تشو شيوان

يُعد مهرجان قوارب التنين، أو ما يسمى بالصينية "دوان وو" أحد أهم الأعياد التقليدية في الصين ودول شرق آسيا الأخرى، ويصادف هذا المهرجان اليوم الخامس من الشهر الخامس من التقويم القمري أي ما يعادل أواخر مايو أو يونيو من التقويم الميلادي، ويصادف هذا العام الإثنين، 10 يونيو 2024 لهذا أقيمت الاحتفالات الكبيرة والضخمة في جميع أنحاء الصين.

ففي العاصمة بكين تقام أكثر من 2000 فعالية، تشمل الأسواق المفتوحة وعروض التراث الثقافي غير المادي، والعادات المحلية، وفي هوتشو بمقاطعة تشجيانغ، تُقام بعض العروض البهلوانية، وهي من التراث الثقافي غير المادي للمدينة، وفي منطقة تشانغ جيا جيه السياحية بمقاطعة هونان، يؤدي الفنانون رقصة التنين، وهذه "التنانين" مصنوعة من القماش لتسهل على الراقصين تأدية رقصاتهم البهلوانية والاستعراضية، وفي مدينة ووهان بمقاطعة هوبي يمكن للسياح ارتداء الأزياء التقليدية والمشاركة في بعض الألعاب القديمة والتقاليد المحلية وبهذه الأيام تتزين الصين بزينة القوارب لتشعر أنك وسط مهرجان ضخم وكبير ينقلك في رحلة عبر الزمن والأساطير. مسقط رأس الشاعر البطل تشيو يوان.

إن مهرجان قوارب التنين له أصول عريقة حيث تُحيط بالمهرجان العديد من الأساطير والحكايات، أشهرها قصة الشاعر الوطني "تشو يوان"فقد عاش "تشو يوان" في عصر الدول المتحاربة والذي ولد في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي وكان يُعرف بوطنيته وإخلاصه لمملكته، وتحكي الأسطورة أنه في عام ألفين وثمانية وسبعين قبل الميلاد، في اليوم الخامس من الشهر القمري الخامس، وفقا للتقويم الصيني التقليدي، قفز تشيو يوان إلى نهر ميلو بمقاطعة هونان وأغرق نفسه، عندما علم أن الأعداء قد سيطروا على وطنه. وبعد موته، ألقت الجماهير لفائف الأرز الدبق المعروفة بالدزونغ دزه، حتى تأكله الأسماك لحماية جسد الشاعر. وقد وأصبحت لفائف الدزونغ دزه أحد المأكولات الرئيسة في هذا العيد وهي عبارة عن كرات من الأرز اللزج ملفوفة بأوراق الخيزران، ترمز إلى "تشو يوان" وإلقاء الأرز في النهر، وتجتمع العائلة لتحتفل بهذا المهرجان وتناول لفائف الدزونغ دزه مع بعضهم البعض.

ويُعدّ سباق قوارب التنين من أهم فعاليات المهرجان، حيث تتنافس فرق من مختلف أنحاء العالم في سباقات مُثيرة للقوارب المزينة برؤوس التنين، وتُضفي قرع الطبول وحركات المُجدفين المُتناسقة جوًا من الحماس والتشجيع على ضفاف الأنهار والبحيرات، وهذه أهم طقوس الاحتفال بالمهرجان وتنظم العديد من المدن والقرى سباقات وبطولات محلية لسباق قوارب التنين، وبجانب سباقات القوارب، تتضمن فعاليات المهرجان العديد من العادات والتقاليد الأخرى، مثل تعليق أوراق "عشبة النار" وتُعلق هذه الأوراق على أبواب المنازل لدرء الأرواح الشريرة وجلب الحظ السعيد كما يعتقد الصينيون، بالإضافة لإقامة رقصات التنين المبهرة في مختلف أنحاء البلاد، تجسّد قوة وحيوية التنين، وقد اشتهرت هذه الرقصات وأصبحت رمزاً ثقافياً صينياً تجده أينما تجد احتفالاً صينياً في جميع أنحاء العالم.

