معهد كارنيغي: تمرد بريغوجين غير كل شيء في روسيا
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
يمن مونيتور/قسم الأخبار
بعد مرور نحو شهر على تمرد يفجيني بريغوجين الذي استمر لفترة وجيزة، من الواضح أن تداعيات هذا التمرد كانت مختلفة تماما عما توقعه الكثيرون. فلم تتم إعادة هيكلة مجموعة فاغنر بشكل جذري، ولم يتم قتل بريغوجين أو سجنه، كما لم تكن هناك عملية تطهير للجيش من المتعاطفين مع فاغنر ولم يتم اتخاذ أي خطوات كبيرة ضد “الوطنيين المتشددين” في البلاد (باستثناء اعتقال القائد الانفصالي السابق في دونباس ايجور جيركين).
وقالت المحللة السياسية تاتيانا ستانوفايا في تحليل نشره معهد كارنيغي للسلام الدولي، إن روسيا استأنفت الحياة “الطبيعية”. ومع ذلك، من الصعب التخلص من الشعور بأن النظام لن يكون كما كان على الإطلاق. فقد غير تمرد بريغوجين نظرة النخب الروسية للعالم، وسوف يلقي بظلاله على المسار السياسي للبلاد لسنوات قادمة.
وردا على سؤال بعد التمرد عن سبب اتخاذه قرار السيطرة على مقر الجيش في مدينة روستوف اون دون، وإرسال رتل من القوات صوب موسكو، تردد أن بريغوجين قال “لقد فقدت السيطرة على نفسي”. ويبدو هذا معقولا. لقد تم إيقاف ممارسة فاغنر المثيرة للجدل للغاية والمتمثلة في تجنيد جنود جدد من سجون روسيا في كانون الثاني/يناير، وتردد أن الجيش الخاص كان يفتقر بشدة إلى الذخيرة، في حين تم قطع قنوات اتصال بريغوجين مع بوتين. ويبدو أن القشة الأخيرة كانت مطالبة مقاتلي فاغنر بالتوقيع على عقد مع وزارة الدفاع.
وقالت ستانوفايا إن التمرد نفسه حدث بسرعة مذهلة، نشر فاغنر ورد فعل بوتين الغاضب وإصابة بريغوجين بالذعر عندما وجد نفسه على وشك السيطرة على موسكو، والاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وقرار فاغنر بالتراجع. وكان المشهد الأخير هو اجتماع يوم 29 حزيران/يونيو مع بوتين، والذي يبدو أن قادة فاغنر اضطروا خلاله إلى الاعتذار ووافقوا على الانتقال إلى بيلاروس.
وبالنظر إلى الماضي، يبدو أن الأمر كله كان مجرد سوء تفاهم. فمن ناحية، فشل بوتين في فهم مدى التطرف الذي وصل إليه بريغوجين، وسمح للنزاع بأن يتصاعد بتداعيات دموية. ومن ناحية أخرى، بالغ بريغوجين في تقدير أهميته، وأخطـأ باعتقاده أنه يمكن أن يضغط على بوتين لإعادة تغيير القيادة العسكرية وينقذ فاغنر من أن يصبح بلا أهمية.
ورأت ستانوفايا، الزميلة البارزة في مركز كارنيغي روسيا أوراسيا، أنه على السطح، يبدو أنه تم حل كل شيء، وأن بريغوجين يفهم أن محاولته لاستخدام القوة كانت خطأ، وقرر بوتين أن بريغوجين كان مجرد رجل وطني نسي نفسه مؤقتا وسط أهوال الحرب، وليس خائنا خطيرا.
ومع ذلك، خسر بريغوجين أصولا في أعقاب التمرد (إمبراطوريته الإعلامية وجزء من أعماله التجارية- والأكثر أهمية- سمعته كبطل حرب) وتم نفيه إلى بيلاروس. ويبدو أن الكرملين يحاول تحطيم مجموعة فاغنر. ويتم الضغط على قادة المجموعة للخدمة تحت قيادة قائد جديد هو أليكسي تروشيف، الذي يبدو أنه وقع عقدا مع وزارة الدفاع، ووفقا لبوتين تم تعيينه خليفة لبريغوجين.
ورأت ستانوفايا أن كيفية انشغال عدة آلاف من جنود فاغنر في بيلاروس تشكل أزمة بالنسبة لبوتين وصداعا بالنسبة للوكاشينكو. ولكن يبدو أن الكرملين قد قرر أن المتمردين السابقين لا يمكن أن يبقوا في روسيا.
وحتى قبل أن يهدأ الغبار، من الواضح أن تمرد بريغوجين كان أهم حدث سياسي محلي في روسيا منذ تولي بوتين السلطة قبل نحو ربع قرن. ويعتقد الكثير من الناس وهو اعتقاد صحيح، أن المستفيد الوحيد هو وزارة الدفاع. فقد منح التمرد لوزير الدفاع سيرجي شويجو فرصة لإجراء تحقيق بشأن حلفاء بريغوجين داخل القوات المسلحة (وأهمهم الجنرال سيرجي سوروفيكين، الذي كان الوسيط الرئيسي بين وزارة الدفاع وفاغنر).
