الروائي طاهر النور: في تشاد ينتعش الشعر وتعاني الرواية
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
طاهر النور صحفي وروائي من تشاد، نال جائزة توفيق بكار للرواية العربية في تونس في نسختها الرابعة 2022 عن مخطوط روايته "قودالا"، تتناول رواياته "رماد الجذور" و"مزرعة الأسلاك الشائكة" و"سيمفونية الجنوب" التاريخ الاجتماعي والسياسي لدولة تشاد.
رواياته لا تقدم أجوبة ولا تفسيرات لكل ما مر به الإنسان في بلده من مجاعات وتهجير وفترات عصيبة، وإنما تحاول أن تلقي الضوء على حياة المهمشين الذين لن تذكرهم كتب التاريخ، وتدور أحداثها في بلد يعتز بعروبته ولهجاته وعاداته، لكنه ليس عضوا في جامعة الدول العربية.
في هذا الحوار يتحدث الروائي طاهر النور عن صعوبة النشر لمن يكتبون باللغة العربية في بلده، وهذا ما دفعه لنشر روايته "مزرعة الأسلاك الشائكة" في الجزائر، مشيرا إلى أن "دور النشر الموجودة حاليا لا تمتلك مشروعا معرفيا وفكريا جادا"، إضافة إلى عدم الاهتمام بمسألة الترجمة بالنسبة لأدباء تشاد الذين يكتبون باللغة الفرنسية.
اللغة العربية دستوريا مثل الفرنسية، ووجودها في تشاد يعود إلى حوالي القرن الثاني الهجري، وهي علاوة على ذلك لغة الشارع بدون منازع، هذه كلها بديهيات، غير أن ما يغلب على المبدع التشادي هو الشعر وليس النثر.
لماذا تضاءل عدد كتّاب الرواية باللغة العربية في تشاد؟اللغة العربية دستوريا مثل الفرنسية، ووجودها في تشاد يعود إلى حوالي القرن الثاني الهجري، وهي علاوة على ذلك لغة الشارع بدون منازع، هذه كلها بديهيات، غير أن ما يغلب على المبدع التشادي هو الشعر وليس النثر.
حقب طويلة ظل الشعر خلالها متربعا على عرش الإبداع، لذلك حين شاع السرد الروائي بقيت الساحة الأدبية وفية لشعرها ولأسلوبها القديم في قرض الشعر نفسه.
ولم ينشر أول نص سردي بالعربية إلا قبل عقدين فقط، فيما سبقه النص الفرنسي بـ3 أو 4 عقود، وترجع الأسباب إلى مسألة شعرية المنطقة الصحراوية وندرة الوعي السردي خلال تلك الفترة، كما أن هناك أسبابا أخرى سياسية وأخلاقية وتعليمية حالت دون ظهور هذا الوعي بشكل مبكر.
ما أبرز التحديات التي تواجه الكاتب التشادي؟أي كاتب ينتمي إلى منطقة الهامش يجد معاناة كبيرة في إيصال صوته، إنه يعوي ويجهد نفسه كي يخرج صوته من أضابير أعماقه حتى يسمعه المركز ويلتفت إليه.
ولكنه يستشعر إهمالا ولا مبالاة وتقزيما، ورغم كل هذا الصراخ وذلك العواء يعاني هذا الكاتب أكثر حين يحمل هوية مزدوجة، فهو شرقي الهوى باعتباره ناطقا بالعربية ودرس وكتب بها، وغربي الهوية بسبب التوجه السياسي والإقليمي لبلاده.
إذن، كيف ينجح في اختراق هذين المعسكرين القويين؟ وإذا ما نجح في هذا المسعى كيف يُسكت الأصوات الحادة التي تشير إلى كونه قادما من الهامش، من العدم.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا يحصل على المرجع الذي يستعين به في الكتابة وعلى المكتبة التي يمكن أن يستند عليها في تكوين مساره، ولا على دار النشر التي يمكن أن تتبنى عمله وتخرجه إلى القراء.
