نظّم النادي الثقافي بالتعاون مع مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم ممثلًا بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، جلسة حوارية ناقشت «الشعر بين إشكاليات الكتابة والتلقي»، بحضور عدد من الأدباء والمهتمين، وأدارت الجلسة الإعلامية فاطمة إحسان. واستهل الأستاذ الدكتور سعيد الزبيدي أستاذ اللغة العربية بجامعة نزوى الجلسة بقوله عن الشعر: لا أجد تعبيرًا دقيقًا يحاول أن يحد هذا الفضاء الذي يتلبّس الإنسان منذ أن نطق الكلمة الأولى.

والازدواجية اللغوية ينبغي أن تبتعد عن التصنيف الشكلي للشعر، فالشعر فن لغوي، ومسألة اللغة تعني اللغة الفصيحة، والتمكن من اللغة، لذلك نجد أن الخليل بن أحمد الفراهيدي يقول: «الشعراء أمراء الكلام يصرفونه أنى شاؤوا». مضيفًا: إن مسألة اللغة ينبغي ألا نغرقها في الازدواج، وأن نبتعد عن «قل ولا تقل»، فالمفردة تكون بؤرة القصيدة، ويجب أن نصبّ اهتمامنا في كيفية توظيف الكلمة في السياق، وفي رسم الصورة ورسم الإيقاع، حيث تسهم المفردة أحيانا في الإيقاع والتأثير، ونحس بجمالية المفردة من خلال السياق، وهنا تظهر مسألة التفاوت بين شاعر وآخر في القدرة اللغوية، والصياغة. مؤكدا بأن الإبداع هو الذي يميز ذلك من ذاك، لذلك نجد أن الصورة المثلى في تقديري للشعر العربي هو الشعر العباسي، وقد تطور العصر كأنك تعيش واقع اليوم، فالشاعر سمّي شاعرًا من الشعور، وهو إنسان يتلبس لغته وواقعه وفضاءه الذي ينطلق فيه في رسم الصورة الشعرية التي تفرده وتجعله مميزا عن غيره، والتلقي درجات، وحينما يستطيع الشاعر أن يوظف روحه فيخترق المتلقي أيا كان، أما الشاعر الذي يكتب لفئة معينة، فيتم تصنيفه وفق الصالون الذي يكتب له.

من جانبه أوضح الدكتور خالد المعمري أستاذ الأدب العربي بجامعة صحار أن الشعر هو ابتكار، وقيمة الشاعر في ابتكار الدلالة والمعاني، ويختلف كل شاعر عن آخر، فعلاقة الشعر بالتراث هي علاقة تواصل، وهي عملية استفادة واستمرار، والمسافة بين الشعر والفكر، هي جزء من عملية ازدواج بين الشعر وأجناس أخرى. وفي هذا الجانب تتجلى عملية الاستفادة في بناء النص الشعري، وحين يندمج الشعر، نبني نصًا شعريًا مغايرًا. مضيفا بأن الزاوية الثانية لعملية فهم النص، تقودنا إلى فهم النص، ويبين أن مشروع مجلة (شعر) في الخمسينيات كان قائمًا على النهوض بالشعر، بإحيائه على طريقة الشعر القديم، وجاء أعضاء المجلة ووضعوا أسسًا يسيرون عليها لكتابة القصيدة الجديدة، وكان مشروعهم ينفتح على أكثر من زاوية، حول قراءة المشهد المعاصر، وعلى استلهام الأساطير، واللغة الرمزية المعمقة الغامضة التي اشتغل عليها أدونيس في أول نصوصه، وبعد أن وضعوا التأسيس وجدنا أن قصيدة النثر بدأت تأخذ اتجاهات متعددة، حتى أننا نجد أدونيس اليوم لا يكتب بنفس اللغة التي يكتب بها في الخمسينيات، وصارت قصائده قصيرة النفس كومضةٍ. منوّها بأن المتلقي لديه وجهة في قراءة النص، فهناك من يبحث عن مضمون القصيدة، وهناك من يجد في القصيدة أسئلة يحاول أن يجيب عليها الشاعر.

أما الدكتور محمود حمد أستاذ الأدب العربي بجامعة الشرقية، فأوضح بأن الشعر لا يشرحه إلا الشعر، فالشعر شعر والنثر نثر، ومع انفتاح النصوص على بعضها، تبقى هناك ملامح. مشيرا إلى أن قصيدة النثر حمت نفسها وقالت أنا قصيدة نثر، وهناك شروط لها، حتى أن روادها كانوا يتبرأون من الكثير من القصائد، ويضيف بأن مصطلح الشعرية انفتح أيضا على الدراسات العلمية، وكان السابقون والنقاد القدماء يركزون على كلمة «معنى» منوها بأنه ليس التعريف المذكور معجميًا، وإنما يقصد به المغايرة التي يقول عنها النقاد المحدثون الانحراف اللغوي، وثقافة الأديب تتجلى في تجربته، ونرى الكثير من الكتابات الأدبية التي توظف الثقافة العامة «المصطلح العامي»، وربما له جذور عربية فصحى، ولكنه يوظفه من باب الدهشة. ويوضح أن هناك تجارب تصر على أن يكون الخطاب فصيحًا، وهناك من يريد أن يجعل النص العامي فصيحًا، ولكن النص التداولي الذي يعكس ثقافة الأجيال يتجه إلى استسهال الخطاب. أما عن قصيدة الغموض، والذي يربط بالرمزية، هو ربط خاطئ، فالإبداع في الشعر وليس في الوضع، وهو في الابتكار، مضيفا بأن الشعر العباسي انعكاس حضاري، وهناك ست لغات انصهرت في اللغة العربية، وقدمت صراعا ثقافيا كبيرا، أما الغموض، فهو أحيانا مفتعل لجمالية التلقي، ولا يسمى غموضًا، وإنما ثقافة، والثقافة اللغوية والحضارية تختلف عن اليوم، كما أن المسافة التي بيننا وموروث اللغة كبيرة.

وأخيرا أشار الدكتور حميد الحجري أستاذ الأدب العربي والنقد إلى أن الشعر هو منتج فني لغوي يكتب لغايات جمالية يحرك النفس البشرية ويلبي احتياجاتها إلى الجمال، مبينا أن رواد قصيدة النثر قدموا أنفسهم كشعراء وتمت تسمية قصيدة النثر بذلك، يدلل على أنهم يصنفونها شعرا، كما أن تقاليد الكتابة مهمة جدا، ولدينا أنماط الكتابة متعددة، كالقصيدة العمودية لها تقاليد كتابية خاصة بها، والقصيدة الموزونة المقفاة ذات المنحى الرومانسي، وقصيدة التفعيلة، وقصيدة النثر، ولكل قصيدة من هذه القصائد تقاليد كتابية تشكلت بتراكم التجربة. ولذلك الحضور اليوم يتفاوت بين هذه الأجناس، فالحياة اليومية التي نعيشها بمختلف أشكالها عندما تجد طريقها إلى الشعر هو أمر حسن، ولكن المساحة التي تتيحها القصيدة المعاصرة لقصيدة النثر أوسع لهذه اليومية المعاشة من القصيدة العمودية أو قصيدة التفعيلة، تلك ستوظف بما يتناسب مع تقاليدها الخاصة وبنيتها وخصائصها، وإذا وظفت توظيفا مناسبا تصبح ناجعة. ويتابع بأن هناك تراثًا كبيرًا ومتنوعًا، لتنفتح التجربة الشعرية وتمكن من مخاطبة الجماهير وتحريك المخيلة، بوظيفة التراث في تحريك المخيلة والوجدان، فالشاعر يخاطب رصيدًا موجودا لديهم، ويكون بإدراك القيمة الإنسانية الموجودة في التراث في مختلف تجلياته بدءا من الإنجازات الكبرى إلى الأحداث الهامشية، وهناك لغة خاصة في الشعر الحديث لها مفاتيح لا تتأتى بين يوم ليلة وهي ثقافة تراكمية، ولكي أفك التشفير لا بد أن تكون لدي الخبرة في هذا النمط من الكتابة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قصیدة النثر أن الشعر

