في المنطقة الحدودية بين ليبيا وتونس سُمح لوسائل الإعلام بالوصول إلى مجموعة من المهاجرين الذين قالوا إن السبل تقطعت بهم منذ حوالي شهر ويعانون من نقص في الغذاء والماء.احتج المهاجرون أمام الكاميرات رافعين لافتات كتب عليها "لا طعام ولا ماء ولا مأوى" كما رددوا هتاف "حياة السود مهمة".

يستمر وصول مئات المهاجرين الأفارقة إلى ليبيا يومياً في ظل درجات حرارة ملتهبة، بعد بدء تنفيذ عمليات طرد جماعي للمهاجرين الموجودين في تونس منذ أوائل شهر تموز/ يوليو وفقاً لما تقوله الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية.

في المنطقة الحدودية بين ليبيا وتونس وتحديداً في منشأة لحرس الحدود الليبية، سُمح لوسائل الإعلام بالوصول إلى مجموعة من المهاجرين الذين قالوا إن السبل تقطعت بهم منذ حوالي شهر ويعانون من نقص في الغذاء والماء.

احتج المهاجرون أمام كاميرات الصحافة رافعين لافتات كتب عليها "لا طعام ولا ماء ولا مأوى" كما رددوا هتاف "حياة السود مهمة".

يأمل مبارك آدم محمد، وهو مهاجر من السودان، أن تجد المنظمات الدولية حلاً طارئاً لوضعهم.

مهاجرون رحلوا من تونس إلى الحدود مع ليبياAP Photo/Yousef Murad

في الأسبوعين الماضيين، قال حرس الحدود الليبيون إنهم أنقذوا مئات المهاجرين الذين نقلتهم السلطات التونسية إلى الحدود، على بعد 150 كيلومتراً جنوب غرب طرابلس.

في رأس جدير، يقيم في المخيم حتى اللحظة 350 مهاجراً، بينهم 65 طفلاً و 12 امرأة حامل.

طُرد مئات المهاجرين الأفارقة من صفاقس في وسط شرق تونس -التي تعتبر نقطة الانطلاق الرئيسية للهجرة غير النظامية إلى أوروبا- في أعقاب اشتباكات أودت بحياة مواطن تونسي في أوائل شهر تموز/ يوليو.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الشرطة التونسية "طردت" ما لا يقل عن 1200 مهاجر أفريقي وتركتهم على الحدود مع ليبيا شرقاً والجزائر غرباً.

ووفقاً لمنظمات إنسانية في ليبيا، لقي 17 شخصاً على الأقل حتفهم في الصحراء بين ليبيا وتونس في الأسابيع الثلاثة الماضية.

وفي الوقت الذي اعترف فيه وزير الداخلية التونسي  كامل الفقي بأن مجموعات صغيرة من المهاجرين من جنوب الصحراء يعاد إرسالها إلى المناطق الحدودية الصحراوية مع ليبيا والجزائر أثناء محاولة دخول البلاد، إلا أنه وصف حديث الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية والمهاجرين أنفسهم عن سوء المعاملة بـ"المزاعم الكاذبة"، وقال الوزير لوكالة أسوشيتد برس يوم الأربعاء إنه في الوقت الذي لا تنتهج فيه تونس الطرد الـ"جماعي" للمهاجرين، فإن المجموعات الصغيرة التي تحاول دخول تونس تُعاد إلى المنطقة المقفرة الصحراوية العازلة بين البلدين.

ولطالما تحدث المهاجرون عن حالات الابتزاز والتعذيب والاغتصاب والاعتداء الجنسي في مراكز الاحتجاز الليبية.

قصة باتو وعائلته.. مثال صارخ

يقول باتو بصوت خافت، وهو يتأمل على شاشة هاتفه المحمول صورة له مع زوجته وابنته وعلى وجوههم ابتسامة، "هذه المرة الأخيرة التي كنا فيها نحن الثلاثة سعداء".

بعد بضعة أشهر من التقاط الصورة العائلية، حطمت صورة أخرى حياة باتو، المهاجر الكاميروني في ليبيا، واسمه الحقيقي مبينغي نيمبيلو كريبن. فقد عرض عليه صديق صورة مروعة لجثتي زوجته العاجية فاتي دوسو (30 عاما) وابنتهما ماري (6 سنوات) ممدّدتين في الرمال بعد أن انفصل عنهما خلال رحلة عبر الصحراء بين تونس وليبيا.