ومع ذلك، فقد أضر التمرد بسمعة قادة الجيش الروسي وكشف عن عدم الرضا الذي تراكم بين صفوف عناصر الجيش. وبعد خلاف في وقت سابق من شهر تموز/يوليو، مع رئيس هيئة الأركان العامة فاليري جيراسيموف، تمت إقالة الميجور جنرال ايفان بوبوف، قائد جيش الأسلحة الموحد الـ58 الذي يحظى باحترام كبير، من منصبه وإرساله للخدمة في سوريا. كما تنتشر شائعات على القنوات الروسية على تطبيق تليغرام بشأن إقالة الميجور جنرال فلاديمير سيليفرستوف، قائد الفرقة 106 المحمولة جوا، والكولونيل جنرال ميخائيل تيبليتسكي، قائد القوات المحمولة جوا في روسيا.
وتبدو هذه التغييرات بمثابة نتيجة للضرر الذي لحق بسلطة كل من جراسيموف وشويجو أكثر منها تطهيرا للجيش من حلفاء بريغوجين. ومن الممكن أن يحتاج بوتين مع مرور الوقت أن يقوم بتغيير الرجلين.
(د ب أ)
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: روسيا وزارة الدفاع فی روسیا یبدو أن
إقرأ أيضاً:
كيف استقبل الإسرائيليون جثامين الرهائن؟
استقبلت إسرائيل جثامين أربعة رهائن أُعيدوا من قطاع غزة عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر. فور وصولهم إلى إسرائيل، نُقلت النعوش، المغطاة بالعلم الإسرائيلي، في موكب عسكري إلى معهد الطب الشرعي في أبو كبير، وسط مراسم رسمية شملت قراءة المزامير، حرس الشرف، وتحية عسكرية من جنود الجيش الإسرائيلي.
رافقت قوات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) النعوش من غزة إلى داخل إسرائيل، حيث جرى نقلها إلى المركز الوطني للطب الشرعي لتأكيد الهويات. في الوقت ذاته، امتلأت الشوارع والتقاطعات بالآلاف من الإسرائيليين الذين خرجوا لمواكبة الموكب وإظهار تضامنهم مع العائلات المنكوبة. كما احتشد كثيرون أمام معهد الطب الشرعي في أبو كبير لتقديم التحية الأخيرة.
في المقابل، احتجت الحكومة الإسرائيلية بشدة لدى الدول الوسيطة واللجنة الدولية للصليب الأحمر على ما وصفته بـ"المراسم الاستفزازية" التي أقامتها حماس خلال تسليم الجثامين، معتبرة أنها خرق للاتفاقات المبرمة بشأن إعادة الرهائن. الجيش الإسرائيلي، بدوره، أعلن أنه أجرى عمليات فحص أمني للنعوش قبل وصولها إلى معهد الطب الشرعي، لضمان عدم وجود أي عوائق تعطل إجراءات التعرف على الجثامين.
وزير الصحة الإسرائيلي، أوريئيل بوسو، أكد أن معهد أبو كبير مستعد بشكل غير مسبوق لاستقبال الجثامين، واصفًا الحدث بأنه "لحظة محورية"، نظرًا لحساسية الموقف وتأثيره على المجتمع الإسرائيلي. وأضاف أن عمليات الفحص والتأكد من الهويات قد تستغرق بعض الوقت، مشيرًا إلى أن تحديد أسباب الوفاة سيتم بدقة علمية متناهية.
اعتراف بالفشل وطلب للصفح
الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ لم يُخفِ خيبة أمله العميقة، حيث قال في تصريح مؤثر: "إنها لحظة عذاب وألم. لقد تحطم قلب أمة بأكملها إلى شظايا. نيابة عن دولة إسرائيل، أحني رأسي وأطلب الصفح. آسف لأننا لم نقم بواجبنا. آسف لأننا لم نحميكم في ذلك اليوم الملعون. آسف لأننا لم نعيدكم إلى وطنكم سالمين. ولتكن ذكراهم مباركة."
من جانبه، أصدر ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بيانًا رسميًا جاء فيه أن الحكومة أبلغت عائلات الرهائن بعودة الجثامين، داعيًا الجمهور إلى احترام خصوصية العائلات وتجنب نشر معلومات غير دقيقة أو شائعات حول تفاصيل الواقعة.
وبينما تتلقى العائلات الإسرائيلية نبأ عودة ذويها جثثًا، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطًا متزايدة وسط اتهامات بالتقصير والفشل في إعادة الرهائن أحياء. المعارضة السياسية في إسرائيل لم تفوّت الفرصة لانتقاد سياسات الحكومة، فيما تزايدت المطالب بإعادة النظر في استراتيجية التعامل مع ملف الأسرى والمفقودين