جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-07@02:30:00 GMT

الوطنية والمحاصصة

تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT

الوطنية والمحاصصة

 

أحمد العامري

 

تُعاني العديد من الدول من آثار نظام المحاصصة، الذي يقسم السلطة والمناصب الحكومية على أساس طائفي أو عرقي أو حزبي، مما يؤدي إلى الجمود السياسي ويعوق التنمية.

لتحقيق الاستقرار والتقدم، يجب تبني إصلاحات شاملة تهدف إلى تعزيز الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية، فالدول التي يُبنى نظام حكمها على المحاصصة، بغض النظر عن شكلها، تجد نفسها عاجزة عن إدارة شؤونها بفعالية.

المحاصصة تعني تقسيم السلطة والمناصب الحكومية على أساس طائفي أو عرقي أو حزبي، بدلًا من الكفاءة والمصلحة الوطنية.

وتُعد دول مثل لبنان، العراق، الصومال، واليمن من أبرز الأمثلة على الدول التي اعتمدت هذا النظام وفشلت في تحقيق الاستقرار والتنمية.

في لبنان، تتوزع المناصب العليا على أساس طائفي، حيث يُخصص منصب رئيس الجمهورية للمسيحيين الموارنة، ورئاسة الوزراء للسنة، ورئاسة البرلمان للشيعة. هذا النظام أوجد حالة من الجمود السياسي وأعاق اتخاذ القرارات الحيوية.

في العراق، المُحاصصة الطائفية بين السنة، والشيعة، والأكراد أدت إلى انقسامات حادة في الحكومة، وعرقلت جهود إعادة الإعمار وتحقيق الأمن بعد سقوط دولة العراق. أما في الصومال، فقد ساهمت المحاصصة القبلية في تعزيز الانقسامات الداخلية وإضعاف الحكومة المركزية، مما أدى إلى استمرار حالة عدم الاستقرار.

اليمن، بدوره، يعاني من آثار المحاصصة القبلية والإقليمية والولاءات العابرة للحدود، مما زاد من تعقيد الأزمة السياسية وأدى إلى تفاقم الحرب الأهلية.

كل هذه الأمثلة تُظهر أن المحاصصة تؤدي إلى شلل سياسي، وتعطيل التنمية، وتعميق الانقسامات الداخلية، مما يجعل من الصعب على الدولة تحقيق الاستقرار والتقدم.

الخروج من نظام المحاصصة في هذه الدول وغيرها يتطلب تبني مجموعة من الإصلاحات السياسية والإدارية التي تعزز الوحدة الوطنية وتحقق العدالة الاجتماعية وتتجاوز الشلل الساسي الحاصل حاليا.

إليكم بعض الحلول المقترحة:

1. إصلاح النظام الانتخابي:

تبني نظام انتخابي يعتمد على القوائم الوطنية أو الدوائر الكبيرة بدلًا من الدوائر الطائفية أو العرقية.

هذا يُساعد في تعزيز التمثيل العابر للطوائف ويشجع على تشكيل تحالفات وطنية.

2. تعزيز المواطنة:

نشر ثقافة المواطنة وتعزيز الانتماء الوطني من خلال التعليم والإعلام.

التركيز على الهوية الوطنية المشتركة بدلًا من الهويات الطائفية أو العرقية.

3. تقوية المؤسسات الديمقراطية:

تعزيز استقلالية القضاء والهيئات الرقابية لضمان العدالة والمساءلة.

هذا يضمن أن المناصب تُشغل بناءً على الكفاءة وليس الولاءات الطائفية أو الحزبية.

4. إصلاح الإدارة العامة:

تبني سياسات توظيف تعتمد على الكفاءة والخبرة بدلًا من المحاصصة.

إنشاء هيئات مستقلة لإدارة التوظيف في القطاع العام.

5. تشجيع الحوار الوطني:

فتح قنوات الحوار بين مختلف المكونات الاجتماعية والسياسية للوصول إلى توافقات وطنية حول القضايا الكبرى.

هذا يشمل إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في عملية بناء التوافق.

6. إعادة توزيع الموارد بشكل عادل:

التأكد من توزيع الموارد الوطنية بشكل عادل بين مختلف المناطق والمجموعات السكانية، مما يقلل من التوترات والاحتقان الناتج عن التهميش والإقصاء.

7. تعزيز الحكم المحلي:

منح صلاحيات أكبر للحكومات المحلية لتمكينها من تلبية احتياجات مجتمعاتها بشكل أفضل، مما يقلل من الضغوط على الحكومة المركزية.

8. بناء ثقافة سياسية جديدة:

تشجيع الأحزاب السياسية على تجاوز الانقسامات الطائفية والعرقية والعمل على برامج وطنية تعالج القضايا الاقتصادية والاجتماعية والتنموية.

باتباع هذه الإصلاحات، ربما يمكن للدول أن تبني نظامًا سياسيًا أكثر استقرارًا وعدلًا، يعزز الوحدة الوطنية ويحقق التنمية المستدامة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لقاء صريح للرئيس السنغالي في أول إطلالة مع الصحافة الوطنية

في سابقة أولى من نوعها منذ توليه الحكم، كسر الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي النمط المعتاد في الخطاب السياسي، واختار أن يواجه الصحافة الوطنية مباشرة، متحدثًا بصراحة وشفافية عن قضايا محورية تشغل بال المواطن السنغالي، من إصلاح العدالة، إلى علاقته بالإعلام، وصولًا إلى الإرث السياسي الذي خلّفه سلفه ماكي سال.

