بوابة الوفد:
2025-07-11@23:19:50 GMT

المخدرات والجريمة

تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT

تشير العديد من الدراسات والأبحاث إلى وجود علاقة وثيقة بين انتشار ظاهرة تعاطى المخدرات وارتفاع معدلات الجريمة. ومع ذلك، يبقى تحديد طبيعة هذه العلاقة، سواء كانت سببية أم مجرد ارتباط، موضوعاً معقداً، خاصة مع ارتفاع نسبة التعاطى بين الشباب على مستوى العالم. تشير الإحصائيات فى مصر إلى أن نسبة التعاطى تبلغ 45.

1% بين الفئة العمرية من 15 إلى 20 عاماً، و34.1% بين الفئة العمرية من 20 إلى 30 عاماً، و14.02% من الحالات بدأوا فى سن أقل من 15 عاماً، وهو ما يعكس خطورة الوضع مع ازدياد معدلات الإدمان وما يترتب عليه من ارتفاع فى معدلات الجريمة.

تعاطى المخدرات ليس مجرد فعل انعزالي، بل هو مشكلة تمتد تأثيراتها إلى نسيج المجتمع ككل، حيث يقود الإدمان إلى تدهور القيم الاجتماعية وزيادة معدلات الجرائم مثل السرقة والسطو، وسط بحث المدمن عن المال بأى وسيلة لشراء المخدرات. هذه الجرائم لا يمكن اعتبارها مجرد حوادث فردية بل كجزء من منظومة إجرامية أوسع، تنخرط فيها الفئات المدمنة فى أنشطة إجرامية مُنظمة، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمنى.

الأمر لا يتوقف عند الحاجة المادية للمخدرات، بل يتعداه إلى التأثيرات النفسية العميقة التى تحدثها المواد المخدرة. الكوكايين والهيروين، على سبيل المثال، يتسببان فى تغيرات نفسية وسلوكية حادة تدفع المتعاطين إلى التصرف بعنف وعدوانية، مما يزيد من احتمالية ارتكابهم لجرائم عنيفة. هذه السلوكيات العدوانية ليست سوى جزء من دائرة مفرغة من العنف والجرائم المرتبطة بالإدمان.

من جهة أخرى، قد تسهم عوامل أخرى فى خلق بيئة مواتية لتعاطى المخدرات والجريمة، كالفقر والبطالة، والظروف الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك التعرض للعنف أو الإهمال فى مرحلة الطفولة. وتظهر البيانات إلى أن ارتفاع معدلات الجريمة قد يرتبط بضعف سيادة القانون وتتزايد فى الأماكن التى تكون فيها فرص إنفاذ القانون ضعيفة أو غائبة.

لم تقف الدولة المصرية صامتة أمام ارتفاع ظاهرة الإدمان، بل قامت بجهود كبيرة لمكافحة تعاطى المخدرات والجريمة. فى عام 2018، أطلقت الحكومة المصرية حملة وطنية لمكافحة المخدرات بهدف الحد من انتشار هذه الظاهرة وعلاج المدمنين. وتتمثل استراتيجية الدولة فى تطوير منظومة عدلية فعالة، وتعزيز التعاون بين أجهزة إنفاذ القانون، وتوفير فرص العمل للشباب، وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى تقديم برامج التوعية والتثقيف لنشر الوعى بمخاطر المخدرات والجريمة وتعزيز القيم الإيجابية بين الشباب.

وأسفرت هذه الجهود عن نتائج إيجابية، حيث انخفضت نسبة تعاطى المواد المخدرة إلى 5.9% فى 3 عام 202مقارنة بـ10.2% فى عام 2014. كما انخفضت نسبة الإدمان إلى 2.4% فى عام 2023 مقارنة بـ3.4% فى عام 2014. كما قدمت الحكومة خدمات علاجية مجانية لـ813.1 ألف مريض إدمان فى المراكز العلاجية خلال الفترة من 2014 إلى 2022، بالإضافة إلى زيادة عدد مراكز علاج وتأهيل مرضى الإدمان بنسبة 133.3%، ليصل عددها إلى 28 مركزاً فى عام 2021 مقارنة بـ12 مركزاً فى عام 2014.

