تستقطب أسوار مالطا وشواطئها عشرات الآلاف من السياح القادمين من منطقة الشرق الأوسط ومن حول العالم. ولآلاف السنين، كانت الجزيرة ملاذا رومانسيا للأزواج ووجهة مثالية لإقامة حفلات الزفاف وعطلات شهر العسل، حيث تتمتع بطبيعة ساحرة وطقس بديع.

كما يتلاقى تراث الحضارات الإنسانية بالتقاليد المحلية الغنية للشعب المالطي، ليجعلا من الجزيرة المتوسطية مكانا استثنائيا.

خيارات لا حصر

وتتوفر في مالطا خيارات لا حصر لها لتنظيم حفلات الزفاف والمناسبات الخاصة، بالإضافة إلى عروض الإقامة العديدة والمغامرات والأنشطة السياحية المثالية لمن يقضون شهر العسل، كما تعتبر وجهة الأحلام للأزواج الباحثين عن بداية جديدة.

وسواء رغبتم بحفل زفاف في الهواء الطلق في أحضان حديقة غنّاء، أو بإقامة حفل مغلق، توفر الجزيرة المتوسطية للمقدمين على الزواج عددا من خيارات الإقامة وأماكن حفلات الزفاف الاستثنائية، التي تناسب جميع الأذواق والميزانيات.

وفي قلب الجزيرة المتوسطية البديعة، تشرق الشمس بلطف على مدار العام لتمنح أيامكم المقبلة دفئا يرسخ في الذاكرة مدى الحياة.

شمس مالطا تشرق بلطف على مدار العام لتمنح زوارها دفئا يرسخ في الذاكرة مدى الحياة (غيتي)

ويتمتع مخططو السفر ومنظمو الأعراس في مالطا بخبرة طويلة ومهارات استثنائية في تنظيم المناسبات والأحداث الخاصة. وتشمل خدمات تنظيم حفلات الزفاف اقتراحات الأماكن المثالية، وتنظيمات النقل، وترتيبات شهر العسل كافة.

باقات أعراس متكاملة

وتوجد في مالطا أيضا باقات أعراس متكاملة، منها ما هو مصمم حسب الطلب، ومنها ما هو تقليدي يعقد في أجمل المواقع التاريخية، أو في الأماكن الريفية الساحرة أو حتى في وسط الأماكن العامة، التي لا تقل جمالا عن القاعات الراقية.

تقام حفلات الزفاف بمالطا في أجمل المواقع التاريخية أو في الأماكن الريفية أو حتى في الأماكن العامة (غيتي)

وكوجهة مفضلة للمقدمين على الزواج تقدم مالطا وفرة في الأنشطة والبرامج السياحية، وتتمتع أيضا بثقافة غنية ازدادت ثراء عبر القرون بتفاعلها مع مختلف الحضارات الإنسانية. هذا التاريخ الفريد للجزيرة أكسبها مكانة خاصة كوجهة رائدة للسفر والسياحة وتنظيم الاحتفالات والمناسبات الخاصة.

وتبرز مالطا أيضا كوجهة سفر يسهل الوصول إليها، فهي تتمتع بشبكة واسعة من الرحلات اليومية، التي تربط مطارها الدولي بالوجهات العالمية، بما في ذلك البلدان والمناطق المجاورة من الشرق الأوسط، مع رحلات يومية مباشرة.

أفضل 5 أماكن الزفاف في مالطا

وللمساعدة في تنظيم "يوم العمر"، قدمت هيئة مالطا للترويج السياحي دليلا مختصرا يسلط الضوء على بعض من أفضل أماكن الزفاف:

1- بالاتزو باريسيو

بفضل تصميمه الداخلي وحدائقه الإيطالية، يعد بالاتزو باريسيو، الذي يعود تاريخه إلى القرن الـ18، أحد أكثر المنازل الخاصة إثارة في مالطا. يقع بالاتزو باريسيو بالقرب من شوارع فاليتا المزدحمة، لذلك، فهو يمنح الضيوف الكثير للقيام به في الأيام والساعات المحيطة باحتفالات الزفاف.

