«المؤسسة الوقفية» ودورها الحضاري الجديد
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
لم يكن الوقف في النظام الإسلامي مجرد مفهوم تعبدي رغم الأجر الكبير الذي ينتظر واقفه، إنه أكبر من ذلك بكثير، حيث كان له دور كبير في البناء الحضاري للدولة الإسلامية.. وربما كان الوقف أحد أكثر العبادات التي يمكن أن يتضح جوهرها الدنيوي حينما يستطيع الواقف أن يرى حجم التغيير والأثر الذي تتركه في المجتمع، وفي بناء الروابط الاجتماعية القوية.
وعُمان عبر تاريخها العريق عرفت الوقف منذ فترة مبكرة من عمر الدولة الإسلامية، وتسابق الأغنياء في وقف أموالهم النقدية أو العينية لصالح المجتمع.. فكانت هناك أوقاف عامة تصرف على فقراء المسلمين في عُمان وكانت هناك أوقاف أحد أهم أهدافها حضاري: مثل أوقاف التعليم سواء كان الوقف للإنفاق على المتعلمين أو لبناء وتشييد المؤسسات التعليمية ومثل الأوقاف التي تعنى بالمؤسسات الدينية والثقافية والمعالم التاريخية. وكانت هناك أوقاف في عُمان تجاوزت في إنسانيتها خدمة الإنسان نفسه وتعدته للحفاظ على البيئة الأحيائية حينما تخصص أوقاف لإطعام الطيور على سبيل المثال.
ورعت عُمان أوقافها بوصفها معلما من معالمها الحضارية وإنْ بقيت تلك الرعاية والعناية تحافظ على مسارها التقليدي المتوارث. لكن الأمر قد شهد الكثير من التطور والتحديث على مدار العقود الماضية إلى أن وصلت اليوم إلى مرحلة متطورة من التعامل مع الوقف حينما أصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- مرسوم سلطانيا بإنشاء «المؤسسة العُمانية الوقفية» في سياق عملية التطوير والإصلاح الكبرى التي يتبناها عاهل البلاد المفدى في البلاد.. وتمثل هذه المؤسسة التي يمكن النظر إليها بوصفها ذروة التطور في العناية بأموال الوقف وبيت المال في سلطنة عُمان، كما أنها تعكس حرص جلالته على أن يحقق الوقف الأهداف السامية التي أوقف من أجلها وتحقيق فكرة الاستدامة في استثمار المثال ليكون أحد أهم روافد الحماية الاجتماعية في سلطنة عُمان.
وتأتي هذه المؤسسة في مرحلة عادت فيها ثقافة الوقف إلى الانتشار بشكل أكبر في سلطنة عُمان بعد أن كانت مؤسسات المجتمع العماني الدينية والاجتماعية وحتى الخطاب السياسي قد حث عليها وشجع نحوها، وانتشرت في مختلف محافظات البلاد مشاريع لمؤسسات وقفية واعدة قادرة على إحداث نقلة نوعية لدور الوقف في بناء المجتمع وفي الدور الحضاري الأعم لثقافة الوقف.. وستكون «المؤسسة العمانية الوقفية» المظلة الكبرى التي تستظل بها غيرها من المؤسسات الوقفية في المجتمع العماني.
والأوقاف في سلطنة عمان كثيرة جدا ومسارات وقفها متنوعة وبيت المال يملك الكثير من الموارد وكلها تحتاج إلى مؤسسة تستطيع أن تستثمر كل هذه الأوقاف والأموال بما يجعلها تحقق أهداف وقفها النبيلة.. وستقوم المؤسسة الجديدة بهذا الدور وفق أحدث الممارسات الاقتصادية في إدارة الأموال.
وقالت وزارة الأوقاف اليوم بعد صدور المرسوم السلطاني إن «اتّباع أرقى المعايير العالمية في إدارة واستثمار أموال الوقف سوف يعزز كفاءة العمل الوقفي ويحقّق أعلى مستويات الشفافية والمسؤولية، مما يدعم الاستدامة المالية والاقتصادية للوقف». وهذا في حد ذاته مشروع كبير جدا يستحق أن يعزز ويشجع ثقافة الوقف التي تبدو اليوم متاحة للكثيرين من أبناء المجتمع عبر وقف أموال سائلة مهما كان حجمها لأنها ستساهم بشكل كبير في تحقيق أهداف الوقف الاجتماعية والحضارية إضافة إلى هدفها التعبدي الذي يسعى له الجميع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی سلطنة ع
إقرأ أيضاً:
العقول اليمنية المهاجرة ودورها في التعليم والبحث العلمي في ملتقى أكاديمي بماليزيا
نظمت الشبكة الدولية للبحث والتعليم المستدام (ISREN)، الملتقى الأكاديمي الأول للباحثين اليمنيين في ماليزيا.
وسلّط الملتقى الضوء على دور العقول المهاجرة في تعزيز التعليمية وتطوير البحث العلمي في اليمن وماليزيا، وعلى أهمية تعزيز التواصل بين الأكاديميين في الداخل والخارج لإيجاد حلول إبداعية لتحديات التعليم، وعلى إقامة شراكات بحثية وتعليمية مع الجامعات اليمنية، مستفيدًا من خبرات اليمنيين في الخارج إلى جانب تطوير جودة التعليم عبر مشاريع مشتركة مع الجامعات الماليزية.
وتضمن الملتقى مناقشة ثلاثة محاور رئيسية، حيث قدم المحور الأول الأستاذ الدكتور داود عبد الملك الحدابي (كلية التربية، الجامعة الإسلامية العالمية الماليزية) ورقة عمل بعنوان “الجودة في التعليم الجامعي في الدول النامية: مالها وما عليها”، وفي المحور الثاني قدم الأستاذ الدكتور ناصر زاوية (جامعة رود آيلاند) ورقة عمل بعنوان “دور الجاليات اليمنية في تعزيز البحث والتعليم في اليمن”، وفي المحور الثالث قدم الأستاذ الدكتور المهندس يسري يوسف (جامعة تون حسين أون، ماليزيا) ورقة عمل بعنوان “التجربة الماليزية في استدامة البحث والتعليم: حلول مبتكرة لعالم متغير”.
وافتُتح الملتقى بحلقة نقاشية أدارها الدكتور اعوج محسن اعوج، وتحدث فيها الأستاذ الدكتور أحمد الخضمي، المستشار الثقافي بسفارة اليمن في ماليزيا.
وتناولت الحلقة النقاشية، سبل تعزيز التعليم والبحث العلمي في اليمن، مشددة على أهمية وضع خطة وطنية لتطوير التعليم بقيادة وزارة التعليم العالي، وتحسين أوضاع الأكاديميين من خلال حل مشكلة الرواتب ودعم العائدين إلى الوطن، في الوقت الذي دعت إلى تعزيز التعاون مع الباحثين اليمنيين في الخارج، والشراكة مع الجامعات والمنظمات الدولية ذات العلاقة لتطوير المناهج والبحث العلمي.