أنيس النقاش والاستشراف المستقبلي: اليوم التالي للصلاة في المسجد الأقصى
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
في جريدة الأخبار بتاريخ 30 حزيران/ يونيو 2020 (أي قبل أربع سنوات تقريبا) كتب المناضل والمفكر الراحل الأستاذ أنيس النقاش مقالا تحت عنوان: اليوم التالي للصلاة في المسجد الأقصى، وأتذكر أنني عندما قرأت عنوان المقال آنذاك استغربت ذلك واعتبرت أن هذا المقال قد يكون جزءا من التعبئة المعنوية أو التوقع البعيد المنال، خصوصا أن الأستاذ أنيس النقاش كان دائما في مقابلاته وكتابته يحاول بث الروح الإيجابية على الصعيد العام في مواجهة التحديات التي تواجه العالم العربي والإسلامي.
وكلنا نتذكر أنه في العام 2020 كان لبنان يواجه تطورات سياسية واقتصادية خطيرة، في حين أن العالم العربي والإسلامي لم يكن في وضع إيجابي بسبب الصراعات السياسية والمذهبية، كما أن الواقع الفلسطيني كان يعاني من الكثير من التحديات رغم تنامي قدرة المقاومة.
لكن اليوم عندما نعود لقراءة المقال مجددا على ضوء التطورات الحاصلة منذ معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة وتداعياتها المستمرة دون توقف إلى اليوم، نكتشف أن الأستاذ أنيس النقاش لم يكن يحلم أو يتحدث عن توقعات غير صحيحة، بل كان يستشرف المستقبل بعمق وبناء على معلومات دقيقة، وإن كانت التطورات حصلت دون أن يستطيع أحد أن يتوقع أسلوبها ونتائجها بهذه السرعة، رغم أنه صدرت العديد من الكتب والدراسات التي تتحدث عن نهاية الكيان الصهيوني وأزماته الكثيرة وتغير الواقع لمصلحة الشعب الفلسطيني ومقاومته.
أدت هذه المعركة إلى تداعيات كبيرة وخطيرة على هذا الكيان وعلى كل المنطقة والعالم، وهناك حالة رعب وخوف كبيرة من سقوط هذا الكيان، مما دفع أمريكا والعديد من الدول الغربية وللأسف بعض الدول العربية للعمل لمنع انتصار المقاومة وتحقيقها الانتصار، بل هناك جهود كبيرة تبذل لفرض الهزيمة على قوى المقاومة ودفعها للقبول بالشروط الأمريكية والإسرائيلية
لكن ما أبرز ما أشار اليه الأستاذ أنيس النقاش في مقالته المهمة آنذاك؟ وكيف نستفيد من هذه المقالة اليوم في مواجهة التحديات والتطورات الحاصلة منذ طوفان الأقصى إلى اليوم؟
في هذا المقال كتب النقاش: "لا يكاد أسبوع يمرّ على صحافة العدو الصهيوني أو مراكز أبحاثه أو حتى ما يمكن أن يصدر عن المسؤولين الأمنيين فيه، ولا تصدر عنهم دراسة أو مقالة أو تصريحات، تتحدث عن احتمالات وأبعاد ونتائج الحرب المقبلة. فالعدو، ومنذ النتائج الكارثية لحرب تموز/ يوليو (2006)، وهو يعدّ العدّة لخوض حرب لا تعيد له قدرة الردع، بل كما يعلن هو تؤدّي إلى القضاء على المقاومة بشكل كامل، لأنه وصل إلى قناعة تقول إن أيّ إضعاف للمقاومة لا معنى له، ذلك أنّ التجربة أثبتت أنّها تستعيد قوّتها، بل تضاعف منها بدعم الحلفاء وبهمّة أبنائها.
التوقّعات لم تعد تنحصر باحتمالات وضرورات خوض هذه الحرب، بل إنّ العدو نفسه بدأ يتحدث عن تهديدات وجودية تواجه الكيان الصهيوني، وبالتفاصيل راح يتحدث عن القدرات الدقيقة لصواريخ المقاومة وقوتها التدميرية، التي تسمح لها بأن تدمر كلّ البنى التحتية بدقّة عالية، وبأن تسيطر حتى على مساحات من أراضي فلسطين المحتلة. ولذلك، بدأت قوات العدو بإجراء مناورات تحاكي عملية تحرير شمال فلسطين من قوات حزب الله، ما يعني اعترافاً ضمنياً بإمكان تحقّق ذلك".
