إن قدرة التعبير عن الرأى، أصبحت لها طرق كثيرة فى ظل التطور التكنولوجى الرهيب فى وسائل النشر، إلا أننا سوف نتحدث عن إحدى صور هذه الحرية، فى التعبير عن الرأى بطريق الصحف الورقية ومواقعها الرصينة الذكية، لأنها تعطى صورة صادقة عن حقيقة الوضع  القائم فى المجتمع، وعما تصدره السلطة التنفيذية من قرارات، وما تصدره المجالس النيابية من تشريعات لها «قوة القوانين»، وعلى ذلك يكون حق التعبير عن الرأى، هو حق من حقوق الإنسان وروح الفكر الديمقراطى المعاصر، للدول التى ترتضى بأن تدخل هذا الحق فى تشريعاتها الوطنية، لأنه يرتبط بنظام الحكم القائم لشعوب الدول التى توفر ممارسته بإرادة حرة دون تقييد أو تكبيل لهذا الحق، لأنه ينظم العلاقة السياسية بين السلطات العامة فى الدولة وأفراد الشعب.

وقيام دولة المؤسسات كجماعة منظمة تريد أن تضمن إعلاء حق التعبير عن الرأى، وتربطها بمجموعة من القوانين التى تنظمها، لكى تسير عليها الحياة من أجل بناء مجتمع أفضل يضمن حمايته ويحترم فيه الإنسان كرامته، وتعتبر الصحافة الورقية فى مصر  سواءً كانت صحفا قومية أو حزبية أو حتى خاصة، اتبعت الخطوات الواجب اتباعها من أجل الحصول على إخطار لإصدار صحيفة أو موقع إلكترونى لها، يكون كل هؤلاء أهلا لتحمل مسئولية هذه الحرية  لأن الحرية مسؤولة، إذ إن أهلية الشخص المسؤول عن رئاسة تحرير الجريدة أو الموقع، رأى المشرع أنه له دور كبير من الناحية القانونية عما ينشر فيهما، نظراً لأهمية الدور الذى يقوم به فى توجيه المحررين إلى تنفيذ السياسة العامة للصحيفة، من أجل تحقيق أهدافها الصحيحة، من حق الحصول على المعلومات الصادقة ونشرها وحق النقد البناء، لما يملكه من سيطرة وسلطة أوجبها القانون له على كل من يعمل فى المطبوع أو بثه الذكى، فبالتالى يكون مسؤولا عن جرائم الرأى لأنه صاحب الامتياز الأصيل فى تحديد ما ينشر أو يبث أو من لا ينشر أو يبث، إلا أن أحكام القضاء جعلت المسئولية والجزاء فى جرائم النشر، يتحملها كاتبها بعد ما كانت قبل ذلك تتجه أحيانا إلى رئيس التحرير، وبالتالى انتفت مسئولية رئيس التحرير من جريرة ارتكبها قلم كاتب لديه فى جرائم النشر.

