فورين أفيرز: أميركا تخسر العالم العربي والصين تجني الثمار
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية مقالا مطولا لباحثين أميركيين تناولوا فيه تداعيات الحرب التي تشنها إسرائيل حاليا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
واعتبر مايكل روبينز، وأماني جمال ومارك تيسلر، وثلاثتهم باحثون وأكاديميون بارزون في شبكة "الباروميتر العربي" البحثية، أن الهجوم كان لحظة فارقة ليس لإسرائيل وحدها بل للعالم العربي برمته.
وزعموا أن هجوم المقاومة الفلسطينية وقع في وقت بدأ فيه نظام جديد بالتشكل في المنطقة، عندما شرعت 4 دول عربية -هي البحرين والمغرب والسودان والإمارات العربية المتحدة– في تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل قبل 3 سنوات.
تراجع زخم التطبيعوقد أدى هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والعملية العسكرية الإسرائيلية المدمرة التي أعقبت ذلك في قطاع غزة -وفق المقال- إلى تراجع زخم التطبيع، حيث أعلنت المملكة العربية السعودية أنها لن تمضي قدما في أي اتفاق للتطبيع ما لم تتخذ إسرائيل خطوات واضحة لتسهيل إقامة دولة فلسطينية.
وأفاد المقال بأن الآلاف في العديد من الدول العربية خرجوا للشوارع احتجاجا على الحرب الإسرائيلية والأزمة الإنسانية التي أفرزتها. وفي الأردن والمغرب، طالب المتظاهرون بإلغاء معاهدتي السلام المبرمتين مع إسرائيل، وأعربوا عن إحباطهم من عدم إصغاء الحكومات العربية لمطالب شعوبها.
ويعتقد الباحثون الثلاثة في مقالهم المشترك أن السابع من أكتوبر/تشرين الأول قد يمثل نقطة فاصلة للولايات المتحدة أيضا، ذلك لأن الرأي العام العربي قد انقلب بشكل حاد على إسرائيل "أوثق حلفائها" في المنطقة، بسبب الحرب التي تشنها في قطاع غزة.
إيران والصين
ومن شأن هذا التطور -برأي الثلاثة- أن يُربك الجهود الأميركية ليس للمساعدة في حل الأزمة بالقطاع الفلسطيني فحسب، إنما في احتواء إيران أيضا، والتصدي للنفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط.
وذكر الكُتاب الثلاثة أن شبكة "الباروميتر العربي" التي يديرونها هم أنفسهم -وهي منظمة بحثية محايدة- ظلت منذ عام 2006 تجري استطلاعات رأي نصف سنوية على المستوى الوطني في 16 دولة عربية، للوقوف على آراء المواطنين العاديين في منطقة لا تُنظَّم فيها سوى القليل من استطلاعات الرأي.
وأشاروا إلى أن استطلاعات للرأي أُجريت بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، كشفت أن قلة من العرب العاديين لديهم آراء إيجابية تجاه الولايات المتحدة.
لكن هذه المواقف تحسنت بعض الشيء بحلول عام 2022، حيث أكد ما لا يقل عن ثلث المستجيبين في جميع البلدان التي شملها استطلاع الباروميتر العربي تقريبا، أن لديهم آراء "إيجابية جدا" أو "إيجابية لحدٍّ ما" عن الولايات المتحدة.
تحول كبيرلكن استطلاعات الرأي التي أجرتها الشبكة البحثية في 5 دول في أواخر عام 2023 وأوائل عام 2024 تظهر أن مكانة الولايات المتحدة بين المواطنين العرب قد تراجعت بشكل كبير. وقد أشار استطلاع أُجري في تونس جزء منه قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول وجزء آخر بعده، إلى أن هذا التحول حدث ردا على أحداث غزة.
ولعل المفاجأة الكبرى -برأي الباحثين الثلاثة في مقالهم- أن الاستطلاعات أوضحت أن خسارة الولايات المتحدة للرأي العام العربي كانت مكسبا للصين. فقد تحسنت وجهات نظر المواطنين العرب تجاه الصين في استطلاعات الباروميتر العربي الأخيرة، على عكس ما كان سائدا طوال نصف عقد من الزمن من ضعف التأييد لبكين في العالم العربي.