وأضاف النقاش في مقاله الاستشرافي: "إذا ما أضفنا إلى الجبهة الشمالية لفلسطين -وهي جبهة جنوبيّ لبنان- الجبهة الجنوبية لفلسطين وهي جبهة شمال غزة، التي أثبتت ليس فقط قدرتها على الصمود، بعد حروب صغيرة عدّة ولكن مدمّرة شنّتها قوات العدو الصهيوني، بل إنها استطاعت لمرّات عدّة أن تفرض إرادة وقف إطلاق النار على العدو، من دون أن يستطيع تحقيق أهدافه، ما يُثبت قدرتها على الردع. كما أن استعداداتها التي يرصدها العدو ويعترف بها، تؤكّد قدرتها على شنّ عمليات هجومية نوعية وكبيرة على الجبهة الجنوبية" (وهذا ما حصل فعلا في معركة طوفان الأقصى ولا يزال مستمرا إلى اليوم).
وفي المقال أيضا الحديث عن المخاطر والتهديدات الاستراتيجية التي تواجه العدو الصهيوني، وخصوصا على مستوى البيئة الاستراتيجية وما هو المطلوب من قوى المقاومة من أجل العمل والتحضير لاحتمال سقوط هذا الكيان، والقدرة على تحرير المسجد الأقصى وتداعيات ذلك.
أهمية العودة إلى هذا المقال الاستشرافي ما نشهده اليوم من تطورات مهمة على صعيد الصراع مع الكيان الصهيوني، سواء على أرض المعركة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة أو على صعيد جبهات المساندة في لبنان واليمن والعراق، وصولا لتداعيات هذه المعركة على الصعيد العربي والإسلامي وعلى الصعيد العالمي، أو ما يجري داخل الكيان الصهيوني من تطوات سياسية وعسكرية وامنية واقتصادية هامة.
فقد أدت هذه المعركة إلى تداعيات كبيرة وخطيرة على هذا الكيان وعلى كل المنطقة والعالم، وهناك حالة رعب وخوف كبيرة من سقوط هذا الكيان، مما دفع أمريكا والعديد من الدول الغربية وللأسف بعض الدول العربية للعمل لمنع انتصار المقاومة وتحقيقها الانتصار، بل هناك جهود كبيرة تبذل لفرض الهزيمة على قوى المقاومة ودفعها للقبول بالشروط الأمريكية والإسرائيلية والاستسلام للعدو.
الواضح من خلال قراءة كل التطورات والمجريات الحاصلة في قطاع غزة (بعد أكثر من ثمانية أشهر على بدء الحرب)، ومن خلال مراقبة ما يجري على كل الجبهات المساندة وفي كل العالم. إننا اليوم نتجه إلى مرحلة جديدة كبرى
لكن من الواضح من خلال قراءة كل التطورات والمجريات الحاصلة في قطاع غزة (بعد أكثر من ثمانية أشهر على بدء الحرب)، ومن خلال مراقبة ما يجري على كل الجبهات المساندة وفي كل العالم. إننا اليوم نتجه إلى مرحلة جديدة كبرى، وأن تحرير فلسطين، كل فلسطين، وتحرير المسجد الأقصى والقدس ليس احتمالا بعيدا، بل هو توقع ممكن وطبيعي في حال تم اتخاذ القرار بذلك من قبل قوى المقاومة، وأن نتائج هذه الحرب ستكون مزلزلة وخطيرة، ولذلك لا بد من التخطيط لليوم التالي للحرب وكيفية استثمار الانتصار القادم والتفاعل مع كل التطورات والمتغيرات الحاصلة في العالم العربي والإسلامي وعلى الصعيد الدولي، وخصوصا على الصعيد الفلسطيني.
