سالم بن خالد القاسمي يكتب: نحو مستقبل أكثر شمولية واستدامة
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
يعد التراث الثقافي غير المادي جزءاً لا يتجزأ من تاريخنا العريق في دولة الإمارات العربية المتحدة، فهو يمثل كل ما ورثناه عن أسلافنا من عادات وتقاليد وأشكال تعبير وممارسات اجتماعية، وشكَّل أساس هويتنا الوطنية التي نفخر بها، وتؤكد قيادتنا الرشيدة على الحفاظ عليها في شتى المجالات وكافة الأطر، دفعاً نحو تحقيق استراتيجيات الدولة ورؤاها للأعوام القادمة.
وهذا العمل الدؤوب نحو الحفاظ على جميع أشكال التراث الثقافي غير المادي، أهّل الإمارات للحصول للمرة الثانية على مقعد في اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي للفترة من 2024- 2028، خلال انعقاد الدورة العاشرة للجمعية العامة للتراث الثقافي غير المادي في مقر منظمة اليونسكو بباريس هذا الأسبوع، وهو الأمر الذي يؤكد أيضاً التزام الدولة بمجالات العمل التي تغطيها اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي التي اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو في 2003.
ولطالما أدركت دولة الإمارات بشكل مبكر مدى أهمية الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، الذي يعد بمثابة سجل ثري للمعارف والقيم والممارسات المتوارثة عبر الأجيال، والذي يتنوع ليشمل، فن الصقّارة، وإيقاعات رقصة «العيالة»، والروح المجتمعية النابضة للمجلس التقليدي، وكذلك جمالية الخط العربي والمأكولات التراثية كالهريس، فضلاً عن كل تلك المكونات التي رسمت ملامح تاريخنا وحياتنا وتكويننا المعرفي والثقافي.
وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات منذ العام 2011، سجلت 15 عنصراً على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي بهدف ضمان توفير حماية أفضل لهذه العناصر والتوعية بأهميتها. وقد تحقق ذلك بفضل الجهود والتعاون المستمر بين وزارة الثقافة، ودائرة الثقافة والسياحة -أبوظبي، وهيئة دبي للثقافة والفنون.
وتنطلق أهداف دولة الإمارات للترشح لعضوية اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي، معتمدةً على ثلاثة محاور أساسية، أولها تعزيز القدرة على صون التراث الثقافي غير المادي، الأمر الذي يعد ضرورياً لضمان الحماية الفاعلة للتراث الثقافي غير المادي، والذي نتج عن الاستثمار في مبادرات التعليم والتدريب والبحوث، التي تهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية من خلال الحفاظ على تقاليدها الثقافية ونقلها إلى الأجيال القادمة.
ويقوم المحور الثاني على أهمية تعزيز التبادل الدولي من خلال الملفات الثقافية المشتركة، والتبادل الحضاري، خاصة في عالم متسارع ومتطور ويحمل في طياته الكثير من أسباب الترابط حيناً والتباعد حينا آخر، إذ تساهم الملفات الثقافية المشتركة في تسهيل الحوار والتعاون بين الدول وبناء جسور التواصل، وإرساء فهم أعمق للتعبيرات الثقافية المتنوعة والمشتركة، وتعزيز الانسجام في ظل وجود تنوع ثقافي هائل.
في حين أن المحور الثالث الذي لا يقل أهمية عن المحورين السابقين، وهو حماية المجتمعات وممارسي التراث، إدراكاً منا للدور الفاعل والمهم الذي تقوم به المجتمعات المحلية بصفتها القائمة على التراث الثقافي غير المادي، حيث ركزنا جهودنا نحو دعم أنشطتهم وضمان استمرار نموهم وازدهارهم.
هذه الجهود لن تتوقف هنا فحسب، بل نتطلع إلى مواصلة العمل مع شركائنا وزملائنا من الدول الأعضاء لتحقيق أهداف اتفاقية عام 2003، وتقديم التوجيه بشأن أفضل الممارسات والتوصيات لصون التراث الثقافي غير المادي. والأهم من ذلك، أننا سنبقى ملتزمين بحماية نسيج التراث الثقافي غير المادي المتنوع في دولة الإمارات لكونه يشكل قوةً دافعة لنا جميعاً.
وعلى مدار الخمسين عاماً الماضية، قطعت الإمارات أشواطاً كبيرة في مختلف المجالات في الحفاظ على إرثها الثقافي المتنوع والاحتفاء به، وضمان توارثه من جيل إلى آخر. ومن خلال احتضان التراث الثقافي، لا نحتفي بالماضي فحسب، وإنما نمهد الطريق لمستقبل أكثر شمولاً واستدامة.