هل هناك دور نشر في تشاد مهتمة بنشر الآداب والفنون المكتوبة باللغة العربية؟أنشأت مؤخرا بعض المؤسسات ما يمكن أن نطلق عليه دور نشر، ولكنها في حقيقة الأمر تبدو وكأنها مكاتب تابعة لدور نشر في العالم العربي أو الشرقي، ولا تملك القدرة على تسيير شؤونها بنفسها، وهي حتى الآن نشرت إصدارات تعد على الأصابع، ولا أعتقد أنها تمتلك مشروعا جادا ولا ميزانيات كبيرة، اللهم إلا محاولة مستميتة للخروج من نفق أزمة النشر.
خلال العقدين الأخيرين كانت هناك صحافة عربية جيدة، جرائد أنجمينا الجديدة، والأيام، والأضواء، على سبيل المثال، ولكن مع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي انسحبت الجرائد الورقية عن الساحة الثقافية
ما أوضاع الصحافة المكتوبة بالعربية هناك؟خلال العقدين الأخيرين كانت هناك صحافة عربية جيدة، جرائد أنجمينا الجديدة، والأيام، والأضواء، على سبيل المثال، ولكن مع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي انسحبت الجرائد الورقية عن الساحة الثقافية، وتوارت خلف المواقع الإلكترونية، ولم تعد تستطيع المقاومة ومواجهة المد الكاسح للإنترنت.
هناك جيل جديد من الكتّاب بدأ الكتابة باللغة العربية، هل هناك مؤسسات ومبادرات لدعم الكتّاب الجدد؟لا يوجد أي نوع من الدعم لمن يكتب بالعربية، خصوصا في مجال السرد.
القارئ العربي لا يعرف الكثير عن كتّاب وسط غرب أفريقيا باستثناء بعض الأسماء المعروفة مثل أحمدو كوروما، ووول تشوينكا، برأيك، ما هي الأسباب وراء عدم ترجمة الأجيال الجديدة من كتّاب هذه المنطقة؟أظن أن دور النشر العربية لا تملك مشروعا واضحا لترجمة الأدب العالمي، ناهيك عن الأفريقي الذي قرأنا له نماذج قليلة أمثال واثينغو نغوغي، وشينو اشيبي، وول سوينكا، وتشيماماندا، ونادين فلاديمير، وجي أم كوتزي.
وكما ذكرت، هو أدب ثري وخصب لو ترجمته المؤسسات العربية بشكل مكثف لأحدث ثورة ثقافية جديرة بالاهتمام، ولربما قل الاهتمام الذي يبديه الناشر العربي للسرد في الغرب.
هنا في تشاد مثلا، لا توجد ترجمة واحدة لكاتب فرانكفوني، لا في الشعر ولا في السرد، وهذا الكلام ينطبق على كتّاب العديد من الدول الواقعة في جنوب الصحراء الكبرى.
الرواية باعتقادي هي محاولة جيدة لصياغة الحياة من جديد، هي لا تقدم تفسيرات ولا شروحات معقدة ولا تقدم أجوبة، إنما تكرس نفسها لتطرح أسئلة، وتقوم بتطويع الفن من أجل إيجاد سبل أفضل للحياة
روايتك "قودالا" تتخذ من الصراعات السياسية والاجتماعية والتاريخية التي شهدتها تشاد وما تخلفه من فوضى وخراب منطلقا لأحداث الرواية، هل ترى أن الرواية قادرة على كتابة حياة المجتمعات وتحولاتها وتطلعاتها نحو المستقبل؟الرواية باعتقادي هي محاولة جيدة لصياغة الحياة من جديد، هي لا تقدم تفسيرات ولا شروحات معقدة ولا تقدم أجوبة، إنما تكرس نفسها لتطرح أسئلة، وتقوم بتطويع الفن من أجل إيجاد سبل أفضل للحياة، وهي بهذا قادرة على كتابة حياة موازية لحياة المجتمعات البشرية الحديثة.
