الكعبة المشرفة التي تهفو إليها قلوب المسلمين حول العالم، فينال زيارتها القادرون في موسم الحج، بينما تتوق نفوس آخرين إلى رؤية بيت الله الحرام وثاني القبلتين التي جُعلت للناس منارًا للتوحيد ورمزا للعبادة على مدار قرون، شهدت خلالها تغيرات كبيرة في بنائها حتى وصلت إلى شكلها الحالي.

مراحل بناء الكعبة المشرفة

بعد الطوفان العظيم الذي ابتلع الأرض في زمن نبي الله نوح عليه السلام، تهدمت الكعبة التي يُقال إن الملائكة هم أول من بناها قبل خلق سيدنا آدم، وعندما اُمر النبي إبراهيم مع ولده إسماعيل، برفع القواعد من البيت العتيق، كان موضعه على أكمة صغيرة في وسط وادي مكة والذي سُمي فيما بعد بوادي سيدنا إبراهيم، بحسب الدكتور محمد خليل العطار أستاذ التاريخ الإسلامي في كتابه «تاريخ مكة المشرفة والكعبة» الذي أوضح فيه أن الكعبة تعرضت للهدم وإعادة البناء حوالي 12 مرة على مدار التاريخ تغير خلالهم شكلها ومساحتها على النحو التالي:

1.

في زمن سيدنا إبراهيم

كانت الكعبة مستطيلة الشكل بارتفاعٍ بلغ تسعة أذرع، ولم يكن لها سقفا ولكن بابيْن ملاصقيْن للأرض في اتجاهين مختلفين، وبنى عليه السلام في شمالها عريشا منحنيا وضع عليه الحجر الأسود، وظلت من بعدها لقرون طويلة تعرف باسم «بيت الرب» دون أن يقصدها الناس بغرض الحج وإنما للتبرك بها.

 

2. تحت قيادة قريش

قبل البعثة النبوية بخمسة أعوام أقدمت قبيلة قريش على تجديد بناء الكعبة، مشترطين ألا يدخل في تلك العملية مالًا حرامًا، فاقتصرت مهمة البناء على المال الحلال وأحدثوا بعض التغييرات مثل إنقاص طولها من جهة الحجر ستة أذرع وتشييد جدار قصير ليطوف الناس من ورائه، كما أضافوا إلى ارتفاعها، وقاموا بتسقيفها، وسد الباب الغربي، مع رفع الآخر الشرقي عن مستوى الأرض، وعندما تعرضت مكة لزلزال أطاح بالحجر الأسود منها، شارك النبي محمد في بنائها، فوضعه بيده كما ورد في الحادثة الشهيرة التي أنهى فيها الخلاف بين القبائل المتنازعة على نيل ذلك الشرف.

3. في عهد عبدالله ابن الزبير

حين تولى ذلك القائد الإسلامي أمر مكة، قرّر إعادة بناء الكعبة على قواعدها كما بناها سيدنا إبراهيم، تيمنًا بما كان يتمناه النبي، صلى الله عليه وسلم، فقد سمع من خالته عائشة أنه قال لها: «يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهدٍ بالجاهلية لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألصقته بالأرض، وجعلت له بابا شرقيا، وبابا غربيا فبلغت به أساس إبراهيم»، فنفذ عبدالله ابن الزبير تلك الأمنية مدخلا الستة أذرع التي أخرجتها قريش سابقا، وجعل لها بابيْن ملتصقين بالأرض وزاد في ارتفاعها.

4. في خلافة الحجاج ابن يوسف الثقفي

لم يدم بناء ابن الزبير طويلًا حتى سيطر الحجاج بن يوسف على مكة، فقتله ثم كتب إلى الخليفة الأموي أن عبدالله زاد في الكعبة ما ليس منها، طالبا منه الإذن كي يقوم بتعديل بنائها على ما كانت عليه في عهد قريش، فعدّل بناءها عام 74هجريا دون أن يغيّر من ارتفاعها.

