فورين بوليسي: اختراق الدفاعات الروسية الحصينة عصي على أوكرانيا
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
أفاد مقال نُشر في مجلة فورين بوليسي الأميركية أن التاريخ العسكري يوحي بأن الهجوم المضاد الذي تشنه أوكرانيا حاليا ضد الجيش الروسي يعد أكثر صعوبة مما يدركه عامة الناس.
ولكي يتسنى للجيش الأوكراني تحقيق هدفه على النحو المرسوم في السياسة المعلنة لكييف، والمتمثل في استعادة كل الأراضي التي استولت عليها روسيا منذ عام 2014 -بما في ذلك شبه جزيرة القرم- فسيتعين عليه إنجاز واحدة من أصعب المهام العسكرية وهو اختراق مواقع القوات الروسية الحصينة والمجهزة جيدا، كما يشير المقال.
ثم ينبغي على الأوكرانيين بعد ذلك العمل على إيجاد مساحة للمناورة، إما بالتحرك سريعا نحو رقعة جغرافية مهمة مثل بحر آزوف، أملا في الكشف عن موقع وجود فلول الجيش الروسي على طول الطريق، أو محاولة تطويق أعداد كبيرة من القوات الروسية بغية "إبادتها"، وفق باري بوسن أستاذ العلوم السياسية في برنامج الدراسات الأمنية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، في مقاله بالمجلة.
الخوف من حرب استنزاف طويلةويحذر الكاتب من أن إخفاق حملة عسكرية من هذا القبيل سيعني أن أوكرانيا ربما تتجه لخوض غمار حرب استنزاف طويلة "مشؤومة" تضعها في مواجهة دولة ذات تعداد سكاني أكبر.
وترغب أوكرانيا، بطبيعة الحال، في تجنب حرب استنزاف وذلك من خلال إحداث اختراق ناجح في حملتها العسكرية الراهنة، وفق ما يشير إليه بوسن، قبل أن يستدرك قائلا إن التاريخ العسكري يؤكد أن التحديات التي تنطوي عليها مثل هذه الحملات تكتنفها مشقة أكثر مما ظل فهمه شائعا، على الأقل وسط عامة الناس في الغرب.
وقد برزت مشكلة الاختراقات العسكرية إبان الحرب العالمية الأولى، عندما أصبحت الدول الأوروبية مكتظة بالسكان بما يكفي للدفاع عن جبهات ممتدة على طول حدودها بأكملها في بعض الحالات. وساعدتها في مجهودها الحربي التحسيناتُ الهائلة التي طرأت على قوتها لإطلاق النيران من حيث مداها، ودقتها وقدرتها الفتاكة.
وفي بواكير الحرب العالمية الثانية، أتاح الأداء المتقن للدبابات والطائرات المقاتلة وأجهزة اللاسلكي للمهاجمين المهرة التغلب على دفاعات العدو، إلا أن المدافعين توصلوا -بمرور الوقت- إلى طرق لاستغلال نفس الأدوات المتاحة.
ويعتقد بوسن أن من الدروس المستقاة من الحربين العالميتين أن القتال ما لبث أن تحول إلى معارك استنزاف وحشية ودموية.
منظومة دفاعية روسية مكثفةولعلنا نلاحظ في نطاق الحد الذي يسمح به المقاتلون -يضيف الأكاديمي الأميركي في مقاله- أن محاولات أوكرانيا لمعالجة بعض الأمور الحربية -خاصة المشكلة التي تتعلق بأول اقتحام لدفاعات العدو، وكما هو معروف الآن للجميع- يمنعها ما يقوم به الروس الذين أعدوا منظومة دفاعية مكثفة وبمواصفات عالية، حيث تعمل حقول الألغام والخنادق العميقة المضادة للدبابات، والعوائق الخرسانية على إبطاء تقدم المهاجمين.
وعندما تعلق وحدة أوكرانية في عائق أو حقل ألغام، تطلق المروحيات الروسية صواريخ لتعزيز دفاعاتها. ونظرا لأن الطيارين الروس يتبعون تكتيكات التحليق على ارتفاعات منخفضة، وبسبب المدى الذي تبلغه أسلحتهم المضادة للدبابات، تصبح هذه المروحيات عصية على الدفاعات الجوية الأرضية الأوكرانية.
وهكذا -يقول بوسن- تعمل تلك العوائق والنيران على إبطاء تقدم المهاجمين الأوكرانيين، ومن ثم، تدميرهم.