بدءا من قاعة المدخل الكبرى بأسقفها المقببة وجدرانها المزركشة وحتى جمال قاعة بالاتزو باريسيو المبهر، توفر كل مساحة هنا مكانا لتأمل سحر المكان والاستمتاع بأجواء حيوية نابضة بالفرح.

وتم ترخيص بالاتزو باريسيو لإقامة مراسم الزواج في قاعة الاحتفالات سالا لومباردا الشهيرة. ولمن يفضلون أجواء ومناسبات أكثر تقليدية، فبإمكانهم تنظيم الاحتفالات في بناء سيدة النصر القريب من المكان.

2- فيلا بولونيا

فيلا بولونيا هي قصر ريفي جميل يعود تاريخه إلى القرن الـ18. تتميز بفخامة التنسيق الباروكي والرومانسية المعمارية، التي يحلم بها الأزواج. كما ينعم المكان بحدائق واسعة يمكن تزيينها لتناسب جميع المناسبات والمتطلبات الخاصة. وتتمتع الحدائق بخلفية جذابة مع لمسات معمارية تاريخية وخيارات داخلية مغلقة، تجعل منها مكانا مثاليا لصور الزفاف.

3- حدائق البركة

تُعد حدائق البركة أحد الأماكن التاريخية الفريدة في فاليتا، وتتمتع بموقع متميز في أعلى الحصون، أسفل حدائق البركة العليا مباشرة. يتميز المكان بالمناظر الطبيعية الرائعة المطلة على المدينة القديمة وعبر المرفأ.

وتقدم أبهة المكان والتجهيزات المتوفرة في حدائق البركة خلفية مناسبة لاحتفالات الزفاف ويمكن لها استضافة 150 ضيفا.

4- فيلا بيجا

تطل فيلا بيجا على الميناء الكبير، وتتميز بتصميم داخلي على الطراز الكلاسيكي يعود تاريخه للقرن الـ17. تحتوي فيلا بيجا على مجموعة واسعة من الغرف والمساحات، التي تمنح الأزواج المرونة فيما يتعلق بشكل الزفاف وأعداد الضيوف.

كما تتميز فيلا بيجا أيضا بخدمات فاخرة ومرافق حديثة تحترف تقديم الطعام لجميع المناسبات. يمكن أن يستوعب هذا المكان قرابة ألف شخص واقف و600 شخص جالس.

5- زارا لودج

زارا لودج هو مبنى معاصر يقع في مزرعة صيد مالطية تقليدية وسط مساحات ريفية خضراء. تم مؤخرا إعادة استخدام المبنى وأراضيه لاستضافة حفلات الزفاف وجميع المناسبات. يتميز زارا لودج بوفرة الخيارات المتعلقة بتصميم المناسبة والموضوعات وأعدادا الضيوف، ويوفر الفناء الخلفي للمكان مساحة شاسعة تضم مسبحا محاطا بأشجار الفاكهة.

وفي الداخل، توجد غرفة الرسم تتوسطها مدفأة على الطراز المغربي ولمسات من الفن المالطي والسيراميك الملون، الذي يزين الجدران. يعتبر زارا لودج مكانا مناسبا لاستضافة عشاء زفاف راق أو حفلات استقبال. كما يحتوي المكان على غرفة اللافندر ذات الأرضية الرخامية وأثاثها المصنوع من الخشب الماهغوني المصقول الفاخر. وتعتبر غرفة اللافندر مكانا هادئا بعيدا عن الحشود لالتقاط صور الزفاف الخاصة والعائلية.

مالطا تتمتع بنسيج غني من التاريخ والثقافة والجمال الطبيعي وتضم شواطئ ساحرة (بيكسابي)

جدير بالذكر أن الأرخبيل المالطي يقع في قلب البحر الأبيض المتوسط ويتكون من 3 جزر رئيسية: مالطا وغودش وكومينو. كما تحتضن مالطا أحد أقدم المعابد في العالم.

