محطات الحاج التاريخية في عسير .. تبادل للمنافع واحتفاء بضيوف الرحمن
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
تبادل للمنافع واحتفاء بضيوف الرحمن أبها 06 ذو الحجة 1445 هـ الموافق 12 يونيو 2024 م واس شكلت فريضة الحج منذ آلاف السنين أنماطًا متعددة من التعاون والألفة بين المسافرين إلى الأراضي المقدسة، حيث كانت الطرق محفوفة بالمخاطر سواء من جهة الأمن على الأرواح والممتلكات، أو في جانب توفر الغذاء والماء، مما أنتج علاقات ثقافية واجتماعية وطيدة بين الحاج وسكان القرى التي يمر بها وهو في طريقه لمكة المكرمة.
وباعتبارها إحدى نقاط تجمع الحجاج القادمين من جنوب الجزيرة العربية، وفي مسار عُرف تاريخيًا بـ” طريق الحج اليمني” كانت منطقة عسير إحدى محطات تجمع الحجاج أثناء رحلتي الذهاب إلى الأراضي المقدسة أو العودة منها، حيث يشير الدكتور صالح أبو عراد في كتابه ” تنومة.
.
زهراء السروات” إلى أن طريق السراة الذي كان يسلكه الحجاج يمر بسلاسل المرتفعات الجبلية والقرى الآهلة بالسكان، حيث كان لهذا الطريق محطات استراحة يراعى فيها أن تكون واقعة قرب مصادر المياه، وخلال فترة الاستراحة يتم التبادل التجاري بين الحجاج والأهالي في الحبوب، والتمر، والقهوة، والملابس، ونحو ذلك من السلع، مضيفًا أن تنومة تقع على هذا الطريق فقد اكتسبت شهرة تجارية وتاريخية خاصة منذ القدم، نظراً لموقعها الجغرافي المتميز”.
اقرأ أيضاًالمملكةوزير الخارجية يتلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره البريطاني
ويذكر مؤلف كتاب ” المعالم التاريخية في المجاردة” بلقاسم الربيع، عددًا من المواقع التي اشتهرت قديمًا بمرور الحجاج وتجمعهم فيها للاستراحة والتزود بالطعام والماء، ومن أشهرها الموقع الذي يُعرف لدى الأهالي بـ” حدبة الحاج” وهو من أهم محطات خط سير الحج والعمرة قديما لأهالي محافظة المجاردة حيث تعد “حدبة الحاج” بوادي “لحسر” التابع لمركز “ثربان” نقطة تجمع لكثير من أهالي محافظة المجاردة وسميت بهذا الاسم نسبة إلى ما يفد إليها من الحجاج للراحة والتزود بالغذاء وإطعام الجمال التي تحمل الأثقال فالمتجه إلى مكة المكرمة لقصد الحج والعمرة من أهالي المجاردة والقرى المجاورة لها عندما ينطلق من بيته يستقر به المقام في “حدبة الحاج” ثم ينطلق عبر وادي “عشار” مرورًا بأحد ثربان ثم “خميس حرب” ثم وادي “قنونا” وصولاً إلى “المظيلف” مرورًا بعدة مواقع حتى يصل إلى ميقات” السعدية” ثم ينطلق ليكمل المسيرة عبر المواقع المعلومة حتى يصل إلى مكة المكرمة وفي العودة يسلك نفس المسار الذي سلكه.
ويشير عدد من أهالي مركز” ثربان” الذين التقتهم “واس” في موقع ” حبة الحاج” إلى أن الموقع ما زال يحتوي على آثار ومعالم واضحة من الأبنية الحجرية وموقع الاستراحة، حيث يتم فيه التجمع لتناول الطعام والتزود بمستلزمات رحلة العمر من خلال شراء بعض الاحتياجات من الحجاج القادمين من مختلف القرى، كذلك يحتوي الموقع على مكان يقال له “العشة” وهو مخصص لحفظ الأمانات التي يضعها الحاج فيه لحين عودته من الحج، وذلك تحت حراسة شخص مكلف بذلك لا يبرح المكان حتى عودة صاحب كل أمانة.
واشتهر الموقع قديمًا بكونه مكانًا لتجمع مستقبلي الحجاج عند عودتهم من مكة المكرمة، حيث تقام لهم مراسم استقبال شعبية تتخللها القصائد الترحيبية وأداء الفنون الشعبية التي تعبر عن الفرح بقدومهم.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية
إقرأ أيضاً:
الخيمة في شتاء الجازر ..حنين إلى الماضي واحتفاء بذكريات الترحال
عودة إلى الماضي حين يمر المرء في وضح النهار بين الأحياء السكنية في ولاية الجازر رغم التنمية العمرانية إلا أن الخيمة تسجل حضورها اللافت في فصل الشتاء ليس هروبا من الصحراء وإنما الحنين إلى الماضي الأصيل، إذ الطبيعة البدوية في تلك الأيام لا تتقيد بالمعيشة في منطقة جغرافية معينة ومحددة، وأينما وجد الماء والمرعى تشد الرحال إليهما في رحلات سنوية موسمية عرفها البدو منذ القدم، يقوم بها معظم أهالي محافظة الوسطى يعملون يدا واحدة حيث يرتبط البدو ارتباطا وثيقا بالقبيلة وسننها وأعرافها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ويشتهرون بالترابط الأسري وبالاحترام المتبادل بين بعضهم بعضا وبتعاونهم الوثيق فيما بينهم في إطار المجتمعات المحلية.
