بتكلفة 129 مليار جنيه.. برلماني: مصر شهدت ثورة بشأن تطوير الموانئ في عهد السيسي
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
كتب- نشأت علي:
قال المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، ومساعد رئيس حزب الوفد، إن الدولة شهدت ثورة في مجال تطوير الموانئ في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ وعلى رأسها تطوير قناة السويس؛ حيث استهدفت القيادة السياسية زيادة الطاقة الاستيعابية للعديد من الموانئ البحرية ورفع كفاءة الخدمات المقدمة بها، بالإضافة إلى تفعيل الاستراتيجية الخاصة بصناعة السفن، والتي تم إعدادها لتوطين وتطوير الصناعة في مصر بحلول عام 2030؛ لما لها من تأثير مباشر على الاقتصاد المصري.
وأضاف الجندي، في بيان له اليوم السبت، أن مشروع تطوير الموانئ المصرية نفذته شركات مصرية وطنية واستشاريون مصريون وعالميون؛ حيث يبلغ إجمالي تكلفة تطوير الموانئ البحرية المصرية خلال الفترة من 2014- 2024 نحو 129 مليار جنيه، وشمل إنشاء أرصفة جديدة بإجمالي أطوال 35 كيلومترًا، وبأعماق تتراوح من 15 إلى 18 مترًا، ووصول إجمالي أطوال الأرصفة في الموانئ البحرية المصرية إلى 73 كيلومترًا، وإنشاء حواجز أمواج بإجمالي أطوال 15 كيلومترًا، وتعميق الممرات الملاحية لتستوعب الموانئ 370 مليون طن بدلًا من 185 مليون طن سنويًّا، كي تستوعب الموانئ 22 مليون حاوية مكافئة بدلاً من 12 مليون حاوية مكافئة سنويًّا.
وأوضح البرلماني أن مشروع قناة السويس الجديدة مثَّلَ حلمًا للشعب المصري؛ لأنه أضفى قيمة كبيرة، وأصبحت تكتسب مكانة دولية خاصة باعتبارها شرياناً وممرًّا ملاحيًّا رئيسيًّا لحركة التجارة العالمية؛ نظرًا لموقعها الجغرافي المتميز، وتحسن أداء قناة السويس رغم الأزمة الروسية- الأوكرانية، ولتحقق أعلى إيراد سنوي في تاريخها العام الماضي، والذي بلغ 7 مليارات دولار عام 2021/2022، مقارنة بـ5.8 عامَي 2020/2021 و2018/2019، و5.7 مليار دولار عام 2019/2020، و5.6 مليار دولار عام 2017/2018.
وأشار الجندي إلى أن مشروع قناة السويس الجديدة أسهم في تعظيم الاستفادة من القناة وتفريعاتها الحالية؛ بهدف تحقيق أكبر نسبة من الازدواجية لتسيير السفن في الاتجاهَين دون توقف في مناطق انتظار داخل القناة، وقلل من زمن عبور السفن المارة، وزاد من قدرتها الاستيعابية لمرور السفن في ظل النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية في المستقبل.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: جدول قطع الكهرباء نتيجة الثانوية العامة 2023 الموجة الحارة انقطاع الكهرباء سعر الذهب أمازون الطقس سعر الدولار الحوار الوطني تمرد فاجنر أحداث السودان سعر الفائدة مجلس الشيوخ حزب الوفد تطوير قناة السويس الموانئ البحرية تطوير الموانئ المصرية قناة السویس
إقرأ أيضاً:
هل ينجح المغرب في تطوير صناعة السفن؟
في خطوة تعكس طموحات المملكة المغربية لتعزيز موقعها البحري الإستراتيجي، أطلقت الحكومة المغربية مناقصة دولية تهدف إلى استقطاب شركات عالمية متخصصة لتشغيل أكبر حوض لبناء السفن في القارة الأفريقية، يقع في مدينة الدار البيضاء على المحيط الأطلسي. وتأتي هذه الخطوة ضمن إستراتيجية وطنية متكاملة تستهدف توطين صناعة بحرية قوية وتقليل الاعتماد على الخارج في صيانة وتوفير السفن.
