الحرب علىغزة.. كارثة أمام عيون العالم
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
الأزهر.. مصدرإشعاعإسلامىللعالم
الإسلام دينقائمعلى التعددية الفكرية
الطعن فىالسنةالنبوية.. مخططقديم
الإلحاد.. «فيروس» يحتاجإلى تطعيم
الداعية الإسلامىالدكتور رمضانعبدالرازق عضواللجنة العلياللدعوة بالأزهرالشريف، نموذجللداعية المستنير،الهادئ، أحبهالناس ونالالقبول فزادتشعبيته، ملأالساحة الدينيةفكرًا وعلمًاوفقهًا، ففىسنوات معدودةأصبح منمشاهير العديدمن البرامجالدينية علىالقنوات المصريةوالفضائية ومنهابرنامجا «الدنيا بخيرولعلهم يفقهون».
ولد «عبدالرازق» عام 1969 فى محافظةبنى سويفبصعيد مصر،حصل علىالإعدادية الأزهرية1984 ثمالثانوية 1988، ونالالليسانس فىالدراسات الإسلاميةوالعربية بتقديرجيد جدًاجامعة الأزهرالشريف 1992، ثمحصل علىتمهيدى ماجستيرفى الفلسفةالإسلامية كليةدار العلومجامعة القاهرة2001 ثمتمهيدى ماجستيرفى الشريعةالإسلامية دارالعلوم 2007، ثمنال «عبدالرازق» الماجستير فىالشريعة الإسلامية«فقهمقارن» بتقدير ممتازكلية دارالعلوم 2010، ثمالدكتوراه فىالشريعة الإسلاميةفقه مقارنبمرتبة الشرفالأولى بكليةدار العلومجامعة القاهرة2013م. يعد الدكتوررمضان عبدالرازقمن أنشطالدعاة ويتابعهأكثر من3 ملايينشخص علىمواقع التواصلالاجتماعى المختلفة.
حاضر بمعاهدإعداد الدعاةوعمل مدرسًاللعلوم الشرعيةبالمعاهد الثانويةالأزهرية، كماعمل بمعاهدالدراسات الخاصةللوافدين بالأزهرالشريف، عملعضوًا بالمركزالإعلامى بمكتبالإمام الأكبرشيخ الأزهر،وواعظا أولبهيئة الوعظوالإعلام الدينىبمجمع البحوثالإسلامية ومستشارًادينيًا لمكتبالاستشارات الأسريةالتابع لوزارةالتضامن الاجتماعى، وهوعضو اللجنةالعليا للدعوةبمجمع البحوثالإسلامية بالأزهرالشريف من2016 حتىالآن.
يعمل «رمضان» إمامًا وخطيبًا بمسجد التلاوى بمدينة السادس من أكتوبر، حاضر وألقى الدروس الدينية فى مساجد مصر الكبرى ومنها مسجد عمرو بن العاص بمصر القديمة، ومسجد السيدة زينب ومسجد الحسين.
قدم العديد من البرامج الدينية فى العديد من القنوات التليفزيونية والفضائية، له العديد من المؤلفات التى أثرت المكتبة الإسلامية ومنها «تعدد فعل المكلف وأثره فى اختلاف الأحكام» و«صناعة الرجال» و«الموظف الأمين» و«بقلب سليم» و«رحلة الروح» و«روضة المحراب» و«الحقوق الإيمانية» و«صناعة الانتباه».
«الوفد» التقت فضيلة الدكتور رمضان عبدالرازق عضو اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف فكان هذا الحوار.