ولا يبدو -بنظر كاتب المقال- أن ترسانة المدفعية وقاذفات الصواريخ والطائرات المسيرة الأوكرانية قادرة أصلا على تدمير الدفاعات الروسية، "غير أن الحملة الراهنة وحدها يمكنها الإجابة عن هذا السؤال".
الروس زادوا عدد قواتهموفي تقييم أولي، يبدو أن عدد القوات الروسية القليل على الأرض أشاع الأمل بشن هجمات ناجحة ضدها. ووفقا لحسابات بوسن في مقاله، فقد بدأ الروس الحرب ربما بنحو 40 لواءً عسكريا، تعرض بعضها للاستهداف، في حين عانى معظمها من استنزاف كبير. لكن استدعاء قوات الاحتياط الروس في خريف عام 2022 سمحت لهم بحشد قوتهم القتالية.
ولعل الروس قد أضافوا وحدات قتالية إلى قواتهم في أوكرانيا، وفق الكاتب، الذي استشهد بتصريح القائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا الجنرال الأميركي كريستوفر كافولي في أبريل/نيسان، جاء فيه أن القوات الروسية في أوكرانيا باتت أقوى مما كانت عليه في بداية الحرب.
وقال بوسن إن كافولي لم يقدم أرقاما، "لكنني سمعت أن أعدادهم تصل إلى 300 ألف جندي مقارنة بـ200 ألف في بداية الحرب".
هجومان على آزوف وباخموتولا يزال الهجوم الصيفي للقوات الأوكرانية في بواكير أيامه، ويعتقد الكاتب أنه حتى كتابة سطور مقاله هذا فإن الأوكرانيين يتقدمون فيما يبدو أنه هجوم كبير يستهدف بحر آزوف، إلى جانب هجوم آخر مساند حول مدينة باخموت.
وحتى إذا بدأت هذه العملية في اكتساب زخم، فإنه ما يزال هناك مشكلتان رئيسيتان يتعين على الأوكرانيين مواجهتهما، وفق مقال فورين بوليسي؛ وهما قوات الاحتياط التكتيكية الروسية المنتشرة في طريقهم، وقوات الاحتياط العملياتية الروسية التي قد تتجمع لشن هجمات مضادة على امتداد الجبهات الأوكرانية.
وفي ختام المقال، يستدرك الكاتب قائلا إن التاريخ يشي بأن هذه العمليات تتطلب الكثير من العتاد والتخطيط والمهارات العسكرية، "لكن لا ينبغي أن يتفاجأ المراقبون إذا تمخض هذا الهجوم الأوكراني عن نجاح جزئي في أحسن الأحوال".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القوات الروسیة
إقرأ أيضاً:
خبير علاقات دولية: الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة.. والتسوية السلمية بعيدة
قال الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية، إن الحرب الروسية الأوكرانية مستمرة، وفرص التسوية السلمية تبدو بعيدة في المدى المنظور، مؤكدًا أننا أمام تصعيد متزايد في هذه الحرب.
بايدن يسعى لوضع ترامب في موقف صعبوأضاف أحمد، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «كل الزوايا»، مع الإعلامية سارة حازم طه، والمذاع على قناة «أون»، أن الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، يسعى لوضع سلفه دونالد ترامب في موقف صعب، خصوصًا بعدما صرح ترامب بأنه قادر على إنهاء الحرب في أيام معدودة، منوها بأن بايدن أعطى الضوء الأخضر للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لاستخدام صواريخ بعيدة المدى قادرة على استهداف العمق الروسي بمدى يصل إلى 300 كيلومتر.
وأكد أحمد سيد، أن استخدام هذه الصواريخ قد لا يكون واسع النطاق، إذ يدرك الجميع أن ذلك سيقابل برد قاسٍ من روسيا، التي تعد قوة عسكرية عظمى توازي الولايات المتحدة، موضحًا أنه خلال أكثر من عامين ونصف من عمر الأزمة، ورغم الدعم العسكري الغربي الذي تجاوز 150 مليار دولار، لم يتمكن الغرب من تغيير ميزان القوى لصالح أوكرانيا.وأوضح أن الغرب يدرك أن استمرار الحرب يخدم مصالحه، حيث يساعد على تنشيط صناعة الأسلحة الأمريكية، ورفع الإنفاق العسكري الأوروبي، وتعزيز «الفزاعة الروسية»، مشيرًا إلى أن هذه الأهداف تتعارض مع توجهات ترامب، الذي يفضل الصفقات على استمرار الصراعات.