الجلسة الثالثة من منتدى البنك الأول للتنمية تناقش جهود مصر لتصبح مركز لوجيستي عالمي
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
ناقشت الجلسة الثالثة من فعاليات المنتدى الأول لبنك التنمية الجديد في مصر، جهود مصر لتصبح مركز لوجيستي عالمي، وتنفيذ مشروعات البنية التحتية التي تعزز تحقيق هذا الهدف، كما ألقت الجلسة الضوء على الاصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الدولة، ومشروعات البنية التحتية المستدامة مثل الموانيء البحرية، والبرية، التي تم تتفيذها على مدار الـ10 سنوات السابقة وتأثيرها على أن تصبح مصر مركزًا للربط بين قارات العالم.
أدار الجلسة الدكتور علاء عز، الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية وعضو مجلس أعمال دول البريكس، وشارك كمتحدث الفريق كامل الوزير، وزير النقل والمواصلات، والفريق محمد عباس حلمي، وزير الطيران المدني، والمهندس وليد جمال الدين، رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والسيد/ تشاو فينجنيان، المدير المالي لمجموعة COSCO لخدمات لشحن والخدمات اللوجستية، والسيد ريتشاد سوناردجي، رئيس منطقة الخليج وإفريقيا بمؤسسة China International Capital Corporation.
من جانبه قال الدكتور علاء عز، الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية، وعضو مجلس أعمال دول البريكس، ومدير الجلسة، أن الحكومة بكامل هيئاتها ووزاراتها قامت بجهود قوية لدعم قدرة مصر لتصبح مركز عالمي في مجال النقل الحيوي والبضائع، وخاصة في ضوء مشروعات النقل والمونيء والطرق التي نفذتها وزارتها الطيران والنقل والمواصلات، حيث تم القيام بجهود قوية لتنمية كافة ربوع مصر وتغطييتها بشبكة طرق قوية.
وأكد أن تنفيذ مشروعات البنية التحتية يعد كلمة السر في التطور الذي شهدته مصر في مجال النقل واللوجيستيات على مدار الـ10 أعوام السابقة، حيث أن مصر تحصد حاليًا ثمار ما قامت بتنفيذه على مدار الفترة الماضية، وهو ما يظهر في حجم الحاويات التي تمر من خلال مصر، وما يتم تصديره من منتجات مصرية للخارج، أو منتجات قادمة من الخارج ثم يتم تصديرها عبر مصر.
من جانبه أكد المهندس وليد جمال الدين، رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أن قرار القيادة السياسية بالاستثمار في البنية التحتية كان هو القوة الدافعة لقدرة المنطقة الاقتصادية على جذب المزيد من الاستثمارات، خاصة في مجالات إنتاج الطاقة الخضراء وتموين السفن، كما أفاد العمل على إعداد البنية التحتية في جذب العديد من مشروعات المنسوجات بمنطقة القنطرة غرب الصناعية الواعدة، والتي تستهدف التصدير للاسهام في تحقيق هدف 100 مليار دولار من الصادرات المصرية بحلول 2030، مؤكدًا أن المستقبل يحمل مزيد من الفرص للتعاون بين المنطقة الاقتصادية ومجتمعات الأعمال بدول مجموعة البريكس بناءً على النجاحات السابقة والفرص المستقبلية الواعدة.
واستعرض السيد وليد جمال الدين استراتيجية المنطقة الاقتصادية لقناة السويس 2020 – 2025، والتي أصبحت المنطقة الاقتصادية من خلالها نموذجا للتعاون الاقتصادي الدولي، مما أدى إلى ثقة العديد من الاستثمارات الدولية التي اختارتها مركزا لتوسعاتها في مختلف الأسواق نظرا لموقعها الاستراتيجي المميز والعمالة الفنية المدربة ذات التكلفة التنافسية، وأكد أن الموقع الاستراتيجي للمنطقة الاقتصادية وموانئها التابعة التي تقع على البحر الأحمر والبحر المتوسط، يدعم سلاسل الإمداد العالمية، لافتًا إلى أن التعاون مع بنك التنمية الجديد يعمل على تعزيز التعاون مع دول مجموعة البريكس.
وقال ستيفان جيمبرت، المدير الإقليمي لمصر واليمن وجيبوتي بالبنك الدولي، إن البنك يقدر ويدعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص نظرًا للحاجة للخدمات التي يقدمونها معًا، ومن الواضح للجميع أن مصر لديها موقع استراتيجي قوي ومميز على الصعيد الإقليمي والعالمي، لافتًا إلى أن مصر لديها اتفاقيات متعددة للتجارة الحرة والتي تجعلها مكان ممتاز ومركز للربط بين الدول.