● بداية.. كيف ترى واقع الأمة الإسلامية وهل ترى أن حالة الضعف التى تعانى منها الآن عارضة أم أصبحت مرضًا يسرى بها؟
●● أما حالة الأمة وما آلت إليه، فهذا نتيجة عملها، فكل إنسان منا حياته من صنع يديه، وقد لاحظت فى القرآن الكريم آيتين مهمتين جدًا، أما الآية الأولى فقول الله عز وجل «ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين» الحجر: 2 فالمسلم هو منتج من صنع القرآن الكريم، فكأن القرآن الكريم خط إنتاج ومصنع هذا الخط وهذا الإنتاج وهذا المصنع له مواصفات، متى ما كانت المنتجات مطابقة للمواصفات القرآنية، فالمسلم منتج من مصنع، هذا المصنع هو القرآن، والقرآن له مواصفات، فمتى ما كان هذا المنتج مطابقًا للمواصفات القرآنية قيمًا وأخلاقًا وسلوكًا ومتى ما كان هذا المنتج مخالفًا للمواصفات القرآنية «ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا» فما آلت إليه الأمة الآن هو من صنع أيديها، لكننى لست يائسًا، لا من الإصلاح ولا من العودة ولا من التقدم، وهناك نقطة مهمة جدًا، لا تظن أن ما آلت إليه الأمة لا علاج له، لا بل هناك علاج ونستطيع أن نرجع ونعود ونصبح فى المقدمة، لكن بعيدًا عن رؤية النفس، فنحن نحتاج من كل مسلم أن يربط نفسه بالله عز وجل مع تمام الإخلاص والتوكل على الله عز وجل، فما آل إليه حال الأمة أمر عادى جدًا، ومتى ما صفت الدنيا، فالدنيا مبنية على العداوة، ومن سنن الله الكونية العداوة وسنة التدافع ومن سنن الله الكونية سنة الأسباب، فما آلت إليه الأمة الآن فيه خيرات كثيرة ومبشرات كثيرة، وفيه ما يدعو إلى التفاؤل والأمل كثيرًا، فقد أدعو الجميع إلى نقطتين، الأولى وهى الأمل، فاملأ قلبك بالأمل دائمًا، فالأمل موجود ولن ينقطع أبدًا، لما تجدد الأمل هيا بنا إلى العمل، واعملوا فكل ميسر لما خلق له، فحال الأمة الآن ليس بأحسن ولا أسوأ مما كان، فقد كان موجودًا من قبل، ومرت على الأمة أزمات ضخمة جدًا، ومرت على البلاد أزمات ضخمة جدًا، وخرجت منها، لذلك أدعو الجميع إلى الأمل ثم العمل وعدم اليأس، لأن اليأس من أقوى وأمضى أسلحة الأعداء وما يحدث الآن هو «ليميز الله الخبيث من الطيب» و«ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين»، امتحان واختبار وابتلاء، وهذه طبيعة الدنيا.
● ما رؤيتك لما يحدث فى غزة الآن والاعتداء من الكيان الصهيونى على شعب فلسطين؟
●● هذه كارثة كبرى يشهدها العالم أجمع، إنَّ إسرائيل تعتدى وتغتصب وتريق الدماء فى فلسطين، وهناك عدوان إسرائيلى جائر، والكل يدين بشدة هذا العدوان، وندعو الله أن يتم الوقف الفورى لإطلاق النيران، حتى ينتهى الصراع ونشهد الاعتراف بدولة فلسطين، ولابد من إدخال المساعدات وإعادة إعمار غزة حتى تكون الانطلاقة لدولة فلسطين عاصمتها القدس.