إن الصحف الورقية تتبع التنظيم القانونى السليم الذى ينظم وسائل النشر، والتى تقتضى مصلحة المجتمع ذلك، لأنها تستطيع التوازن بين حاجات أفراده والمصلحة العامة للدولة، ويكون بذلك عن طريق نشر المعلومات الصحيحة وحق النقد البناء، حتى لا تكون مصلحة البلاد وأمنها القومى محل إهدار، وهذا ما تقوم به الصحافة المطبوعة من دور اجتماعى غاية فى الأهمية، لأن بطريقها يتم توصيل القرارات والأوامر التى تصدرها السلطة التنفيذية إلى الرأى العام وضرورة إبلاغه بها،  إذ إنها الكاشف عن كل ما هو يهم الشعب والمدافع عنه ضد أى اخطار تهدده، بل هى الرقابة الشعبية الأولى بطريق النشر على أعمال السلطة التنفيذية، بعد الرقابة القضائية عليها، طالما تقوم الصحافة بحق النقد الموضوعى المباح، لأن غايتها تحقيق المصلحة العامة وليس بغية التشهير أو المساس والحط من كرامة الآخرين، لأن موضوعية النقد للصالح العام له أهمية اجتماعية كبرى، من خلال حق الشعب فى المعرفة، شرط أن لا يتجاوز حدود النقد المباح، وإلا دخل فى دائرة التأثيم ووجب العقاب عليه باعتباره مكوناً لجرائم السب والقذف، هذه هى المبادئ والأهداف التى تحدد مفهومها الصحافة الورقية المطبوعة، لأنها الوعاء لحرية تداول المعلومات التى يستسقى منه الجميع لخدمة قضايا الوطن والمواطن، وهذه هى دعائم إرساء معالم الحرية والديمقراطية للجمهورية الجديدة، لأن حرية الصحافة هى جوهر روح الديمقراطية للأمم المتقدمة والمتحضرة، ثم إن رقى مجتمعات شعوب تلك الأمم، يرجع إلى وسع ثقافتها المعرفية عن طريق صحفها الورقية ومواقعها الإلكترونية ذات الترخيص، وتركها لمواقع التواصل الاجتماعى بأنواعها، لأنها تتلاعب بالعقول ودون مراعاة للحدود، ومصدر قلق لنشر الشائعات المغرضة والأخبار الكاذبة والمعلومات المغلوطة المفبركة التى تهدد الأمن الجماعى، فمن أجل ذلك أهيب بالجميع لمن يريد أن يعرف الحقائق ويتزود بالمعلومات الصحيحة، بأن يقرأ الصحافة المطبوعة لأنه الصدق كتب فى جريدة ولها رئيس تحرير مسؤول، وعلى ذلك أصبحت الصحيفة مثل الوثيقة الإدارية بين يديك.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الصحافة المطبوعة النقد البناء من أجل

إقرأ أيضاً:

البرهان عثرة البناء الذهني في استخدام الرموز

كتب الأستاذ الجامعي د. محمد عبد الحميد

يحرص البرهان كل الحرص في لا وعيه على التأكيد دوما أنه لا يرتبط بأي آصرة علاقة سياسية أو أيدولوجية بالإسلاميين. ولعل مرد ذلك يرجع لطبيعة الوضع السياسي الذي وجد نفسه فيه. وإدراكه الواعي بأن أحد أكبر نقاط ضعفه هي مستويات الحضانه السياسية التي بات يوفرها له الإسلاميون ليس بمشيئته، وإنما بمشيئة التوازن الجدلي في الواقع السوداني، وبالطبع هذا وضع قد لا يُحسد عليه كثيرا، ويُضيّق عليه حيز المناورة السياسية.. فهو يحاول دائماً على مستوى الخطاب أن ينفي تلك العلاقة، لذلك يحاول جهده على تأكيد ذلك أحياناً بلغة مباشرة لا تخلو من النزق. وفي أحيان كثيرة من خلال إستخدام الرموز الدلالية سيميائياً عبر لغة الجسد.
فتراه عادة و بعكس الإخوان المسلمين يؤكد من خلال رفعه ليده مقبوضة الكف في تحية الجماهير على عكس ما يفعل الإسلاميون الذين عادة ما يرفعون أيديهم مشهرين أصبع السبابة.. وقد يبدو أنه قد نجح وينجح في ذلك دائماً فهو لم يخطأ مطلقاً ولو بشكل غير واعي في هذه الحركة بالغة الدلالة الرمزية، فهذه الحركة بالنسبة له وبحسب خلفيته العسكرية وهو إستخدام مباشر لما ترمز له اليد المقبوضة كعلامة فوق أنها مفارقة لعلامة الإسلاميين، فإنها تدل سيميائياً على السيطرة والقوة والانضباط والتماسك، بينما في المقابل يعجز عندما يستخدم اللغة الرمزية عجزاً كبيراً ومفضوحاً.
أن إستخدام اللغة الرمزية قد يستعصي على الشخص ذو التكوين العسكري في العادة، فمجال إستخدام اللغة الرمزية معقد ويحتاج لبنية ذهنية مدربة و خيالات واسعة وإدراك موضوعي وثقافة معمقة لوقع إستخدام الرموز في نفسية جمهور المخاطبين.
ففي خطابه الذي إستخدم فيه رمزية (اللساتك مقابل البندقية) في الشرعية وأثار ردود فعل واسعة محتجة وكظيمة وسط الثوار، حيث لم تسعفه معارفه ولا قدراته الذهنية ولا خبراته العملية في التفريق بين مَن أراد أن يوصل لهم الرسالة، وبين مدلول الرسالة.
إن إستخدام رمزية غاية في التعقيد كالبندقية واللساتك تتطلب درجة عالية من القدرة على فهم الدال والمدلول كما تتطلب وضعاً يختلف عن وضع البرهان الحالي. ففي السياق السوداني السياسي المعقد الراهن - والذي أسهم البرهان شخصياً في تعقيده - حول "شرعية البندقية" والتي ترتبط بأسس وضوابط لا تخرج عن أن تكون ضمن وظيفة الدولة الرسمية القاضية بإحتكار أدوات العنف والقهر في الدولة، فهي في هذه الحدود تتطلب (إدارة) أكثر من تأكيد شرعية. فالشرعية في الأصل لمَن يدير البندقية، لا لمَن يستعملها... وقد كان البرهان في لحظة ما بوصفه قائداً عاماً للجيش ورئيساً لمجلس السيادة والقيِّم والمدير الأول للبندقية قد سمح لقوات الدعم السريع بوصفها قوة خارج نطاق الجيش الرسمي أن تمتلك ليس فقط البندقية، وإنما شرعية ذلك الامتلاك. وبذلك تعددت أوجه وجود شرعية البندقية في أكثر من يد. وما يجري في الحرب الآن هو في الأصل محاولة للتكفير عن هذا التفريط في إدارة البندقية.
لعل الحرب الآن قد فرضت واقعاً أكثر تعقيداً. فالبندقية الآن في الواقع السوداني يمتلكها أكثر من فصيل، وللمفارقة يحارب بها مع الجيش جنباً لجنب. أما إستخدام رمزية اللساتك فهي تجسد عدم قدرة ذهنية في إستخدام الكلمة على مستوى الدلالة لسيميائية الفعل، فحرق اللساتك وعلى الرغم من أنه يُمثل تعدي على البيئة ويحتوي على مخاطر بيئية وصحية، إلا أنه في السياق السوداني يُعبّر عن حالة رفض جماهيري للسلطة الديكتاتورية التي كان يقودها الإسلاميون. وهي ليست حكراً على القوى السياسية المنظمة في الأحزاب السياسية التي رفضت أو أحجمت عن التضامن مع الجيش، وإنما إستخدامها هنا كان يتطلب حساسية أكثر للسياق الذي وضع البرهان في أعلى قمة الهرم السياسي والسلطوي في الدولة. وهي إرادة الجماهير الشعبية والتي هي بالمناسبة ليست غائبة ولا متراجعة عن رمزية فعلها الثوري من خلال حرق اللساتك في إقامة نظام مدني ديمقراطي حر. غير أنها اختارت أن ينجلي غبار المعركة الحالية لتعود لنفس فعلها الثوري إن كان بحرق اللساتك أو الإضراب أو العصيان أو غيرها من أوجه التعبير المدني الحر عن الإرادة السياسية.. وهي تَعِدُ نفسها لذلك اليوم وتتطلع إليه محتفظة بشرعية فعلها لحين أن يواتي السياقُ السياقَ.
د.محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • البلشي: الحفاظ على الصحافة الحرة يعني الحفاظ على صوت المجتمع
  • أسعار مواد البناء في مصر اليوم الخميس 1-5-2025
  • تحرير 147 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة
  • البرهان عثرة البناء الذهني في استخدام الرموز
  • الصحافة السودانية في المنتدى الأدبي السوداني بأستراليا
  • الصحافة الإيطالية تنبهر بمتحف البصرة الحضاري: سننقل ما رأيناه لشعبنا
  • عطلة الصحافة في ذكرى 6 أيار
  • 14 قتيلا إثر حريق هائل بفندق بكولكاتا في الهند
  • حظر النشر بقضايا تصنيع الصواريخ والمسيرات والتجنيد والتدريب / وثيقة
  • حكاية أطفال الأنابيب (٢)