وخلال السنوات الماضية أصبح مهرجان قوارب التنين مهرجان ثقافي عالمي يتخطى حدود الصين ليُصبح مهرجانًا ثقافيًا عالميًا يُحتفل به في العديد من الدول حول العالم، فهو يُمثل فرصةً رائعة للتعرف على الثقافة الصينية العريقة وتقاليدها المُميزة، كما يُعزز روح التعاون والمثابرة بين أفراد المجتمع خصوصاً وأن سباق القوارب يرمز للعمل المشترك بين أعضاء الفريق ولو عدنا للأسطورة فإن مشاعر حب الوطن والتفاني من أجله مازالت حاضرة في جميع تقاليد المجتمع وتجدها حاضرة في جميع الاحتفالات والمسابقات المصاحبة، ومازالت اسطورة الشاعر الوطني اسطورة ملهمة للأجيال لكونها تجسيداً حقيقياً لمعنى البطولة، وفي نظر الصينيين جميعاً يُعتبر تشو يوان بطلاً حقيقياً وكانت تضحيته ملهمة لشعبه وتكريماً لتضحيته يحتفل الصينيون كل عام بمهرجان قوارب التنين ويسترجعون إرثهم وموروثهم التاريخي الكبير.

ويُعدّ مهرجان قوارب التنين مزيجًا فريدًا من التاريخ والتقاليد والرياضة، حيث يُتيح للمشاركين فرصةً للخوض في تجربة ثقافية غنية واكتشاف عادات وتقاليد عريقة تُشكل جزءًا هامًا من الهوية الصينية، وأردت من خلال هذا الطرح أن أنقل للقارئ العربي صورة من صور الثقافة الصينية العريقة التي تخلد ذكريات أساطير الأمة الصينية، والأمة الصينية مازالت متمسكة بعاداتها وتقاليدها التاريخية العريقة وتتوارث هذه العادات الأجيال المتعاقبة، ولهذا نفخر نحن الصينيين بأساطيرنا وأسطوراتنا ونحاول جاهدين المحافظة على تقاليدها ومعانيها العميقة، ومن الجميل أن أجد نافذه أشارك فيها الأصدقاء العرب جانباً من ثقافتنا وتاريخنا الصيني الذي نفتخر به ونريد مشاركته للعالم لكونه تاريخاً ملهماً إنسانياً وحضارياً ووطنياً، ومن الجميل أن نجدد مثل هذه المعاني ونجدد روحها في نفوس شعوبنا وأمتنا، ونتشارك مع الآخرين قصصهم الأسطورية الملهمة التي ساهمت بشكل ما في رفعة حياتهم وتحسينها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خبير: مشادة ترامب وزيلينسكي غير مسبوقة واللقاء خرج عن الأعراف والتقاليد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية، أن المشهد الذي دار أمس بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي داخل البيت الأبيض كان غير مسبوق حتى في التاريخ الحديث.

وأوضح «سيد أحمد»، خلال مداخلة عبر شاشة «القاهرة الإخبارية»، أن البيت الأبيض شهد مئات اللقاءات بين الرؤساء الأمريكيين وقادة العالم، لكن ما حدث كان خروجًا كاملًا عن الأعراف والتقاليد الدبلوماسية.

وأشار، إلى أنه عادة ما تُجرى المؤتمرات الصحفية في اللقاءات الرسمية أمام الإعلام وفقًا لاتفاقات مسبقة حول التصريحات العلنية، مواصلا: «ترامب فاجأ العالم بمشهد غير مسبوق يعكس تطورات دراماتيكية».

وذكر، أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، المسؤول عن العلاقات الخارجية، التزم الصمت ولم يتدخل بأي كلمة أو تصريح خلال هذا اللقاء.

وأكد أن ترامب يرى زيلينسكي عقبة أمام تحقيق وعوده الانتخابية بإنهاء الحرب الأوكرانية سريعًا وتحقيق السلام في أوكرانيا، حيث كان قد وعد بإنهاء الحرب في أيام.

مقالات مشابهة

  • أسواق الرياض الشعبية .. تقاطع الثقافة والتقاليد في رمضان
  • بعد مأساة الغرق.. باكستان تفرض قيودًا على سفر مواطنيها إلى دول بينها ليبيا
  • دعوات لمقاطعة منتجات مشهورة في شهر رمضان
  • إجمالي معاملات التجارة الدولية الصينية تتخطى 4 تريليونات يوان في يناير الماضي
  • خبير: مشادة ترامب وزيلينسكي غير مسبوقة واللقاء خرج عن الأعراف والتقاليد
  • لقاء خرج عن الأعراف والتقاليد.. خبير: مشادة ترامب وزيلينسكي غير مسبوقة
  • الصين.. مقتل 11 شخصًا في حادث اصطدام قارب بسفينة صناعية
  • السيارات الصينية تنتشر في جنوب العالم
  • إنتركونتيننتال مسقط يقدم تجربة رمضانية تجمع بين الفخامة والتقاليد
  • في هندية كربلاء.. ذاكرة تتحدى الزمن بمقاه تقليدية (صور)