وتناول اللقاء عددًا من القضايا التي تشغل الرأي العام السنغالي، من بينها إصلاح المنظومة القضائية، والعلاقة مع الصحافة، ومسألة الإرث السياسي لمرحلة الرئيس السابق ماكي سال.

الرئيس والمجلس الأعلى للقضاء

من أبرز المحاور التي أثارها الصحفيون خلال الندوة مسألة استمرار ديوماي فاي في عضوية المجلس الأعلى للقضاء، على الرغم من وعوده السابقة بإصلاح المنظومة القضائية.

وفي رده، أوضح الرئيس أن "البقاء في هذا المنصب لا يعني التراجع عن مبدأ استقلالية القضاء"، مضيفًا أن خروجه من المجلس لا ينبغي أن يكون رد فعل انفعاليًا أو استجابة لضغوط الرأي العام، بل يجب أن يتم في إطار رؤية شاملة لإعادة هيكلة السلطة القضائية بطريقة مدروسة.

وأكد أن "الهدف ليس مغادرة المجلس من باب الرمزية، بل وضع أسس لإصلاح فعلي يضمن استقلال القضاة ويعيد ثقة المواطنين بالعدالة".

إعلان العدالة ليست انتقامًا

وفي سياق حديثه عن العدالة، تطرق الرئيس إلى الشبهات التي تحوم حول بعض المسؤولين السابقين في نظام ماكي سال. وهنا شدد على أن العدالة "لن تُستخدم أداة لتصفية الحسابات السياسية، بل ستكون وسيلة لترسيخ الإنصاف وتحقيق المساءلة القانونية".

وقال في هذا الصدد "لن تكون هناك حماية لأحد، ولن يكون هناك ظلم لأحد. من ثبت تورطه سيُحاسب وفق القانون، ومن هو بريء سينال حريته واعتباره".

ويعكس هذا التوجه سعي الرئيس إلى تفكيك الصورة النمطية التي تربط التغيير السياسي بالانتقام، وهو ما اعتبره العديد من المراقبين خطوة إيجابية نحو تعزيز الثقة داخليا وخارجيا.

الصحافة بين المسؤولية والاحترافية

تناول الرئيس كذلك العلاقة مع الإعلام، إذ أعرب عن التزامه بحرية الصحافة، مع التأكيد في الوقت نفسه لضرورة التوازن بين هذه الحرية وبين المسؤولية المهنية.

وذكر أن الصحافة ينبغي أن تؤدي دورًا في تقديم المقترحات ومساءلة السلطة، من دون الوقوع في التعميم أو الإثارة.

وفي موقف لافت، لم يوجه الرئيس أي اتهامات مباشرة للصحفيين أو للمؤسسات الإعلامية، لكنه لم يتردد في الإشارة إلى بعض التجاوزات المهنية التي تشهدها الساحة الإعلامية.

وبحسب تعبيره، فإن الإعلام يجب أن يكون قوة اقتراح ومساءلة في آنٍ واحد، لا مجرد أداة لتأجيج الرأي العام أو تصفية الحسابات.

وأضاف "أؤمن بحرية الصحافة إيمانًا راسخًا، لكنها لا تكتمل إلا حين تتوازن مع المسؤولية والاحترافية".

الرئيس السنغالي فاي أثناء مشاركته في منتدى الدوحة 2024 (الأناضول) نحو نمط تواصلي جديد

تمثل هذه الندوة أول تواصل مباشر بين الرئيس والصحافة منذ انتخابه، وقد اعتبرها عدد من المحللين مؤشرًا على محاولة لتكريس نمط أكثر انفتاحًا في العلاقة بين السلطة والإعلام.

ويُنتظر أن تتضح ملامح هذا التوجّه خلال المرحلة المقبلة من خلال السياسات والممارسات الفعلية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • لقاء صريح للرئيس السنغالي في أول إطلالة مع الصحافة الوطنية
  • انطلاق الورش التدريبية ضمن تصفيات "البطولة الوطنية للمناظرات"
  • انطلاق البطولة الوطنية للمناظرات في 3 محطات رئيسة
  • الحكومة الوطنية تصدر بياناً حول حجم «الإنفاق الموازي»
  • البركي: الكلام والشعارات والنيات الحسنة دون عمل لا تبني بلداً ولا تصنع استقراراً
  • موثّقاً 22 حالة جديدة.. المرصد السوري: الإعدامات الميدانية الطائفية لم تتوقف
  • قرار ترامب … حماية للصناعة الوطنية أم عبء على الاقتصاد الأمريكي
  • حقيقة صدور قرار بإعادة تشكيل «مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط»
  • وزراء خارجية الناتو يضعون أسس قمة لاهاي ويؤكدون تعزيز قوة الحلف
  • الجزائر تقود تبني أممي لقرار حول تأثير الألغام المضادة للأفراد