التحركات المغربية لم تكن محلية الطابع فقط، بل امتدت إلى محاور التعاون الدولي، حيث برزت زيارة وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور، إلى كوريا الجنوبية ولقاؤه بقيادات من شركة "هيونداي للصناعات الثقيلة"، كإشارة واضحة على الانفتاح نحو شراكات آسيوية تملك خبرة راسخة في صناعة السفن. هذه الزيارة، وفق مراقبين، تعكس التوجه الجاد للمغرب في بناء صناعة بحرية متطورة، قادرة على التفاعل مع الأسواق الإقليمية والدولية.
جذور بحرية ضاربة في التاريخيؤكد الباحث في الجغرافيا الإستراتيجية، بدر الدين محمد الرواص، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، أن اهتمام المغرب بصناعة السفن ليس جديدًا، بل يعود إلى ما قبل الميلاد بحوالي 200 سنة، وازدهر بشكل ملحوظ خلال عهود المرابطين والموحدين والمرينيين.
إعلانكما شهد العصر العلوي، خاصة في عهد السلطان محمد بن عبد الله في القرن الـ18، طفرة في الصناعة البحرية، إذ أنشأ دورًا لصناعة السفن في سلا والعرائش، وبنى سفينة ضخمة استنزفت ميزانية الدولة آنذاك، وأثارت إعجاب القوى الأوروبية الكبرى مثل فرنسا وإسبانيا والبرتغال.
الرواص يربط بين ذلك الإرث البحري العريق والطموح المعاصر، حيث يرى أن المغرب اليوم يدرك أهمية موقعه الإستراتيجي على المحيط الأطلسي والمتوسط، ويسعى لامتلاك عرض مينائي متكامل وأسطول وطني قادر على مواكبة التطورات الحديثة في قطاع النقل البحري العالمي.
وتشير تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي إلى أن المملكة أنفقت أكثر من 14 مليار درهم (1.4 مليار دولار) على واردات السفن بين عامي 2002 و2022، في وقت لم تتجاوز فيه مداخيل قطاع بناء وإصلاح السفن 500 مليون درهم (50 مليون دولار) سنويًا خلال الفترة ما بين 2012 و2023. كما لا تتجاوز مساهمة هذا القطاع 0.17% من القيمة المضافة و0.01% من الناتج الداخلي الإجمالي، وهو ما يعكس الهوة الكبيرة بين الطموح والواقع.
ووفق التقرير، فإن عدد الشركات العاملة في هذا القطاع تراجع بشكل مقلق من 40 شركة سنة 2000 إلى 10 شركات فقط في عام 2023، بينما لا يتعدى عدد فرص العمل المحدّثة سنويًا في هذا القطاع 700 فرصة.
ضرورة وطنية قبل أن تكون خيارا اقتصادياويرى الخبير الإستراتيجي هشام معتضد أن مشروع توطين صناعة السفن لم يعد رفاهية صناعية أو خيارًا اقتصاديًا لتحسين الميزان التجاري، بل أصبح ضرورة سيادية ترتبط بالأمن الاقتصادي واللوجستي للمغرب. ويقول في حديثه للجزيرة نت: "الرهان لا يتعلق فقط بتقليص الاستيراد أو خفض النفقات، بل بإرساء استقلالية تقنية وتحكم إستراتيجي في مفاصل أساسية تؤثر في استقرار البلاد خلال الأزمات".
إعلانويضيف معتضد أن المغرب يطمح إلى بناء ما يُعرف بـ"الاستقلال اللوجستي"، وهو ما يتطلب منظومة متكاملة تشمل التصنيع، الصيانة، التكوين المهني، والخدمات المالية المصاحبة. ويؤكد أن امتلاك أسطول وطني قوي يجب أن يُفهم كاختبار لقدرة الدولة على بناء سلسلة قيمة بحرية مغربية كاملة، قادرة على الاستجابة للطلب المحلي والتعامل مع الطوارئ، كما حدث خلال جائحة كوفيد-19 واضطرابات سلاسل الإمداد.