● ما تصورك لشكل الخطاب الإسلامى المعاصر الذى يجمع بين مقاصد الشريعة ويحقق مصالح العباد؟
●● أرى أنَّ لدينا تجربة رائدة جدًا فى تجديد الخطاب الدينى فى بلادنا مصر بريادة الأزهر الشريف بإمامه الأكبر -حفظه الله- وبهيئة كبار العلماء وبوزارة أوقاف تعمل ليل ونهار على ضبط الخطاب الدينى وانضباط المساجد، وبدار إفتاء مصرية ترى الواقع وتفقه النصوص جيدًا، فالخطاب الدينى ممتاز وفيه تطور هائل جدًا، وفيه عودة إلى عمران المساجد وإلى القيم والأخلاق، فالخطاب الدينى بالفعل بدأ يكون مواكبًا جدًا للعصر والواقع، ويرى الواقع جيدًا، حتى إنَّ المناهج الأزهرية حدث بها تطوير غير عادى وتنقيح للنصوص غير عادى، فبدأت تراعى منهج الحق من الخلق، وبنى على فقه نص مع فقه واقع مع تيسير، فالخطاب الدينى الآن فى مصر ثلاثى الأبعاد، يفقه النص مع رؤية الواقع ومبنى على التيسير، فبدأ الخطاب الدينى المبنى على العنف والمبنى على التصنيف والانحيازية، المبنى على العنصرية، والعصبية والتفسيق والتبديع يتراجع، فالخطاب الآن وسطى، وخطاب تنويرى وتجديدى، ومن لا يرى التجديد فلا عين له.
● ما رؤيتك لجهود الأزهر الشريف فى التصدى لظاهرة الإسلاموفوبيا فى العالم؟
●● الأزهر الشريف من أهم المؤسسات الدينية فى العالم الإسلامى، وهو بعلمائه وعلومه وشيخه وإمامه مصدر إشعاع إسلامى للعالم كله، وهو منبر الوسطية والاعتدال، فلا شك أنَّ وجوده وقوته هى التى جعلته الحصن الذى يحفظ الإسلام، ويعطى التصور المشرق عنه، ويفند ويكذب كل دعاوى الطاعنين فيه، حفظ الله الأزهر الشريف إمامًا وعلماء وجامعًا وجامعة.
● هل ترى أن هناك تناقضًا بين اكتمال الدين وثباته والاجتهاد والتجديد فيه؟
●● إطلاقًا.. فالله عز وجل عندما قال: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينًا» نعم الدين كمل كأصول وثوابت، فالدين الإسلامى مبنى على أمرين، ثوابت ومتغيرات، والثوابت أصول لا تتغير، فتوحيد الله عز وجل لا يتغير، الإخلاص لله لا يتغير، المراقبة لله لا تتغير، القيم والأخلاق والثوابت لا تتغير، إنما الذى يتغير هو المرونة فى العرض والمرونة فى الطرح والمرونة فى دعوة الناس إلى الدين وفى رؤية الناس، فقديمًا كانت هناك رؤية دار إسلام ودار كفر، وهذا خطأ كبير جدًا، فالدنيا كلها دار إسلام، الدنيا كلها أمة إسلام، لأنها إما أمة إجابة وإما أمة دعوة، فأرى أنَّ العالم كله هو أمة سيدنا النبى، وينقسم إلى قسمين أمة إجابة استجابت وأمة دعوة ندعوها إلى الله تبارك، فالمسألة قائمة على هذه الرؤية.
● فى رأيك ما أسباب حملات التشويه التى يتعرض لها الإسلام وما تصوركم لنجاح هذه الحملات من عدمه؟
●● لابد أن نعلم أنَّ هذه الحملات قامت منذ جاء النبى صلى الله عليه وسلم، قام بها الكفار والمنافقون، وهذه الحملات تعرض لها كل نبى أرسله الله عز وجل «وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا» الأنبياء 36 «وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم» هود: 38، فمتى سلم الأنبياء ومتى سلمت دعوتهم، فهذه طبيعة، فالله عز وجل، خلق الكون على ذلك، وهذه الحملات ربما تكون انتشرت أكثر وذاعت نظرًا لأمرين، الأول وسائل التكنولوجيا الذين يحسنون استخدامها من السوشيال ميديا والمنصات والإنترنت وغيرها من هذه الوسائل، وساعدهم على ذلك بُعد بعض المسلمين عن دينهم وربهم وعن العلم وعن حقيقة الدين الإسلامى، هذه الحملات ذاعت وانتشرت لهذين الأمرين، لكنها موجودة منذ بعث الله كل نبى، ومنذ بعث الله النبى محمد صلى الله عليه وسلم فحاربوه وشوهوا صورته وقالوا عليه مجنون وساحر وغير ذلك من الصفات، واستمر النبى صلى الله عليه وسلم فى دعوته لذلك أدعو إلى أن نغير هذا التشويه بالعمل والعلم وليس بالعنف والشدة، فالكلمة تجابهها الكلمة، والفكرة ضدها فكرة، لكن فكرة ضدها عنف فهذه كارثة، ولا أدعو إلى ذلك أبدًا.