رواية "رماد الجزور" للروائي طاهر النور (الجزيرة)وعلاوة على ذلك، تلفت الأنظار إلى الهامش وإلى المهمشين وإلى الذين لا شأن لهم ولا قيمة عند الناس أو كتب التاريخ، أي أنها تمجد حياة المهمشين وتعيد لهم حقهم المسلوب باعتبارهم عماد المجتمع وأوتاده التي لا ينخرها الإهمال ولا يضعضعها الزمن الكئيب، وطبعا هذه الحياة الموازية لا يمكن إيجادها إلا في الرواية.
رواية "أنجمينا مدينة لكل الناس" للروائي آدم يوسف أول رواية تشادية نشرت بالعربية عام 2004، مما يعني أن ظهورها جاء متأخرا مقارنة بالرواية المكتوبة باللغة الفرنسية، فوفق هذه المعطيات هل يمكننا القول إن هناك أدبا تشاديا عربيا؟عندما نود طرح سؤال عن الأدب التشادي ينبغي أن نضع نصب أعيننا التقسيمات التقليدية المعروفة، لأن الأدب يشمل العديد من ضروب الفن، وحتى نتجنب الحديث عن الشعر باعتباره جزءا من هذا الأدب وباعتبار أقدميته وعدم جدوى الحديث عن وجود شيء قديم فإننا سنقوم بتنحيته على الفور ونذهب إلى القول بوجود أدب تشادي بشقيه الشعري والنثري، لكن الأخير حديث الظهور إلى حد ما كما سبق أن أسلفنا الكلام عنه.
الحقيقة تختبئ في القرية، ولا يمكن العثور عليها في أسوار المدينة وإن وجدت فإنها ستكون مشوهة أو شبه مشوهة
ما نوع الكتب التي تحب قراءتها؟ ومن هم قراء طاهر النور؟منذ وقت مبكر من حياتي وأنا مولع بالشعر وبقراءة الروايات وأدب الرحلات، فضلا عن الفلسفة والتاريخ والتراث والفنون والآداب الأخرى، أما قرائي فهم ينتمون إلى فئات عمرية مختلفة لأني أستهدف القراء على عمومهم دون التركيز على فئة معينة.
ومع أني حين بدأت كتابة "سيمفونية الجنوب" وكذلك "قودالا" كنت أود سبر عالم الفتيان ولكني عرفت أن النصوص التي أعالجها لا تستهدفهم تماما، بل أكثر من ذلك تبدو نخبوبة، ولا سيما رواية "قودالا".
كانت "تشاد" مسرحا لأعمالك الروائية، إلى أي مدى يشغلك سؤال المدينة؟في الحقيقة لا يشغلني سؤال المدينة بقدر ما يشغلني سؤال القرية، ودائما كنت أرى أن الحقيقة تختبئ في القرية، ولا يمكن العثور عليها في أسوار المدينة وإن وجدت فإنها ستكون مشوهة أو شبه مشوهة.
بدأت "رماد الجذور" في القرية وانتهت في المدينة، فيما بدأت "سيمفونية الجنوب" في المدينة وانتهت في القرية، وعلى النقيض، بدأت "مزرعة الأسلاك الشائكة" في المدينة ثم حامت في القرى قبل أن تنتهي في المدينة.
رواية "مزرعة الأسلاك الشائكة" لطاهر النور (الجزيرة)أما "قودالا" فبدأت في القرية وانتهت فيها، وحتى الشرور التي أدخلت القرية في دوامة الجوع والنزوح واللاطمأنينة كانت بسبب المدينة أو رجال السياسة الذين أرسلوا من المدينة.
فالشر في رواياتي مدني حداثوي، والخير ريفي بدائي، إذن -كما ترين- لا أنشغل كثيرا بسؤال المدينة، فحتى التاريخ كأحداث تقع في المدينة أجد له مساحة أفضل للنظر من بعيد، ومن وجهة نظر الهامش لا المركز.