كل ذلك يفرض وضع برنامج متكامل في كيفية مخاطبة العالم وإقامة دولة فلسطين الحرة، وإيجاد خطاب عربي وإسلامي قادر على مخاطبة احرار العالم وملاقاتهم في نضالهم من أجل فلسطين الحرة. وفي الوقت نفسه من المهم مخاطبة الدول العربية والإسلامية ودول العالم التي تواجه اليوم الهيمنة الأمريكية والصهيونية؛ للتأكيد على أننا سنكون أمام مرحلة جديدة تنهي النظام الدولي القديم وتبني نظاما دوليا جديدا يؤمن العدل والحرية للإنسان ولا يسكت عن الظلم والعدوان.
فهل سنكون بمستوى التحديات القادمة؟ وهل يمكن بناء المشروع الفلسطيني والعربي والإسلامي الجديد القادر على مواكبة المتغيرات؟ إنها مهمة صعبة ولكن ليست مستحيلة، وما توقعه الأستاذ أنيس النقاش قبل أربع سنوات يتحقق اليوم، فعل سنكون بمستوى هذه التحديات الكبرى؟
x.com/kassirkassem
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني المقاومة القدس فلسطين المقاومة الصهيونية طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العربی والإسلامی الکیان الصهیونی المسجد الأقصى قوى المقاومة هذا الکیان على الصعید قطاع غزة من خلال على کل
إقرأ أيضاً:
عشرات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال
اقتحم عشرات المستوطنين، اليوم الأربعاء، باحات المسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس الشرقية المحتلة وسط الضفة الغربية، تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا، بأن المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى على شكل مجموعات، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوسا تلمودية، بحماية قوات الاحتلال، موضحة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي شددت إجراءاتها العسكرية عند أبواب البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وفرضت قيودا على دخول المصلين الفلسطينيين.
وفي سياق الأعمال الاستفزازية للاحتلال الإسرائيلي، اقتحمت القوات اليوم شرق مدينة نابلس، حيث اقتحم عدد من المركبات العسكرية منطقة الضاحية، وبلاطة البلد شرق نابلس، وتم مداهمة عدد من المنازل، وتفتيشها والعبث بمحتوياتها.
وأوضحت الوكالة أن قوات الاحتلال احتجزت 4 فلسطينيين لفترة من الوقت، ثم أفرجت عنهم، ولم يبلغ عن اعتقالات، مشيرة إلى أن القوات أغلقت اليوم الشارع الرئيسي الواصل بين محافظتي رام الله ونابلس، مبينة أن الاحتلال أغلق الطريق الرئيسي بين المدينتين من مفترق اللبن الشرقية حتى مدخل بلدة ترمسعيا.
وأشارت إلى أن الاحتلال منع مركبات الفلسطينيين من المرور، بحجة تأمين مسيرة للمستوطنين في الشارع المذكور.
وفي ذات السياق، شددت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم، إجراءاتها العسكرية على حاجز الحمرا العسكري في الأغوار الشمالي، في كلا الاتجاهين، وأعاقت مرور المركبات لوصول المواطنين إلى أماكن عملهم.
يذكر أنه منذ عامين عادت التشديدات العسكرية على الحاجز المذكور، ما رافقه من انعكاسات سلبية على حياة المواطنين، وإعاقة وصولهم إلى أماكن عملهم، والحاجز المقام عند مفترق طرق يربط مدن الضفة الغربية، بالأغوار الفلسطينية، أحد المنافذ الرئيسية التي من خلالها يحاول المواطنون التنقل بين محافظات الضفة الغربية، والأغوار.
وفي سياق متصل، استشهد فلسطيني وأصيب آخر اليوم الأربعاء، إثر استهداف الاحتلال منزلا شرق خان يونس جنوب قطاع غزة.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية بوصول شهيد وإصابة إلى مجمع ناصر الطبي جراء القصف الإسرائيلي على بلدة بني سهيلا، بعد استهداف الطيران الحربي منزلا لعائلة البريم فجر اليوم وسط بلدة بني سهيلا.
كما أصيب فلسطيني من سكان بلدة دير الغصون شمال طولكرم، الليلة الماضية، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالقرب من جدار الفصل والتوسع العنصري المقام على أراضي بلدة زيتا شمال طولكرم.
اقرأ أيضاًعشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي
عشرات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال