصابة ثلاثة أشخاص فقط في الولايات المتحدة بالفيروس منذ انتشاره المفاجئ بين الماشية، وكان جميعهم على اتصال مباشر مع الأبقار المصابة، وفق موقع "ساينس أليرت".
تهديد متزايدلكن خبراء الأمراض المعدية يشعرون بقلق متزايد من أن فيروس H5N1 يمكن أن يقفز بشكل مستمر إلى البشر ويبدأ في الانتشار بيننا، وهذا ليس أمرا حتميا، ولكن العديد من التطورات الأخيرة تشير إلى أنه يشكل تهديدا متزايدا.
يعد هذا الفيروس مرشحا رئيسيا ليكون "الوباء التالي"، وقد أثارت أربعة تطورات في الشهر الماضي قلق الخبراء.
دخول طفل إلى المستشفى في أسترالياأعلنت منظمة الصحة العالمية أن طفلا يبلغ من العمر عامين أصبح أول حالة إصابة بشرية بفيروس H5N1 في أستراليا في مارس.
وبعد العودة من السفر إلى كلكتا بالهند، ظهرت الأعراض على الطفل وهي "فقدان الشهية والحمى والسعال والقيء والتهيج"، بحسب "منظمة الصحة العالمية".
وتسبب ذلك في دخول الطفل المستشفى لمدة أسبوعين ونصف، بما في ذلك دخوله إلى وحدة العناية المركزة.
ومع ظهور الحالات البشرية في أجزاء مختلفة من العالم، أصبح علماء الأوبئة مثل كريستوفر داي أكثر قلقا.
وقال داي، الأستاذ وزميل الأبحاث الأول في جامعة أكسفورد،"توجد كمية هائلة من الفيروسات في الوقت الحالي.. ومن الواضح أنها تتغير، وتقوم بأشياء جديدة وغير متوقعة".
وأضاف: "لقد كانت الأنفلونزا دائما مصدر قلق لعقود وعقود، وهذا الشكل الخاص من الأنفلونزا لمدة عقدين على الأقل".
وتابع: "ولكن الآن، ارتفع مستوى القلق، كما أعتقد، وهو أكبر من أي وقت مضى."
الفئران ونقل أنفلونزا الطيور إلى المنازلالثلاثاء، أفادت وزارة الزراعة الأميركية، أن إجمالي 47 فأرا منزليا أثبتت الاختبارات إصابتها بفيروس H5N1 في نيو مكسيكو.
وقالت الدكتورة مونيكا غاندي، أستاذة الطب والرئيس المساعد لقسم فيروس نقص المناعة البشرية والأمراض المعدية والطب العالمي بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، إن "الفئران موجودة في كل مكان.. إنهم يتواجدون حول حيوانات أخرى، ويتواجدون حول البشر كثيرًا... وهذا أمر مثير للقلق بعض الشيء".
تم جمع العينات من الفئران المريضة في أوائل شهر مايو.
ووفقا لصحيفة "التلغراف"، يشتبه العلماء في أن الفئران، وكذلك بعض القطط المنزلية، ربما أصيبت بالفيروس من شرب الحليب الخام من الأبقار المصابة.
وينصح خبراء الصحة العامة بشدة بأن لا يشرب الناس الحليب غير المبستر، المعروف أيضا باسم الحليب "الخام".
وقال ريك برايت، المدير السابق لهيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم: "هذا يجعل الفيروس أقرب إلى منازل البشر".
الفيروس بدأ "التكيف"تشير إحدى الطفرات إلى أن الفيروس قد بدأ في التكيف.
عندما قام مركز السيطرة على الأمراض بتحليل عينة فيروس من العامل الزراعي الأميركي الثاني المصاب، اكتشفوا "طفرة في آلية تكاثر الفيروس" وهي الطريقة التي يدخل بها إلى خلايا مضيفه لعمل نسخ من نفسه.
وقالت مراكز السيطرة على الأمراض في بيان لها في مايو، إنه تغيير "مرتبط بالتكيف الفيروسي مع الثدييات المضيفة".
وذكر البيان أن الدراسات التي أجريت على الفئران تشير إلى أن هذا النوع من الطفرات الجينية في الفيروس يرتبط بمرض أكثر خطورة وتعزيز تكاثر الفيروس.
لكن هذا "لا يجعله فيروسا بشريا حتى الآن"، ولكن "يمكن أن يتغير ذلك".
السعال "مثير للقلق"كان إحدى الحالات التي ثبتت إصابتها بفيروس H5N1 في الولايات المتحدة تعاني من "سعال والتهاب في الحلق"، وهذا يعني أن الفيروس كان موجودا في الجهاز التنفسي لذلك العامل.
ومن الأسهل نشر الفيروس عن طريق السعال أو العطس.
أخبار سارةالخبر السار الأول هو أن فيروس H5N1 لا يزال غير متكيف مع البشر بدرجة كافية للانتقال بيننا.
ولم يبلغ مركز السيطرة على الأمراض عن أي دليل على أن عامل المزرعة الذي يعاني من السعال ينشر الفيروس إلى أي شخص آخر.