وتفتخر مالطا بنسيج غني من التاريخ والثقافة والجمال الطبيعي، وتضم العديد من مواقع التراث العالمي لليونسكو. من الشواطئ الساحرة ورحلات اليخوت إلى خيارات الإقامة والأنشطة السياحية المتنوعة، تعدكم مالطا بحفل زفاف أسطوري وإجازة شهر عسل لا تُنسى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حفلات الزفاف شهر العسل فی مالطا

إقرأ أيضاً:

الإفلات من العقاب: "فلسطين هي المكان الذي تموت فيه القوانين الدولية"

منذ عام 2001، أودت النيران الإسرائيلية بحياة ما يقرب من 200 صحفي، 170 منهم منذ بدء الحرب على غزة (2023). ومع ذلك، لم تقم إسرائيل بمحاسبة أي شخص، حتى في حالات القتل الأكثر تطرفاً. في المرحلة الثانية من مشروع غزة، وجدت منظمة فوربيدن ستوريز (قصص محظورة) وشركاؤها أن إسرائيل استخدمت تكتيكات قانونية وبيروقراطية لعرقلة التحقيقات في دور جيشها في مقتل المدنيين.

في 15 كانون الأول/ديسمبر 2023، أصيب الصحفي سامر أبو دقة بهجوم بطائرة مسيّرة، أثناء تصويره الدمار الذي لحق بخان يونس جنوب قطاع غزة. منعت القوات الإسرائيلية سيارات الإسعاف من الوصول إلى أبو دقة؛ ما حرمه من الحصول على الإسعافات الطبية لأكثر من خمس ساعات. عثر المنقذون بعدها على جثته ممزقة إلى أشلاء، بجانب سترته الصحفية.

في 11 أيار/مايو 2022، قُتلت مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة على يد قناص إسرائيلي، أثناء تغطيتها مداهمة للجيش الإسرائيلي بمخيم للاجئين، بالقرب من شارع الشهداء في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة. وعلى الرغم من ملابسها الواقية وسترتها الصحفية المكتوب عليها بوضوح PRESS (صحافة)، فإنها أصيبت برصاصة في رأسها، وأُعلن عن وفاتها بعد فترة وجيزة.

في 6 نيسان/أبريل 2018، قُتل المصور الفوتوغرافي ياسر مرتجى -وهو من غزة، يبلغ من العمر 30 عاماً، ومؤسس مشارك لشركة عين للإنتاج الإعلامي- بعد 12 ساعة من إصابته برصاص قناص إسرائيلي، أثناء تغطيته مظاهرة بالقرب من الحدود، على الرغم من ارتدائه سترة مكتوب عليها "PRESS".

في حياتهم، تقاسم ياسر وشيرين وسامر وطناً وسترة الصحافة. وفي موتهم، تشاركا المصير نفسه من إفلات قاتليهم من المساءلة والعقاب. فقد أُسندت قضاياهم إلى الوحدة القانونية في الجيش الإسرائيلي، لكن لم يُحاسب أي شخص على الإطلاق. في البداية، اتهم المسؤولون الإسرائيليون مسلحين فلسطينيين بمقتل شيرين أبو عاقلة، قبل أن يعترفوا بأن جندياً إسرائيلياً أطلق النار "على الأرجح". ومع ذلك، لم يُتخذ أي إجراء جنائي أو تأديبي. ولا تزال قضيتا مرتجى وأبو دقة دون بتّ.

منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، في أعقاب الهجمات التي شنتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، قُتل أكثر من 170 صحفياً، ما يجعل هذا الصراع الأكثر دموية في تاريخ الصحافة، منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين بجمع وتوثيق البيانات عام 1992. وقبل هذه الحرب، وتحديداً عام 2001، أودت النيران الإسرائيلية بحياة ما لا يقل عن 18 صحفياً فلسطينياً ومراسلين أجنبيين اثنين. ووفقاً للجنة حماية الصحفيين، لم يتهم أو يُحاسب أي شخص على الإطلاق. وفي المرحلة الثانية من مشروع غزة، شرع 44 صحفياً وباحثاً من 12 وسيلة إعلامية في الكشف عن العقبات التي تعوق المساءلة، والاعتداءات على المجتمع المدني الذي يناضل من أجل دعم المساءلة.

وبعد أن أثارت قضية مقتل مرتجى وأبو عاقلة وأبو دقة انتباه المجتمع الدولي، أُسندت هذه القضايا إلى "آلية" تقصي الحقائق، التابعة لهيئة الأركان العامة بالجيش الإسرائيلي، من دون الإعلان عن أي نتائج. أُنشئت هذه الآلية عام 2014، وتجري هيئة الأركان العامة لتقصي الحقائق تحقيقات أولية في جرائم الحرب المشتبه فيها، وتقدم المشورة للمدعي العام العسكري بشأن فتح تحقيقات جنائية من عدمه.

في أيار/مايو 2024، أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه يراجع مئات الحوادث التي وقعت خلال الحرب على غزة.

(لم يعلق الجيش الإسرائيلي ولا المدعي العام العسكري على وضع التحقيقات في مقتل مرتجى وأبو دقة)

"مُعدَّة للفشل"

يقول ياهاف إيريز، منسق المناصرة الدولية في منظمة "يش دين" الإسرائيلية غير الحكومية: "يستغرق الأمر سنوات، وحتى إذا كان هناك قرار بفتح تحقيق، فإن المعلومات المستخدمة في التقييم تبقى محظورة وسرية… ومن المُرجح أن تفشل".

في عام 2024، نشرت منظمة "يش دين"، وهي منظمة مكرسة لحماية حقوق الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال، تقريراً يكشف أنه من بين 664 شكوى تم توجيهها إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي على مدار العقد الماضي، تم إغلاق 81.6 في المئة من هذه الشكاوى من دون تحقيق، في حين وصلت ما نسبته 0.17 في المئة من الشكاوى إلى القضاء.

يقول دكتور عيران شامير بورير، مدير مركز الأمن والديمقراطية في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، والرئيس السابق لقسم القانون الدولي بالنيابة العسكرية العامة الإسرائيلية، في حديث مع فوربيدن ستوريز: "لا ينبغي للمرء أن يتوقع عدداً كبيراً من لوائح الاتهام المتعلقة بالسلوك العملياتي للجيش… انظر إلى أي جيش في جميع أنحاء العالم؛ المملكة المتحدة، أو أستراليا، أو الولايات المتحدة الأميركية، لوائح الاتهام نادرة للغاية". ويضيف بأن وجود مثل هذا القسم القانوني في حد ذاته "مؤشر على الأهمية التي يوليها الجيش الإسرائيلي للقانون الدولي".

ويشير خبراء ومنظمات دولية إلى أن هذه الدائرة القانونية، بدلاً من أن تكون أداة للمساءلة، تبقى وسيلة لحماية إسرائيل من التدقيق والملاحقة القضائية الدولية.

وعلى وجه التحديد، يمكن لإسرائيل، من خلال تقييد التحقيقات، أن تُحبط جهود المحكمة الجنائية الدولية التي تحاكم الأفراد على جرائم الحرب، والتي تعمل بموجب مبدأ يعرف باسم "التكامل"؛ أي أن القضية لا تُقبل إذا كانت هناك محاولة حقيقية للنظر في الجرائم نفسها أمام محكمة محلية.

وتقر مذكرة داخلية من مكتب المدعي العام الإسرائيلي، التي تمكنت فوربيدن ستوريز من الاطلاع عليها، بأن آليات التحقيق رغم أنها تبقى ضرورية لسيادة القانون، فإنها تعمل أيضاً كإطار لحماية ممارسات السلطة الإسرائيلية من الملاحقات القضائية الدولية والأجنبية. بعبارة أخرى، ترى الحكومة الإسرائيلية أن نظامها القضائي يعزل الجيش عن أدوات المساءلة العالمية.