جريدة «عمان» خلال زيارتها لولاية الجازر ومع ما تشهده الولاية من مشاريع تنموية وعمرانية إلا أن فصل الشتاء يمثل مناسبة سنوية لنصب الخيام التي تمثل رمز البادية، ففي قلب البدو للخيمة وقع خاص وحب وشجن وحنين غير عادي حيث تمثل له مقام السكن والكرم والضيافة، ويحرص القاطنون في الولاية على غرس هذه العادات والتقاليد الأصيلة في أبنائهم، إذ تكثر التجمعات العائلية بين الأهل والجيران، كما يتسامر الناس ويتجمعون على شبة الضوء وتكون القهوة العربية حاضرة والتمر والحلوى العمانية والتعاليل الشعرية، واستطلعت «عمان» آراء أبناء ولاية الجازر حول ارتباطهم بالخيمة وتمسكهم بالعادات والتقاليد الأصيلة، وحضور الشعر في مثل هذه التجمعات الشتوية.
رمز البادية
قال عبود بن سعود الجنيبي: الخيمة تمثل رمز البادية في الجازر حيث كانت المكان الوحيد الذي يعيش فيه الإنسان ويصطحبها في ترحاله، وفي موسم الشتاء يتم نصب الخيام ليستعيد أهل البادية الماضي ويحرصوا على ترسيخ العادات والتقاليد حيث إنها المكان الوحيد الذي يناسب شبة النار واجتماع الضيوف، ولأن الخيام مصنوعة من الصوف وفيها الدفء من البرد يكثر عليها الإقبال في موسم الشتاء.
وأوضح أن نصب الخيام في الشتاء يعرّف الأجيال بالكثير من العادات والتقاليد الأصيلة ومنها استقبال الضيف وإكرامه واحترام المجالس، وتعتبر الخيمة مدرسة وهوية للعادات الأصيلة، ومن الأبيات الشعرية التي قيلت في الخيمة:
ننصب خيام العز ونكرّم الضيف
والجود بالأجواد عادة أصيلة
خيمة وفيها شبت النار والكيف
والشعر حاضر والمبادئ نبيلة
الكرم والضيافة
وقال سالم بن ربيّع الجنيبي: للخيمة العمانية في قلب البدو وقع خاص وحب وشجن وحنين غير عادي حيث تمثل له مقام السكن والكرم والضيافة عندما كان غير قادر على بناء المنازل العصرية، ولخصوصية سكنها في وجدان المواطن وخصوصا البدو منهم، وبفصل الشتاء يزداد الحنين لها حيث يوقدون بها نار الشتاء التي تضفي جمالية غير عادية على رمسات ليل الشتاء وتعلل الناس بالسوالف عن أحداث الأيام بشكل عام.
وبيّن أن العادات والتقاليد في الحياة البدوية وخاصة بالجازر الكرم والجود والمروة والشهامة والتعاون بين أبناء المجتمع الواحد وبتدريب الأبناء وتعريفهم بها لتنتقل من جيل لآخر فالأب يخبر بها أبناءه وابنه ينقلها كذلك لغيره، وبما أن للخيمة خصوصية ومكانة في نفوس المواطنين في الجازر وغيرها من الولايات البدوية تجد لها حضورا مميزا في القصائد الشعرية ومنها:
أيام ما كانت معانا عمائر
كان السكن منزل حجارة وخيمة
لاشي قصور ولا دعايات تاجر
ونفوسنا من فضل ربي كريمة
ننحر ركاب من طيب نفس وخاطر
ولا نبالي بالظروف العظيمة
أحوالنا في خير والرب ساتر
النفس مجد وعز والسكن خيمة
رمز الأصالة
وقال يعقوب بن حبيب الجنيبي: ارتبط سكان ولاية الجازر منذ القدم في الحياة البدوية وعاشوها في جميع تفاصيلها من تربية المواشي مثل الإبل والأغنام إلى السكن في الخيام البدوية وبيوت الحجر والطين إضافة إلى الفنون البدوية التي يمارسونها في المناسبات والأعياد، وتعتبر الخيمة البدوية رمز الأصالة والكرم البدوي والعادات الحميدة المتأصلة في نفوس أبناء البادية، أما عن انتشارها في فصل الشتاء فيكمن ذلك في زراعة الفرح في نفوس الناس بالاستئناس بالأجواء الباردة والجميلة وتكثر التجمعات العائلية بين الأهل والجيران، إذ يتسامر الناس ويتجمعون على شبة الضوء وتكون القهوة العربية حاضرة والتمر والحلوى العمانية والتعاليل الشعرية.
وذكر أن حرص الآباء على غرس ارتباطهم بالخيمة في نفوس الجيل الجديد يعزز من العادات والتقاليد الأصيلة مثل الكرم والصدق والوفاء والأمانة من خلال اصطحابهم إلى المناسبات الاجتماعية والدينية ومجالس الرجال. مضيفا: دائما ما تكون الخيمة البدوية حاضرة في قصائد الشعراء وخصوصا في المناسبات الاجتماعية وأغراض المدح والكرم.