لجريدة عمان:
2024-07-06@03:01:58 GMT

مقاصد التاريخ!

تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT

دأب المفكرون أكثر من غيرهم على الاستفادة من التاريخ والانكباب على دراسته والنظر فيه والغوص في مكنوناته وغاياته، فوجدوا فيه الحِكَم التي استنتجوا منها ما يصلح لليوم والغد، وغادروا التاريخ آخذين منه أحسن ما فيه ليسلموه للأجيال التالية، ونابذين مفاسده التي لم يتخلصوا منها بإخفائها، وإنما بدراستها والنظر فيها كي لا يقع المعاصرون ومن يأتي بعدهم فيما وقع فيه أسلافهم من مصائب وأخطاء وسقطات لا تغتفر.

برز عند العرب مؤرخون كثر، ولحسن حظنا وكذلك للطريقة التي يتربى بها العرب المسلمون قديما، أي بدراسة علوم القرآن والحديث واللغة، فقد كان مؤرخو العرب أدباء بطبعهم، فلا يستشعر القارئ لمؤلفاتهم وآثارهم أنه يقرأ مادة جافة صلبة، وإنما يستمتع برحيق مفيد يأخذ منه ما يصلح لليوم والغد، ومن هؤلاء ابن خلدون وهو العلم الأشهر، وابن الأثير صاحب المطولات كالكامل في التاريخ، والطبري صاحب كتاب تاريخ الرسل والملوك، وغيرهم. لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن اليوم، ما أهمية التاريخ في واقعنا المعاصر؟ بعبارة أخرى، ما فائدة ونفع التاريخ أمام هذه المجازر والوحشية التي يرتكبها الإنسان بحق أخيه الإنسان؟

يبتدئ القارئ العربي اليوم وهو يتحسس طريق القراءة، بالقراءة عن فلسطين وتاريخ احتلالها وكيف تطور الاحتلال واستشرى وزادت رقعة الأرض التي يحتلها يوما بعد يوم. وبعد أن يتشرب تلك المعلومات ويدرك الأسباب والمآلات، يحاول توعية الآخر -البعيد عن فلسطين جغرافيا- أكان في الشرق أم الغرب، في سبيل تغيير شيء ولو يسير من الواقع. ومع التطور التكنولوجي والتقدم العلمي والإعلامي على السواء، انفلتت الرواية التي كانت وحيدة أو محصورة فيما تقدمه وسائل الإعلام -التلفاز، الإذاعة، الصحافة- فحسب، وصارت متاحة للجميع، ففي يد كل واحد من البشر اليوم أداته الإعلامية التي يحملها أنّى توجّه وقصد. وبينما كانت الانقلابات السياسية، أو في حالات الحروب والاحتلال تبدأ بوسائل الإعلام والسيطرة عليها، صارت القوى السياسية تستعمل الإعلام البديل والحر بمحاذاة الإعلام المعتاد، فصار للمشاهير باعتبارهم أكثر الناس تأثيرا، أو لنقل أكثر الناس قدرة على نشر الرسائل التي يريدها الممولون لذلك المشهور، أصبح ما ينشرونه أبلغ تأثيرًا وأسرع انتشارًا وذيوعًا من وكالات الإعلام ونشرات الأخبار.

وفي حاضر اليوم والعالم يشهد إبادة جماعية هي الأولى من حيث التوثيق والبشاعة الحية، يقف المرء أمام سؤال الجدوى من كل هذا؛ ولهذا بالذات ينبغي أن نعيد الاهتمام بالمؤرخين والمفكرين الأحرار. فلو لم يكن للناس أي تأثير، لماذا تقمع حكومات الغرب الطلاب بوحشية لا مثيل لها لدى مناصرتها للقضية الفلسطينية، بل لدى مطالبتها بالكف عن القتل! فكثير من المتظاهرين لا يهمه تاريخ القضية ولا يعرف عنها شيئا، لكنه ينتفض أمام مشاهد التقتيل والإبادة المبثوثة في الآفاق اليوم! لذلك حمل «منتدى الجزيرة الخامس عشر» أهمية كبرى لموضوعه، وللمتحدثين فيه؛ من أمثال إيلان بابيه ومصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، وديفيد هيرست مؤسس ومحرر موقع ميدل إيست أي (Middle East Eye)، ووائل الدحدوح مراسل ومدير مكتب الجزيرة في غزة، وغيرهم. ومنتدى الجزيرة هذا أو Al Jazeera Forum هو منتدى تقيمه قناة الجزيرة في الدوحة وقد حمل عنوان «تحولات الشرق الأوسط بعد طوفان الأقصى» لهذه الدورة.

إن أهمية التاريخ بشقيه، المعاصر والماضي؛ تكمن في أنه شكّل ويشكّل حياة الناس في الشرق والغرب، فمنهم منتفع منه مستفيد، ومنهم كوته ويلاته ويكتوي منها كل يوم. فالتاريخ يحدد ما حدث وما سيحدث، وأما ما فعلته الجزيرة في هذا المنتدى؛ فقد جمعت الدارس للتاريخ من فلسطين، والدارس له من خارج فلسطين، والسياسي الذي تعامل مع القضية وكان قريبا منها جغرافيا، والسياسي القيادي المنافح عن القضية، بل إنها جمعت بين وائل الدحدوح الذي عاش وذاق ويلات الإبادة الحالية، وبين إيلان بابيه «الإسرائيلي» المنافح عن فلسطين والفلسطينيين في وجه الصهيونية العالمية!. هذه الإبادة ومآلاتها تستدعي أن تجمع الحكومة مفكرين أحرارا يساهمون في تشكيل المناهج الدراسية لترسخ المعنى الحقيقي للوطن؛ فلماذا يختار الفلسطيني أن يبقى في أرضه رغم الإبادة؟ ولماذا يهرب المستوطن خارج الأراضي المحتلة وهو ينتفع بالتسهيلات والحياة الرغيدة عند أول اختبار حقيقي؟ فإن لم يتولَ أحد رعاية النشء بالتوجيه السليم المستقيم منذ البداية، فإن مواقع التواصل والإعلام الجديد يشكل عقولهم وتوجهاتهم التي قد تستعملها جهات معادية أو متربصون أشرار لا يرون في الإنسان سوى القيمة المادية له.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

أفضل أفلام السينما المصرية على مر التاريخ: «تركت بصمة لا تنسى»

انتجت السينما المصرية منذ نشأتها الآلاف من الأفلام المتميزة، والتي تعد علامة فارقة في تاريخ السينما على العموم، إلا أن هناك بعض الأفلام التي تركت بصمة لن تنسى في ذاكرة الجماهير، ومن خلال جمال الصورة وعمق السيناريو والأداء المتميز للممثلين، تجسد هذه الأفلام أعمالًا متنوعة من الدراما والكوميديا والحركة والرومانسية.

وفي التقرير التالي، إليك أبرز الأفلام المصرية التي تركت بصمة عميقة في عالم السينما، سواء تلك الأفلام التي انتجت في عصر الأبيض والأسود، أو الأفلام المنتجة حديثا.

1-الأرض (1970)

يعد هذا الفيلم من أهم الأفلام المصرية التي تناولت نضال الفلاحين المصريين ضد الإقطاع في ثلاثينيات القرن الماضي، وهذا الفيلم من الأعمال المتميزة للمخرج يوسف شاهين.

2-الناصر صلاح الدين (1963)

هو من الأفلام التاريخية وتدور أحداثه حول فترة حياة السلطان صلاح الدين الأيوبي، وهي فترة الحروب الصلبية التي نجح خلالها صلاح الدين في تحرير القدس من أيدي المحتل الغربي. ورشح الفيلم لجائزة مهرجان موسكو السينمائي الدولي سنة 1963.

الفيلم متواجد ضمن قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهو أيضًا من إخراج يوسف شاهين.

3-الكيت كات (1991)

أصبح فيلم "الكيت كات" من الأفلام التي تعد علامة هامة في تاريخ السينما المصرية وذاكرتها، ليس لأنه فيلمًا ذو مواصفات عالمية في الإبداع فحسب، وإنما يعد أيضًا نموذجًا جيدًا بل ومتميزًا في مجال كانت السينما المصرية تعاني منه، ألا وهو ترجمة العمل الأدبي إلى رؤية سينمائية. وهو من أفلام المخرج داود عبد السيد.

4.خرج ولم يعد (1958)

يدور الفيلم عن رحلة شاب اسمه عطية "يحيى الفخراني" في بحثه عن أسلوب جديد للحياة، بعد ما تعب من حياة المدينة.

ورغم أنه موظف بسيط في أرشيف إحدى الوزارات، يحلم بأنه يصبح المدير العام حتى إذا طال الصبر عشرين عام من الانتظار، وهو من أفلام المخرج محمد خان.

5. اشتباك (2016)

تدور أحداث الفيلم بعد ثورة 30 يونيو 2013، داخل عربة ترحيلات تابعة للشرطة مكتظة بالمتظاهرين مقسمة إلى مؤيدين ومعارضين لحكم جماعة الإخوان الإرهابية وذلك بعد عزل الإخواني محمد مرسي، متضمنة لحظات من الجنون، العنف، الرومانسية والكوميديا أيضًا، وعارضة لجزء كبير مما يحدث في مصر، والفليم من المخرج محمد دياب.

6- 678 (2010)

يتناول الفيلم ظاهرة التحرش الجنسي من خلال قصص ثلاث نساء ينتمين إلى طبقات اجتماعية مختلفة: فايزة الباحثة عن العدل في يأس والسيدة الثرية صبا التي تعمل في تصميم المجوهرات فهى في طور التعافي بعد الإعتداء الشديد الذي تعرضت له، بينما تجلب الكوميديانة نيللي، على نفسها غضب العامة عندما تتجرأ على رفع دعوى تحرش جنسي، وهو من أفلام المخرج محمد دياب.

7-الفيل الأزرق (2014)

تجسد شخصية الدكتور شريف الكردي في فيلم “الفيل الأزرق” دور طبيب نفسي يعاني من مشاكل شخصية ومهنية، يتزوج من امرأة يعشقها كثيرًا، لكنه لا ينجب منها بسبب فتور في علاقتهما، في حين تتجه زوجته إلى امرأة شابة تتعاطى السحر من خلال محل لرسم الأوشام.

تناول الفيلم مشاكل اجتماعية مهمة مثل الإدمان والخيانة الزوجية والسحر والشعوذة والتحرش الجنسي، وأظهر كيف يمكن أن تؤثر هذه المشكلات على حياة الأفراد وعلاقاتهم الاجتماعية والعاطفية، وهو من أفلام المخرج مروان حامد.

8-لا مؤاخذة

يرصد الفيلم قضية شائكة للغاية وتكاد تكون من المحرمات في السينما المصرية وهي قضية الدين. يكشف الفيلم النقاب عن حياة طفل مسيحي هاني عبد الله بيتر (أحمد داش) يتوفى والده، وسرعان ما تتراكم المشاكل على والدته حين تكتشف أن ميراث زوجها متمثل في ديون طائلة، وتضطر الأم لنقل هاني لمدرسة حكومية بدلاً من مدرسته الخاصة، وحيث أن هذا الطفل خائف من الاضطهاد الديني فيدعي أنه طفل مسلم لتتوالى الأحداث، وتتعقد الأحداث وترصد المشاهد كثير من المواقف والتعقيدات التي تتعلق بتلك القضية، وهو من أفلام المخرج عمرو سلامة.

9-الكنز: الحقيقة والخيال (2017)

في عام 1975، يقرر حسن بشر العودة من أوروبا بعد دراسته لعلم المصريات إلى منزل العائلة في الأقصر، ويكتشف أن والده قد ترك له وصية مسجلة يروي فيها الكثير من تفاصيل حياته، كما ترك له برديات تعود لفترة حكم الملكة حتشبسوت، ومذكرات مكتوبة بخط اليد ومنسوبة للبطل علي الزيبق، لتتراوح الأحداث بين العصر الفرعوني والعصر العثماني والنصف الأول من القرن العشرين خلال حكم الملك فاروق ليبحث حسن خلال كل هذا عما تركه والده له، وهو من أفلام المخرج شريف عرفة.

10- كيرة والجن (2022)

رصد الفيلم حالة الغليان التي كان يموج بها الشارع المصري بالتزامن مع اندلاع ثورة 1919، وهو الحدث الكبير الذي يوحد مصائر أحمد عبد الحي (كيرة) وعبد القادر (الجن) ليشتركا في النضال ضد الاحتلال البريطاني، وهو من أفلام المخرج مروان حامد.

غدا.. افلام روائية قصيرة للمهرجان القومي للسينما المصرية بالهناجرغدا.. بدء تصوير مسلسل «وتر حساس»

بعد تحقيقه 10 ملايين جنيه.. خالد النبوي يواصل الترويج لـ أهل الكهف (صورة)

مقالات مشابهة

  • سنار .. رواية التاريخ وجغرافية المنطقة!!
  • محافظ سوهاج : مدينة أخميم عاصمة التاريخ ويجب الاستفادة منها
  • تفشي البطالة.. عمال فلسطين يعيشون واقعا مريرا بسبب الحرب
  • الإعلام ومآلات حسم الحرب في السودان
  • كيف يحاول الاحتلال إبادة الوجود الفلسطيني من التاريخ؟!
  • أفضل أفلام السينما المصرية على مر التاريخ: «تركت بصمة لا تنسى»
  • لونا الشبل.. من شاشات الإعلام إلى قصر الرئاسة فى سوريا
  • "كيف صنع العالم الغرب؟"
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تبارك عملية كرمئيل وتعتبرها رد طبيعي على جرائم العدو
  • استشهاد المنفذ.. ثلاث إصابات في عملية طعن شمال فلسطين المحتلة إحداها ميؤوس منها / شاهد