قال فرانسوا دوبويسون، أستاذ القانون الدولي في جامعة بروكسل الحرة، في مقابلة مع فوربيدن ستوريز، إن إسرائيل لم تفِ بمسؤولياتها بموجب القانون الدولي، تجاه التحقيق في مقتل الصحفيين؛ ما يتيح فرصة مناسبة للمحكمة الجنائية الدولية أن تتدخل في هذه القضايا. ويضيف بأنه حتى في الحالات النادرة التي تنتهي بإدانات، "تكون العقوبات مُخففة على نحو لا يتناسب مع خطورة الجرائم".

ورداً على أسئلة وجهناها لوزارة العدل الإسرائيلية، ردّت بأنه في حال "أثارت ادعاءات ذات مصداقية مخاوف من احتمال وقوع انتهاك للقانون الدولي الإنساني، فإن النظام القانوني الإسرائيلي مستعد وقادر على فحص هذه الادعاءات بشكل أفضل من المحاكم الأجنبية أو الدولية".

قمع المجتمع المدني

إن استغلال مبدأ التكامل ليس التكتيك الوحيد الذي تحمي به إسرائيل نفسها من التدقيق والملاحقة القضائية. ففي تحقيقنا، وجدنا أن وزارة العدل الإسرائيلية توسع دائرة التنسيق لتشمل ليس وزارة الخارجية فحسب، بل أيضاً أطراف متعاطفة معها في المجتمع المدني؛ لمحاولة قطع التمويل عن المنظمات التي تقود إجراءات قانونية في المحاكم الإسرائيلية والدولية على حد سواء. من بين تلك الجهات الفاعلة الرئيسية، "مرصد المنظمات غير الحكومية"، وهي مجموعة مناصرة يمينية إسرائيلية تقوم بحملات ضد المنظمات الدولية التي تنتقد إسرائيل.

ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها إيتامار بنزاكوين، مراسل صحيفة "العين السابعة" وأحد أعضاء فريق التحقيق، فإن منظمة "مرصد المنظمات غير الحكومية" هي جزء من شبكة عالمية من المنظمات التي تربطها علاقات وثيقة بوزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، كما كشفت وثائق داخلية من عام 2020. وتُصنّف هذه العلاقات إلى عدة مستويات من التعاون، تتراوح بين الشراكة الاستراتيجية الكاملة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتلقي التقارير الدورية.

تُظهر رسائل البريد الإلكتروني المسربة من وزارة العدل الإسرائيلية -التي حصلت عليها منظمة "رفض الأسرار الموزعة" غير الربحية، وتمت مشاركتها مع منظمة فوربيدن ستوريز- تواصلاً منتظماً بين منظمة "مرصد المنظمات غير الحكومية" وكبار مسؤولي الوزارة الإسرائيلية.

ركزت هذه الرسائل على تقويض الجهود القانونية التي تبذلها مجموعات المجتمع المدني المختلفة، ولا سيّما المجلس النرويجي للاجئين، وهو منظمة غير حكومية أوروبية تقدم مساعدات قانونية وإنسانية للمجتمعات النازحة في جميع أنحاء العالم، خاصة في فلسطين.

(رداً على استفسار من فوربيدن ستوريز، ذكرت منظمة "مراقبة المنظمات غير الحكومية" أن أبحاثها وتحليلاتها "متاحة للاستخدام من قبل جميع الشركاء"، وأنها تشجع "الحكومات في جميع أنحاء العالم على تبني سياسات أكثر مسؤولية وشفافية ومساءلة فيما يتعلق بنشاط المنظمات غير الحكومية وتمويلها". لم تردّ وزارة العدل الإسرائيلية على أسئلتنا المتعلقة بالمجلس النرويجي للاجئين).