إقرأ أيضاً:

قمة AIM للاستثمار 2025 تناقش مستقبل الاستثمار والابتكار والذكاء الاصطناعي

 

ناقشت سلسلة ورش العمل التمهيدية التي عقدت اليوم، ضمن فعاليات الدورة الرابعة عشرة من قمة “AIM” للاستثمار، مستقبل الاستثمار والابتكار والذكاء الاصطناعي .
وسلطت الورش التي قدمها نخبة من الخبراء العالميين وصنّاع القرار وأصحاب الرؤى، الضوء على قطاعات رئيسية للاستثمار والابتكار، لترسخ مكانتها منصة عالمية رائدة لتبادل الخبرات والتجارب وتعزيز التواصل الاستراتيجي وتوحيد الجهود العالمية لتعزيز التنمية في قطاعات اقتصادية وتكنولوجية عدة.
واستعرضت أولى ورش العمل التي جاءت تحت عنوان “كيفية تنفيذ خطة لترويج الاستثمار المحلي”، سبل تطوير الأطر الاستراتيجية لجذب الاستثمارات وضمان استدامتها، وركزت الجلسة على النمو المستدام، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والتنمية القطاعية المستهدفة، وتعرف المشاركين خلال الورشة على الأدوات والممارسات العالمية المعتمدة لبناء هيكلة استراتيجيات استثمارية تُعزز فرص العمل، إلى جانب أهمية تهيئة المناخ التنظيمي، وتطوير البنية التحتية، وتقديم الخدمات المبتكرة.
وقدّمت شركة SALES CUBICLE ورشة عمل بعنوان “إتقان مبيعات الشركات: أطلق العنان للنمو وعزّز قيمة أعمالك”، والتي عرّفت المشاركين على أسلوب Cold Cubicle™، وهو نهج يدمج أدوات المبيعات المدعومة بالذكاء الاصطناعي واستراتيجيات الأتمتة، وقدّمت الجلسة هيكلًا عمليًا لتحسين التواصل وبناء قنوات إيرادات متسقة، مع التركيز على تقنيات التفاعل العملي في بيئة المبيعات المتطورة اليوم. تبع ذلك ورشة عمل بعنوان “استراتيجيات الوصول إلى السوق: تعزيز القدرة التنافسية التصديرية للشركات الصغيرة والمتوسطة ونمو الأعمال التجارية بين الشركات”، وزوّدت هذه الورشة قادة الشركات الصغيرة والمتوسطة بالأدوات اللازمة لدخول الأسواق الدولية، وتحسين مناهجهم التصديرية، وبناء علاقات تجارية بين الشركات من خلال دراسات حالة تفاعلية وتخطيط استراتيجي.
واستعرض ظهير مولينز، الرئيس التنفيذي لشركة دالا لإفريقيا، خلال ورشة العمل التي جاءت بعنوان “كيف يمكن للشركات الكبرى والشركات الناشئة تحقيق قيمة مضافة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا”، الأثر التحويلي للابتكارات الأفريقية بأسعار تنافسية وقدرتها على مواجهة تحديات الشركات ودفع عجلة النمو التنافسي في مختلف المناطق.
وسلطت شركة DREAM VC خلال ورشة العمل التي جاءت بعنوان “تسخير عقلية المشاريع لتحقيق نمو الشركات – دمج العالمين القديم والجديد: وضمن عناوين رئيسية شملت، الابتكار الخارجي، والتحول الرقمي، ورأس المال الاستثماري المجتمعي، وغيرها”، الضوء على فوائد دمج الابتكار الخارجي والتفكير الاستثماري في هياكل الشركات لتلبية متطلبات التحول الرقمي وتحديات السوق.
في حين قدّم خبراء من Exits MENA وضمن ورشة عمل حملت عنوان “من العرض إلى إتمام الصفقة – كشف أسرار نجاح جمع التمويل”، عرضاً لأفضل الممارسات التي تدعم الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة في عملية الاستثمار، بدءًا من تطوير العرض إلى استراتيجيات التفاوض، وقدّمت الورشة تجارب نموذجية وتحليلًا لدراسات الحالة، لتعزيز مهارات المشاركين وقدرتهم على الانطلاق بأعمالهم وجمع التمويل. واختتمت شركة TICK & TALK مشاركتها، بتقديم ورشة عمل بعنوان “قوة الحضور: إتقان التحدث أمام الجمهور والعرض لأصحاب الأعمال في بيئات الاستثمار”، ركزت من خلالها على تعزيز مهارات التواصل وعقد الصفقات وبناء المهارات القيادة، لقادة الأعمال الذين يتطلعون إلى جذب الاستثمارات.
واستعرض داميان بونفو، وغريس إردمان، وفانيساجينكس من COGYA، خلال ورشة العمل التي جاءت، بعنوان “بناء نموذج أعمال عالمي قابل للتطوير للشركات الصغيرة والمتوسطة: سبل إتقان نمو الأعمال المدعوم بالذكاء الاصطناعي باستخدام إطار MVB وAI Business Canva”، لقادة الشركات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تسليط الضوء على أحدث الأدواتٍ المعتمدة لتعزيز نماذج أعمالهم من خلال منظور إطارMVB وتحسين العمليات المدعوم بالذكاء الاصطناعي، وشكلت الورشة منصة مهمة للمشاركون للاطلاع على الاستراتيجيات التشغيلية وتقنيات التحقق من السوق التي تهدف إلى التوسع المستدام. وركز معهد التنمية المستدامة – EPLO خلال ورشة عمل “الاستثمار المؤثر والتحليلات”، على مناهج الاستثمار المستدام، وأطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وقياس الأثر، مقدماً للمشاركين شهادات منEPLO وVerimpact وAIM Congress، تقديرًا لالتزامهم بتعزيز القيمة الاجتماعية والبيئية من خلال التمويل.
واختتم الورشات بتنظيم جلسة عمل حول تطبيقات الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وأهمية تعزيز استخدام الروبوتات في قطاع التصنيع، وتناولت الجلسة التحديات الرئيسية التي تواجه الصناعة وأولويات دمج الروبوتات، مما ساعد الحضور على تحديد التطبيقات الاستراتيجية التي يمكن من خلال تعزيز الكفاءة التشغيلية ومواءمة السوق.وام

 


مقالات مشابهة

  • قمة “الآلات يمكنها أن ترى” تناقش في دبي مستقبل الرؤية الحاسوبية
  • قمة AIM للاستثمار 2025 تناقش مستقبل الاستثمار والابتكار والذكاء الاصطناعي
  • محمد بن راشد يهدي قصيدة لأمير قطر لفوز الجواد هوت شو بكأس دبي العالمي
  • رئيس الشيوخ: المجلس قطع شوطا كبيرا في دراسة الأثر التشريعي  للقوانين
  • قمة الآلات يمكنها أن ترى في دبي تناقش مستقبل الرؤية الحاسوبية
  • بغداد اليوم تنشر النص الكامل لمسودة خطة أمريكا لتحرير العراق من ايران (وثائق) - عاجل
  • تطور النقد الأدبي عبر العصور
  • احتمال الطعن وتدخل الملك لإعادة قراءة النص.. مسار طويل ينتظر المصادقة على مدونة الأسرة
  • "قصص الحب في السيرة الهلالية".. عرض شعري مسرحي ببيت الشعر العربي
  • يخصّ المصارف.. الحكومة تناقش مشروعاً لـتعطيله