لجريدة عمان:
2025-03-30@19:35:56 GMT

مقاصد التاريخ!

تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT

دأب المفكرون أكثر من غيرهم على الاستفادة من التاريخ والانكباب على دراسته والنظر فيه والغوص في مكنوناته وغاياته، فوجدوا فيه الحِكَم التي استنتجوا منها ما يصلح لليوم والغد، وغادروا التاريخ آخذين منه أحسن ما فيه ليسلموه للأجيال التالية، ونابذين مفاسده التي لم يتخلصوا منها بإخفائها، وإنما بدراستها والنظر فيها كي لا يقع المعاصرون ومن يأتي بعدهم فيما وقع فيه أسلافهم من مصائب وأخطاء وسقطات لا تغتفر.

برز عند العرب مؤرخون كثر، ولحسن حظنا وكذلك للطريقة التي يتربى بها العرب المسلمون قديما، أي بدراسة علوم القرآن والحديث واللغة، فقد كان مؤرخو العرب أدباء بطبعهم، فلا يستشعر القارئ لمؤلفاتهم وآثارهم أنه يقرأ مادة جافة صلبة، وإنما يستمتع برحيق مفيد يأخذ منه ما يصلح لليوم والغد، ومن هؤلاء ابن خلدون وهو العلم الأشهر، وابن الأثير صاحب المطولات كالكامل في التاريخ، والطبري صاحب كتاب تاريخ الرسل والملوك، وغيرهم. لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن اليوم، ما أهمية التاريخ في واقعنا المعاصر؟ بعبارة أخرى، ما فائدة ونفع التاريخ أمام هذه المجازر والوحشية التي يرتكبها الإنسان بحق أخيه الإنسان؟

يبتدئ القارئ العربي اليوم وهو يتحسس طريق القراءة، بالقراءة عن فلسطين وتاريخ احتلالها وكيف تطور الاحتلال واستشرى وزادت رقعة الأرض التي يحتلها يوما بعد يوم. وبعد أن يتشرب تلك المعلومات ويدرك الأسباب والمآلات، يحاول توعية الآخر -البعيد عن فلسطين جغرافيا- أكان في الشرق أم الغرب، في سبيل تغيير شيء ولو يسير من الواقع. ومع التطور التكنولوجي والتقدم العلمي والإعلامي على السواء، انفلتت الرواية التي كانت وحيدة أو محصورة فيما تقدمه وسائل الإعلام -التلفاز، الإذاعة، الصحافة- فحسب، وصارت متاحة للجميع، ففي يد كل واحد من البشر اليوم أداته الإعلامية التي يحملها أنّى توجّه وقصد. وبينما كانت الانقلابات السياسية، أو في حالات الحروب والاحتلال تبدأ بوسائل الإعلام والسيطرة عليها، صارت القوى السياسية تستعمل الإعلام البديل والحر بمحاذاة الإعلام المعتاد، فصار للمشاهير باعتبارهم أكثر الناس تأثيرا، أو لنقل أكثر الناس قدرة على نشر الرسائل التي يريدها الممولون لذلك المشهور، أصبح ما ينشرونه أبلغ تأثيرًا وأسرع انتشارًا وذيوعًا من وكالات الإعلام ونشرات الأخبار.

وفي حاضر اليوم والعالم يشهد إبادة جماعية هي الأولى من حيث التوثيق والبشاعة الحية، يقف المرء أمام سؤال الجدوى من كل هذا؛ ولهذا بالذات ينبغي أن نعيد الاهتمام بالمؤرخين والمفكرين الأحرار. فلو لم يكن للناس أي تأثير، لماذا تقمع حكومات الغرب الطلاب بوحشية لا مثيل لها لدى مناصرتها للقضية الفلسطينية، بل لدى مطالبتها بالكف عن القتل! فكثير من المتظاهرين لا يهمه تاريخ القضية ولا يعرف عنها شيئا، لكنه ينتفض أمام مشاهد التقتيل والإبادة المبثوثة في الآفاق اليوم! لذلك حمل «منتدى الجزيرة الخامس عشر» أهمية كبرى لموضوعه، وللمتحدثين فيه؛ من أمثال إيلان بابيه ومصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، وديفيد هيرست مؤسس ومحرر موقع ميدل إيست أي (Middle East Eye)، ووائل الدحدوح مراسل ومدير مكتب الجزيرة في غزة، وغيرهم. ومنتدى الجزيرة هذا أو Al Jazeera Forum هو منتدى تقيمه قناة الجزيرة في الدوحة وقد حمل عنوان «تحولات الشرق الأوسط بعد طوفان الأقصى» لهذه الدورة.

إن أهمية التاريخ بشقيه، المعاصر والماضي؛ تكمن في أنه شكّل ويشكّل حياة الناس في الشرق والغرب، فمنهم منتفع منه مستفيد، ومنهم كوته ويلاته ويكتوي منها كل يوم. فالتاريخ يحدد ما حدث وما سيحدث، وأما ما فعلته الجزيرة في هذا المنتدى؛ فقد جمعت الدارس للتاريخ من فلسطين، والدارس له من خارج فلسطين، والسياسي الذي تعامل مع القضية وكان قريبا منها جغرافيا، والسياسي القيادي المنافح عن القضية، بل إنها جمعت بين وائل الدحدوح الذي عاش وذاق ويلات الإبادة الحالية، وبين إيلان بابيه «الإسرائيلي» المنافح عن فلسطين والفلسطينيين في وجه الصهيونية العالمية!. هذه الإبادة ومآلاتها تستدعي أن تجمع الحكومة مفكرين أحرارا يساهمون في تشكيل المناهج الدراسية لترسخ المعنى الحقيقي للوطن؛ فلماذا يختار الفلسطيني أن يبقى في أرضه رغم الإبادة؟ ولماذا يهرب المستوطن خارج الأراضي المحتلة وهو ينتفع بالتسهيلات والحياة الرغيدة عند أول اختبار حقيقي؟ فإن لم يتولَ أحد رعاية النشء بالتوجيه السليم المستقيم منذ البداية، فإن مواقع التواصل والإعلام الجديد يشكل عقولهم وتوجهاتهم التي قد تستعملها جهات معادية أو متربصون أشرار لا يرون في الإنسان سوى القيمة المادية له.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ديوكوفيتش يدخل التاريخ أمام ميسي

ميامي (أ ف ب)

أخبار ذات صلة أول ولاية أميركية تحظر إضافة الفلورايد إلى مياه الشرب ترامب يطلب من المحكمة العليا باستئناف ترحيل المهاجرين


بلغ الصربي نوفاك ديوكوفيتش المصنف خامساً عالمياً نهائي دورة ميامي في التنس، بفوزه على البلغاري جريجور ديميتروف 6-2 و6-3 في نصف النهائي، وأصبح بذلك أكبر لاعب سنّاً يصل إلى مباراة نهائية في دورات ماسترز الألف نقطة.
ويلعب ديوكوفيتش البالغ 37 عاماً المباراة النهائية مع التشيكي الصاعد وغير المنصف ياكوب منسيك.
وتفوق «دجوكو» على ديميتروف البالغ من العمر 33 عاماً، للمرة الثالثة عشرة في مواجهاتهما الـ14، منهياً المباراة التي تابعها النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي أفضل لاعب في العالم ثماني مرات، في 69 دقيقة.
كانت هذه المباراة هي نصف النهائي الأكبر سنّاً في تاريخ دورات ماسترز الألف نقطة بين لاعبين مجموع عمرهما 70 عاماً.
قال ديوكوفيتش «كان الجو عاصفاً جداً وكان من الصعب التحكم في الكرة التي كان يتغير اتجاهها طوال الوقت، لكنني قدمت إرسالات جيدة وحافظت على أعصابي».
وأضاف «كان الإرسال مرة أخرى هو الجزء الأبرز في المباراة بالنسبة لي، أعتقد أنه كان بنسبة 84% في المباراة الأخيرة وظننت أنه سيكون من الصعب تجاوز ذلك لكن في هذه المباراة كان 87% لذا لا أعرف ماذا أقول».
وتابع الصربي الذي يسعى لإحراز لقبه المئة «آمل أن أستمر على المنوال عينه لأن ذلك بالتأكيد يجعل حياتي أسهل».
بعد بداية بطيئة للموسم، استعاد ديوكوفيتش ثقته بنفسه، وهو يستعد لمواصلة نجاحه والبحث عن لقبه الـ25 الكبير في بطولات «الجراند سلام».
قال «بعد الألعاب الأولمبية التي كانت اللقب التاسع والتسعين، كل دورة أشارك فيها تهدف للوصول إلى المئة، ولم أتمكن من تحقيق ذلك، آمل أن أعطي كل ما لدي الأحد».
وتابع ميسي حامل لقب كأس العالم 2022 المباراة من المدرجات، بعد انتهاء تمارين فريقه إنتر ميامي وكان ديوكوفيتش سعيداً لرؤيته.
علّق «كان من دواعي سروري الكبير أن يكون (الملك ليو) في المدرجات، هذه المرة الأولى التي ألعب فيها أمامه».
وعلى الرغم من أنه خسر الإرسال الأول، ردّ ديوكوفيتش بسرعة وكسر إرسال منافسه وصولا إلى 3-2 حيث كرر الأمر مجدداً مرتين متتاليتين حاسما المجموعة الأولى لصالحه.
وفي المجموعة الثانية، فعلها الصربي مرة جديدة وكسر إرسال ديميتروف الأول وضرب ثلاثة إرسالات ساحقة من خمسة في المباراة.

 

مقالات مشابهة

  • عاجل | مراسل الجزيرة: 20 شهيدا بينهم أطفال ونساء بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ فجر اليوم
  • «منها مصر والأردن».. قائمة الدول التي أعلنت الإثنين موعد عيد الفطر 2025
  • هاري كين يكتب التاريخ مجددا في البوندسليغا
  • السوداني وعلاوي يؤكدان أهمية تنسيق الجهود
  • اليُتْمُ الذي وقف التاريخُ إجلالًا وتعظيمًا له
  • ديوكوفيتش يدخل التاريخ أمام ميسي
  • ملتقى الأزهر: الشريعة الإسلامية تحمل رسائل طمأنة وتحصين وتمكين للإنسانية
  • عن الصواريخ التي أُطلقت من لبنان.. هذا ما كشفه وزير الإعلام
  • أنقرة: أردوغان أكد هاتفيا لبوتين أهمية العمل معا لوقف الأعمال التي تغذي العنف الطائفي في سوريا
  • طقس فلسطين: تواصل الأجواء الحارة اليوم الجمعة وانحسارها غدا