تصفية الحسابات بالسلاح: الحزبية والعشائرية تدمران الأمان في كردستان
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
12 يونيو، 2024
بغداد/المسلة الحدث: في مشاهد صادمة شهدتها مدينة أربيل، مركز إقليم كردستان العراق، انتشرت مواجهات مسلحة في الشوارع، مما أثار الذعر بين السكان وأبرز التحديات الأمنية التي تواجه الإقليم.
وهذه الحوادث لم تقتصر على العاصمة فقط، بل انتشرت أيضًا في مناطق دهوك وأربيل وجمجمال وشارزور في السليمانية، مما يعكس اتساع نطاق الصراعات العشائرية المسلحة في الريف الكردي ومراكز المدن.
الصراعات العشائرية والجرائم
وتزايدت الصراعات العشائرية بشكل ملحوظ في الإقليم، حيث تستخدم الأسلحة في حل النزاعات بين العشائر. هذه الصراعات التي كانت تقتصر في السابق على المناطق الريفية بدأت تتسلل إلى مراكز المدن، مسببة اضطرابات أمنية خطيرة. إلى جانب ذلك، تنتشر جرائم غسل الشرف بكثرة في الإقليم، مما يضيف إلى تعقيد المشهد الأمني.
اغتيال ضابط مخابرات وتأثيره السياسي
وشهد خريف عام 2022 حادثة اغتيال ضابط المخابرات هاوكار عبدالله رسول في أربيل، ما أدى إلى اضطراب كبير في سلطة الإقليم.
والاتهامات الموجهة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني من قبل غريمه الحزب الديمقراطي الكردستاني بالضلوع في الاغتيال أثارت أزمة سياسية، حيث قاطع الوزراء المنتمون لحزب الاتحاد الوطني اجتماعات الحكومة لأكثر من نصف عام. هذا الحدث عكس بوضوح مدى تأثير النزاعات الحزبية على الوضع الأمني والسياسي في كردستان العراق.
فوضى السلاح وتصفية الحسابات
تشهد المنطقة ظاهرة الانتشار الفوضوي للسلاح وتصفية الحسابات بعيدًا عن السلطات الأمنية، حيث تعمل مجموعات مسلحة تمثل الأحزاب الكردية الرئيسية. الانقسام داخل قوات البيشمركة (جيش الإقليم) وأسايش (شرطة الإقليم) بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني. الأحزاب تشجع في كثير من الأحيان جهات مدنية وعشائرية مقرّبة منها على حمل السلاح لاستخدامها في تصفية الحسابات بالوكالة عند الحاجة.
الاشتباكات المسلحة في أربيل
مؤخرًا، شهدت منطقة أربيل الجديدة اشتباكًا مسلحًا أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين. مقاطع الفيديو المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت معركة في الشارع بين مجموعتين مسلحتين، حيث كانت عملية التراشق بالسلاح تتم ببرودة دم وصُدم المشاهدون من الأريحية التي ميزت هذه المواجهة. الغريب في الأمر أن هذه المعركة استمرت دون أي تدخل أو حضور للأجهزة الأمنية الرسمية، مما يعكس ضعف الهيبة الأمنية وسلطات الإقليم.
تأثير الصراعات الحزبية
الصراعات بين الحزبين الكرديين الكبيرين، لاسيما عندما تتجاوز السياق السلمي وتتحول إلى العنف، تؤثر بشكل كبير على مستوى الأمن في الإقليم. هذه الصراعات تضعف هيبة السلطات وتخلق جرأة لدى العديد من الأطراف على حمل السلاح واستخدامه في الدفاع عن مصالحها وحماية امتيازاتها.
ويهيمن حزبا بارزاني وطالباني بشكل رئيسي على مقاليد الحكم المحلّي في كردستان العراق، وينساقان إلى صراعات مؤثّرة على مختلف مظاهر الحياة من اقتصادية وسياسية وحتّى أمنية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
الاستراتيجيات الدولية تجاه الصراعات في إفريقيا, السودان نموذجا
زهير عثمان
إفريقيا، القارة التي تكتنز موارد طبيعية هائلة، تُعَدّ ساحة للتنافس بين القوى الكبرى، خاصة في ظل الصراعات الداخلية التي تُعيد تشكيل الخارطة السياسية والجيوسياسية لدولها. الصراع السوداني الأخير يبرز كحالة دراسية نموذجية لتفكيك استراتيجيات الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا، والصين تجاه القارة، ومدى تأثير تلك السياسات على مستقبل الاستقرار.
الاستراتيجيات الغربية: الحشد للتدخل الدولي
الولايات المتحدة , تركز واشنطن على منع توسع النفوذ الروسي والصيني في إفريقيا، خاصة في الدول ذات المواقع الاستراتيجية مثل السودان. سياسة الولايات المتحدة تعتمد على دعم الانتقال الديمقراطي عبر العقوبات الاقتصادية على القوى العسكرية، مثل قوات الدعم السريع (RSF) والجيش السوداني، وتعزيز المساعدات الإنسانية. تهدف هذه السياسات إلى تقويض قدرة الفاعلين غير الديمقراطيين على السيطرة وإجبارهم على الانخراط في عملية سياسية شاملة. مع ذلك، تُظهر الولايات المتحدة تحفظًا تجاه التدخل العسكري المباشر، حيث تعطي الأولوية للضغوط الدبلوماسية والشراكات الإقليمية.
الاتحاد الأوروبي يتبنى الاتحاد الأوروبي استراتيجية متعددة الأبعاد تشمل تقديم الدعم الإنساني، تمويل عمليات حفظ السلام الإفريقية، ومحاربة الهجرة غير النظامية. السودان، الذي يشكل نقطة عبور رئيسية للهجرة إلى أوروبا، يكتسب أهمية خاصة في سياسات الاتحاد الأوروبي. ورغم التزامه بالسلام، يظل الاتحاد محدود التأثير بسبب التباينات بين أعضائه حيال كيفية التعامل مع الفاعلين العسكريين مثل قوات الدعم السريع.
الاستراتيجيات الروسية والصينية: المصالح الاقتصادية والجيوسياسية
روسيا وتعتمد روسيا على بناء شراكات مع القوى العسكرية المحلية لتحقيق أهدافها الجيوسياسية، مثل الوصول إلى البحر الأحمر. تسعى موسكو إلى إنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان، التي ستشكل أول قاعدة عسكرية لها في إفريقيا. إلى جانب ذلك، تركز على استغلال الموارد الطبيعية مثل الذهب عبر علاقات وثيقة مع قوات الدعم السريع. هذه الاستراتيجية تعزز من قدرة روسيا على مواجهة العقوبات الغربية عبر تأمين مصادر بديلة للدخل.
الصين تري الصين علىها حماية استثماراتها الاقتصادية، خاصة في قطاعي النفط والبنية التحتية. السودان يُعد جزءًا مهمًا من مبادرة الحزام والطريق، وتسعى بكين إلى ضمان استقرار الأوضاع للحفاظ على تدفق التجارة والمشاريع التنموية. رغم عدم التدخل المباشر في الصراعات، تدعم الصين سياسات عدم التدخل وتُعارض العقوبات الدولية التي قد تؤثر على مصالحها الاقتصادية.
إفريقيا بين الصراع والحياد الإيجابي
في ظل التنافس بين القوى الكبرى، تقف إفريقيا أمام خيارات صعبة. الحكومات الإفريقية غالبًا ما تُوازن بين المصالح المتضاربة للقوى الكبرى لتأمين دعم سياسي واقتصادي. إلا أن هذه الاستراتيجيات تُعرض القارة لخطر التحول إلى مسرح للصراعات الدولية بالوكالة.
تقرير مجموعة الأزمات الدولية عن السودان
وفقًا لتقرير حديث صادر عن مجموعة الأزمات الدولية، فإن الصراع في السودان يعكس تعقيدات متعددة تشمل النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وانعكاساته على الأمن الإقليمي. التقرير يشير إلى أن غياب تسوية سياسية شاملة يزيد من احتمال تصاعد العنف وانتقاله إلى دول الجوار. يدعو التقرير إلى ضرورة تدخل دولي فاعل لدعم مفاوضات السلام وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
المستقبل: التدخل أم الحياد؟
التدخل الدولي أتوقع أن يزداد الحشد للتدخل في إفريقيا مع استمرار الصراعات وزيادة تأثيرها على الأمن الإقليمي والعالمي. التدخل قد يأخذ أشكالاً متنوعة، مثل إرسال قوات حفظ السلام أو فرض مناطق حظر جوي لحماية المدنيين.
الحياد الإيجابي يبقي تسأؤل هل يمكن لإفريقيا أن تتبنى سياسات حياد إيجابي تعتمد على تعزيز المؤسسات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي لتسوية النزاعات داخليًا ومنع التدخلات الخارجية.
الصراع في السودان يعكس تعقيدات الاستراتيجيات الدولية تجاه إفريقيا، حيث تتشابك المصالح الاقتصادية والجيوسياسية مع تحديات إنسانية وأمنية. مستقبل القارة يعتمد إلى حد كبير على قدرتها على تعزيز التعاون الإقليمي واتخاذ مواقف مستقلة تجاه القوى الكبرى
zuhair.osman@aol.com