إجمالاً، المعطيات الحالية تستوجب على صانعى السياسات التفكير فى عدة اعتبارات لمواجهة هذه الظاهرة المعقدة بشكل فعّال. يجب التركيز على تعزيز البرامج الوقائية والتوعوية فى المدارس والمجتمعات المحلية لنشر الوعى حول مخاطر المخدرات وأثرها على الفرد والمجتمع، بما فى ذلك استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية والرقمية بشكل أكثر فاعلية للوصول إلى شريحة الشباب خاصة فى المناطق النائية والمحرومة، وتوعيتهم بمخاطر المخدرات بطرق تفاعلية وجاذبة.

وينبغى إعادة النظر فى برامج إعادة التأهيل لتتضمن الدعم النفسى والاجتماعى للمدمنين بعد انتهاء فترة العلاج، مع التركيز على تقديم فرص عمل وتدريب مهنى لضمان عدم العودة إلى الإدمان والجريمة.

ومن الضرورى تحسين البنية التحتية الاقتصادية وبناء الشراكات بين القطاعين العام والخاص لخلق فرص عمل مستدامة للشباب، بما فى ذلك تشجيع ريادة الأعمال وتقديم حوافز للشركات لتوظيف الشباب تشمل برامج التدريب المهنى المتخصصة تتناسب مع احتياجات السوق المحلى والعالمى. كما أنه من الأهمية الاستثمار فى البحث العلمى لدراسة الأنماط السلوكية والنفسية المرتبطة بالإدمان، بهدف تطوير استراتيجيات علاجية متقدمة تعتمد على البيانات والأدلة العلمية.

وأخيراً، تعزيز التعاون الدولى فى مكافحة تهريب المخدرات هو أمر مهم، وتطوير آليات تبادل المعلومات والتجارب الناجحة بين الدول، وتنظيم الحملات المشتركة لملاحقة تجار المخدرات وتفكيك الشبكات الإجرامية التى تعمل عبر الحدود، إلى جانب دعم المجتمعات المحلية لتطوير مبادرات ذاتية لمكافحة الإدمان والجريمة بطرق مبتكرة ومستدامة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المخدرات والجريمة معدلات الجريمة لفئة العمرية المخدرات والجریمة تعاطى المخدرات فى عام

إقرأ أيضاً:

الحصبة تعود إلى أميركا.. أعلى حصيلة منذ ثلاثة عقود وتحذيرات من فقدان السيطرة

سجّلت الولايات المتحدة 1,288 إصابة مؤكدة بمرض الحصبة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025، في أعلى حصيلة منذ عام 1992، وفقاً لما أعلنته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، وسط تراجع ملحوظ في معدلات التلقيح الوطنية وتغيّرات في السياسات الفيدرالية للقاحات. اعلان

ورغم تباطؤ عدد الحالات الأسبوعية مؤخراً، فإن هذه الحصيلة تفوق الرقم القياسي لعام 2019 البالغ 1,274 إصابة، مما يعيد المرض إلى دائرة الخطر بعد أن كان قد أُعلن القضاء عليه داخل الولايات المتحدة عام 2000.

وأوضحت وزارة الصحة الأميركية أن الخطر العام للإصابة لا يزال منخفضاً، غير أن المجتمعات ذات معدلات التطعيم المتدنية، لاسيما في مناطق تشهد تفشيات نشطة أو ترتبط بها جغرافياً أو اجتماعياً، تواجه تهديداً متزايداً.

Relatedالكوادر الصحية في أوروبا تحذّر من زيادة انتشار مرض الحصبة في الأشهر المقبلةارتفاع حالات الإصابة بالحصبة في أوروبا... كيف توزعت الأرقام على الخارطة؟ الحصبة تتفشى في الولايات المتحدة.. هل نحن أمام خطر عالمي؟

وقالت الوزارة في بيان رسمي: "تواصل مراكز السيطرة على الأمراض تقديم الدعم الفني والمخبري وتوفير اللقاحات حسب الطلب"، مشددة على أن لقاح MMR (الخاص بالحصبة والنكاف والحصبة الألمانية) لا يزال الوسيلة الأنجع للحماية، مع التأكيد على أن "قرار التطعيم يبقى شخصياً".