● هل الدين يقف عائقًا أمام الحداثة والليبرالية التى تقوم عليها المدنية والحضارة الغربية كما يدعى البعض؟
●● الدين الإسلامى دين يدعو دائمًا إلى التجديد والتطوير، وهو دين قائم على التعددية الفكرية، ما كان أبدًا ضد التنوير ولا ضد الحرية، لكن ليس عندنا فى الدين -ولا أظن فى أى شىء- حرية مطلقة، فما من حرية إلا وفيها مسئولية، وهى حرية منضبطة ومسئولة ومقيدة بقواعد وآداب، فحريتك تنتهى عند طرف أنفِى، فالدين الإسلامى هو الذى دعا إلى الحرية الحقيقية، وهل جاء الإسلام إلا ليحرر العباد من عبادة العباد ومن عبادة غير الله إلى عبادة الله وحده، وعبادة الله وحده هى قمة الحرية والعظمة والعزة أنه يجعلك لا تتذلل لغيرك وهل جاء الإسلام إلا لتحرير الإنسان، سواء كان تحررًا ماديًا أو تحررًا معنويًا، كما قال تعالى «فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة» البلد: 11-13 فك الرقبة من التذلل لغير الله، ومن العبودية لغير الله عز وجل.
● كيف ترى أهمية تجديد الخطاب الدينى وما مفهومه من وجهة نظرك وأهم آلياته؟ وما رأيك فى تنقيح كتب التراث؟
●● أرى أنَّ تجديد الخطاب الدينى موجود فى كل وقت وزمان وكل مكان، فمنذ أن جاء النبى صلى الله عليه وسلم أوجد مصطلحات لم تكن موجودة فى السابقين، وحدد النبى صلى الله عليه وسلم المقصد من هذا الدين فى كلمتين من القرآن الكريم، قال تعالى «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» وسيدنا النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وديننا الإسلامى علمنا أنَّ الكون كله قائم على التجديد وقائم على التنوير، وسيدنا النبى صلى الله عليه وسلم قال «إنَّ الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها»، نحن لا نجدد فى الثوابت، فالثوابت فى ذاتها لا تجدد، وإنما نجدد فى وسائل عرضها، فلابد أن يكون هناك تجديد فى الدين، فى عرض الخطاب الدينى، تجديد فى دعوة الناس وآلياته قائمة على فقه النص وفقه الواقع والتيسير وأن أتعامل مع التراث بالمنهج الانتقائى، فلابد للتجديد فى الدين ألا يكون قائمًا على رفض كل القديم ولا قبول كل القديم، إنما أن نتعامل مع التراث بآليات المنهج الانتقائى، بمعنى أن نأخذ من هذا التراث ما يتناسب مع زمننا وما يتناسب مع القيم الجديدة، لكن أدعو لتجديد الخطاب فى كل عرض له.