حدث ذلك في 19 تموز/يوليو.

بعد سبع سنوات في ليبيا كسب خلالها رزقه من مهنة الدهانة، قرر باتو مغادرة مدينة زوارة (120 كم غرب طرابلس) إلى تونس مع فاتي وماري. لكنهم لم يتمكنوا من عبور المركز الحدودي لافتقارهم إلى وثائق قانونية.

المهاجر باتوفيديو أ ف ب

على عكس الآلاف الذين يسعون للهجرة بصورة غير قانونيّة إلى أوروبا، لم يشأ باتو وعائلته عبور البحر الأبيض المتوسط من الساحل التونسي إلى إيطاليا.

كانت أولوية الوالدين إلحاق ماري بمدرسة "تعلم اللغة الفرنسية" لأن الطفلة "منذ ولادتها لم تذهب إلى المدرسة أبداً"، كما يقول والدها لوكالة فرانس برس في إحدى ضواحي طرابلس، مشيراً إلى أن مهاجرين أفارقة آخرين قالوا له إن ذلك ممكن في تونس.

تم اعتراضهم لأول مرة في 13 تموز/يوليو في مدينة بن قردان الحدودية التونسية، وأُعيدوا إلى الصحراء الليبية تحت أشعة الشمس الحارقة، لكنهم توجهوا مجدداً ليلاً إلى تونس.

في الصباح الباكر، التقى باتو وفاتي وماري امرأة وطلبوا منها الماء بعد أربع وعشرين ساعة من العطش، فأشارت لهم إلى المسجد، لكن بعد خمس دقائق، ظهرت الشرطة التونسية مجدّداً.

مقتل 18 شخصا في تحطم حافلة كانت تقل مواطنين ومهاجرين في المكسيك واعتقال السائقأطباء بلا حدود: فرنسا ترحِّل المهاجرين وتستخدم معهم العنف والمعاملة المهينة وغير الإنسانيةفي نيويورك.. لماذا ينام المهاجرون في العراء؟

نُقلت الأسرة الصغيرة إلى مركز للشرطة حيث وجدوا "عشرات آخرين من دول جنوب الصحراء اعترضتهم الشرطة"، بحسب باتو. يضيف باتو: "ضربونا وفتشونا، جلسنا على الرمال تحت الشمس"، قبل أن يُنقلوا إلى مركز آخر "حيث ضربونا قائلين إنهم سيعيدوننا إلى ليبيا"، مشيراً إلى أنه رأى مجموعة أخرى من "حوالى ثلاثين شخصاً من جنوب الصحراء"، يتابع: "أخذوا هواتفنا التي كسروها أمامنا ووثائق هوياتنا"، ثم نُقل مع عائلته والأفارقة الآخرين إلى الحدود في شاحنة، ويضيف: "تركونا قرب خندق قائلين إن علينا العبور والذهاب مباشرة إلى ليبيا. وهددونا بالسلاح. في الصحراء "أصابني الإعياء. سرنا لأربعة أيام، دون أن نأكل أو نشرب. انهرت. كنا الثلاثة نبكي. طلبت مني زوجتي أن أحاول النهوض والمتابعة".

تمكن باتو من إقناع فاتي بمواصلة السير "لمحاولة إنقاذ الطفلة على الأقل"، مضيفاً: "شعرت أن الأمر انتهى بالنسبة لي. طلبت من زوجتي أن تغادر وتتركني".

مر أكثر من أسبوعين، لكن الألم بقي لا يحتمل بالنسبة لباتو.

انتشرت الصورة المروعة لجثتي فاتي وماري حول العالم، في وقت كانت منظمات إنسانية والأمم المتحدة تستنكر "طرد مهاجرين" إلى الحدود مع ليبيا والجزائر، رغم النفي الشديد من السلطات التونسية.

غير أن قصة باتو مختلفة، فهو ليس من بين مئات الأفارقة الذين كانوا موجودين في تونس وطردوا من مدينة صفاقس الساحلية. الواقع أن عائلة باتو كانت في المكان الخطأ في الوقت الخطأ.

نجا باتو بفضل سودانيين قدّما له الماء، فيما ماتت فاتي وماري عطشاً في الصحراء.