ويأتي هذا التصعيد بالتزامن مع تحول لافت في الخطاب الصحي الرسمي تحت قيادة وزير الصحة روبرت إف. كينيدي الابن، الذي دعا CDC إلى تطوير إرشادات علاجية جديدة للمرض، معتبراً أن استجابة الولايات المتحدة تُعد "نموذجاً يُحتذى به عالمياً"، مستشهداً بارتفاع معدلات الإصابة والوفيات في أوروبا.

لكن بعض تصريحات كينيدي أثارت الجدل، إذ سبق أن وصف اللقاح – بشكل غير دقيق – بأنه يحتوي على "مخلفات من أنسجة أجنة"، رغم تصريحه في مناسبات أخرى بأن التطعيم هو الطريقة المثلى للوقاية من المرض.

وتتركز غالبية الإصابات في ولاية تكساس، التي سجلت وحدها أكثر من 750 حالة، مع انتشار محدود إلى ولايات مجاورة مثل نيو مكسيكو وكانساس. وأفادت السلطات الصحية بأن معظم المصابين غير مطعّمين، وأن التفشي بدأ في مجتمع ديني معروف بتشككه تجاه اللقاحات.

ووفقاً لـCDC، توفي ثلاثة أشخاص جراء التفشي في تكساس، بينهم طفلان في سن الدراسة لم يتلقيا اللقاح. كما نُقل 162 شخصاً إلى المستشفيات بسبب مضاعفات العدوى.

وأظهرت بيانات CDC أن معظم الولايات الأميركية شهدت على الأقل حالة واحدة خلال العام الجاري، في مؤشر مقلق على تراجع المناعة المجتمعية. ويُعزى ذلك جزئياً إلى الانخفاض المستمر في معدلات التلقيح بين أطفال رياض الأطفال منذ جائحة كوفيد-19، حيث أظهرت إحصاءات العام الدراسي 2022-2023 انخفاضاً نسبته 2% مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة.

ويحذر خبراء الصحة العامة من أن الولايات المتحدة قد تفقد قريباً تصنيف "القضاء على الحصبة"، في حال استمر الانحدار في نسب التلقيح، خاصة في ظل تزايد الشكوك المجتمعية تجاه اللقاحات، والتي تعيد إلى الأذهان "عقلية العصور المظلمة"، بحسب وصف الدكتور أميش أداليا، الخبير في الأمراض المعدية بمركز جونز هوبكنز للأمن الصحي.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • «أنت أقوى من المخدرات».. حملة توعوية تنطلق من شواطئ الإسكندرية
  • الكشف عن المخدرات للسائقين بـ 3 أكمنة متحركة مفاجئة والمصالح الحكومية ضمن مبادرة أسوان بلا إدمان
  • وزير البترول يبحث مع توتال الفرنسية زيادة معدلات الإنتاج بالبحر المتوسط
  • الحصبة تعود إلى أميركا.. أعلى حصيلة منذ ثلاثة عقود وتحذيرات من فقدان السيطرة
  • 620 سائقًا يطلبون العلاج من الإدمان بعد انطلاق حملة التوعية المكثفة
  • «أسوان بلا إدمان».. حملات مكثفة للكشف عن المخدرات بين السائقين وتوعية شاملة
  • 620 سائقًا يطلبون علاج الإدمان بعد حملة توعية مكثفة
  • وزير الرياضة: الدولة خصصت صندوق مكافحة الإدمان للقضاء على ظاهرة المخدرات
  • تشابك الأيدي.. أول تعليق من رئيس الوزراء على صورته مع آبي أحمد
  • رئيس الوزراء: لجنة تنفيذية للعمل على خفض معدلات الحوادث في مصر