لكن هذا لا يعني أن فيروس H5N1 غير قادر على التحور بحيث ينتقل من إنسان إلى إنسان.
والخبر السار الثاني هو أن أنفلونزا الطيور ليست كوفيد-19.
لقد ظل العلماء يتتبعون هذا الفيروس وشجرة عائلته الفيروسية بأكملها، لمراقبة أي علامة على وجود تهديد متزايد للبشر، منذ عقود.
ونتيجة لذلك، أصبحت العناصر الرئيسية للقاح في وضع الاستعداد بالفعل.
وبدأت الولايات المتحدة في تصنيع الملايين من اللقاحات، التي طورتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السیطرة على الأمراض أنفلونزا الطیور فیروس H5N1
إقرأ أيضاً:
الجن زمن الإنسانية المتحولة
الجن فـي المرويات الدينية والثقافـية والشعبية والأسطورية، مكون رئيس من المعتقد العام لأغلب الشعوب، التي تحضر فـيها فكرة كائنات نورانية ونيرانية أو ترابية أو هوائية مفارقة لوجود البشر المخلوق من تراب، وفـي الآن ذاته هي مؤسسة لعالم مواز ينعم بخوارق تجاوز فعل البشر وتتعداه. فكرة الجن، هي فكرة عائمة، قائمة على أمرين رئيسين، الأمر الأول أسطوري به يمكن تفسير ظواهر تبدو فـي ظاهرها عجيبة وغريبة، ويعسر على الفكر البشري تلقيها وتقبلها، مثل النحت فـي الجبال أو مد الأفلاج أو بناء القصور المفرطة فـي الدقة فـي أزمنة شبه بدائية، والأمر الثاني هو رغبة الكائن البشري فـي إيجاد صوت قادر يحمل أمراضه وعقده ويلقى عليه عبء عجز الإنسان.
ودون الدخول فـي الحقيقة الدينية للجن، وهو ما تؤكده أغلب المنازع الدينية السماوية والأرضية، فإن الجن ثيمة حكائية وسيعة المجال، مولدة الحكايا، باعثة لممكنات قصصية لا نهاية لها، وهي -على غير ما تبدو عليه- ليست من العجائب والغرائب المفارقة لكون الإنسان، وإنما هي من باب العجائب والغرائب الداخلة فـي كون البشر، وقد استثمرها العرب بشكل لافت، وبنوا عليها قصصا مديدا، وأفاضوا فـيها السرد، تجاوزا للإشارات القرآنية واللمح النبوية، وإنما غلبت على قصص الجن حمولات الثقافة الشعبية الغالبة على الشعوب العربية فـي التفاعل مع عالم مواز له وجود فاعل فـي حياتهم، وبسبب من هذه الوفرة الحكائية ومن الثبات الاعتقادي، دخلت حكايات الجن مصنفات التاريخ ركنا مكينا أصيلا ثابت الوجود فـي حقائق المؤرخين، وقس على ذلك -على سبيل المثال- ما ذكره الطبري فـي تاريخه، وما ذكره ابن الأثير فـي كامل تاريخه من قصص الجن وتدخلهم فـي عالم البشر.
وقد صنعت أميرة الزين كتابا مهما فـي الغرض تحدثت فـيه عن الجن فـي الثقافة العربية وفـي أدبها، وقلبت الموضوع على أوجه عدة، وسمت كتابها «العرب، الإسلام، وعالم الجن الذكي»، Islam, Arabs, and the intelligent world of the jinn وهو كتاب باللغة الإنجليزية يتوجه أساسا إلى قارئ لا يعرف من عوالم العرب إلا ألف ليلة وليلة فـي الغالب الأعم، وينشد إلى عوالمها الخارقة، وإلى قصص بشرها وجنها، ولا يعرف من الإسلام إلا قمع المرأة ومحاصرة حريتها، وتوليده الإرهاب الذي صار لصيقا بالمسلمين مع الأسف، وكلنا صار يتابع بسخرية أن نداء «الله أكبر» أصبح مفزعا لعموم الغربيين، وكأن العبارة الدالة على إعلاء ذات الإله أصبحت عبارة مقرونة بالتفجير والتقتيل وإسالة الدماء، وهي مسألة لا تدعو إلى السخرية ولا إلى الهزء من أولئك الخائفـين من صوت المؤذن ولا الداعي إلى إعلاء كلمة الله، وإنما تدعو إلى الوقوف تأملا ونظرا فـي أبعاد هذه الفوبيا وطرق مقاومتها. عالم الجن، إذن هو عالم مرغب للغربيين، منفر للعرب، مخيف أحيانا، حتى أنه من باب المزاح عندما أخبرت صديقة مقربة مني ومن عالمي أني شرعت فـي إنجاز بحث عن الجن، قالت، استعن بالمعوذتين كل ليلة ولا تغفل عن ذلك.
لماذا نخاف من عالم الجن ونحن على أبواب الحديث عن الإنسانية المتحولة أو عن صور الإنسانية الخارقة أو عما بعد الإنسانية؟ لقد أثارت أميرة الزين فـي كتابها عمق التفاعل العربي مع عالم الجن، ومهدت لكتابها بمقدمة شاملة هامة أبانت فـيها انتشار الاعتقاد فـي الجن لدى أغلب الملل والأديان والمعتقدات وركزت من بعد ذلك على بيان «شعرية اللامرئي»، وقدرة الخيال الإسلامي على تمثل هذه المرجعيات اللامرئية التي يمكن أن تتواجد (وأقصد التواجد لا الوجود) فـي عالمين متباينين، عالم الشهادة وعالم الغيب، وتثير الدارسة جملة من الإشكاليات العميقة التي لم نتعود مقاربتها فـي موضوع الجن، مثل «الصلة بين الوحي والعرافة والجن»، أو جملة من التوازنات والمقارنات بين طبيعة البشر وطبيعة الجن وأواصر الصلة الجامعة بينهما فـي إيجاد عوامل واصلة بين العالمين المتفارقين، عالم الجن وعالم البشر، أو التعرض لجملة من الظواهر المؤسسة لفكرة الجن، مثل السحر أو التلبس والأشكال الحيوانية التي رسختها الثقافة الشعبية التي عليها يظهر الجن ويخرج من طينته ليتلبس حيوانا ما، ومن المواضيع المتكررة والمكثفة فـي سيرة الجن فـي الثقافة العربية الإسلامية علاقات الحب التي قد تنتهي إلى زواج بين الجن والإنس (وقد توسع الجاحظ فـي نكران ذلك، وهو العاقل)، وصلة الشعراء بالجن، وهو من المواضيع الجالبة الجاذبة لأخبار عديدة، توسعت فـيها مدونات عديدة، حتى أصبح التابع حقيقة، والجني الذي يقول الشعر على لسان البشر واقعا.
عالم الجن فـي الحكايات العربية يحتاج إلى نظر ورؤية تخرج عن دائرة الإثبات والنفـي إلى الوقوف على إدراك حاجة الإنسان إلى بناء عالم كامل للجن، مجتمع يوازي المجتمع البشري ويساويه، زواج وأبناء ودور وصلات، إيمان وكفر، شعر ونثر، تخيلا لعالم ممكن فـي الذهن العربي لكائن أمثل قادر على البقاء والإبقاء، قادر على الخفاء والجلاء، مالك لإمكان أفعال وصفات يصبو البشر إلى بلوغها، وقد قدمت لنا المرويات العربية عوالم تامة الكمال لعوالم الجن، يمكن أن نمثل عليها فحسب، بما ورد فـي كتاب عبيد بن شرية الجرهمي «أخبار عبيد بن شرية الجرهمي فـي أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها» يقول: «قال: ملك (الرائش) مائتي سنة وخمسا وعشرين سنة.
فقال (معاوية): فمن ملك بعده؟ قال (عبيد بن شرية): ابنه أبرهة بن الرائش -وكان يدعى ذا المنار- وكان من أجمل أهل زمانه، فعشقته امرأة من الجن -يقال لها العيوف- ويروى أنها الهيوف بنت الرابع فتزوجها، فولدت له العبد بن أبرهة»، وهو أمر دارج فـي أخبار العرب، لا يمثل حدثا مفارقا، ولذلك، فإن التداخل بين عالمي الجن والإنس فـي الموروث العربي ليس فعلا خارقا، ولا يدخل باب التجنيح التخيلي، وإنما هو فعل دارج، نابع من عقيدة وإيمان راسخين بتدخل الجن فـي عالم البشر، وبربط علاقات قد تبلغ درجة التزاوج، ولا غرابة أن مدينة مثل مأرب فـي اليمن، هي نسخة من مدينة للجن، وأن الهدهاد بن شرح بن شرحبيل تزوج من الجن، تزوج الحرورى ابنة اليلب، ملك من ملوك الجن، ومنهما كانت ابنتهما بلقيس صاحبة السيرة الشهيرة.
يثار اليوم موضوع الجن، وكما سلف أن ذكرنا، فنحن لا نهتم بالبعد الديني لمسألة الجن، ولكن عنايتنا به ثقافـية أنتروبولوجية، سردية، يثار موضوع الجن، ونحن فـي خضم إشكال فلسفـي وجودي حول نهاية الإنسان والإنسانية، ولعل العودة إلى الفـيلسوف الفرنسي لوك فـيري، وهو الناظر فـي أصول السعادة البشرية، الباحث عن علم الحياة، الناقد لتحول الإنسان إلى جهاز حاسوب، أن تعيننا على فهم هذه النهاية التي يبشر بها العلم، هي نهاية قاطعة مع حال من الإنسانية التي عاشها الإنسان منذ وجوده، وباعثة لما بعد الإنسانية، تحقيقا للإنسان الأكمل أو للإنسان الآلة، فهل سيكون الجن حاضرا فـي مخيلة الإنسان صاحب الذكاء الخارق، الخالي من المشاعر، لأن المشاعر هي علة من علل فشل الإنسان ومنعه من البقاء لفترة أطول، أو منعه من الخلود.