المصادر الإضافية • أ ب

المصدر: euronews

كلمات دلالية: منظمة الأمم المتحدة ليبيا صحراء الهجرة غير الشرعية تونس مهاجرون الحرب الروسية الأوكرانية روسيا فرنسا الصين أزمة المناخ فلاديمير بوتين ضحايا النيجر البحر الأسود وسائل التواصل الاجتماعي الحرب الروسية الأوكرانية روسيا فرنسا الصين أزمة المناخ فلاديمير بوتين إلى الحدود إلى لیبیا مع لیبیا

إقرأ أيضاً:

هل من مصلحة تونس تخريب العلاقة بينها وبين سوريا؟

لا يزال بعض التونسيين يشككون في عملية التغيير الكبرى التي تجري حاليا في سوريا، ومنهم من يعتقد بأن مؤامرة حيكت من قبل جهات متعددة للتخلص من بشار الأسد ونظامه. وأحيانا تقرأ مقالات وتطلع على بيانات وتستمع لتعليقات تصيبك بالدوار، وتستغرب قدرة البعض على الإغراق في الخيال إلى درجة تجاوز حدود اللامعقول. ولو طلع عليهم حاكم سوريا السابق، وأعلمهم بصحة الكثير مما قيل عنه وعن نظامه، لما صدقوه، ولحاولوا أن يعيدوه إلى رشده. حتى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لم تسلم من هذا المنزلق، وهو ما بدا واضحا في بيان صدر مؤخرا عن مجلسها الوطني، وحاول رئيسها "رفع الالتباس" للحد من خراب مالطا.

إنها حالة غريبة تكاد لا تصدق، وما يخشى أن يستمر هذا التوجس والتشكيك والخطاب العدائي الذي يستعمله البعض، فتزداد العلاقة بين التونسيين والسوريين تعقيدا، وتطول الجفوة بين شعبين ربطتهما علاقات جيدة منذ فترة طويلة.

حالة غريبة تكاد لا تصدق، وما يخشى أن يستمر هذا التوجس والتشكيك والخطاب العدائي الذي يستعمله البعض، فتزداد العلاقة بين التونسيين والسوريين تعقيدا، وتطول الجفوة بين شعبين ربطتهما علاقات جيدة منذ فترة طويلة
لا يزال مقر السفارة السورية بتونس ينتظر تعيين سفير جديد ليخلف السفير الذي كلفه الأسد قبل بضعة أشهر. ورغم أن وزارة الخارجية التونسية صححت موقفها بعد انحيازها الكامل لصالح النظام المنهار، واتهمت المعارضة بالإرهاب، لم يطرأ في هذا الملف تطورات جديد، واكتفت الجهات الرسمية بمتابعة الشأن السوري من خلال تقارير السفارة التونسية في دمشق. وبدا واضحا أن تونس حاليا ليس لها خيوط تربطها بأطراف سورية يمكن الاعتماد عليها لحماية مصالحها في المستقبل.

ومن المتوقع أن يتم خلال الأيام القادمة تعيين سفير جديد سيكون بالتأكيد تابعا لهيئة تحرير الشام أو قريب منها، وستكون السلطات التونسية مضطرة حسب التقاليد للتعامل معه من أجل تحسين العلاقات الثنائية وحماية مصالح البلدين. عندها لن تكون الأيديولوجية أو الانتماء السابق لأحمد الشرع إلى تنظيم القاعدة عائقا، وإنما ستعمل رغبة الطرفين على طي صفحة الماضي، وتعهد كل منهما بعدم التدخل في شؤون الآخر. لهذا سيبقى العديد من أولئك الذين يعزفون على وتر "الإرهاب القادم" من سوريا ‘لى تونس في حالة تسلل، أو يضعون أنفسهم في تعارض مع سياسة الدولة ومصالح تونس.

ليس القصد من هذا السياق لجم الصحفيين والسياسيين، ومنعهم من التطرق للملف السوري، فذلك أمر مشين لا ينصح به، ولكن المطلوب هو التعامل مع الحالة السورية بدون أفكار مسبقة. فسوريا تمر بظروف صعبة، وبقدر ما فيها من مخاطر وتحديات، هناك أيضا مؤشرات إيجابية عديدة وفي غاية الأهمية. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر استقبال القائد العام للإدارة الجديدة فاروق الشرع، نائب الرئيس السابق بشار الأسد، ودعوته للمشاركة في الحوار الوطني، الذي سيحضره ممثلون عن مختلف مكونات الشعب السوري. والجميع يعرفون وزن فاروق الشرع، وأهمية مشاركته في الفترة الحساسة في لقاء سيحدد طبيعة المرحلة القادة من مستقبل سوريا.