● بماذا تفسر انتشار موجات الإلحاد بين الشباب وكيف نحصن شبابنا ضد الاستغلال الفكرى ومحترفى ألاعيب السياسة؟
●● أولا: انتشار الإلحاد جاء بسبب تطور آلياته القوية جدًا، فلبسوا ملابس ليست حقيقية، فهى ملابس زور، فدائمًا يلبس ثوب الحق وفى باطنه باطل، فهو متزين ومتلون وشعارات براقة، وفى الحقيقة أسوأ ما يكون، فلابد أن ننتبه لذلك، النقطة الثانية هى بعد الكثير من الشباب عن العلم، والقراءة والاطلاع، وديننا الإسلامى من أول سيدنا آدم إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قائم على العلم والقراءة، فأول كلمة فى الدين الذى أنزله الله على سيدنا آدم «وعلم»، وأول كلمة نزلت على سيدنا محمد «اقرأ»، فأكثر ما يحصن الإنسان العلم والقراءة، أيضًا نقطة ثالثة نحتاج إلى العودة إلى الدين الإسلامى وحقيقته وإلى وسطيته وإلى علماء الدين، أيضًا موجة الإلحاد قائمة على التقليل من قيمة العلماء، فلابد أن نعود إلى أن نعرف قدر العلماء، وقيمتهم، وعلى العلماء أن يحصنوا الشباب عن طريق حصر شبهات الملحدين والرد عليها ردًا جديدًا موجهًا ومؤصلا حتى نحصنهم، فأنا أعتبر الإلحاد فيروس، وكل فيروس يحتاج إلى تطعيم، وهذا التطعيم عبارة عن فكر وثقافة وعلم.
● من آنٍ لآخر تظهر بعض الفئات التى تهاجم السنة النبوية وتسعى للتشكيك والطعن فيها.. فما ردكم على هؤلاء وهل الطعن فى السنة النبوية مخطط قديم؟
●● الطعن فى سنة النبى صلى الله عليه وسلم مخطط قديم جدًا، منذ أنشأ غير المسلمين علم الوضع، وضع الأحاديث، فهذا مخطط قديم، لأنَّ الطعن فى السنة هو طعن فى الدين، لأنَّ السنة النبوية وهى المذكرة التفسيرية للقرآن الكريم، وسيدنا النبى صلى الله عليه وسلم هو التطبيق العملى للقرآن الكريم، فالطعن فى السنة طعن فى الدين كله، لو طعنا فى السنة فمن أين نتعلم الصلاة، فالقرآن الكريم قال: وأقيموا الصلاة، لكن لم يعرفنا هيئة الصلاة ولا عدد ركعاتها، الأمر الثانى لو طعنا فى السنة فمن أين نعلم مناسك الحج، فالقرآن أمرنا بالحج، لكن لم يبين لنا المناسك وسيدنا النبى قال «خذوا عنى مناسككم» فلو طعنا فى السنة من أين نأتى بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، ثالثًا من أين أتى الطعن فى السنة، فهل نقول إنها لم تكن تُجمع أيام الرسول، لا بالعكس كانت تُجمع أيام النبى، وكُتبت أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، ومكاتبات الرسول ورسائله إلى الأمراء والملوك سنة مكتوبة وما كتبه بعض الصحابة، وراء النبى صلى الله عليه وسلم سنة مكتوبة وصحيفة «الصادقة» لعبدالله بن عمرو بن العاص شاهدة على ذلك، فجمع السنة وكتابتها بدأ منذ أيام النبى صلى الله عليه وسلم، فلا حجة لأحد فى الطعن فى السنة.