الحياة لا تعيش بدون شعر، ولكن الآية انقلبت وأصبحت الحياة لا تعاش بدون رواية، ربما لقدرة السرد الروائي على نحت الروح البشرية
برأيك، هل الرواية اليوم الأكثر مقروئية بين كل الأجناس الأدبية وحظا في الجوائز؟في الأصل، الحياة لا تعيش بدون شعر، ولكن الآية انقلبت وأصبحت الحياة لا تعاش بدون رواية، ربما لقدرة السرد الروائي على نحت الروح البشرية، وأكثرها اهتماما بأسئلته الوجودية، وقلقه وتفكيره وهواجسه.
وأنا أستبعد أن يكون الأمر بسبب الجوائز، فليس جميع الكتاب يحصلون على الجوائز أو تهتم بهم لجان التحكيم نظرا لبعض الاعتبارات، ولكن لأن الرواية تطرح الهم الإنساني بشكل أدق وأكثر وضوحا.
حين كتبت عن تجربة الحرب والمجاعة وأزمة الهوية وتفكك المجتمع وأثر كل ذلك على الإنسان، وهنا أشير إلى روايتك "سيمفونية الجنوب"، هل تريد للرواية أن تذهب إلى أصغر الأشياء من أجل إيصال صوت المعاناة إلى العالم؟الهم الإنساني واحد في كل مكان، وكذلك المعاناة بدرجات متفاوتة، "سيمفونية الجنوب" أكثر نصوصي اهتماما بسؤال الهوية الذي يؤرقني أنا شخصيا، فهي تحاول تقريب المسافات بين الجنوبي المسيحي والشمالي المسلم، بين دارس العربية ودارس الفرنسية.
وقد حاولت التركيز على الهوية الدينية والعرقية بشكل أساسي، ولم أهتم كثيرا بالهوية اللغوية، وذلك عبر العيش المشترك والزيجات المختلطة، مثل زواج شمالي بجنوبية أو حتى شمالي بأخرى من اثنية مختلفة.
إنها أمور تحدث في الحياة الواقعية في بعض الأحيان، لكن الإشكال هو أن هذا التسامح لا يحدث دائما وعلى نطاق واسع، وبالتالي لا يُحدث فارقا ملموسا، ودائما ما نكتشف أننا نضع أقدامنا إلى الخلف بقدر ما نتقدم خطوة واحدة، وهذا واحد من الإشكالات التي حاولت معالجتها في السيمفونية.
تغلب على الأدب التشادي الحروب والنزاعات والهجرة والنزوح وقضايا العنصرية، ما السبب في رأيك؟إذا حوّرنا المقولة الخالدة لابن خلدون "الإنسان ابن بيئته" يمكننا أن نزعم أيضا أن الكاتب ابن بيئته، ومن هذا المنطلق فهو يكتب عما يراه ويعيشه ويعاني منه هو شخصيا أو يعاني منه شعبه.
وميزة الأدب هو أنه يهتم بقضايا الإنسان الراهنة، ومهما غالى في تخيلاته وتهويماته يبقى الواقع صاحب اليد الطولى، ولن يكون بمستطاع الكاتب أن يمحو أثره في نفسه أو نصوصه.
ما طموحاتك في الكتابة؟لا أدري إن كانت طموحاتي في الكتابة لها حدود، فهي مشروع حياة بالنسبة لي أقدم فيه بإخلاص شديد بأفضل الأدوات والتقنيات التي لدي، والتي يمكن أن تؤهلني لكتابة المزيد من التجارب الروائية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: باللغة العربیة فی المدینة فی القریة الحیاة لا لا تقدم یمکن أن فی تشاد
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع يتهم مصر ويهاجم «البرهان» و«كيكل »بشأن انتهاكات «شرق الجزيرة»
اتهمت قوات الدعم السريع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ومستشاره الأمني أحمد كيكل بالمسؤولية عن انتهاكات حقوق الإنسان في شرق الجزيرة، مؤكدة عدم إنكارها لوقوع بعض التجاوزات، لكنها نفت توصلها إلى أي حالة عنف جنسي، كما وجهت القوات انتقادات إلى مصر، متهمة إياها بدعم جماعة الإخوان المسلمين في السودان رغم رفضها وجودهم على أراضيها، معتبرة أن ذلك يهدف لاستغلال السودان كمصدر للمصالح المصرية. وفي سياق آخر، أعلنت رفضها التعامل بالعملة السودانية الجديدة في مناطق سيطرتها، مفضلة الدولار كوسيلة للتعاملات المالية..
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
حملت قوات الدعم السريع قائد الجيش “عبد الفتاح البرهان” والقائد “كيكل” الذي انشق منها مؤخرا، مسؤولية أحداث شرق الجزيرة لجهة تسليحهم المدنين وتحديد ساعة صفر لمهاجمة قواتهم من داخل الولاية ما أدى إلى حركة نزوح واسعة وانتشار الكوليرا والإسهالات المائية.
وحذر رئيس وفد التفاوض العميد عمر حمدان المواطنين من التسليح مطالبا المؤمنين ببرنامج الحركة الإسلامية الإرهابية، بالذهاب لمنطقة الفاو والانضمام إلى صفوف الجيش هناك وعدم القتال من داخل القرى الآمنة، وفق قوله.
وأضاف: “هذه طريقة الإسلاميين القذرة في تحويل الحرب لحرب عنصرية وجهوية ليحرقوا ما تبقى من السودان”.
وعقد الدعم السريع مؤتمر صحفيا، الاثنين بالعاصمة الكينية نيروبي تحدث فيه كل من رئيس وفد التفاوض، العميد عمر حمدان والناطق الرسمي باسم وفد التفاوض محمد المختار النور إلى جانب عضو وفد التفاوض عز الدين الصافي كما تواجد الشقيق الأصغر لقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان “حميدتي” القوني حمدان في فندق المؤتمر وهو الاسم الأحدث في قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأميركية.
وشنت قوات الدعم السريع هجوما كاسحا على مناطق شرق وشمال الجزيرة عقب انسلاخ القائد أبو عاقلة كيكل، ما أدى إلى تهجير معظم القرى بعد أن مُنحت 48 ساعة للمغادرة وفق شهود عيان.
بينما مات العشرات جراء انتشار الكوليرا مع وجود ادعاءات لم يتم التحقق منها بتسميم الدعم السريع المياه والغذاء في منطقة الهلالية واستهداف الذكور بالقتل في منطقة السريحة.
إنكار التهجير والعنف الجنسي
ردًا على سؤال من «التغيير» بشأن الانتهاكات الجسيمة التي شهدتها مناطق شرق الجزيرة، بما في ذلك التهجير القسري وإهانة وضرب النساء وكبار السن، أقر الناطق الرسمي باسم وفد التفاوض، محمد المختار النور، بوجود هذه الانتهاكات، مشيرًا إلى أنها ارتُكبت من قبل أطراف متعددة.
وقال النور إنهم ألقوا القبض على عدد كبير من المواطنين الذين سُلِّحوا بواسطة “كيكل” يرتدون زي الدعم السريع.
ولفت إلى أنهم ارتكبوا انتهاكات واسعة مشيرا إلى وجود فيديوهات تثبت ذلك سيقومون بنشرها، ومن جهة ثانية أكد أنهم قبضوا وحاكموا 450 فردا من قواتهم تم إيداعهم في سجن سوبا.
وحول التهجير القسري، أوضح محمد المختار النور أن سكان الجزيرة لم يغادروها خلال فترة سيطرة قوات الدعم السريع، إلا أن قصف طيران الجيش، الذي أسفر عن مقتل 37 شخصًا في منطقة تمبول، دفع العديد من المواطنين إلى الفرار من قراهم في الجزيرة.
وفي رده على سؤال آخر من «التغيير» بشأن الادعاءات حول الانتهاكات الجنسية التي تُنسب إلى قواتهم، أكد الناطق الرسمي باسم وفد التفاوض عدم توصلهم إلى أي حالة موثقة. وأضاف أنهم ألقوا القبض على شخص في ولاية الخرطوم تبين من خلال التحقيقات أنه مدني كان يرتدي زي قوات الدعم السريع.