واستطرد:" قامت مصر بجهود قوية خلال الفترة الماضية فيما يتعلق بالاصلاحات الاقتصادية وتطوير البنية التحتية والتطوير بشكل عام، كما إنه ا تتمتع بقيادة سياسية لديها رؤية واضحة، بالإضافة لوجود حكومة تعمل على تنفيذ هذه الرؤية بقوة، ومما يعكس أهمية موقع مصر أن 40% من حجم التجارة العالمية يمر بمصر، و30% من الحاويات يمر من خلال قناة السويس.
وأشار إلى أنه يجب النظر لمدى قدرة الحكومة على الاستفادة من القطاع الخاص، كما أنه يجب النظر لمصر باعتبارها مركز إقليمي للنقل والتجارة الأخرى، بالإضافة إلى أن مصر لديها الكثير من الطاقة المتجددة فضلًا عن موقعها الاستراتيجي والذي يمكنها من تصدير هذه الطاقة، لافتا إلى أنه في ضوء الاصلاحات التي قامت بها مصر فإن هناك فرصة للقطاع الخاص ليقوم بإنتاج وبيع الطاقة الخضراء، مع إمكانية خلق فرص أفضل في قطاع الطاقة.
وأكد أن الحكومة المصرية لديها وعي حول دور وأهمية القطاع الخاص وتمكينه مما يقلل الأعباء المفروضة على الدولة، حيث أن جذب القطاع الخاص ليس فقط ليقوم بالاستثمار، ولكن لأنه يمتلك خبرات قوية، لافتا إلى أن هناك الكثير من الأعمال التي تتولى الدولة القيام بها لتعظيم منظومة النقل.
وتابع تشاو فينجنيان، المدير المالي لمجموعة COSCO لخدمات لشحن والخدمات اللوجستية، أن مصر لديها موقع استراتيجي هام للاستثمار يعرفه العالم بالكامل، وتعتبر شركة COSCO لخدمات الشحن والخدمات اللوجيستية واحدة من الشركات الرائدة في هذا المجال على مستوى العالم، حيث تمتلك 223 حاوية مكافئة، وتعمل في أكثر من 300 موقع في 38 موقع حول العالم.
ولفت إلى أن شركته تنظر لمصر باعتبارها مركز لوجيستي وخصوصا في ضوء وجود قناة السويس والتي يمر بها 30% من حاويات العالم، وستصبح مصر واحدة من أهم مراكز الربط اللوجيستية في العالم، موضحا أن الشركة تخطط لتنفيذ أعمال في ميناء السخنة لرفع قدرته الاستيعابية، مما يحول مصر والمنطقة لمركز لوجيستي عالمي.
وأشار ريشاد سوناردجي، رئيس منطقة الخليج وإفريقيا بمؤسسة China International Capital Corporation، إلى أن المؤسسة تقدم المشاورات والخبرات واتاحة رؤوس الاموال في الأسواق، مع تقديم الدعم الفني والمالي، مما جعلها أصبحت من كبار اللاعبين في الصين، ورغم أن الصين سوق ضخم وكبير إلا أن هناك بعض الشركات التي تبحث عن مزيد من التوسعات وأسواق جديدة في العالم.
وأوضح أن المؤسسة تؤمن بأن مصر مركز أساسي وقوي في مجال الوجيستيات، كما أن الممر ما بين الصين والمنطقة بالكامل ما زال به الكثير من الامكانيات مما يمكن من الاستفادة من كبار الفاعلين في السوق، موضحا أنه استمع لمسئولين رفيعي المستوى لديهم رغبة في مضاعفة استثماراتهم في مصر، ويمكن اتاحة فرصة قوية للشراكة بين مصر والصين لتوطين الصناعات.
واختتم كلمته قائلًا:" نود ان نعمل مع الجانب المصري لرفع مستوى الاستثمار الاجنبي المباشر من الصين في المنطقة، ونضع خططنا للاستثمار في مصر".
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
انهيار التحالفات القديمة وصعود نظام عالمي جديد
يمكن أن يقرأ العالم الاشتباك العلني بين الرئيس الأمريكي ترامب ونظيره الأوكراني زيلينسكي بمستوى أبعد بكثير من كونه مجرد لحظة توتر بين زعيمين إلى كونه إعلانا واضحا لنهاية النظام العالمي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية. كان ترامب يقول بشكل واضح لا جدال فيه إن بلاده لن تلتزم بعد اليوم بدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا وهذا يعني أيضا إنهاء التزام أمريكا تجاه حلفائها الديمقراطيين في أوروبا وفي العالم أجمع.