5. العهد العثماني

تسبب سيل عظيم في عام 1039هجريا، في سقوط معظم أجزاء بيت الله الحرام، إذ بلغ السيل المسجد ودخل الكعبة المشرفة حتى منتصف جدرانها، ما أدى إلى سقوط الجدار الشمالي وبعض من الجدارين الشرقي والغربي، وكان ذلك أمرًا جللًا، وبالتالي قام السلطان مراد خان بإعادة بناء الكعبة واستغرقت عمارتها 6 أشهر ونصف، ثم قام بكسائها بالحرير الأبيض، واضعا لها حزامًا من الخشب المطرز.

6. في العصر الحديث

في عهد الملك سعود جرى العديد من التحديثات في بناء الكعبة، إذ أمر بترميم سقفها وجدرانها وتجديد عمارتها، وفي عام 1417هجريا جرى تجديد الكعبة من الداخل بشكل كلي فشمل الأعمدة الثلاثة والأرضيات ورخام السطح والحوائط والسلم الداخلي وجدار حجر إسماعيل وكانت هذه آخر عمارة للكعبة المشرّفة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الكعبة الحج بيت الله الحرام موسم الحج تاريخ الكعبة بناء الکعبة

إقرأ أيضاً:

آثار العراق عرضة للتآكل ومخاطر الانهيار بسبب تغير المناخ

يدق المسؤولون العراقيون ناقوس الخطر لإنقاذ آثار مهد الحضارة، إذ تواجه الآثار التي تحمل تاريخا يمتد لآلاف السنين خطر الزوال مع تعرض المدن القديمة في جنوب العراق للتآكل بسبب تغير المناخ.

ويشير الخبراء إلى أن الطقس القاسي والجاف يؤدي إلى زيادة ملوحة التربة، وإلحاق الضرر بالآثار التاريخية في أنقاض المدن مثل أور العاصمة السومرية، وبابل، عاصمة الإمبراطوريات البابلية العظيمة في وقت ما، وتقع آثارها على بعد حوالي 94 كيلومترا جنوب بغداد، بالقرب من مدينة الحلة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أمطار غزيرة في نيويورك تقتل شخصين وتعطل رحلات جويةlist 2 of 2دراسة علمية: ارتفاع درجات الحرارة عالميا يقتل شخصا كل دقيقةend of list

كما تتسبب الكثبان الرملية في تدهور الجانب الشمالي من زقورة أور المهيبة، التي تقع على نحو 40 كيلومترا إلى الغرب من مدينة الناصرية (340 كيلومترا جنوب بغداد) وهو معبد هرمي ضخم بناه الملك السومري "أورنمو"، وتم تخصيصه قبل أكثر من 4 آلاف عام لإله القمر "نانا".

يحذر الخبراء من أن ارتفاع ملوحة التربة وأخطاء الترميم السابقة تُهدد الحفاظ على المواقع الأثرية في العراق (رويترز)عوامل الزمن والمناخ

ويقول عبد الله نصر الله، وهو عالم آثار في دائرة الآثار بمحافظة ذي قار، حيث تقع مدينة أور، إن "اجتماع الرياح والكثبان الرملية يؤدي إلى تآكل الأجزاء الشمالية من البناء". ويشير إلى أن الملح يأكل طوب الطين القديم للمعبد، وهو أحد مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.

ويعد البناء أحد أفضل الأمثلة المحفوظة للهندسة المعمارية القديمة في بلاد ما بين النهرين، والذي يقدم نظرة ثاقبة على الممارسات الدينية والطقوس المقدسة للإمبراطورية السومرية، حيث ازدهرت إحدى أوائل الحضارات في العالم.

ويضيف نصر الله أنه "في حين تدهورت الطبقة الثالثة (من الزقورة) بالفعل بسبب عوامل التجوية والتغير المناخي، فإن التآكل بدأ الآن يؤثر على الطبقة الثانية من البناء".

وفي مكان قريب، كانت رواسب الملح تتسبب في تآكل الطوب الطيني للمقبرة الملكية في أور، التي اكتشفها عالم الآثار البريطاني السير ليونارد وولي في عشرينيات القرن الماضي، وهي الآن معرضة لخطر الانهيار.