الأسطول المغربي بين الواقع والطموحوبحسب الخبير الإستراتيجي محمد الطيار، فإن المغرب يُجري تحركات لبناء أسطول بحري تجاري مكون من 100 سفينة بحلول 2030، كاستجابة مباشرة للنواقص التي أشار إليها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. ويُذكر أن 97% من المبادلات التجارية المغربية تتم عبر النقل البحري، بينما لا تمتلك البلاد سوى 9 شركات بحرية تشغل 16 سفينة فقط، وهو ما يطرح تحديًا لوجستيًا كبيرًا في ظل موقع المغرب كمحور عبور إقليمي.
ويمتلك المغرب ثروة بحرية ضخمة، تشمل 3500 كلم من السواحل، و75 ألف كلم مربع من المياه البحرية الإقليمية، و1.2 مليون كلم مربع من المنطقة الاقتصادية الخالصة. كما يضم 14 ميناء للتجارة الخارجية، أربعة منها مجهزة لاستقبال سفن الركاب، ما يجعل البلاد مؤهلة لتكون منصة بحرية قارّيّة.
تحول إستراتيجي نحو الاقتصاد الأزرقويشير معتضد إلى أن مشروع بناء صناعة بحرية لا ينبغي أن يُقرأ فقط من منظور تصنيع السفن، بل باعتباره بوابة نحو اقتصاد بحري متكامل يشمل الطاقات البحرية المتجددة، والتقنيات الصديقة للبيئة، والصناعات الدفاعية المرتبطة بالمجال البحري.
ويضيف أن الرهان الحقيقي يكمن في تحويل ميناء طنجة المتوسط إلى منصة إنتاجية وليس مجرد مركز لوجستي، مستفيدًا من تراكماته في مجال التوزيع العالمي. كما توفر السواحل الأطلسية إمكانيات هائلة لإنشاء أحواض بناء وصيانة مخصصة للأسواق الأفريقية وأميركا اللاتينية.
وتُعد الشراكة مع كوريا الجنوبية، وتحديدًا مع شركة "هيونداي"، خطوة محورية ضمن هذا التوجه. ويؤكد معتضد أن هذا التعاون ليس فقط ذا طابع صناعي، بل يحمل بعدًا دبلوماسيًا إستراتيجيًا، حيث يسعى المغرب لتوجيه شراكاته نحو نقل التكنولوجيا وتوطينها، وبناء نموذج إنتاجي يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الاقتصادية والجغرافية المغربية.
إعلانويضيف أن تجربة الشراكة مع قوى صناعية صاعدة يمكن أن تساعد المغرب في تطوير سياسة بحرية هجينة تجمع بين الاستفادة من التجربة الآسيوية والملاءمة مع التحديات الإقليمية.
بين قوانين التمويل والتكوينورغم الفرص الواعدة، لا تخلو الطريق من تحديات معقدة. فصناعة السفن قطاع يتطلب استثمارات ضخمة، وأطرًا قانونية دقيقة، وموارد بشرية عالية التأهيل. ويشير الأكاديمي محمد الطيار إلى أن المغرب يعمل على تطوير ترسانة قانونية متماشية مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأمن والسلامة البحرية وحماية البيئة.
كما يعمل على تحسين جودة التكوين البحري ومواءمته مع احتياجات السوق، لكن يبقى التحدي قائمًا في إعداد رأس مال بشري مؤهل في مجالات تقنية متقدمة مثل التصميم والهندسة البحرية.
في السياق ذاته، يؤكد معتضد ضرورة بناء نظام مالي محفز يشجع الاستثمار في قطاع عالي المخاطر مثل صناعة السفن، مشيرًا إلى أن نجاح المشروع يتوقف على قدرة الدولة في توفير بيئة اقتصادية مشجعة وخطط تمويل مرنة ومستقرة.
وفي ضوء هذه المعطيات، يتضح أن المغرب لا يسعى فقط إلى تأسيس صناعة بحرية، بل إلى إعادة تعريف موقعه في الاقتصاد البحري العالمي. فالسؤال لم يعد: هل يمكن للمغرب بناء سفن؟ بل: هل يستطيع بناء منظومة بحرية مستدامة تُمكنه من قيادة تحول إستراتيجي نحو اقتصاد أزرق يضمن الأمن، التنمية، والسيادة؟