كانت تلك اللحظة التي شاهدها العالم أمام شاشات التلفزيون تجسد شكل السياسة الخارجية في نهج ترامب، وهو نهج يقوم على فكرة الصفقة ويضرب بعرض الحائط أي طرح للعلاقات التاريخية أو التحالفات على مبدأ «الديمقراطية» الذي كانت الولايات المتحدة تتحدث عنه منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.. وبعد ما حدث للرئيس الأوكراني فلم يعُد هناك مكان للشراكات الاستراتيجية المبنية على القيم والمصالح المشتركة، بل أصبح كل شيء مجرد ورقة مساومة في لعبة القوى الكبرى. ومن كان مشككا في هذا النوع من السياسة الخارجية فعليه أن يتعلم الدرس مما حدث لزيلينسكي.
لقد كشف ترامب دون أي مواربة أنه يتعامل مع السياسة الخارجية كما لو كانت سلسلة من الصفقات التجارية حيث لا توجد التزامات دائمة، بل فقط مصالح متغيرة. ويبدو أنه مُصِرّ على التخلص من فكرة أن على الولايات المتحدة حماية حلفائها، حتى لو كان ذلك على حسابها. وهو ذاهب بشكل واضح نحو تفكيك التحالفات الأمريكية التقليدية بعد انسحابه التدريجي من التزامات بلاده تجاه الناتو، ومن حلفائه العرب وحتى من رؤيته أن روسيا شريكا محتملا في تشكيل نظام عالمي جديد.
ورغم أن فكرة بناء علاقات شراكة مع روسيا فكرة إيجابية جدا فإن القواعد التي يبني عليها ترامب هذه العلاقة تبدو أقرب لفكر الصفقات التجارية منها إلى بناء علاقات سياسية.
إن ترامب الذي يشغل العالم منذ دخوله البيت الأبيض للمرة الثانية تبدو عقيدته واضحة جدا؛ فلم تعُد الولايات المتحدة المدافع عن النظام العالمي الليبرالي، بل أصبحت قوة تبحث عن الهيمنة المطلقة، حيث يكون كل شيء متاحا للمساومة.
لكن هل كان الدرس الذي وجَّهَه ترامب لأوكرانيا يخصها وحدها؟ تبدو الرسالة أكثر عمقا مما قد يعتقد البعض أنها موجهة لكل حلفاء أمريكا وبشكل خاص الأوروبيين والآسيويين والعرب. فمن كان مستعدا للتخلي عن حليف بحجم أوكرانيا الملاصقة لروسيا فإنه قد يتخلى بكل بساطة عن تايوان وعن كوريا الجنوبية وعن اليابان وعن الدول العربية.
لكن كل هذا ليس قائما على المبادئ بل على حساب «الصفقة».. فعلى عكس زيلينسكي، الذي طُلب منه قبول الهزيمة، لم يُطلب من نتنياهو أي شيء لإنهاء الحرب في غزة، رغم سقوط عشرات الآلاف من المدنيين. هذه الازدواجية تعكس أن سياسة ترامب الخارجية لا تُحددها المبادئ، بل تحكمها الحسابات الشخصية والسياسية.
هذا الأمر يجعل مصداقية الولايات المتحدة تتآكل بسرعة.. فإذا كان بإمكان واشنطن التخلي عن أوكرانيا بهذه السهولة، فما الذي يمنعها من التخلي عن حلفائها الآخرين؟ الاتحاد الأوروبي، الذي يشعر بخيبة أمل متزايدة من القيادة الأمريكية، قد يسرّع خطواته نحو بناء قدرات دفاعية مستقلة. أما في آسيا، فقد تبدأ الدول في البحث عن ترتيبات أمنية بديلة، وربما حتى إقامة علاقات أقوى مع الصين.
يعتقد ترامب أنه يستطيع إعادة ترتيب ميزان القوى العالمي من خلال نهج قائم على القوة الاقتصادية والعسكرية، متجاوزًا التحالفات، وعقد صفقات مباشرة مع القوى الكبرى، لكن التاريخ يظهر أن انهيار التحالفات غالبًا ما يؤدي إلى اضطرابات عالمية. النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، رغم عيوبه الكبيرة جدا، نجح في تحقيق هدفه الأساسي؛ فقد منع نشوب الحروب الكبرى، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول.
خرج الرئيس الأوكراني وقد عرف مصير بلده تقريبا، لكن السؤال الأهم الآن مَن سيكون الضحية القادمة في سياسة «الصفقة التجارية»؟