إعلان

ويُحذّر الخبراء من أن ارتفاع ملوحة التربة جراء الجفاف والحرارة الشديدة، وأخطاء الترميم السابقة، أمور تُهدد الحفاظ على المواقع الأثرية العراقية.

وقال مفتش آثار ذي قار الدكتور كاظم حسون، إن "هذه الرواسب الملحية ظهرت بسبب الاحتباس الحراري وتغير المناخ، وهذا أدى إلى تدمير أجزاء مهمة من المقبرة".

ويضيف أن هذه الرواسب سوف تتسبب في نهاية المطاف في انهيار كامل لطوب الطين الذي تتكون منه هذه المقبرة.

واجهة العراق التاريخية في مدينة بابل عرضة لمخاطر التغيرات المناخية (رويترز)تحديات الحاضر والمستقبل

ويعاني العراق من ارتفاع درجات الحرارة والجفاف الشديد الذي أدى إلى زيادة مستويات الملوحة في جنوبه، حيث يلتقي نهرا دجلة والفرات عند اقترابهما من الخليج.

وفي أعالي نهر الفرات، تتعرض مواقع بابل الأثرية القديمة للخطر أيضا. ويؤكد الدكتور منتصر الحسناوي، المدير العام لوزارة الثقافة والسياحة العراقية، لرويترز بأنها بحاجة ماسة إلى عناية وترميم، إلا أن نقص التمويل لا يزال يشكل تحديا.

ووفق الحسناوي يبدو التحدي الأحدث الذي تواجهه البلاد وآثارها، هو تغير المناخ الذي يغير النظام البيئي بأكمله في البلاد، وهو الأمر الذي لا يعرض مستقبلها الزراعي للخطر فحسب، بل يعرض بصمتها التاريخية للخطر أيضا.

وفي بابل، تشكل مستويات الملوحة المرتفعة خطرا على المواد الطينية المستخدمة في بناء الهياكل القديمة، والتي لا تزال الرسومات السومرية المعقدة واضحة عليها.

ويشير الحسناوي إلى أن المواد استُخرجت مباشرة من أرض كانت أقل ملوحة آنذاك، وكان من الممكن أن يجعلها ذلك أقل تأثرا بتغير المناخ، لكن ممارسات الترميم غير السليمة في العقود السابقة جعلت الهياكل القديمة أكثر تأثرا، وفقا لما ذكره الحسناوي.

كما يزيد ارتفاع الملوحة من إلحاح الحاجة إلى إعادة الترميم الخاطئ، مؤكدا أن مشكلة الملوحة في المياه السطحية والجوفية، تتفاقم، وهذا سيؤدي إلى تدمير العديد من المدن الواقعة تحت الأرض.

وتصنف الأمم المتحدة العراق من البلدان الخمسة الأكثر تأثرا بالتغيير المناخي في العالم، ويؤكد برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن الآثار الاقتصادية خصوصا في قطاع الزراعة، والبيئية والصحية الناجمة عن تحولات المناخ، تمثل التهديدات الأخطر التي يواجهها العراق.

مقالات مشابهة

  • محافظ الإسكندرية: التصدي للتعديات على الرقعة الزراعية والبناء المخالف
  • تفسير رؤيا «الكعبة في الحلم» لابن سيرين
  • وزير الإسكان يُصدر 4 قرارات لإزالة مخالفات بناء بالساحل والفيوم الجديدة
  • بورسعيد تغير صور صفحتها الرسمية على مواقع التواصل لهذا السبب
  • عمرها 700 ألف سنة.. قطعة أثرية بالمتحف المصري الكبير تغير موازين التاريخ
  • البيئة تطالب بدعم الدول النامية والأفريقية للتكيف مع تغير المناخ
  • آثار العراق عرضة للتآكل ومخاطر الانهيار بسبب تغير المناخ
  • عالم أزهري: حرمة المسلم عند الله أعظم من حرمة الكعبة المشرفة
  • الأونروا: المساعدات التي وصلت غزة أقل من نصف ما تم الاتفاق عليه
  • آبل تغير قواعد اللعبة.. هل ستنتقل إلى شاشات OLED في كل أجهزتها؟