عن الفنان الفلسطيني العالمي الذي لا يتوقف
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
يتابع الفلسطينيون والعرب المهتمون بالسينما مشاهدين وفنانين وإعلاميين صعود الفنان الفلسطيني المقدسي السينمائي، كامل الباشا إلى العالمية من خلال مشاركاته المتعاقبة في أفلام أوروبية يحصل من بعض أدواره فيها على جوائز، وتغطية إعلامية كبيرة، ثمة أهمية مضاعفة لانتشار الفلسطيني في العالم، شارحا ألم شعبه ومفصلا محطات تاريخ احتلال بلاده وحق شعبه في الدفاع عن نفسه واسترداد حقوقه.
قبل عدة سنوات جلست في مسرح القصبة أنتظر مع جمهور كبير افتتاح مهرجان مسرحي عالمي، كان يجلس بجانبي فنان مسرحي، معروف، قبل الافتتاح بقليل، أشار الفنان ناحية كامل الباشا الذي كان يبحث عن مقعد، وهمس في أذني: (هذا هو الفنان الذي لا يتوقف أبدا)، أخذت ملاحظة الفنان على أنها مديح رغم أنها يمكن أن تتحمل غير ذلك، لم أفكر كثيرا في المعنى، لكني أحببت إيقاع الجملة، وظللت أرددها بيني وبيني حين أراه من بعيد: (هذا هو الفنان الذي لا يتوقف)، وصدّقت نفسي على أنها مديح لصديقنا العالمي الذي هو صديق الفنان الذي جلس قربي، كامل بالفعل لا يتوقف عن العمل، جبل دراما لا يخبو ولا ينعس، لا يكاد يخرج من مسرحية كمخرج أو ممثل حتى نراه يدخل في أخرى، مرة كدت أسأله: كامل أين الفنان فيك وأين العادي؟ بمعنى أني أظنك في كل لحظة جزءا من مسرحية أو دور في سينما، متى تكون عاديا، تضيّع نظارتك في مكتبة الجعبة، و تشتري الفقوس من حسبة رام الله؟ وتصافح مهيب برغوثي بحرارة، ثم تشتم زحام سيارات شارع القدس برام الله، (اللعنة مالذي يؤكد لي أن هذه مشاهد عادية،؟ ولماذا لا تكون جزءا من عمل فني يقوم به، يا لمتاهتي!).
رأيته في سوق خان الزيت بالقدس مرة، أحببت أني رأيته هناك، إحساس يشبه نوع صعب وصفه من الطمأنينة، يناسب تماما أن نراه في القدس العتيقة، وهو مقدسي اللهجة و المولد والنشأة، مالحي الأصل (نسبة الى قرية المالحة المهجرة)، رآني كامل قبل أن أصافحه أنظر خلفه وخلفي بحركات متوترة و سريعة: مالك أبو الزوز؟ سألني وهو ينظر حيث أنظر. (ما في إشي كامل بس بدي أتاكد أنك مش بدور سينمائي، عشان ما أشوش عليك، فبشوف إذا في كاميرات ومخرج من بعيد وأجهزة صوت وكذا). ضحك الفنان الذي لا يتوقف، تصافحنا، وتحدثنا قليلا، ذهبتُ بعدها الى جنة حمص أبو شكري الذي دلّني هو قديما عليه، وذهب هو الى عاديته او دوره المخبأ، و لا أدري أكانت صدفة أم لا، في الطريق الى المطعم، رأيت مصورا يحمل كاميرا كبيرة على الكتف، وأمامه شخص يمد جهاز صوت، وأشخاص داخل محل مكسرات يتجادلون، ابتسمت وصّدقت أن كاملا ضحك عليّ، فالفنان الذي لا يتوقف كان يقوم بدور شخص يتجول ويصافح الأصدقاء.
في السنوات الأخيرة برز اسم كامل الباشا عالميا، بدت فلسطين سعيدة بصعود فنان عرفه الفلسطينيون بجديته في العمل وصدقه واحترامه لزملائه، وغنى مضامين أدواره.
عشرات الأفلام الفلسطينية والمسلسلات وأفلام أخرى عربية و عالمية، شارك فيها فنانا المقدسي، وقدم فيها أداء مميزا، حاصلا على جوائز عالمية وعربية لبعض أدواره فيها.
من مسلسلاته: بيت الارباب وخارج السيطرة والغرفة رقم 207 وهجمة مرتدة والسهام المارقة وأخيرا: (مسلسل دواعي السفر) الذي حصل على نسبة مشاهدات عالية، وأفلامه : برتقالة من يافا والعشاء الأول وذكرنا وأنثانا وجزر فلسطين وحمزة وصالون هدى وعشب طري والطريق وقضية رقم 23 والعديد من الأفلام والمسلسلات.
إذا رأيتم رجلا في الشارع الرئيسي يمشي بهدوء، شارد الذهن، ثم فجأة قاطعا الشوارع الفرعية باضطراب، يسيل من عينيه حوار مسرحي، وتتصايح في فمه شخصيات مسرحية، أو تقف على أبهامه منصة مسرح، فاعرفوا انه كامل الباشا.
لن أتعبت كثيرا في البحث عن كلمة تلخص بدقة شخصية الفنان كامل الباشا.
المثابرة، المثابرة المثابرة. لا كلمة أخرى، لا تسألوه عن صحته، فما دام يعمل فهو بصحة جيدة..
(أنا قادم من المسرح). قالها كامل أمام جمهور المهرجان السينمائي وكأنه يذكرهم:( اوعوا تفهموني غلط و اتفكروا اني ممكن أخون بيتي).
نحبك كامل ونرجوك: لا تتوقف.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: کامل الباشا
إقرأ أيضاً:
خلال الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع ألشعب الفلسطيني.. أبو الغيط يدعو الى تجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة
طالب أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية في كلمته باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني بضرورة تجميد عضوية اسرائيل في الأمم المتحدة نظرًا لخرقها شروط العضوية وقيامها بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
وفي بداية كلمته قال أبو الغيط إن الاحتفال بالعالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني يحل علينا هذا العام في وقت كرب عظيم. فالظرف الذي تمر به القضية الفلسطينية هو تاريخي وصعب، واليوم، وبعد أن زالت الأقنعة وانكشف المخطط الإسرائيلي بكل بشاعته، ظهر واضحاً أن ما ترمي إليه عُصبة اليمين المتطرف هو إنهاء الوجود الفلسطيني على أرض الوطن الفلسطيني، وتصفية مشروع الدولة الفلسطينية، وتحقيق أحلام التهجير القسري، بجعل حياة المجتمع الفلسطيني في غزة - وفي الضفة الغربية- مستحيلة، وجعل بقاء الفلسطينيين غير قابل للاحتمال.. أقول: اليوم وبعد أن انكشف هذا المخطط كله، فإن تمريره أمام بصر العالم، بالصمت والعجز، هو ليس أقل من اشتراك في تلك الجريمة التاريخية واسهام -بالتخاذل واللامبالاة- في مشهد لا يُمكن وصفه سوى بالعار.
وأوضح لا نتحدث هنا عن أصحاب المبادئ من أركان العالم شرقاً وغرباً، الذين انتفضت ضمائرهم لمرأى جريمة العصر، فهؤلاء هم الدليل الحي على أن إنسانيتنا لم تمت، وعلى أنه لا يزال هناك من يُسمي الأشياء بأسمائها: ما يجري في غزة تطهير عرقي، وحرب إبادة، لا هدف لها سوى ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي، وبسط نظام التفرقة العنصرية البغيض من النهر إلى البحر.
وقال أبو الغيط إننا نحيي أصحاب المبادئ
والضمائر.. شعوباً ودولاً.. الذين رفعوا صوتهم في مواجهة جبروت القوة، ونقف احتراماً للدول التي اعترفت بفلسطين، إدراكاً منها أنه لن يكون هناك سلام أو استقرار في المنطقة من دون تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشريف، وندعو كافة الدول إلى اتخاذ هذه الخطوة التي تُسهم في تجسيد حل الدولتين، وتُعطي أملاً للفلسطينيين في لحظة حالكة، ونُرحب أيضاً بقراراتٍ مهمة اتخذتها بعض الدول بوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل وبوضع عقوبات على الاستيطان والمستوطنين، ونؤكد أن المحاسبة والعقاب على جرائم الاحتلال هي السبيل إلى انهائه، وتقويض الأسس التي يستند إليها.
وأضاف قائلًا وفي هذا السياق، فإننا نحيي التحرك الشجاع للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات توقيف بحق قادة الاحتلال، على خلفية ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ونعتبر ذلك خطوة مهمة نحو تحقيق المحاسبة والعدالة.. وهما ركيزتان للسلام المستدام.
وقال إننا نُرحب بهذه الإجراءات، مع إدراكنا أنها ليست كافية بعد لتحقيق هدف وقف العدوان ووضع حدٍ للإبادة.
لقد وصلنا إلى لحظة الحقيقة بعد أكثر من 400 يوم من القتل العشوائي.. إن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الصادر في 19 يوليو 2024، يؤكد على أن احتلال إسرائيل لأرض فلسطين منذ 1967، هو غير قانوني ويجب إنهاؤه في أقرب وقت.. وصدر قرار من الجمعية العامة بتأييد هذا الرأي الاستشاري.. .أي أن دول العالم جميعها مطالبة بالعمل على إنهاء الاحتلال، وعدم التعاون بأية صورة مع استمراره على أرض فلسطين.. .وعلى الدول أن تختار إن كانت تُريد الوقوف على الجانب الصحيح أم الخطأ من التاريخ.
ودعا أبو الغيط العالم لإدراك الحقيقة الساطعة.. وهي أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي يُضعف الثقة في النظام الدولي كله.. فهذا الاحتلال، في حد ذاته وايضا بممارساته اللاإنسانية وخرقه المتواصل للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بل وباستهانته العلنية بالمنظمة الأممية وبممثلها الأعلى، هو عامل من عوامل انهيار المنظومة الدولية نفسها.
وأوضح أن القمة العربية الإسلامية دعت في شهر نوفمبر 2024، من بين ما دعت إليه من قرارات وإجراءات، إلى حشد الدعم الدولي لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة.. ونرى هذا التوجه منطقياً في ظل ما يُمثله الاحتلال من تهديد للأمن والسلم الدوليين، بل وفي ظل إخلاله بشروط قبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة منذ أكثر من 75 عاماً.. وقد رأينا القرارات، الباطلة قانونياً والساقطة أخلاقيا، الصادرة مؤخراً عن الكنيست بدولة الاحتلال بحظر وكالة الأونروا في الوقت الذي يُمثل فيه عملها وتواجدها على الأرض شريان حياة لملايين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وفي الوقت الذي يعيش فيه سكان قطاع غزة واقعاً يقترب من المجاعة.
وفي ختام كلمته توجه أبو الغيط بالتحية لأبناء الشعب الفلسطيني، اجلالاً واعتزازاً وتقديراً لنضالاتهِ وصموده في وجه آلة القهر والظلم والطغيان الإسرائيلي، كما نعبر عن تقديرنا لجميع الدول والشعوب التي وقفت موقفاً مشرفا في دعم القضية الفلسطينية العادلة.. .فالتضامن العالمي الذي لمسناه من أصحاب الضمائر، في الجنوب العالمي وفي الشمال أيضاً، إنما يعكس الالتزام بالقيم الإنسانية والمبادئ الدولية التي تُعلي حق الشعوب في الحرية والاستقلال. ويؤكد هذا التضامن أيضا أن العدالة والحقوق الإنسانية تظل ماثلة في ضمير العالم.. .ولا شك أن استمرار ذلك التضامن يعزز الأمل لدى الشعب الفلسطيني ويقربنا أكثر من تحقيق السلام المنشود.. السلام القائم على العدل والحق، وليس على القوة أو الطغيان.