خالد حنفي يستعرض تاريخ «الجماعة الفاشية».. معارك مزيفة على شرف الدستور
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
لم تكن الفوضى السياسية التى حدثت بعد 25 يناير تناسب أحداً سوى جماعة الإخوان.. استثمرتها الجماعة كما يجب، وعملت على تحقيق أهدافها فى ظل أنها القوة الوحيدة المنظمة على الأرض والقادرة على الحشد فى وقت قياسى.. الجماعة التى تاجرت بأنها كانت مضطهدة فى ظل الأنظمة السابقة وتم الزج بها داخل السجون وتشريدها وتشريد أبنائها.
كان أشهر هذه المعارك معركة الدستور وكتابته.. كل فصولها المزعجة بترتيب من الإخوان.. هم من أرادوا تعطيله ونجحوا فى ذلك.. هم من أشعلوا الفتن والخناقات بين القوى السياسية المختلفة حتى لا يُكتب الدستور طوال هذه الفترة.. ونجحوا فى ذلك أيضاً.. بعد رحيل نظام مبارك نادى كثيرون فى هذا الوطن بكتابة دستور جديد يتناسب مع ما جرى فى 25 يناير.. رفعوا شعار الدستور أولاً.. لكن ما نادوا به لم يعجب الإخوان ولا السلفيين، فراحوا يدفعون الناس ليقولوا «نعم» وقالوها فى استفتاء مارس.. الاستفتاء المعروف بـ«غزوة الصناديق» وهو المصطلح الذى دشنه الداعية المتشدد محمد حسين يعقوب.. من سيقول «نعم» سيقولها لله ورسوله، وبعد أن حسمت الجماعة والخارجون من رحمها الاستفتاء على الدستور لصالحهم.. خرج علينا «يعقوب» أيضاً مكبراً ومهللاً قائلاً: «إنها الديمقراطية ومن لم تعجبه نتائجها فليسافر للخارج».. كانت الدعوة كاشفة.. الجماعة والخارجون من رحمها تعاهدوا على إقصاء الجميع.. الجماعة لا تريد لأحد أن يزاحمها فى تصدُّر المشهد السياسى.. «يعقوب» ومعه السلفيون وقفوا بجوار الجماعة، وقد ظنوا أنها قريبة منهم.. ساندوها وهم لا يعرفون أنها تخطط لإقصائهم هم أيضاً لتنفرد بالمشهد.. خروجهم بأعداد ضخمة جعلها تتوقف أمام هذه الظاهرة بالتحليل.. خروجهم أزعجها خوفاً من أن يكتبوا نهاية لها.. خوفاً من أن يسحبوا منها القوة الوحيدة القادرة على الحشد ومن ثم لا تأتى لها القوى السياسية فتتحالف معها.. فى هذه الفترة لم تكن الجماعة تخاف من القوى السياسية.. أكثر ما كان يخيفها هو صعود السلفيين.. كان صعودهم مرعباً للجماعة.. صعودهم أخذ من رصيدها ومن شعبيتها.. فإذا كان الإخوان يتكلمون باسم الله، فالسلفيون يزايدون عليهم.. كان على الإخوان إذاً التوقف أمام صعود السلفيين بالرصد ثم التحليل ومن بعد كيفية المواجهة.. حددت الجماعة فى وثائقها نقاط القوة والضعف لدى السلفيين.. جاء فى نقاط القوة وجودهم القوى فى المساجد وحضور رموزهم الدينية والقنوات الفضائية والقوة المالية والقوة البشرية.. أما الضعف فيكمن فى تضاؤل مستوى التعليم وتضارب المواقف وتشدد الخطاب الدينى واندفاعه نحو المنافسة دون أى مراجعات.. مما يؤدى إلى انقسامات فكرية محتملة وميلهم إلى عدم الصدام وظهورهم بمظهر الموالى للسلطة.. بالإضافة إلى ضعف الكوادر والاعتماد على الصف الأول القديم، وتوقعت الوثائق الإخوانية زيادة انتشار السلفيين فى الأحياء الشعبية عن طريق الرموز والعمل الخدمى والإعانات والخطاب الدينى المؤثر وزيادة الطموح السياسى.. وثائق تكشف كيف غازلتهم وكيف جرّدتهم وعملت على إقصائهم؟!
لكن قبل الإقصاء استخدمتهم فى استفتاء مارس 2011.. السلفيون مَن استخدموا المنابر لدعوة المصريين لقول «نعم».. مَن سيقولها سيدخل الجنة من أوسع أبوابها.. لم تُدخلنا «نعم» الجنة الموعودة، وإنما أدخلت الوطن فى جحيم لا طاقة له به، وتعمّدت الجماعة افتعال معركة حول الهيئة التأسيسية وتشكيلها.. وكان الهدف منها، وكما جاء فى الوثائق، وبالحرف: «الاستفادة من الأجواء الموجودة لتمديد مدة كتابة الدستور لحين انتهاء انتخابات الرئاسة.. لتجنب صياغته فى وجود المجلس العسكرى.. بما لا يسمح له بالانقلاب على الشرعية فى حال لم يُرضه ما صيغ من بنود تحكم مساحة المؤسسة العسكرية فى الدستور».. هذا يعنى أن الجماعة خططت لتعطيل الدستور حتى لا يُكتب فى ظل وجود المجلس العسكرى الذى تغازله وتمد جسور الود بينها وبينه.. بينما وكعادتها تكيد له وتتربص به وتدفع قوى أخرى لمواجهته.. بينما هى تنتظر ما تسفر عنه المواجهات.. تخيلت الجماعة أنها ستنفرد بكتابة الدستور وحدها.. تعمدت إطالة المدة حتى يرحل المجلس العسكرى ويسلم السلطة لرئيس منتخب.. وساعتها سيمكنها -بأغلبيتها البرلمانية- أن تضع فى الدستور ما تريده من مواد ولن يشاركها أحد، ولكى تكون إطالة المدة طبيعية جداً وحتى لا يشك أحد فى نواياها تمت الدعوة إلى تشكيل الهيئة التأسيسية للدستور.. كانت الجماعة تكذب وهى تدعو إليها.. كانت تعرف أن تشكيل الهيئة فى الصورة الأولى لها سيُشعل الخلاف بين القوى.. وهو ما كانت تريده وتحقق وانسحب من اللجنة غالبية أعضائها.. لذلك أوصت الوثائق بمحاولة استدراك الاستقالات من أسماء كثيرة شهيرة.. حتى لا تكون الانسحابات حاجبة للشرعية عن دستور مصر الجديد، وفى حالة عدم النجاح فى إقناع الكثير من المستقيلين للعدول عن رأيهم.. يتم إعادة تشكيل الهيئة التأسيسية للدستور مع إعطاء وقت أطول لتشكيلها كنوع من كسب الوقت.. ويتم وضع معايير واضحة وفرصة كافية لمناقشة الأسماء المطروحة بها جيداً.. ومحاولة التوافق مع بعض القوى الوطنية على أفراد اللجنة.
الجماعة التى دعت إلى هيئة تأسيسية لكتابة الدستور كانت قد كتبته بالفعل.. وجاء فى وثائقها السرية أنه لا وضعيات خاصة لأى من مؤسسات الدولة ولا المؤسسة العسكرية، وأنه فى حال إقرار وجود مجلس أمن وطنى فى الدستور.. يكون بأغلبية مدنية.. ويكون دوره فى الإطار الاستشارى.
وتقدم مختار العشرى، رئيس اللجنة القانونية لجماعة الإخوان، بمسودة مقترح الدستور إلى كل من «الدكتور أحمد سليمان، والمستشار محمد سعيد، ومحمد سعد الحسينى، وطارق شومان، وعبدالمنعم عبدالمقصود، والمرشد العام محمد بديع، وعلى دياب، والمستشار أكرم إبراهيم حسنين، والدكتور أحمد أبوبركة، والدكتور محمد مرسى، والمستشار حسام ديوان، وحسين إبراهيم، والدكتور خالد محمد، والمستشار علاء قطب، والمستشار محمد هاشم، والدكتور ياسر حمزة». وكتب مختار العشرى ملحوظته على غلاف مسودة الدستور: «واضح أن الدستور المصرى منجز وبانتظار تمريره من خلال الهيئة التى تشكلت مؤخراً ويسيطر عليها الإسلاميون».. وجرى تقديم المسودة فى 25 مارس 2011.
اعتمد دستور الإخوان على دستور 1971 مع بعض الإضافات أو الحذف.. مثل المادة الثانية فى الباب الأول منه «الدولة».. والتى تنص على «الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع».. وأضاف عليها الإخوان «ولغير المسلمين من أصحاب الديانات السماوية الاحتكام إلى شرائعهم فى مواد الأحوال الشخصية».. والمادة الخامسة التى تنص على «يقوم النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك فى إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور وينظم القانون الأحزاب السياسية وللمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية وفقاً للقانون».. وفى دستور الإخوان جرى حذف باقى المادة وهو «ولا تجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أية مرجعية دينية أو أساس دينى أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل».. ولم يكن غريباً أن تحذف الجماعة الخطرة هذه العبارة فحزبها «الحرية والعدالة» مرجعيته دينية.. وبناء عليه لا بد من تحصين الحزب دستورياً حتى لا يأتى من يطعن عليه فيتم حله ببساطة.
وفى الباب الثانى من الدستور، الذى يحمل عنوان المقومات الأساسية للمجتمع، الفصل الأول منه، قامت جماعة الإخوان بإجراء تعديل بسيط على المادة الـ18 الخاصة بالتعليم: «التعليم حق تكفله الدولة وهو إلزامى فى المرحلة الابتدائية وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى وتشرف على التعليم كله وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمى وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج»، ولكن فى دستور الإخوان جاء أن «التعليم إلزامى حتى المرحلة الثانوية».. ثم فسرت الماء بعد عناء بالماء.. فكتبت «وتشرف الدولة على التعليم الخاص والعام» بدلاً من كلمة «التعليم كله».
فى فصل المقومات الاقتصادية أضافت جماعة الإخوان على المادة 25 عبارة «وتضمن الدولة توفير المسكن المناسب والطعام المناسب لكل المواطنين».. بعد أن كانت «لكل مواطن نصيب فى الناتج القومى يحدده القانون بمراعاة عمله أو ملكيته غير المستغلة».
فى الباب الثالث «الحريات والحقوق العامة».. قام الإخوان بإضافة عبارة «وتضمن الدولة تعويضاً عادلاً عن الأعمال القضائية أو الإدارية غير المشروعة سواء بالحبس ولو كان احتياطياً أو القبض أو الاحتجاز أو الإيذاء».. على المادة التى تنص على «كل مواطن يُقبض عليه أو يُحبس أو تقيد حريته بأى قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، وكل قول يثبت أنه صدر من مواطن تحت وطأة شىء مما تقدم أو التهديد بشىء منه يُهدَر ولا يعول عليه».. وفى نفس الباب وفى المادة 62 جرى حذف عبارة «يجوز أن يأخذ القانون بنظام يجمع بين النظام الفردى ونظام القوائم الحزبية بأية نسبة بينهما يحددها، كما يجوز أن يتضمن حداً أدنى لمشاركة المرأة فى المجلسين».. أما المادة فتنص على «للمواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون، ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطنى، وينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى وفقاً لأى نظام انتخابى يحدده».
وفى مسودة دستور الإخوان تقليص لصلاحيات رئيس الجمهورية.. ومنح كثير منها لرئيس الحكومة وللبرلمان.. ويلزم الرئيس بأن الأغلبية هى من تشكل الحكومة، كما أنه لا يجب على الرئيس أن يتخذ قراراً مثل استفتاء الشعب فى المسائل الهامة التى تتصل بمصالح البلاد العليا إلا بعد موافقة مجلس الوزراء.. وغيرها من المواد حيث تخيلت الجماعة أنها ستظل أغلبية طوال عمرها.. وعليها أن تحصن نفسها بالدستور لتحكم وتتحكم!
إذاً وثائق الإخوان السرية تؤكد أنهم يريدون الانفراد بكتابة الدستور.. وأنهم جهزوه وما جرى من معارك فى هذه الفترة كان لكسب الوقت.. حتى لا يُكتب فى وجود المجلس العسكرى.. ما جاء فى الوثائق الخاصة بالدستور حمل عنوان «مقترح لبيان من جماعة الإخوان للفترة المقبلة».. وفيه قامت جماعة الإخوان بتشخيص حالة الساحة السياسية قبل أن تطرح مرشحها للرئاسة وكيفية التعامل مع القوى والحركات المختلفة التى لم تعد تصدق هذه الجماعة وتشك فى تحركاتها، والمصداقية التى فقدتها الجماعة أرجعتها بنفسها إلى عدة أمور.. منها رؤية هذه القوى بأن الجماعة كانت دوماً هى من تحقق المكاسب السياسية من الأحداث وظنهم أن آخرين من يدفعون ثمن هذه المكاسب، وهذا ما يثير فى أنفسهم بعض الحنق حتى وإن كانت المكاسب مستحقة للإخوان (التعبير يخصهم) مثل حصولهم على شرعية تأسيس حزب النور.. أيضاً تأخر الجماعة فى تبنى بعض المواقف التى نادت بها بعض القوى من فترة طويلة.. أيضاً رفضت القوى الوطنية حكومة الجنزورى من أول لحظة، ولكن الإخوان سكتوا عنها ثم عادوا وبعد أن عانوا منها يصفونها بالحكومة الفاشلة ويسعون لإقصائها.. منتهى الانتهازية (والتعبير يخصنى)!
ما زلنا مع الوثائق، وما زالت الجماعة تشخص أمراضها.. ولماذا فقدت مصداقيتها، ومنها استشعار وجود بعض إشكاليات فى ممارسات الجماعة تجاه الرأى الآخر والمختلف.. ما يجعلهم فى تخوف من انقلاب الإخوان على الديمقراطية لصالح الأيديولوجيا الفكرية على حساب الحرية.
كاتب الوثيقة اقترح على قادة الجماعة التعامل مع هذا الملف كالتالى: الفصيل الأول وهو المتحالف مع المجلس العسكرى.. يتم تقييمه فى حجمه، فهو يملك نواصى إعلامية وبعض الدعم المادى مع قليل من التأثير على الأرض وقليل من الأنصار.. ولذلك يجب ترك المساحات لفضح ممارساته دون تبنٍّ رسمى لأى مواقف تجاهه.. وترك الحس الوطنى والشباب ليقوم بلفظ تصرفاته وتعريته.. وكانت الجماعة تشير هنا إلى كل المؤمنين بالجيش والداعمين لموقفه الوطنى.. فالمجلس العسكرى فى هذه الفترة كان على مسافة واحدة من الجميع.. ولا يستثنى أحداً من اجتماع أو حوار دعا إليه خوفاً على هذا البلد وحرصاً على أن تمر المرحلة الانتقالية بسلام.. لكن الجماعة لم تكن تريد من المجلس العسكرى هذا الدور.. كانت تريد أن يكون لها وحدها، وأن يوافق على ما تطلبه دون الالتفات لأى رأى آخر من أى قوة سياسية.. تماماً كما حدث بعد ثورة 23 يوليو.. لذلك كان المجلس العسكرى وكل المؤمنين بدوره هدفاً أمام هذه الجماعة للنيل منهم.
الفصيل الثانى «القوى الوطنية المؤدلجة والنخب».. يتم تجذير التواصل معهم وإشراكهم بشكل أكبر فى صناعة القرار الوطنى وتصديرهم وتقديمهم وإسناد بعض المهام الوطنية لهم فى هيئة الدستور والحكومة المرشحة.
الفصيل الثالث «القوى الشبابية».. التواصل معها ودعمها لتتقدم المشهد ولتكون حاضنة لبعض الأفكار التجميعية للقوى الوطنية بما لها من مصداقية ونبل مقاصد، ويتم ذلك التواصل عبر شباب الجماعة بحكم السن وتقارب الأفكار ودعم شباب الجماعة فى هذا الخط لتعويض فاقد فصل شباب الإخوان فى ائتلاف شباب الثورة.
وتعالوا للفقرة الأهم والتى تؤكد على انتهازية هذه الجماعة ولعبها: «يتم أيضاً تفعيل التواصل مع شباب الإخوان المفصولين دون إعادتهم للجماعة والتنسيق معهم فى حشد القوى الوطنية الشبابية وغيرها لتبنى مواقف وفعاليات تضمن استمرار انتقال تسليم السلطة بأقل خسائر ممكنة والبناء على ما لدى بعض هؤلاء الشباب من مصداقية لدى بعض تلك القوى والتجمعات».
الفصيل الرابع «القوى الإسلامية».. تعزيز التواصل والتنسيق معها بشكل أقوى ومساعدة بعضها كالتيار السلفى فى إطار الدعم الفنى والفكرى وتعزيز ممارساتها على مستوى القواعد.. بما يضيف للمعادلة.. وفى النهاية جاءت التوصية بأن تعتذر الجماعة، ولو بشكل ضمنى، عن أى ممارسات من الممكن أن تكون خاطئة فعلتها أثناء المراحل الماضية.
الوثائق أيضاً تفسر لماذا انقلب الإخوان على حكومة الجنزورى والحديث عن رغبتها فى تشكيل حكومة ائتلافية كاملة الصلاحيات.. لقد تأكد للجماعة أن رصيدها لدى المصريين فى طريقه إلى النفاد، لذلك عملت على.. أولاً: «الدفع بكل قوة لإزاحة فورية لحكومة الجنزورى».. ثانياً: «إعلان تشكيل الحكومة البديلة المقترحة بأسماء الوزراء التى يراعى فيها توظيف كفاءات وطنية مختلفة والاستفادة من هذا التشكيل لدعم إعادة توحيد الصف الوطنى واستدراك أخطاء سابقة بإعطاء مساحات أكبر لتمثيل شبابى فى الحكومة».. ثالثاً: «تبنى قرارات فى مجلس الشعب بشكل عاجل تمس احتياجات المواطن الأساسية وربط تأخير تنفيذها باستمرار حكومة الجنزورى، وأهم تلك الاحتياجات الأمن والصحة والدخل مثل استصدار قانون الحد الأدنى للأجور وقانون يتعلق بالتأمين الصحى وبعض القوانين التى تغلظ عقوبة التعدى على أمن المواطنين».. رابعاً: «التحرك بفعاليات شعبية للضغط لإزاحة الحكومة عبر المليونيات والجامعات وغيرهما».
ليس هذا فقط وإنما الجماعة خططت لأن تقوم بإحياء الزخم الثورى لدى الشعب لاستخدامه كورقة ضغط فى التفاوض وعقد الصفقات. لذلك، وكما جاء فى وثائقها السرية، عملت على الآتى.. أولاً: «عمل حملات طرق أبواب وقوافل توعية للمواطنين فى الأحياء والشوارع وعقد ندوات فى مختلف المناطق توضح حقيقة الوضع القائم ومهام مجلس الشعب والعراقيل الموجودة فى طريقه وأهم نقاط فشل حكومة الجنزورى وممارسات المجلس العسكرى وأهمية الدستور».. ثانياً: «تبنى بعض الوقفات المجمعة المنتشرة فى المناطق المختلفة كمسيرات ضغط وتحفيز».. ثالثاً: «تدشين حملة لاستكمال تحقيق مطالب الثورة وتنفيذ فعالياتها ورسائلها فى الشوارع والمحافظات، ومن الممكن أن تنطلق شرارة تلك الحملة من طلاب الجامعات أو أحد الكيانات الشبابية ومن ثم يتم تبنيها».. رابعاً: «استعادة ذكرى الشهداء وأنه لم يتحقق بعد ما بذلوا دماءهم له من حرية مصر واستعادة لكرامتها».
كان من الطبيعى أن تضع هذه الجماعة الخطرة والمضللة ملف الرئاسة فى مقدمة أولوياتها.. خططت له قبل أن تدفع بمرشحها.. ووقت أن كانت تدّعى أنها لن تنافس على الرئاسة ولن تشارك فى الانتخابات، ولكن كعادتها التاريخية لحست كلامها ودفعت بمرشحها.. المهم كيف كانت تفكر فى هذا الملف؟!
الجماعة حددت أهدافها.. أولاً: «يتم تبنى دعم أحد مرشحى الرئاسة الموجودين بعد الارتكان لمعايير قياسية علمية لمهام ومواصفات الرئيس».. ثانياً: «يتم عمل جهد فى إطار توحيد الصوت الإسلامى لدعم هذا المرشح وبذل الجهد مع المرشحين الآخرين للانسحاب لصالحه أو إدماجهم معه فى المشروع».. ثالثاً: «تلتزم الجماعة فى أعمالها الدعائية وتصريحاتها الإعلامية ومجهوداتها بدعم هذا المرشح».. رابعاً: «لا تمنع الجماعة أفرادها من اختيار مرشح آخر أو حتى العمل فى حملته الدعائية ولكن بدون استخدام اسم الجماعة».
ما سبق يؤكد أن هذه الجماعة الانتهازية تعمل لمصالحها فقط.. وثائقها تؤكد أنها تستغل الجميع لتحقيق أهدافها.. تستخدمهم ليحاربوا نيابة عنها ويتظاهروا نيابة عنها ويقتلوا نيابة عنها.. بينما هى من تحصد الثمار فى نهاية المشهد، ولكن هذا لن يتحقق لكارهى الحياة على أرض تقطر بالمحبة.. المحبة التى لا يعرفون الطريق إليها!
الجماعة الفاشية كانت تظن أنها الأذكى.. كانت تظن أنها ستظل تخدع الجميع دون أن ينتبهوا، ودون أن يديروا ظهرهم لها.. وهى نفسها اكتشفت نفاد رصيدها.. اكتشفت أن أداءها وممارساتها سبب نفور الناس منها.. حاولت أن تعالج هذا الضعف، وحاولت أن تجمع القوى مرة أخرى، لكنها فشلت بعد أن قطعت كل السبل أمام العودة.. لم يعد أحد يصدقها.. لم يعد أحد يثق فيها وهى التى لا تحفظ عهداً ولا تحترم عقداً.. فى كل خطوة لها كانت ترتب للخطوة المقبلة.. استثمرت الفوضى فى البداية جيداً.. بل إنها هى والخارجين من رحمها زادوا من الفوضى لتحقيق مصالحهم الشخصية والضيقة.. تحايلوا على الناس فى الاستفتاء على الدستور فى مارس 2011 وكانوا يجهزون العتاد والسلاح للانتخابات الرئاسية للفوز بها زوراً وترهيباً.. ثم تندهش الجماعة من خروج الناس عليهم عندما تمكنوا من الحكم.. خرجوا ونجحوا لتكون ثورة 30 يونيو جحيمهم الأبدى.
غداً الحلقة الثانية عشرة
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الإخوان الدستور المجلس العسکرى القوى السیاسیة جماعة الإخوان دستور الإخوان القوى الوطنیة فى هذه الفترة هذه الجماعة الإخوان على الجماعة فى فى الدستور حتى لا ی جاء فى بعد أن
إقرأ أيضاً:
الإخوان "مكملين" في التآمر.. ماذا يريد التنظيم الإرهابي؟
منذ تأسيسه، واجه تنظيم الإخوان الإرهابي في مصر والأردن ودول أخرى، اتهامات عديدة بالتورط في مؤامرات تستهدف زعزعة استقرار الدول العربية، والتغلغل في مؤسسات الدولة، والتعاون مع جهات خارجية لتحقيق أهدافه، والتعامل مع الأوطان كساحات لتحقيق مكاسب سياسية وشخصية.
في مصر، اتُهم التنظيم منذ عقود بتشكيل تنظيمات سرية، مثل "النظام الخاص"، الذي تورط في اغتيالات سياسية بارزة، فضلا عن الصدامات العنيفة بعد محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر في حادثة المنشية عام 1954، والتي أدت إلى حظر التنظيم وسجن قياداته.
كما تورط التنظيم بالتخطيط لإسقاط الدولة، من خلال اختراق مؤسساتها الأمنية والاقتصادية، والتحريض على أعمال العنف خلال أحداث 2011 وما بعدها. وواجه اتهامات بالتعاون مع جهات أجنبية لزعزعة استقرار البلاد، وتشكيل خلايا إرهابية مسؤولة عن تفجيرات وعمليات اغتيال.
أما في الأردن، فقد اتُهم التنظيم الإرهابي بالسعي للتأثير في القرار السياسي من خلال النقابات المهنية ومجلس النواب، فضلاً عن اتهامات بالتنسيق مع حركة حماس، والتدخل في الشؤون المحلية للدولة، ومحاولة تأجيج الشارع ضد السلطات.
إضافة لذلك واجه الإخوان اتهامات بتشكيل "تنظيم سري" يوجه قراراته، وهي معلومات كشفها منشقون بارزون.
بعد الضربة القاصمة التي تلقاها الإخوان في مصر عام 2013، والتي امتدت آثارها إلى الأردن، أصبحت مساحة "التآمر" ضيقة أمام التنظيم، مما دفعه إلى محاولة إيجاد مكان في الخارج لمواصلة بث خطابات ودعايات، تهدف إلى التأثير على استقرار الدول العربية، بحسب محللين سياسيين.
ولجأ الإخوان إلى تأسيس فضائيات وقنوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي منها قناة الشرق، التي أغلقتها السلطات التركية، مما دفع بالعاملين فيها إلى تأسيس قنوات على منصات مثل يوتيوب، إضافة إلى قناة مكملين، التي طردت من تركيا، وقناة الحوار في لندن وغيرها.
واتخذ التنظيم من هذه القنوات، وسيلة لمهاجمة الدول العربية، ومحاولة دائمة لضرب الاستقرار، ودعم الجماعات الإرهابية، عبر استخدام الخطاب الديني لبث شائعات وتزوير الحقائق وفقا للمحللين.
أحدث هذه المحاولات، هو تشكيك قناة "مكملين" في الموقف الرسمي المصري والأردني والعربي الرافض لمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، رغم المواقف المعلنة المؤكدة على ضرورة بقاء الفلسطينيين في أرضهم، واعتبار هذا الموضوع خطاً أحمر للأمن القومي بالنسبة للدولتين.
ويقول المحلل السياسي عامر ملحم إن "الموقف الأردني والمصري الرافض للتهجير ليس جديداً، ولم يُعلن بعد مقترح ترامب، وإنما هو قرار ثابت وراسخ في العقيدة السياسية للدولتين"، موضحاً "أن الدولتين سبق أن أحبطتا محاولات ترامب السابقة لوأد القضية الفلسطينية، كما وقفتا أمام إدارة جو بايدن، التي حاولت فتح قضية التهجير مع بداية حرب غزة".
وأضاف ملحم لـ"24" أن "أي خطاب مناوئ للموقف المصري والأردني هو قبول بالتهجير"، معبراً عن استغرابه من "محاولات الإخوان التشكيك تجاه قضية لطالما استخدموها للتأثير على عواطف الشعوب العربية".
ويعتقد ملحم أن "التشكيك نابع من مخاوف من نزع السلطة من أيدي حماس، وتسليمها للسلطة الفلسطينية، المعترف بها في غزة، وهي ضربة جديدة للإخوان لا يرغبون في تلقيها".
وتكشف آراء أعضاء في الإخوان، الوجه الحقيقي للتنظيم المخالف لتوجهات حكومات وشعوب المنطقة الداعمة لتثبيت الفلسطينيين على أرضهم.
ودعا جمال سلطان، وهو عضو بارز في التنظيم الإرهابي، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، حذفه لاحقاً، إلى "إلى استغلال ما يعتبره فرصة سانحة لتقديم الجماعة نفسها كبديل سياسي" بعد إصرار مصر والأردن على رفض مخططات التهجير.
ويشير سلطان إلى ضرورة التحلي البراغماتية والواقعية في التعامل مع الوضع الحالي.
ودعوة سلطان ليست موقفاً فردياً، إذ يرى الإخواني الآخر أنس حسن، في سياسات ترامب فرصة غير مباشرة لصالح التنظيم.
ويقول المحلل السياسي ملحم إن :"الإخوان يرون المرحلة الراهنة بمثابة فرصة لإعادة ترتيب وضعها".