● إذا كانت الطاعة والمعصية أو النعم والمصائب مقدرة فلماذا فرق الله بينهما فأسند الحسنة إليه سبحانه وتعالى وأسند السيئة إلى نفس العبد مع أن الجميع بقضاء الله؟
●● أولًا لابد أن نفهم معنى القضاء والقدر، وهل هو قابل للتغيير أم لا، ولذلك نقول إنَّ القضاء والقدر خمس مراتب، هناك قدر أزلى (مكتوب فى الأزل) وقدر ميثاقى وهو مكتوب عند الله عز وجل، وهما لا يقبلان المحو ولا التغيير، أما القدر الثالث فهو القدر العمرى، الإنسان فى بطن أمه جنين عندما بلغ أربعة أشهر أرسل الله ملكًا فكتب أربعة أشياء، الأجل والرزق والعمل وشقى أم سعيد، أما القدر الرابع فهو القدر السنوى، فى ليلة القدر «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ» والقدر الخامس هو القدر اليومى «كل يوم هو فى شأن»، والقدر العمرى والسنوى واليومى تقبل المحو والتغيير، فلا تفعل المعصية وتقول إنَّ الله كتبها عليك، إطلاقًا، ولذلك هؤلاء القدرية كانوا موجودين قديمًا، وقد نسب الأمر إلى الله، لأنَّ الكل بإيجاد الله عز وجل، فالله عز وجل أوجد الخير والشر فى الدنيا من أجل الامتحان والاختبار، وأوجد للإنسان الآليات على الاختيار، قال الله عز وجل «ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون» وقال تعالى «إن ربك لبالمرصاد فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربى أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربى أهانن» (الفجر: 15-18)، فجعل الله الإكرام والإنعام ابتلاء وجعل الله عز وجل تقدير الرزق وتضييق الرزق فى بعض الأوقات أيضًا ابتلاء، فالخير ابتلاء، والشر ابتلاء والمعصية ابتلاء والطاعة ابتلاء، العطاء ابتلاء والحرمان دواء، فالكل مبتلى، «فأما الإنسان إذا ما ربه فأكرمه ونعمه» وسيدنا سليمان لما وجد عرش بلقيس أمامه قال» هذا من فضل ربى ليبلونى «أأشكر أم أكفر» فالكل ممتحن والكل مختبر، لكن الخير من الله والشر لا يكون إلا من النفس، ولذلك نسب الله الخير إليه، ونسب الله الشر إلى النفس وإلى الشيطان، لأن الله لايريد بنا شرًا ولا يريد بنا معصية ولا ألمًا «ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرًا عليمًا» فالله أوجد داخل الإنسان كل ما يؤدى إلى الاختيار «إنا هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا». الإنسان: 3.
● هل نحن فى حاجة إلى تطوير آليات التعامل مع الفتاوى ووجود منهج تنظيمى يليق بقيم الإسلام؟
●● أدعو أصلا إلى ضبط بقواعد وضوابط للفتوى، نضبط الخطاب الإفتائى فى الإعلام ونضبط الخطاب الإفتائى فى السوشيال ميديا ولا يقوم بالفتوى إلا المؤهل لذلك، فليس كل داعية يصلح للفتوى، وقد يكون داعية ممتازًا ويحسن عرض المعلومة ويحسن الكلام، لكن الفتوى لها آلياتها من رؤية النص فى القرآن والسنة وقراءة الواقع جيدًا، ومعرفة مناط الفتوى، أى الربط بين النص وفقه الواقع ويسمى تحقيق المناط فمن منا يدرك ذلك إلا إذا درس أصول الفقه والفقه ومقاصد الشريعة، فلابد أن يكون هناك منهج تنظيمى منضبط جدًا يضبط المسألة وأن تكون الفتوى قائمة على الدليل من القرآن والسنة مع رؤية الواقع وفهم النص وتحقيق المناط، فكثير من الناس قد يعرف النصوص لكن لا يستطيع أن يحقق المناط والربط بين النص والواقع، وهذا لا يحسنه إلا من درس أصول الفقه والفقه ودرس مقاصد الشريعة الإسلامية وعنده رؤية كاملة ولديه لغة عربية قوية جدًا، حافظ لكتاب الله تبارك وتعالى، ولمقاصد الشريعة الإسلامية حتى يستطيع أن يفتى، فليس كل داعية يصلح للإفتاء فلا يفتى إلا من لديه آليات الفتوى، ولذلك أدعو إلى ضبط هذا الخطاب، لأنه للأسف الشديد لدينا مشكلات إفتائية تتكرر كل عام ولا تحسم، وفيها متسع، فمثلا زكاة الفطر كل عام يختلف الناس فيها هل تخرج مالاً أم حبوباً، وهذا له رؤيته وأدلته، وهذا أيضًا له رؤيته وأدلته، فنحن نحتاج إلى ضبط هذه المسألة القائمة على التعددية، وهل الحق يتعدد، قد يتعدد الحق فى بعض الأمور، فعندما قال الرسول «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا فى بنى قريظة»، فتأخر ناس فصلوا بالمدينة وتوسط ناس فصلوا فى الطريق وأنس وقفوا عند النص فلم يصلوا إلا فى بنى قريظة وأقر النبى الجميع، فقد تكون هناك فتاوى قائمة على التعددية فما المانع فى ذلك، فما المانع أن يظل الأمر فيه متسع على الناس، لا ينكر هذا على ذلك ولا العكس، أيضًا ينبغى على من يتصدى للإفتاء أن يكون على علم بالقواعد الفقهية المنظمة لها.
● أخيرًا.. «الضرورات تبيح المحظورات» قاعدة فقهية جاءت للتيسير على الناس، ولكن هناك استخدامات خاطئة لها فهل لهذه القاعدة من ضوابط وشروط تحدد العمل بها؟
●● نعم.. لأن أول ضابط لقاعدة الضرورات تبيح المحظورات ضابط الضرورة تقدر بقدرها، وأيضًا لابد من معرفة الضرورة ثانيًا، لا يكون على الإطلاق، ثالثًا: لابد من أن تكون ضرورة ملحة، رابعًا: لابد من أن نعرف ما معنى الضرورة، لأنها قد تكون حاجة من حاجيات ونظن أنها ضرورة من الضرورات، فليست على إطلاقها ولا تستخدم لهدم ثوابت الدين ولا تستخدم للاستمرار عليها، فلابد أن يحسن استخدامها وأن يكون من يتكلم فيها على علمٍ بها.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
موقع أميركي: مناقشة دور الدين في سياستنا أصبحت ضرورة
قال موقع كاونتربانتش إن الانتقادات الموجهة للديمقراطيين في الانتخابات الأميركية مستحقة، ولكن عوامل أخرى أثرت على نتيجة هذه الانتخابات.
وأوضح الموقع أن من أبرز هذه العوامل الصحافة التي طبّعت مع سلوك المرشح الجمهوري دونالد ترامب، ومؤسسات الأخبار المتحيزة، وخاصة فوكس نيوز التي اعترفت بالكذب على المشاهدين، ووسائل الإعلام الرقمية غير المنظمة التي تلاعبت ونشرت جبالا من المعلومات المضللة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غارديان: لاجئون سودانيون يعيشون داخل غابة بإثيوبيا فرارا من القتلlist 2 of 2ميديا بارت: آلاف الإسرائيليين يطالبون بفرض عقوبات على إسرائيلend of listغير أن أحد العوامل الحاسمة التي غالبا ما تفلت من الملاحظة -كما يوضح تقرير بوب توبر للموقع- هو الدور الذي يلعبه الدين في السياسة الحديثة، وهو دور لا يمكن تجاهله، ويحتاج تقدير تأثيره إلى النظر إلى الانقسام السياسي بالولايات المتحدة باعتباره صراعا بين الفكر الوضعي والمعتقد المسيحي الواسع الانتشار.
ويذكر الكاتب بتعليق المؤلف ويليام بيرنشتاين في كتابه "أوهام الحشود"، قائلا إنه لا يمكن فهم الاستقطاب الحالي في المجتمع الأميركي دون معرفة عملية بسردية "نهاية العالم" التي تتنبأ بالمجيء الثاني للمسيح، خاصة أن 39% من البالغين الأميركيين يعتقدون أن البشرية تعيش في "نهاية العالم"، حسب مسح أجراه مركز بيو للأبحاث.