(في رده على فوربيدن ستوريز، قال المجلس النرويجي للاجئين إن "حكومة إسرائيل مسؤولة عن أفعالها في إطار نظامها القانوني والقضائي الداخلي، والطبيعة الدولية للصراع تستلزم تدقيقاً إضافياً لضمان الامتثال للقانون الإنساني الدولي).

في عام 2021، صنّفت إسرائيل ست منظمات غير حكومية فلسطينية "منظمات إرهابية"؛ ما دفع الاتحاد الأوروبي وبعض دوله إلى تعليق تمويلها المعتاد للمنظمات لمدة عام. سفين كون فون بورغسدورف، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومدير الشراكات في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا )، يقول: "لم نجد في عمليات التدقيق الداخلية أو الخارجية أي دليل على انتهاك الالتزامات التعاقدية والمالية للمنظمات غير الحكومية، التي وقعت اتفاقيات منح مع الاتحاد الأوروبي".

الاستنتاج نفسه توصلت إليه وزارات خارجية بلجيكا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وأيرلندا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والسويد، حيث جاء في بيان مشترك أنه "لم ترد من إسرائيل أي معلومات جوهرية تبرر مراجعة سياستنا تجاه المنظمات الفلسطينية الست غير الحكومية".

يقول براد باركر، المدير المساعد للسياسات في مجموعة المناصرة الأميركية "مركز الحقوق الدستورية"، الذي عمل سابقاً مستشاراً قانونياً في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين، وهي إحدى منظمات المجتمع المدني الفلسطينية الست، التي برأتها إجراءات الاتحاد الأوروبي: "ربما تخضع المنظمات الفلسطينية لأعلى درجات التدقيق والتحقق من الامتثال، مقارنة بأي مجتمع مدني آخر في العالم".

وهذا ما يؤكده أيضاً سفين كون فون بورغسدورف، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في الضفة الغربية وقطاع غزة بالقول: "في سياق تمويل الاتحاد الأوروبي للمشاريع في فلسطين، كنا مُراقبين عن كثب من قبل الحكومة الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها، وأيضاً من قبل جماعات المناصرة المؤيدة لإسرائيل".

لا أبرياء من المدنيين

وُجهت اتهامات بالارتباط بالإرهاب على نطاق واسع ضد الصحفيين الذين قتلوا في غزة. من بين هؤلاء مراسل قناة الجزيرة إسماعيل الغول، الذي قُتل في غارة إسرائيلية بطائرة مسيرة في 31 تموز/يوليو 2024. ولتبرير الهجوم، نشر الجيش الإسرائيلي صورة مُعدَّلة لملف ادّعى أنه من جهاز "كمبيوتر" تابع لحماس. وأظهرت الصورة المعروضة أن الغول، المولود عام 1997، كان قد حصل على رتبة عسكرية هندسية من حماس عام 2007، عندما كان عمره 10 سنوات فقط. (لم يعلق الجيش الإسرائيلي على صحة هذه الوثائق "المزعومة"، أو لأي درجة قام بالتحقق من من صحتها).

بالتزامن مع وفاته عام 2018، خلال مسيرة العودة الكبرى، صنّف وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، أفيغدور ليبرمان، المصور الفوتوغرافي ياسر مرتجى، "عضواً في الذراع العسكري لحماس". كما ذكر ليبرمان، الذي لم يقدم أي دليل يدعم مزاعمه، أنه "لم يكن هناك مدنيون أبرياء" في مسيرة العودة الكبرى، التي أصيب خلالها أكثر من ستة آلاف متظاهر أعزل برصاص قناصة الجيش الإسرائيلي، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة.

لكنّ صحيفة "واشنطن بوست" ذكرت أن مرتجى كان قد خضع في وقت سابق للتدقيق من قبل الحكومة الأميركية لتلقي منحة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، لدعم "عين ميديا"؛ ما يشير إلى أن عملية التدقيق الصارمة التي قامت بها الولايات المتحدة قد برأته من أي "علاقات متشددة".

وقالت لجنة حماية الصحفيين إن "محاولات تشويه سمعة الصحفيين الذين يقومون بعملهم، ونزع الشرعية عنهم وتجريمهم؛ ما هي إلا محاولات شائنة وغير مسؤولة، لأنها تعرض الصحفيين لمزيد من المخاطر".

ولمزيد من التقصي، تحدثت فوربيدن ستوريز مع ثلاثة جنود إسرائيليين سابقين، من بينهم ضابط سابق، عمل في غزة أو محيطها المباشر (2024). وأكد الثلاثة أن الجيش الإسرائيلي لا يميز بدقة بين المدنيين والمسلحين. (صرح الجيش الإسرائيلي بأنه يرفض رفضاً قاطعاً الادعاء بوقوع هجوم ممنهج على الصحفيين).

كما أن تصوير الفلسطينيين على أنهم إرهابيون يؤثر سلباً في المنظمات التي تدعو إلى المساءلة. مركز غيشا القانوني لحرية التنقل، وهو منظمة إسرائيلية غير حكومية تعمل على تأمين الإجلاء الطبي للمدنيين في غزة، بما في ذلك إجلاء الصحفي فادي الوحيدي، يقول إن جلسات المحكمة العليا قد تم تعطيلها مراراً وتكراراً من قبل قوافل اليمين المتطرف. المديرة التنفيذية لمركز غيشا القانوني لحرية التنقل، تانيا هاري، تقول: "من الناحية العملية، لا تزال [المؤسسات] مفتوحة لنا… نحن قادرون على تقديم التماسات إلى المحاكم، لكنني أود أن أقول إن هناك بالتأكيد عداء نشهده من ممثلي الدولة، والقضاة أنفسهم في بعض الأحيان، ويدلون بتعليقات مهينة، كما لو أننا نمثل العدو، إذا جاز التعبير".

وفي فبراير/شباط 2025، وافق البرلمان الإسرائيلي على تعديل يسعى إلى منع أي تعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وتجريم الأفراد الذين يساعدون المحكمة، مع فرض عقوبات تصل للسجن. وجاء في المذكرة التفسيرية لمشروع القانون: "إن نشاط المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي يُشكل خطراً حقيقياً على سيادة القانون في دولة إسرائيل".

الدكتور فوتر فيرنر، أستاذ القانون الدولي بمركز سياسات القانون العابر للحدود، يقول: "إذا كنتم تدّعون أنكم (إسرائيل) ديمقراطية، فعليكم أن تكونوا أكثر استعداداً للانخراط في عملية المساءلة؛ إذا كنت تتذرع بسيادة القانون لتجنب المساءلة، فأي مفهوم للديمقراطية لديك؟".

شملت الجهود المبذولة لتقويض الولاية القضائية الدولية، المحكمة الجنائية الدولية نفسها. ووفقاً لمذكرة النيابة العامة الإسرائيلية، نجحت السلطات في إغلاق "عشرات القضايا الجنائية والمدنية في جميع أنحاء العالم ضد الدولة وكبار مسؤوليها؛ ما أدى إلى تأخير ومنع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل لأكثر من عقد من الزمن".

"حيث يذهب القانون الدولي للموت"

في مايو/أيار، كشف تحقيق مشترك أجرته صحيفة الغارديان ومجلة +972، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية ورئيس الموساد السابق يوسي كوهين، قادا عملية مراقبة استمرت تسع سنوات، استهدفت المحكمة الجنائية الدولية والجماعات الحقوقية الفلسطينية لمحاولة عرقلة الملاحقة القضائية لجرائم الحرب، وهو تكتيك يصفه خبراء القانون الدولي بأنه "غير قانوني وغير شرعي بالمرة".