اتهام مصر بدعم الجيش
من جهة أخرى،أبدى رئيس وفد التفاوض لقوات الدعم السريع، عمر حمدان رفض هم لتدخل القاهرة السافر في الشأن السوداني، بحسب قوله.
وأوضح أنهم ظلوا يراقبون بصمت هذا التدخل منذ بداية الحرب رغبة في أن ترعوي مصر الرسمية عن مساعدة مليشيات الحركة الإسلامية، وفق تعبيره.
وأضاف: “مصر ترفض وجود الإخوان المسلمين في أراضيها، وتدعمهم في السودان؛ لأنها تريده أن يكون حديقة خلفية تنتفع من مواردها”.
اتهم حمدان مصر بطباعة العملة السودانية داخل أراضيها، وشن هجمات جوية أدت إلى مقتل آلاف السودانيين عبر طيرانها الحربي. كما أشار إلى دعمها للجيش السوداني بتوفير الأسلحة والذخائر، بالإضافة إلى تسليمه مؤخرًا 8 طائرات من طراز “كي-8”.
وفي المقابل نفى رئيس وفد التفاوض تلقي قوات الدعم السريع، دعما من دولة الإمارات مشددا على تمويلهم للحرب؛ مما تم الاستيلاء عليه من مصانع السلاح في اليرموك والصناعات الدفاعية وجياد إلى جانب استيلائهم على معظم الفرق في الولايات المختلفة إلى جانب مقرات عسكرية إستراتيجية.
زيارة المبعوث الأمريكي
علق الناطق الرسمي باسم وفد التفاوض، محمد المختار، على وصول المبعوث الأمريكي الخاص إلى بورتسودان اليوم، مشيرًا إلى أن الزيارة قد لا تحقق أي أثر إيجابي نظرًا لما وصفه باختطاف قرار الجيش من قبل الإسلاميين. وأضاف: “غياب الجيش عن اجتماعات جنيف أحرج الوفود المشاركة، وربما تأتي زيارة بريللو كمحاولة لإقناعه بالعودة إلى طاولة التفاوض”.
وحول إمكانية العودة إلى التفاوض، قال رئيس وفد التفاوض، عمر حمدان، إنهم بذلوا جهودًا مضنية على مدى 19 شهرًا، لكن الطرف الآخر يرفض الاستجابة. وأضاف: “الجيش لا يصغي إلا للغة البندقية، وسنواصل التعامل معهم باللغة التي يفهمونها!”
واستدرك حمدان قائلاً إنه في حال طرح مبادرة جادة مدعومة بضغط حقيقي من المجتمع الدولي، فإنهم لن يرفضوا السلام بشكل مطلق.
الدولار بديلا للجنيه
وقال الناطق الرسمي باسم وفد التفاوض، محمد المختار النور، إن قرار “حكومة بورتسودان” بتغيير العملة يعتبر تمهيداً لفصل جزء من أرض الوطن عبر الإجراءات الاقتصادية.
وأشار إلى رفضهم القاطع للقرار الذي اعتبره غير صحيح وفقا للإجراءات المالية والمحاسبية، كما أنه يخالف قوانين البنك الدولي، حسب قوله.
وأوضح النور بأنهم منعوا استخدام العملة النقدية الجديدة في مناطق سيطرتهم، ورحبوا باستخدام الدولار مع استمرار التعامل بالعملة القديمة.
خيار تشكيل حكومة
وحول سؤال إمكانية تشكيل حكومة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، قال رئيس وفد التفاوض، عمر حمدان، إن كل “الخيارات مفتوحة” فيما أشار عضو وفد التفاوض عز الدين الصافي إلى المشكلات التي يعاني منها المواطنون من تردي الأوضاع الاقتصادية وعدم وجود أوراق ثبوتية وغيرها.
وكشف الصافي عن زيارة قام بها قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم حمدان دقلو لمدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، التقى خلالها الرئيس سلفاكير ميارديت في إطار بحثه عن الحلول السلمية التفاوضية لحل النزاع عبر جلب القائدين في لقاء مباشر.