ولكن عندما سُئل المستطلعة آراؤهم عما إذا كانت الصين قد بذلت جهودا جادة لحماية حقوق الفلسطينيين، لم يوافق على ذلك سوى عدد قليل منهم. وتشير هذه النتيجة -بحسب مقال فورين أفيرز- إلى أن آراء المواطنين العرب تنم عن استياء عميق من الولايات المتحدة أكثر مما تعكس دعماً محددا للسياسات الصينية تجاه غزة.
ويتوقع الباحثون الثلاثة في مقالهم أن الزعماء الأميركيين سوف يسعون، في الأشهر والسنوات المقبلة، إلى إنهاء الصراع في غزة وبدء مفاوضات من أجل التوصل إلى تسوية دائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
هجمات الحوثيين
وتأمل الولايات المتحدة كذلك لصون الاقتصاد الدولي من خلال حماية البحر الأحمر من هجمات "وكلاء إيران" في إشارة إلى جماعة الحوثي اليمنية، وترسيخ تحالف إقليمي يحتوي إيران ويحد من التدخل الصيني في المنطقة، بحسب المجلة.
ولكي يتسنى لواشنطن تحقيق أي من هذه الأهداف، فإنها تحتاج إلى شراكة الدول العربية، وهو أمر يزعم الكُتَّاب الثلاثة أنه سيتعذّر عليها نيله إذا ظلت الشعوب العربية مرتابة من الأهداف الأميركية في الشرق الأوسط.
على أن العديد من المحللين والسياسيين الأميركيين كثيرا ما أشاروا إلى أنه لا ينبغي إيلاء "الشارع العربي" أهمية كبيرة في السياسة الخارجية، متذرعين بأن القادة العرب "المستبدين" لا يكترثون كثيرا بالرأي العام في بلدانهم.
واستنادا إلى هذه الحجة، يشدد هؤلاء المحللون والسياسيون على أنه يتوجب على صُنّاع السياسة الأميركية إعطاء الأولوية لعقد صفقات مع أصحاب النفوذ على كسب قلوب وعقول المواطنين العرب. ومع ذلك فإن روبينز وأماني جمال وتيسلر يرون في مقالهم المشترك أن الفكرة القائلة إن القادة العرب ليسوا مقيدين بالرأي العام، لا تعدو أن تكون مجرد "وهم".
واستدل الباحثون الثلاثة بانتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بالحكومات في 4 دول عربية، وبالاحتجاجات الواسعة النطاق في عام 2019 التي أدت إلى تغييرات في قيادات 4 بلدان عربية أخرى.
عواقب مباشرة وخطيرة
وأضافوا أن من الممكن أيضا أن تكون لغضب المواطنين العرب من السياسة الخارجية الأميركية عواقب مباشرة وخطيرة على الولايات المتحدة. وأفادوا بأن الأبحاث السابقة المستندة إلى بيانات من استطلاعات الرأي التي أجرتها شبكتهم في الجزائر والأردن، أظهرت أن الغضب من السياسة الخارجية الأميركية قد تدفع المواطنين العرب إلى التعاطف مع الأعمال "الإرهابية" الموجهة ضد الولايات المتحدة، حسبما ورد في المقال.
ووفق المقال، فلطالما اعتبر العرب أن الولايات المتحدة تعمل على تأمين مصالحها ومصالح القادة العرب المتحالفين معها قبل مصالح المواطنين العاديين، حتى في الوقت الذي يسعى فيه المواطنون العرب إلى دعم أكبر لجهود التحول الديمقراطي ومكافحة الفساد.
ويخلص الباحثون إلى أن مخاطر الفشل في معالجة تراجع الدعم العربي للولايات المتحدة تتجاوز غزة، "فمن دون حدوث تحول كبير" في الدعم الأميركي لحرب إسرائيل، ومن دون إجراء تغييرات ذكية في السياسة الأميركية للحد من تنامي العداء العربي لأميركا على المدى الطويل، ستواصل جهات فاعلة أخرى -بما فيها الصين- محاولة "إزاحة" الولايات المتحدة من دورها القيادي في الشرق الأوسط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة المواطنین العرب إلى أن
إقرأ أيضاً:
أميركا تكشف عدد جنود كوريا الشمالية المنخرطين بالقتال لجانب روسيا والتدريبات التي تلقوها
قالت وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء، إن "نحو 10 آلاف جندي كوري شمالي يشاركون في القتال" إلى جانب القوات الروسية في حربها ضد أوكرانيا، موضحة طبيعة التدريبات التي وفرتها موسكو لجنود بيونغ يانغ.