وقد لقيت هذه المؤشرات استحسانا واسعا من قبل الكثيرين من داخل الشام ومن خارجه، فليس من المنطقي أن يتعمد بعض التونسيين رغم ذلك إلى حجب هذا الجانب المشرق من المشهد، ويواصلون الحديث عن الأوضاع السورية بنفس الأسلوب الشاذ والمحشو بكثير من الأخطاء والمغالطات. وبدل أن يراجع هؤلاء خطابهم السابق، يصرون على خلط الأوراق والمعلومات من أجل ضرب خصوم لهم في الداخل لا علاقة لهم بما يجري في دمشق.

سوريا تمر بظروف صعبة، وبقدر ما فيها من مخاطر وتحديات، هناك أيضا مؤشرات إيجابية عديدة وفي غاية الأهمية
فقصة التونسيين الذين باعوا أنفسهم لداعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة، لا يمكن اعتمادها لفهم الصراع الدائر في تونس بين السلطة ومعارضيها، أو لتلغيم العلاقات التونسية السورية التي يجب الدفع بها نحو الانفتاح والتعاون.. فهذه الورقة أصبحت محروقة وفاقدة للمصداقية وغير مقنعة، إذ هناك متغيرات تثبت العكس تماما. فالعداء أصبح مستحكما بين هذه الجماعات وبين "هيئة تحرير الشام"، ولا يوجد مؤشر واحد يؤكد وجود خطة لدى القيادة السورية الحالية تهدف إلى الإضرار بتونس ومصالحها، هذه فكرة وهمية يجب طردها من الأذهان وعدم التأسيس عليها.

فاستقبال السفير السوري الجديد في الدوحة لممثل حركة النهضة يجب ألا يفهم بكونه عملا عدائيا ضد النظام التونسي، وإنما يمكن تفسيره بكونه انفتاح من قبل السلطة الجديدة في دمشق على مختلف الدول والحركات، خاصة تلك التي أيدت ما حدث ووصفته بالثورة المباركة مثلما فعل راشد الغنوشي في رسالة التهنئة، بل ذهب إلى أكثر من ذلك عندما تحدث عن أحمد الشرع باعتباره "القائد الصامد". لكن مع ذلك، لم يصدر بيان من شأنه أن يمس من تونس ومن أمنها القومي، إذ سبق لأحمد الشرع أن استقبل مسؤولا تركيا رفيع المستوى، وكان مصحوبا بشخصية من مصر محكوم عليها بالإعدام، ومع ذلك اكتفت القاهرة بتسجيل الحدث دون أن تجعل منه قضية لإحداث أزمة دبلوماسية مع السلطات السورية الجديدة، خاصة وقد سبق لأحمد الشرع أن قال في تصريح له إن الثورة السورية انتهت و"لن نسمح بتصديرها".

يجب بناء الثقة بين تونس وسوريا، دون أن يعني ذلك التخلي عن الحذر وعدم الانتباه لم قد يحدث في الطريق. يقول المثل التونسي "اقرأ سورة ياسين وأمسك بيدك حجرا "، فالشام بلد عزيز على قلوب التونسيين.

مقالات مشابهة

  • توقيف مهاجرين بتهمة "ممارسة شعائر دينية" دون ترخيص في تونس
  • «الداخلية» تكثف دورياتها لتأمين الحدود مع تونس وتلقي القبض على متهم بالقتل في «غريان»
  • إنقاذ عشرات المهاجرين في صحراء الحمادة الحمراء
  • هل من مصلحة تونس تخريب العلاقة بينها وبين سوريا؟
  • مقتل 8 مهاجرين بانقلاب قارب في اليونان
  • ترامب يتعهد بإغلاق الحدود أمام المهاجرين غير الشرعيين
  • ليبيا تختتم مشاركتها باجتماعات «الاتحاد الإفريقي» في تونس
  • أهمية تحرير منطقة الزرق لفك الحصار عن الفاشر
  • نائب رئيس اللجنة البارالمبية: الرياضة مهمة جدًا في تغيير حياة ذوي الإعاقة
  • 5 أبراج فلكية تحب الصحراء والتخييم في الغابات.. بتدور على الرعب