رصد خسائر الطيران الحربي
كشف الناطق الرسمي باسم وفد التفاوض، محمد المختار النور، عن حصيلة خسائر هجوم الطيران الحربي، حيث أسفر عن مقتل 2873 شخصًا وإصابة 2328 آخرين، بالإضافة إلى تدمير 4321 منزلاً في مناطق الكومة، مليط، أبوصالح، حمرة الشيخ، أبو حجار، الحصاحيصا، الكامراب بولاية سنار، ونيالا، الجنينة، الأزهري، السلمة، والصهريج، وذلك وفقًا لإحصاءات تم جمعها خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الجاري فقط.
ولفت النور إلى أن الطيران التابع للجيش، استخدم قنابل 250 كيلو المحرمة دوليا، والتي تؤدي إلى اختناقات بسبب الغاز السام الذي يسبب إلى القتل.
واتهم النور قيادة الجيش باستخدام سلاح التجويع ضد 30 مليون مدني في مناطق سيطرة الدعم السريع كاشفا عن منعهم لـ 570 قافلة إنسانية من العبور.
وقال النور في المؤتمر الصحفي الذي انعقد اليوم إن قانون “الوجوه الغريبة” يُستخدم ضد المواطنين القادمين من أقاليم النيل الأزرق وكردفان ودارفور إلى مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، حيث يتم استهدافهم بالقتل والمحاكمات التي تتنافى مع روح القانون. وأضاف أن هناك محاكمات طالت نساء فقط بسبب انتمائهن إلى مناطق سيطرة الدعم السريع. كما أشار إلى حالة الطالب الذي تمت محاكمته لمجرد كونه قادمًا من مدينة النهود التي تقع تحت سيطرة قواتهم.
كما كشف النور عن مخالفة النيابة للمادة 4 من قانون النيابة بفتح مكتب لها في مصر لملاحقة السودانيين هناك. وأشار إلى محاكمة عدد من أعضاء النيابة فقط بسبب انتمائهم إلى مناطق سيطرة الدعم السريع، من بينهم الوكيلة محاسن بدوي، التي تنحدر من منطقة مليط في دارفور، والتي تم محاكمتها وفصلها من وظيفتها في النيابة.
معارك الفاشر
وحول معارك الفاشر حذر رئيس وفد التفاوض، العميد عمر حمدان القوات المشتركة من استخدام النازحين في معسكر زمزم دروعا بشرية على خلفية دخول أعداد مقدرة من القوات إلى داخل المعسكر زمزم وحفرهم لخنادق وقال: إذا أرادوا قتال الدعم السريع عليهم أن يفعلوا ذلك من داخل المواقع العسكرية.
رؤية الحل الشامل
وقدم العميد حمدان رؤية الدعم السريع للحل السياسي الشامل التي تتمثل في الحل السلمي التفاوضي وفقا لأسس ومبادئ وحدة السودان أرضا وشعبا، وحل المشاكل الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بصورة جذرية؛ لأن الحلول الجزئية لا تجدي نفعا فيما يرتكز المبدأ الثالث على ضرورة التحول المدني الديمقراطي وتسليم السلطة بالكامل للمدنيين عبر انتخابات حرة نزيهة.
وأضاف: المبدأ الرابع يقول بضرورة أن يحكم السودان فيدراليا بسبب كبر مساحته وبناء جيش مهني وقومي.
وأشار إلى أن الجيش أصبح عبارة عن تجميع كبير وواسع للمليشيات. وزاد: ” يوميا تخرج مليشيا جديدة من رحم المؤسسة المختطفة من قبل الإسلاميين”، حسب قوله.
وكما أشار إلى أن الدعم السريع لا يمتلك مصلحة في استمرار الحرب، لافتا إلى أن المستفيد منها هو المؤتمر الوطني؛ لأنها طريقته الوحيدة للعودة إلى السلطة، وفقا لقوله.