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية للصحفيين، فيدانت باتيل، في إفادة: "أستطيع أن أؤكد أن أكثر من 10 آلاف جندي من كوريا.. أُرسلوا إلى شرقي روسيا، وأن أغلبهم انتقلوا إلى منطقة كورسك في أقصى الغرب، حيث بدأوا في الانخراط في عمليات قتالية مع القوات الروسية".
وأضاف: "دربت القوات الروسية جنود كوريا.. على المدفعية، والطائرات بدون طيار، وعمليات المشاة الأساسية، بما في ذلك تطهير الخنادق، وهي مهارات بالغة الأهمية للعمليات في الخطوط الأمامية".
واعتبر المتحدث أن "نجاح روسيا في ساحة المعركة باستخدام هذه القوات من كوريا.. سيتحدد إلى حد كبير بمدى قدرة الروس على دمجهم في جيشهم. ومن بين التحديات التي يتعين عليهم التغلب عليها.. الحاجز اللغوي، والقيادة والسيطرة، والاتصالات".
وأكد باتيل أن بلاده "تتشاور عن كثب مع حلفائنا وشركائنا ودول أخرى في المنطقة، بشأن الآثار المترتبة على هذه التطورات"، لافتا إلى أن وزير الخارجية (أنتوني بلينكن) في طريقه إلى أوروبا للمشاركة في اجتماعات حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
وتابع: "لا شك لدي في أن هذا الموضوع سوف يثار ويناقش، وسوف نستمر في التشاور بشكل مناسب بالتنسيق الوثيق مع الحلفاء والشركاء. وبناءً على توجيهات الرئيس (جو) بايدن، فإننا نواصل زيادة المساعدات الأمنية التي نقدمها لأوكرانيا أيضًا".
تعهد لزيلينسكي بدعم أوكرانيا.. تساؤلات بشأن وعد ترامب بإنهاء الحرب قبل نحو أسبوع، كشف موقع "أكسيوس" أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، اتصل بالرئيس الأوكراني، فلودومير زيلينسكي، وأكد له دعمه، وذلك في خضم الحديث عن الوضع في غمرة الحرب الروسية المستمرة على كييف.وكانت وكالة الأنباء المركزية في كوريا الشمالية قد ذكرت، الإثنين، أن الدولة صدقت على معاهدة للدفاع المشترك مع روسيا وقعها زعيما البلدين في يونيو، وتدعو كل جانب إلى مساعدة الجانب الآخر في حالة وقوع هجوم مسلح.
وقالت الوكالة إن الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، وقع مرسوما للتصديق على الاتفاق، الإثنين، وإنه يدخل حيز التنفيذ عندما يتبادل الجانبان صكوك التصديق.
ووقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على المعاهدة لتصبح قانونا، وتنص على أن البلدين يجب أن "يقدما على الفور المساعدة العسكرية وغيرها باستخدام كل الوسائل المتاحة" إذا كان أي من الجانبين في حالة حرب.
قائد الجيش الأوكراني: قوات من كوريا الشمالية تستعد للقتال مع روسيا أفاد قائد الجيش الأوكراني، أولكسندر سيرسكي، السبت، بورود تقارير عن استعداد قوات من كوريا الشمالية للقتال إلى جانب القوات الروسية.وتوصل كيم إلى الاتفاق مع بوتين خلال قمة عقدت في يونيو الماضي، ووصفه بأنه خطوة لرفع العلاقات الثنائية إلى ما يشبه "التحالف".
ويأتي التقرير وسط انتقادات دولية بشأن زيادة التعاون العسكري بين البلدين، مع إرسال كوريا الشمالية عشرات الآلاف من الجنود إلى روسيا لدعم حربها ضد أوكرانيا.
وكان قائد الجيش الأوكراني، أولكسندر سيرسكي، قد أفاد، السبت، بورود تقارير عن استعداد قوات من كوريا الشمالية للقتال إلى جانب القوات الروسية.
وكتب سيرسكي على فيسبوك عن محادثاته مع كريستوفر كافولي، الذي يرأس القيادة الأميركية في أوروبا: "لدينا تقارير عديدة عن استعداد جنود من كوريا الشمالية للمشاركة في عمليات قتالية إلى جانب القوات الروسية".
وأضاف سيرسكي أن الوضع في الخطوط الأمامية لا يزال "صعبا ويظهر علامات التصعيد"، خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف العام مع روسيا.