أحمد العامري
تُعاني العديد من الدول من آثار نظام المحاصصة، الذي يقسم السلطة والمناصب الحكومية على أساس طائفي أو عرقي أو حزبي، مما يؤدي إلى الجمود السياسي ويعوق التنمية.
لتحقيق الاستقرار والتقدم، يجب تبني إصلاحات شاملة تهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية، فالدول التي يُبنى نظام حكمها على المحاصصة، بغض النظر عن شكلها، تجد نفسها عاجزة عن إدارة شؤونها بفعالية.
وتُعد دول مثل لبنان، العراق، الصومال، واليمن من أبرز الأمثلة على الدول التي اعتمدت هذا النظام وفشلت في تحقيق الاستقرار والتنمية.
في لبنان، تتوزع المناصب العليا على أساس طائفي، حيث يُخصص منصب رئيس الجمهورية للمسيحيين الموارنة، ورئاسة الوزراء للسنة، ورئاسة البرلمان للشيعة. هذا النظام أوجد حالة من الجمود السياسي وأعاق اتخاذ القرارات الحيوية.
في العراق، المُحاصصة الطائفية بين السنة، والشيعة، والأكراد أدت إلى انقسامات حادة في الحكومة، وعرقلت جهود إعادة الإعمار وتحقيق الأمن بعد سقوط دولة العراق. أما في الصومال، فقد ساهمت المحاصصة القبلية في تعزيز الانقسامات الداخلية وإضعاف الحكومة المركزية، مما أدى إلى استمرار حالة عدم الاستقرار.
اليمن، بدوره، يعاني من آثار المحاصصة القبلية والإقليمية والولاءات العابرة للحدود، مما زاد من تعقيد الأزمة السياسية وأدى إلى تفاقم الحرب الأهلية.
كل هذه الأمثلة تُظهر أن المحاصصة تؤدي إلى شلل سياسي، وتعطيل التنمية، وتعميق الانقسامات الداخلية، مما يجعل من الصعب على الدولة تحقيق الاستقرار والتقدم.
الخروج من نظام المحاصصة في هذه الدول وغيرها يتطلب تبني مجموعة من الإصلاحات السياسية والإدارية التي تعزز الوحدة الوطنية وتحقق العدالة الاجتماعية وتتجاوز الشلل الساسي الحاصل حاليا.
إليكم بعض الحلول المقترحة:
1. إصلاح النظام الانتخابي:
تبني نظام انتخابي يعتمد على القوائم الوطنية أو الدوائر الكبيرة بدلًا من الدوائر الطائفية أو العرقية.
هذا يُساعد في تعزيز التمثيل العابر للطوائف ويشجع على تشكيل تحالفات وطنية.
2. تعزيز المواطنة:
نشر ثقافة المواطنة وتعزيز الانتماء الوطني من خلال التعليم والإعلام.
التركيز على الهوية الوطنية المشتركة بدلًا من الهويات الطائفية أو العرقية.
3. تقوية المؤسسات الديمقراطية:
تعزيز استقلالية القضاء والهيئات الرقابية لضمان العدالة والمساءلة.
هذا يضمن أن المناصب تُشغل بناءً على الكفاءة وليس الولاءات الطائفية أو الحزبية.
4. إصلاح الإدارة العامة:
تبني سياسات توظيف تعتمد على الكفاءة والخبرة بدلًا من المحاصصة.
إنشاء هيئات مستقلة لإدارة التوظيف في القطاع العام.
5. تشجيع الحوار الوطني:
فتح قنوات الحوار بين مختلف المكونات الاجتماعية والسياسية للوصول إلى توافقات وطنية حول القضايا الكبرى.
هذا يشمل إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في عملية بناء التوافق.
6. إعادة توزيع الموارد بشكل عادل:
التأكد من توزيع الموارد الوطنية بشكل عادل بين مختلف المناطق والمجموعات السكانية، مما يقلل من التوترات والاحتقان الناتج عن التهميش والإقصاء.
7. تعزيز الحكم المحلي:
منح صلاحيات أكبر للحكومات المحلية لتمكينها من تلبية احتياجات مجتمعاتها بشكل أفضل، مما يقلل من الضغوط على الحكومة المركزية.
8. بناء ثقافة سياسية جديدة:
تشجيع الأحزاب السياسية على تجاوز الانقسامات الطائفية والعرقية والعمل على برامج وطنية تعالج القضايا الاقتصادية والاجتماعية والتنموية.
باتباع هذه الإصلاحات، ربما يمكن للدول أن تبني نظامًا سياسيًا أكثر استقرارًا وعدلًا، يعزز الوحدة الوطنية ويحقق التنمية المستدامة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الحكومة الوطنية توضّح حقيقة ما يشاع عن استقبال لاجئين فلسطينيين
نفى المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، ما ورد في تقرير نشرته منصة “American Thinker”، حول استعداد ليبيا لاستقبال لاجئين فلسطينيين، مؤكداً أن هذه الادعاءات مختلقة تمامًا ولم تصدر عن أي جهة رسمية ليبية.
وقال بيان المكتب: “إن التقرير المذكور يفتقر إلى أدنى معايير المصداقية والمهنية، وقد نشر في منصة لا وزن لها في الأوساط الإعلامية المحترفة، ومعروفة بترويج الأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة، كما أن كاتبه، جيروم ر. كورسي، ليس صحفيًا محترفا، بل له سجل طويل في نشر معلومات مضللة ومختلقة لا تستند إلى أي مصادر موثوقة”.
وأسف المكتب الإعلامي “لقيام بعض الصفحات الليبية بالترويج لهذا التقرير المضلل دون تحقق أو تدقيق”، مؤكدا أن “السياسات الليبية الداخلية والخارجية، يتم الإعلان عنها عبر القنوات الرسمية فقط، وأي أخبار لا تصدر عن الجهات المختصة لا تعدو كونها محاولات للتشويش وإثارة البلبلة”.
وشدد المكتب على أن “سياسات ليبيا تعلن عبر القنوات الرسمية فقط، مجدداً موقف ليبيا الثابت الداعم للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة على أرضه، وتؤكد أن سياساتها تجاه هذه القضية تستند إلى المبادئ والقيم التي يؤمن بها الشعب الليبي”.