جلسة حوارية تناقش إشكاليات التلقي في الشعر العربي
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
نظّم النادي الثقافي بالتعاون مع مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم ممثلًا بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، جلسة حوارية ناقشت «الشعر بين إشكاليات الكتابة والتلقي»، بحضور عدد من الأدباء والمهتمين، وأدارت الجلسة الإعلامية فاطمة إحسان. واستهل الأستاذ الدكتور سعيد الزبيدي أستاذ اللغة العربية بجامعة نزوى الجلسة بقوله عن الشعر: لا أجد تعبيرًا دقيقًا يحاول أن يحد هذا الفضاء الذي يتلبّس الإنسان منذ أن نطق الكلمة الأولى.
من جانبه أوضح الدكتور خالد المعمري أستاذ الأدب العربي بجامعة صحار أن الشعر هو ابتكار، وقيمة الشاعر في ابتكار الدلالة والمعاني، ويختلف كل شاعر عن آخر، فعلاقة الشعر بالتراث هي علاقة تواصل، وهي عملية استفادة واستمرار، والمسافة بين الشعر والفكر، هي جزء من عملية ازدواج بين الشعر وأجناس أخرى. وفي هذا الجانب تتجلى عملية الاستفادة في بناء النص الشعري، وحين يندمج الشعر، نبني نصًا شعريًا مغايرًا. مضيفا بأن الزاوية الثانية لعملية فهم النص، تقودنا إلى فهم النص، ويبين أن مشروع مجلة (شعر) في الخمسينيات كان قائمًا على النهوض بالشعر، بإحيائه على طريقة الشعر القديم، وجاء أعضاء المجلة ووضعوا أسسًا يسيرون عليها لكتابة القصيدة الجديدة، وكان مشروعهم ينفتح على أكثر من زاوية، حول قراءة المشهد المعاصر، وعلى استلهام الأساطير، واللغة الرمزية المعمقة الغامضة التي اشتغل عليها أدونيس في أول نصوصه، وبعد أن وضعوا التأسيس وجدنا أن قصيدة النثر بدأت تأخذ اتجاهات متعددة، حتى أننا نجد أدونيس اليوم لا يكتب بنفس اللغة التي يكتب بها في الخمسينيات، وصارت قصائده قصيرة النفس كومضةٍ. منوّها بأن المتلقي لديه وجهة في قراءة النص، فهناك من يبحث عن مضمون القصيدة، وهناك من يجد في القصيدة أسئلة يحاول أن يجيب عليها الشاعر.
أما الدكتور محمود حمد أستاذ الأدب العربي بجامعة الشرقية، فأوضح بأن الشعر لا يشرحه إلا الشعر، فالشعر شعر والنثر نثر، ومع انفتاح النصوص على بعضها، تبقى هناك ملامح. مشيرا إلى أن قصيدة النثر حمت نفسها وقالت أنا قصيدة نثر، وهناك شروط لها، حتى أن روادها كانوا يتبرأون من الكثير من القصائد، ويضيف بأن مصطلح الشعرية انفتح أيضا على الدراسات العلمية، وكان السابقون والنقاد القدماء يركزون على كلمة «معنى» منوها بأنه ليس التعريف المذكور معجميًا، وإنما يقصد به المغايرة التي يقول عنها النقاد المحدثون الانحراف اللغوي، وثقافة الأديب تتجلى في تجربته، ونرى الكثير من الكتابات الأدبية التي توظف الثقافة العامة «المصطلح العامي»، وربما له جذور عربية فصحى، ولكنه يوظفه من باب الدهشة. ويوضح أن هناك تجارب تصر على أن يكون الخطاب فصيحًا، وهناك من يريد أن يجعل النص العامي فصيحًا، ولكن النص التداولي الذي يعكس ثقافة الأجيال يتجه إلى استسهال الخطاب. أما عن قصيدة الغموض، والذي يربط بالرمزية، هو ربط خاطئ، فالإبداع في الشعر وليس في الوضع، وهو في الابتكار، مضيفا بأن الشعر العباسي انعكاس حضاري، وهناك ست لغات انصهرت في اللغة العربية، وقدمت صراعا ثقافيا كبيرا، أما الغموض، فهو أحيانا مفتعل لجمالية التلقي، ولا يسمى غموضًا، وإنما ثقافة، والثقافة اللغوية والحضارية تختلف عن اليوم، كما أن المسافة التي بيننا وموروث اللغة كبيرة.
وأخيرا أشار الدكتور حميد الحجري أستاذ الأدب العربي والنقد إلى أن الشعر هو منتج فني لغوي يكتب لغايات جمالية يحرك النفس البشرية ويلبي احتياجاتها إلى الجمال، مبينا أن رواد قصيدة النثر قدموا أنفسهم كشعراء وتمت تسمية قصيدة النثر بذلك، يدلل على أنهم يصنفونها شعرا، كما أن تقاليد الكتابة مهمة جدا، ولدينا أنماط الكتابة متعددة، كالقصيدة العمودية لها تقاليد كتابية خاصة بها، والقصيدة الموزونة المقفاة ذات المنحى الرومانسي، وقصيدة التفعيلة، وقصيدة النثر، ولكل قصيدة من هذه القصائد تقاليد كتابية تشكلت بتراكم التجربة. ولذلك الحضور اليوم يتفاوت بين هذه الأجناس، فالحياة اليومية التي نعيشها بمختلف أشكالها عندما تجد طريقها إلى الشعر هو أمر حسن، ولكن المساحة التي تتيحها القصيدة المعاصرة لقصيدة النثر أوسع لهذه اليومية المعاشة من القصيدة العمودية أو قصيدة التفعيلة، تلك ستوظف بما يتناسب مع تقاليدها الخاصة وبنيتها وخصائصها، وإذا وظفت توظيفا مناسبا تصبح ناجعة. ويتابع بأن هناك تراثًا كبيرًا ومتنوعًا، لتنفتح التجربة الشعرية وتمكن من مخاطبة الجماهير وتحريك المخيلة، بوظيفة التراث في تحريك المخيلة والوجدان، فالشاعر يخاطب رصيدًا موجودا لديهم، ويكون بإدراك القيمة الإنسانية الموجودة في التراث في مختلف تجلياته بدءا من الإنجازات الكبرى إلى الأحداث الهامشية، وهناك لغة خاصة في الشعر الحديث لها مفاتيح لا تتأتى بين يوم ليلة وهي ثقافة تراكمية، ولكي أفك التشفير لا بد أن تكون لدي الخبرة في هذا النمط من الكتابة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قصیدة النثر أن الشعر
إقرأ أيضاً:
لجنة برلمانية تناقش سياسة الحكومة في تعزيز دور اللغة العربية
واصلت لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام في المجلس الوطني الاتحادي، خلال اجتماعها الذي عقدته اليوم الخميس، في مقر الأمانة العامة للمجلس في دبي، برئاسة الدكتور عدنان حمد الحمادي رئيس اللجنة، مناقشة موضوع سياسة الحكومة في تعزيز دور ومكانة اللغة العربية كلغة رسمية للدولة، ومكون أساسي للهوية الوطنية.
حضر الاجتماع أعضاء اللجنة كل من الدكتورة مريم عبيد البدواوي مقررة اللجنة، وآمنة علي العديدي، وعائشة خميس الظنحاني، والدكتورة موزة محمد الشحي، ونجلاء علي الشامسي أعضاء المجلس الوطني الاتحادي.كما شارك في الاجتماع، الدكتور محمد صافي المستغانمي الأمين العام لمجمع اللغة العربية في الشارقة، والدكتور عيسى صالح الحمادي مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، والدكتور علي عبدالله بن موسى الأمين العام للمجلس الدولي للغة العربية.
وتم خلال الاجتماع مناقشة تحديات اللغة العربية في قطاع التعليم، والمقترحات التي من شأنها أن تساهم في حل هذه التحديات في العملية التعليمية في المدارس والجامعات، والتأكيد على أهمية التعاون مع المؤسسات الحكومية والخاصة المعنية بتعزيز استخدام اللغة العربية في الهوية الوطنية والمجتمع بشكل عام.