يمتد عداء إسرائيل المتزايد تجاه المحكمة الجنائية الدولية إلى فروع الجيش القانونية، التي من المفترض أن تلتزم بالقانون الدولي. المقدم موريس هيرش، المدعي العسكري العام السابق، الذي خدم في هيئة القضاء العسكري، متحدثاً عن المحكمة الجنائية الدولية: "حسناً، أنت تتحدث هنا عن محكمة صورية رائدة على مستوى العالم".

وأضاف أن الناس لديهم توقعات كبيرة بأن يكون القانون الجنائي هو الحل لمآسي الحرب: "ولكن حتى في البلدان الديمقراطية ذات الالتزام القوي بسيادة القانون، فإنه ليس الحل أبداً".

رودني ديكسون، محامي شبكة الجزيرة، قال لفوربيدن ستوريز، إن شكاوى مدعومة بأدلة، بشأن هجمات وعمليات قتل متعددة، قُدّمت إلى مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية. وأضاف: "التحقيق جارٍ، نأمل أن تُحقق المحكمة الجنائية الدولية فيها، وتلاحق المسؤولين عنها لضمان تحقيق المساءلة".

في الوقت نفسه، لا تجد عائلات قتلى الصحفيين أي "راحة أو إنصاف". فبعد مرور ثلاث سنوات، تصف ابنة شقيق شيرين أبو عاقلة الاعتداءات المتزايدة على الصحفيين بأنها "صادمة للغاية". وقالت لينا أبو عاقلة: "لو كان هناك من يُحاسب على قتل الصحفيين، حتى قبل استهداف شيرين وقتلها بفترة طويلة، لكانت شيرين لا تزال بيننا الآن… لكن للأسف، هناك حلقة مستمرة من الإفلات من العقاب".

الدكتورة إنصاف رزاقي، الباحثة في القانون الدولي بالمعهد الفرنسي للشرق الأدنى، تقول في مقابلة مع فوربيدن ستوريز: "النظام الدولي ينهار، لأنه لم يتمكن من إنهاء هذه الحرب، ولا 75 عاماً من الصراع والاحتلال، رغم امتلاكه جميع الآليات اللازمة لذلك؛ فلسطين هي المكان الذي يموت فيه القانون الدولي".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين بالصور: قصص من السماء: تحقيق في استهداف إسرائيل صحفيي الدرون بغزة شاهد: تقرير: الاعتداء على فادي الوحيدي وصحفيي جباليا بقطاع غزة الأونروا تعلن مقتل 180 طفلا بغزة جراء الإبادة الإسرائيلية الأكثر قراءة تفاصيل اجتماع وفد حماس مع وزير خارجية تركيا في أنقرة أبو عبيدة يصدر تصريحات عقب قصف "القسام" لتل أبيب رايتس ووتش: إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في قطاع غزة غزة - 591 شهيدا خلال الـ72 ساعة الماضية عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • أمنتله المكان.. نشوى مصطفى تكشف سبب نومها في قبر زوجها قبل دفنه
  • الإفلات من العقاب: "فلسطين هي المكان الذي تموت فيه القوانين الدولية"
  • لماذا أصبحت غوغل شركة احتكارية تواجه غضب الحكومة الأميركية؟
  • سطوا على فيلا وضربوا صاحبها وسرقوه.. وهذا ما حصل خلال 48 ساعة
  • 5 ماسكات طبيعية لنضارة وجهك قبل العيد
  • بعد أسبوعين من الزفاف.. عروس تُنهي حياة عريسها بطريقة مروعة
  • دعاء ليلة القدر مكتوب.. كلمات أوصى بها الرسول للأبناء وجلب الرزق وقضاء الحاجات
  • ضحية لقمة العيش.. «سور فيلا» يقتل عاملا داخل موقع تحت الإنشاء بـ 6 أكتوبر
  • قحت كانت في العسل مع الجيش في شراكة متناغمة
  • بعد أسابيع من الجدل.. العوضي يحسم موقفه النهائي بشأن زواجه وموعد الزفاف