هستيريا جماعيةوقد يكون من الأفضل لفهم نتيجة هذه الانتخابات، النظر إليها كحالة من الهستيريا الجماعية -حسب الكاتب- إذ لا توجد طريقة لمعرفة مدى تأثير نظرية التدبير الإلهي على هذه الانتخابات، لكن الهستيريا، التي تحركها مخاوف "نهاية العالم" تجيب عن السؤال الأكثر إيلاما، وهو لماذا انتخب الشعب الأميركي رئيسا له بكل الأوصاف التي يكيلها له خصومه.
ويرى الأصوليون الأميركيون العالم -حسب الكاتب- كمعركة بين الخير والشر، بين الله والشيطان، بين بر الإيمان المسيحي وشرور الليبرالية العقلانية، ولذلك لعبت خطابات حملة ترامب على المخاوف التي تصف الديمقراطيين بالشيطان والشر في الداخل، حيث تتضاءل العيوب في شخصية ترامب إلى حد التفاهة في هذه الدراما، لأن الرجل أداة في يد الرب، حسب رؤيتهم.
سيطرة الأصوليينويقول الموقع إنه في 1994، أبدى الجمهوري المحافظ باري غولدووتر قلقه من استيلاء الأصوليين المسيحيين على حزبه، قائلا "صدقوني، إذا سيطر هؤلاء الوعاظ على الحزب الجمهوري، وهم يحاولون ذلك بكل تأكيد، سوف تكون هذه مشكلة رهيبة للغاية. بصراحة هؤلاء الناس يخيفونني. تتطلب السياسة والحكم التسويات لكن هؤلاء المسيحيين يعتقدون أنهم يتصرفون باسم الله، لذا فهم لا يستطيعون ولن يتنازلوا. أعلم ذلك، لقد حاولت التعامل معهم".
وقبل 25 عاما أصبح الوعاظ الإنجيليون نشطين في الحزب الجمهوري، وهاجموا الإجهاض والعلاقات المثلية، غير أن الجمهوريين التقليديين لم يتبنوا خطاب الإنجيليين ولكنهم رحبوا بدعمهم، واليوم طغى اليمين المسيحي على الحزب، فلم تعد القيم المحافظة التي تبناها غولدووتر، والقيم الأميركية الأساسية المتمثلة في الحرية والمساواة والديمقراطية، تشكل أهمية بالنسبة لهوية الحزب ورسالته.
وهكذا -يقول الكاتب- تحققت مخاوف غولدووتر بالكامل، وأصبح حزبه حزبا مسيحيا ثيوقراطيا متنكرا في هيئة الحزب الجمهوري.
انتقاد المعتقداتويضيف تقرير كاونتر بانش أن احترام الفصل بين الكنيسة والدولة واحترام الخصوصيات أمر واقع، لكن انتقاد المعتقدات الدينية أصبح أمرا محظورا.
والآن وبعد أن تحول أحد الفصائل الدينية إلى حزب سياسي، لم يعد من المقبول التكيّف مع هذا الأمر، وخاصة عندما تتعارض معتقداته مع القيم الأساسية، الحرية والمساواة والديمقراطية، يوضح الموقع.
وذكر الكاتب أن كل أميركي ملزم بحماية الدستور والدفاع عنه وعن القيم التي يضمنها، وعندما يهاجم دين ما قلب المبادئ التأسيسية للأمة، فلا يجوز أن يكون الانتقاد محظورا، وكما يرفض الأميركيون "الشريعة"، فعليهم أن يرفضوا أي نسخة دينية أخرى تحل محل النظام القانوني، وعندما تجعل المعتقدات الدينية الديمقراطية التمثيلية عاجزة عن الحكم، فلا بد من المقاومة.
ومع أنه لا يمكن الاستخفاف بنحو 39% من المواطنين الأميركيين الذين يعتقدون أننا نعيش في نهاية العالم -يوضح الكاتب- فعليهم أن يدركوا أن نهاية العالم هذه أسطورة قد يحترمها المسيحيون الصالحون، ولكن يجب عليهم أن يقبلوا أنها خيال، تماما كما تقبلوا حقيقة أن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس.