اليوم التالي للحرب.. هل يكون لدول عربية دور في إدارة غزة؟
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
يعتبر قادة الاحتلال الإسرائيلي أن اليوم التالي لإنهاء الحرب على غزة، سيكون "ملئ بالغموض"، ولا تستطيع "إسرائيل" وضع خطة له، فيما يتفق معظم المسؤولين الإسرائيليين على أن الوقت قد حان لـ "التفكير في عملية انتقالية في غزة".
وقال الكاتب ديفيد إغناتيوس في مقال له في واشنطن بوست: "عندما أطلب من أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين أن يصف لي كيف قد يبدو 'اليوم التالي' في غزة، على افتراض إمكانية التوصل إلى وقف إطلاق النار، يجيبني بإجابة صادقة ولكنها تقشعر لها الأبدان: 'سوف يكون طويلا ودمويا'".
وأضاف إغناتيوس أن هذه هي الحقيقة الصارخة التي تواجه الوسطاء الأمريكيين وهم يسعون إلى التوصل إلى هدنة بدعم جديد من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وحتى لو وافقت حماس وانتهى القتال الرئيسي، فإن الاحتلال سيظل ملتزما بتجريد حماس من السلاح، ومن غير المرجح أن يقبل أي حكومة مستقبلية بأقل من ذلك، ومن المؤكد أن حماس ستقاوم.
وأوضح أنه عن التحدث عن غزة ما بعد الحرب فإن ذلك يعني بالنسبة له أن المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، يجب أن ينشئ إطارا أمنيا للحد من العنف والإصابات بين المدنيين عندما يبدأ هذا الصراع المروع في التراجع، وأن تتحرك إدارة بايدن في هذا الاتجاه، بدعم من القيادة العسكرية للاحتلال الإسرائيلي، إن لم يكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ويشير إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يواصل دبلوماسيته المكوكية المتقطعة هذا الأسبوع عندما سافر إلى "إسرائيل" والمنطقة، وذكّر نتنياهو بأن "النصر الكامل" يمكن أن يكون سرابا، مذكرا بأن الولايات المتحدة تعلمت بالطريقة الصعبة في العراق وأفغانستان أنها تستطيع الانتصار في كل معركة ولكنها تخسر الحرب - لأنها تفتقر إلى استراتيجية سياسية واقعية.
ويرى أن ما يأمله بلينكن هو أن يقبل قادة حماس الخطة الأمريكية لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى وبدء ما قد يكون طريقا طويلا نحو سلام دائم، ومن الممكن أن تبدأ المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار على الفور إذا وافقت حماس على ذلك، لكن بلينكن كان يتحدث مع الإسرائيليين والعرب حول الطريق نحو وقف التصعيد، بغض النظر عما تقرره حماس.
أضاف إغناتيوس أن معظم القادة الإسرائيليين متفقون على أن الوقت قد حان للتفكير في عملية انتقالية في غزة. وتريد إسرائيل "تحولا هبوطيا" هناك، كما قال أحد المسؤولين الأمريكيين، جزئيا حتى تتمكن من التركيز بشكل أكبر على التهديد المتزايد الذي يشكله حزب الله في لبنان.
وبحسب ما أخبر المسؤولون كاتب المقال فإن لدى "إسرائيل" خطة لليوم التالي، وقد أقرها مجلس الوزراء الحربي (بما في ذلك نتنياهو) قبل استقالة زعيم المعارضة بيني غانتس في نهاية الأسبوع الماضي، وقد اقترح هذه الخطة وزير الحرب يوآف غالانت، الذي لا يزال في الحكومة، ويطلق عليها الاسم المختصر "الفقاعات الإنسانية".
ويشرح كاتب المقال الفكرة قائلا إن "إسرائيل" ستبدأ "عملية انتقالية أحادية الجانب في منطقة في شمال غزة تكون خالية إلى حد كبير من أفراد حماس، وبعد إقامة محيط محكم هناك، سينسحب الإسرائيليون ويتركون الحكم والأمن المحلي لمجلس فضفاض يتألف من عائلات محلية بارزة وتجار ونقابات عمالية وأعيان آخرين".
ولتوفير القوة اللازمة لإبعاد حماس والحفاظ على النظام، ستعتمد هذه المجموعة الحاكمة على فلسطينيين محليين تم فحصهم ودعمهم بقوة دولية، بما في ذلك بعض القوات العربية ذات الخبرة من دول مثل مصر ومن باب حسن التدبير، قد تقوم "الفقاعة" أيضا بتوظيف مقاولين أمنيين غربيين، لن يكونوا من شركة بلاك ووتر، ولكن هذه هي الفكرة.
ويقول إن المسؤولين الأمريكيين أخبروه أنهم متشككون في هذه الخطة، وقال إنه يشاركهم هذه الشكوك. إنه شيء بين "مجتمع مسور" في ضاحية خيالية بعيدة عن غزة ومفهوم "القرية الاستراتيجية" الذي أثبت فشله في فيتنام. علاوة على ذلك، لن تكون مرتبطة بالسلطة الفلسطينية، التي، بالإضافة إلى كونها المجموعة الحاكمة الشرعية، تظل العدو الفلسطيني الأقوى لحماس.
ويرى المسؤولون الإسرائيليون أن الفقاعة ستكون نموذجا تجريبيا قد يجذب الدعم تدريجيا من الفلسطينيين الآخرين الذين هم في أمس الحاجة إلى العمل والأمن. ويقول هؤلاء المسؤولون إن الهدف هو إضعاف حماس مع خلق مساحة سياسية بديلة حيث يمكن تسليم المساعدات الإنسانية بشكل آمن ويمكن البدء في إعادة الإعمار. في هذه الأثناء، خارج الفقاعة، ستستمر معركة القضاء على حماس.
وبحسب مقال إغناتيوس فإن بعض المسؤولين الإسرائيليين الأكثر خبرة يجادل لصالح نهج الفقاعة، لأنهم يقولون إن معظم الفلسطينيين في غزة لا يعتقدون أن حماس فقدت السلطة، ولكسر هذه الحالة النفسية، كما يقولون، كان على إسرائيل أن توقف تهريب حماس من خلال الاستيلاء على ممر رفح في الشهر الماضي. وعلى نحو مماثل، يتعين عليها أن تستمر في محاولة القضاء على قيادة حماس والتمسك بشكل حاسم بهدف نزع السلاح.
ويؤكد هؤلاء المسؤولون أن اللجوء إلى السلطة الفلسطينية ليس أمرا منطقيا، لأن لديها بضعة آلاف فقط من الأعضاء الذين يمكن الاعتماد عليهم في غزة، كما أن قادتها كبار في السن ومتعبون ومكروهون من قبل الجمهور. لا يوجد "تنشيط" للسلطة الفلسطينية حتى الآن، بل فقط "تجميل"، كما يقول أحد المسؤولين.
ويتساءل الكاتب عن الرؤية البديلة لإدارة بايدن للمضي قدماً؟ ويجيب قائلا إنها تبدأ بحقيقة أن إسرائيل لا تستطيع أن تفعل ذلك بمفردها. ولإنهاء الحرب، سواء بوقف إطلاق النار أو بدونه، فإن ذلك يحتاج إلى دعم من المجتمع الدولي. وقد أيد مجلس الأمن الخطة الأمريكية لهدنة مرحلية؛ وبعد ذلك، يمكنها أن تدعم إطارا للانتقال الفعلي - والذي من شأنه أن يوفر الشرعية لسلطة حكم انتقالية وقوة أمنية دولية للعمل مع الفلسطينيين المحليين.
ويختتم مقاله قائلا: "لم نصل بعد إلى اليوم التالي، وحتى عندما نصل إلى هناك، فلن تكون عملية غير دموية. ولكن ربما يكون هذا هو 'اليوم الفاصل'، ويستحق بايدن وفريقه الثناء على مواصلة المسار، وتفادي الضربات من اليسار واليمين، في محاولة وقف هذه الحرب الرهيبة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة حماس مصر مصر حماس غزة الاحتلال الحرب على غزة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیوم التالی فی غزة
إقرأ أيضاً:
فاتورة التشخيص الخاطئ للحرب علي الأبواب – إحنا فرحانين أوي أوي
فاتورة التشخيص الخاطئ للحرب علي الأبواب – إحنا فرحانين أوي أوي:
معتصم أقرع
مع بداية الحرب ظهرت أربع مواقف منها من أربع معسكرات هي:
1. معسكر الجنجويد وأنصارهم بالعلني أو العرفي.
2. معسكر داعم للجيش بلا شروط ولا تهمه قضايا الديمقراطية ومدنية الحكم.
3. معسكر معروف بمناصرة الديمقراطية في عشرات السنين وقف بحزم ضد الجنجويد ويري أنهم ليسوا بديلا مناسبا لجيش أو دولة مهما كانت عيوبهما . وقال هذا المعسكر أن من أهم أبعاد هذه الحرب إنها حرب الجنجويد ضد الدولة السودانية وضد المواطن السوداني المدني. ويري هذا المعسكر أن أولوية هذه اللحظة الحرجة هي التصدي لعنف الجنجويد وهذا لا يعني أي تغيير في مواقف هذا المعسكر المعروفة عن ضرورة المدنية والديمقراطية بعد صد الغزو الجنجويدي.
4. معسكر رابع جادل بان هذه حرب بين طرفين متساويين في السوء يصح الحياد فيها إذ إنها حرب بين جنجويد وكيزان أو جيش كيزان أو جيش خطفه الكيزان. وفي كل الأحوال هي حرب بين طرفي نزاع إجراميين بنفس درجة أو بفرق مقدار لا يهم. ولم يلاحظ هذا المعسكر وقع الحرب علي أكثر من أربعين مليون سوداني واكتفي بتشخيصه بانها حرب بين جنجا وكيزان أو جيشهم وكان الحرب تدور في صحراء بيوضة لا في بيوت الشعب وملابسه الداخلية.
يهمني هنا التعليق علي ما يترتب علي موقف آخر معسكرين.
مع إنتصارات الجيش، والفرحة العارمة التي عمت الشعب السوداني بالعودة إلي مدنه وقراه بعد طرد الجنجويد، لم ير معسكر الوقوف مع الدولة غضاضة في الإحتفال مع الشعب السوداني ولم يصبه أي حرج فرحي لان تشخيصه كان أنها حرب الشعب والدولة ضد غزو أجنبي علي يد ميليشا إقطاعية تملكها أسرة. وبالتالي فإن الإنتصار هو هو إنتصار الدولة والشعب وليس إنتصارا لكيزان أو دكتاتورية عسكرية وبالتالي فان الفرح حلال.
ويري هذا المعسكر أن النصر تم بفضل مقاومة واسعة من الشعب السوداني تكاملت مساهماتها في ميدان القتال وميادين السياسة والإعلام والتضامن الإجتماعي والتكايا. فهو ليس نصر المؤسسة العسكرية وحدها ولا نصر كيزان – مع وجود الإسهام الواضح والهام لهذين الكيانين، كيزان وجيش، كجزء من إسهام قطاعات الشعب الأخري.
إذن معسكر الوقوف مع الدولة السودانية ضد الغزو الأجنبي الهمجي يفرح ويحتفل مع الشعب السوداني بلا عقد ويري في فرحه إمتدادا لدفاعه عن سلامة الشعب والدولة بدون أي تماهي مع كيزان. ولا يعطي فرحه الجيش شيك علي بياض ولايتنازل قيد شعرة عن مواقف تاريخية داعية للديمقراطية والحكم الرشيد.
ولكن معسكر الحياد الذي قال أنها حرب بين جنجويد وجيش كيزان موجبة للحياد والتعويل علي توازن ضعف بين الطرفين (نظرية الدرون) يجد نفسه في ضيق هذه الأيام. فهو لا يستطيع أن يفرح بفرح الشعب لان كل نظريته عن الحرب يترتب عليها أن هذا النصر نصر الكيزان أو نصر جيش الكيزان.
ويترتب علي نظريته إن إحتفال الشعب بما أنجزه الجيش هو إحتفال بالكيزان وبالحكم العسكري. وهذا إستنتاج خاطئ بني علي تشخيص خاطئ، فهذا الشعب يحتفل بوجود جيش ومؤسسات دولته وهي تقوم بواجبها الدستوري ويحتفل بحقه في الحياة الامنة ولا يحتفل بدكتاتورية أو كيزان قال رايه فيهما في ١١ أبريل ٢٠١٩ . التحليل الخاطئ لطبيعة الحرب في النهاية يهدي هذا النصر للكيزان والجيش وهذا ربما هو أشهر هدف يحرزه فريق سياسي في مرماه.
وكل هذا لا يعني أن مستقبل السودان قد تم حسمه. إذ يظل المستقبل مفتوحا علي إحتمالات مرعبة مثل مضاعفة التدخل الخارجي ووصول جماعات جهادية أجنبية وإنهيار شامل لما تبقي من أجهزة الدولة. هذه إحتمالات تظل موجودة ولكنها لا تغير في مغزي هذا المقال ولا تطعن فيه وإنما تشير لاهمية العودة للتموقع الصحيح في هذه الحرب، قبل فوات الأوان، والكف عن القبول بدمار الوطن نكاية بكيزان أصابوا عقل صفوة معتوهة بالهوس وشيئ من الكبسة.
ومن هنا يتضح أن النجاح السياسي التاريخي للكيزان لم يكن نتيجة لعبقرية خاصة وإنما لضعف خصومهم النظري والحركي. يكفي الكيزان الجلوس في بروش صلاتهم ليتلذذوا بمنظر خصومهم يحرقون أنفسهم كموكب جثث هندوسى عزل نفسه من شعب واطلق النار علي أنصاره الحقيقيين.
ولو سكت معسكر الحياد وفقد الشغف كما يفعل الآن، تتضح له ولخصومه عزلته عن الشعب في أهم واصعب تجربة في تاريخه. وهذه العزلة عن الشعب في خضم محنة تاريخية ستترتب عليها فواتير سياسية صعبة في مستقبل الأيام.
نلاحظ أن أعدادا كبيرة من هذا المعسكر تنازلت وافتت بجواز الفرح بخروج الجنجويد من مدني وسنجة وغيرهما (ثانك يو، لقد كان الشعب حقا في حوجة لهذه الرخصة) .
بدا خيار الحياد أسهل واكثر أمنا وحفظا للطهارة السياسية في البداية مع ما به من خذلان لشعب تم إغتصابه حرفيا ومجازا ولكنه يبدو مكلفا الآن وربما أرتفعت تكاليفه مع مستقبل الأيام لانه – إضافة للعزلة عن فرح الشعب فان هذا الموقف- وفر حبلا غليظا لشنق هذا المعسكر علي مقصلة خصومه ومنافسيه في الساحة السياسية. وسيسأل كثيرون في المستقبل عمن أحرز هذا الهدف في مرماهم إذ هو هدف ذاتي لم يحرزه لا كيزان ولا جيش.
أعتقد أن الفتوي بجواز الفرح بخروج الجنجويد لا تكفي. لان قانون الذكاء الأول يقول بأن تتوقف عن الحفر لو وجدت نفسك مزنوق في بئر. أو إذا أكتشفت أنك في القطار الخطأ عليك النزول في أول محطة لان تاخير النزول سيضاعف مسافة وكلفة العودة.
العبرة هي أن ما يبدو خيارا سهلا في بداية قد يكون الأكثر كلفة في قادم الأيام. وان هناك لحظات تاريخية لا تتوفر فيها خيارات سهلة أو كاملة النظافة. واهم من ذلك أن أسس بيع المخدرات ألا يتعاطي التاجر من البضاعة التي يبيعها لان في ذلك تدميره. كذلك في السياسة، لا تصدق دعايتك عن نفسك ولا عن أعداءك حتي لو كانوا كيزان. بل شيد مواقفك علي التحليل العلمي لا علي أساس دعاية مريحة كالأفيون.
المهم، إحنا فرحانين أوي أوي لا حرج فيها بفرحة الشعب وهزيمة الجنجويد ولا نري في ذلك تماهيا مع كوز أو حكم عسكري وسنظل ندعو للديمقراطية والمدنية وحقوق الإنسان.
ولا نري أن الدفاع عن حق الدولة في الوجود وحق المواطن في السلامة ورفض الغزو الأجنبي – لا نري في أي من ذلك دليلا علي تورط في إبادات حدثت في رواندا في عام ١٩٩٤ أو في أم برمبيطة السودانية في عام ٢٠٢٦.