وزير الثقافة أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: سالم بن خالد القاسمي الإمارات التراث الثقافي التراث غير المادي اليونسكو وزير الثقافة التراث الثقافی غیر المادی دولة الإمارات الحفاظ على
إقرأ أيضاً:
الإمارات تقود العالم لمستقبل الاستثمار
الإمارات تقود العالم لمستقبل الاستثمار
أبوظبي تمضي في تعزيز ريادتها المستدامة، وتؤكد دقة توجهاتها ودورها الأساسي كشريك رئيسي في استشراف ورسم مستقبل العالم على كافة المستويات، وذلك بفضل نهج القيادة الرشيدة، وما تعتمده من استراتيجيات تتحقق بها أعظم المكتسبات التي ترسخ موقع الإمارات ضمن الأكثر تأثيراً على امتداد الساحة الدولية، ولقوة مسيرتها وإنجازاتها التنموية الملهمة في مختلف القطاعات، والتي تحفز جهود كافة الدول التي تعمل على الاستفادة من نموذجها وتعبر عن ثقتها بحتمية وأهمية التفاعل مع دعوتها للتعاون والتنسيق وتبادل الخبرات وإيجاد المزيد من الفرص لكل ما فيه خير وصالح كافة الشعوب، وهو ما يعكسه حجم الإقبال والمشاركات في الفعاليات التي تنظمها والحرص على التواجد في المحافل التي تحتضن فيها العالم، لكونها تشكل منصات متقدمة نحو تحقيق المستهدفات التي تخدم أجيال البشرية الحالية واللاحقة، ومنها الدورة الرابعة عشرة من قمة “AIM” للاستثمار 2025، التي تنطلق في العاصمة أبوظبي، اليوم، تحت شعار “خارطة مستقبل الاستثمار العالمي: الاتجاه الجديد للمشهد الاستثماري العالمي، نحو نظام عالمي متوازن”، بمشاركة عدد من رؤساء الدول وأكثر من 60 وزيراً ومحافظ بنك مركزي، و30 عمدة مدينة و1250 متحدثا و16 من رؤساء البورصات المالية، و600 عارض، وتستقطب أكثر من 20 ألف مشارك من 180 دولة.. وتتميز بثراء أجندتها بالفعاليات والمحاور” أكثر من 400 جلسة حوارية و13 اجتماع طاولة مستديرة رفيعة المستوى، و23 حدثا جانبيا بالتعاون مع أكثر من 400 شريك دولي وعالمي”، بكل ما تمثله من محطة نوعية لبحث صياغة مسار الاستثمار، وخاصة أن “المباحثات تشمل أحدث اتجاهات وتطورات المشهد الاستثماري العالمي، وكيفية مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية وتوحيد الجهود والعمل معًا لإيجاد الحلول المناسبة لها، ما يسهم في تعزيز اقتصاد عالمي متوازن ومستدام”.
موقع الإمارات المرموق عالمياً، ونموذجها التفضيلي والثقة بتوجهاتها وجهودها يؤكد أنها من أبرز الأقطاب فاعلية وتميزاً ببيئتها التي تجعل منها الأكثر استقطاباً لتكون موطناً ومقراً رئيسياً للأعمال، ولكونها مركزاً عالمياً باقتصادها وتنافسيتها، ومن أكبر الدول بحجم الاستثمارات في المجالات الحيوية حول العالم، فضلاً عن قدرتها على التعامل مع مختلف المتغيرات الدولية باحترافية ومرونة، ومواصلة تعزيز الإنجازات والنمو الاقتصادي ومضاعفة مساهمتها في صياغة مستقبل التجارة والاستثمار العالمي، ويكفي للدلالة على تفرد نموذجها أنها الوجهة الأولى للعمل المتبادل والتنسيق وعقد الشراكات الاستراتيجية وتنويع مجالات التعاون من قبل كافة مكونات المجتمع الدولي.
تفوق الإمارات نتاج استشراف دقيق وخطط تعتمد الإبداع والابتكار واستباق التحديات والقدرة على وضع الآليات والخطط اللازمة للتطوير الدائم، ولدورها المحوري وسياساتها الاقتصادية المرنة التي تعتمدها، وتؤسس من خلالها لمستقبل الاستثمار العالمي بحيث يكون مواكباً لتطلعات وآمال جميع الدول.